الأمن الوطني يطلق منصة إبلاغ لمواجهة الجرائم الرقمية    توقيف شخص بطنجة وثلاثة بمدن أخرى موالين لتنظيم "داعش" الإرهابي للاشتباه في تورطهم في التحضير لتنفيذ مخططات إرهابية    تنسيقية ضحايا "زلزال الحوز" تردّ على المنصوري: "خطاباتكم لا تعكس حقيقة وضعنا المأساوي وغالبيتنا لم يتلقى التعويضات التي وعدت بها الحكومة"    مبيعات الإسمنت تتجاوز 5,52 مليون طن    إسبانيا تقرر الانضمام لقضية الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل    ارتفاع حصيلة قتلى حريق "قيسارية فاس"    سلطان المضيق-الفنيدق تتشدد مع السلوكات الضارة وتقر برنامجًا مندمجًا لتدبير الموسم الصيفي    ارتفاع حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة منذ بدء الحرب إلى 36654    الإعلام الجزائري.. مدرسة المدلّسين    أزمة القيادة العالمية ولحظة الحسم..    أولمبياكوس يُغري الكعبي بعرض يتجاوز 5 ملايين يورو    برنامج إعادة البناء ما بعد زلزال الحوز .. ألمانيا تمنح قرضا بقيمة 100 مليون أورو    الصناعة التحويلية .. أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاع الإنتاج    ارتفاع أسعار الذهب مع تراجع الدولار وعوائد سندات الخزانة    المجلس الجهوي للمهندسين المعماريين بطنجة يدين محاولات تشويه سمعة مديرة الوكالة الحضرية    فاجعتي سيدي علال التازي والقصر الكبير وجهان لعملة واحدة    أمسية شعرية تسلط الضوء على "فلسطين" في شعر الراحل علال الفاسي    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    الصحة العالمية: تسجيل أول وفاة بفيروس إنفلونزا الطيور من نوع A(H5N2) في المكسيك    هجوم على قرية يخلف مقتل 100 سوداني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    مجددا.. إسرائيل تقصف مدرسة بغزة تأوي اللاجئين ووسائل إعلام تعلن مقتل 27 فلسطيني    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الافتتاح على وقع الارتفاع    المنتخب الوطني يختتم تحضيراته بالمعمورة ويتجه إلى أكادير لملاقاة زامبيا    عموتة يحسم الجدل بخصوص عودته لتدريب الوداد الرياضي    الأمن يوقف مهدد خطف نجل بودريقة    باريس تستعد على قدم وساق لاستقبال رياضيي العالم    مقتل 37 شخصا في قصف مدرسة بغزة    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس حفل تخرج الفوج 24 للسلك العالي للدفاع والفوج 58 لسلك الأركان بالقنيطرة    الصحة العالمية تؤكد أول حالة وفاة مرتبطة بسلالة إنفلونزا الطيور    الممثلة حليمة البحراوي تستحضر تجربة قيادتها لأول سربة نسوية ل"التبوريدة" بالمغرب    اليونيسف: 90% من أطفال غزة يفتقرون إلى الغذاء اللازم للنمو السليم    الأسود يختتمون اليوم تحضيراتهم لمواجهة زامبيا..    هزة أرضية ترعب ساكنة إقليم الحسيمة    تقصي الحقائق: صور الأقمار الصناعية تظهر اختفاء آلاف خيم اللاجئين في رفح    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الخميس    ملتقى المدينة الذكية للدار البيضاء: الدعوة إلى جعل المواطن في صلب عملية تنمية المدن    نور الدين مفتاح يكتب: آش غادي نكملوا؟    دراجي يتهم "أطرافا معادية خارجية" بإشعال النار في كرة القدم الجزائرية    "الكاف" ينفي الحسم في موعد تنظيم كأس إفريقيا بالمغرب    الملف المعقد يهدد بنسف التقارب الإسباني المغربي    "طاكسي بيض 2".. الخياري ينبش عالم المخدرات في عمل كوميدي مليئ ب "الأكشن"    العقبة التي تعرقل انتقال نجم المنتخب المغربي إلى الأهلي المصري    بهدف المس بالمغرب .. ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يدعم البوليساريو من الجزائر    "التسمين" وراء نفوق عشرات الخرفان المعدة لعيد الأضحى بإقليم برشيد    طبيب مغربي يبتكر "لعبة الفتح" لتخليص الأطفال من إدمان الشاشات    "اللغات المتخصصة: قضايا البناء ومداخل التحليل".. إصدار جديد للدكتور زكرياء أرسلان    انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    حكومة الاحتلال واعتبار (الأونروا) منظمة إرهابية    المخرج عزيز السالمي يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الرباط كوميدي    تسلل الغش إلى أوزان البوطاغاز!    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    مبادرة بوزان تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    علماء أمريكيون يقتربون من تطوير لقاح مركب ضد جميع فيروسات الإنفلونزا    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الزين لي فيك" ما بين نفاق السلطة ونفاق المخرج: صيانة صورة المغرب والمرأة المغربية في الخارج لا تتم بقرارات سلطوية تعسفية
نشر في كود يوم 29 - 05 - 2015

أثار الفيلم المغربي "الزين لي فيك" لصاحبه المخرج الشاب نبيل عيوش ضجة كبيرة بجرأته في طرق موضوع الدعارة في المغرب. وحتى قبل أن يعرض الفيلم داخل المغرب تعرض لحملة انتقادات قاسية بلغت درجة الحقد والمطالبة بسحب الجنسية وإعدام المخرج والممثلات والممثلين الذين ظهروا في مقاطع حميمة ساخنة. وعلى إثر هذه الضجة التي أثيرت على المواقع الاجتماعية قررت السلطات المغربية منع عرض الفيلم داخل المغرب "نظرا لما تضمنه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية ومس صريح بصورة المغرب"، على حد عبارات البيان الرسمي المغربي.
المدافعون عن الفيلم يرون فيه تعبيرا عن واقع مغربي لا يرتفع، وعملا إبداعيا يجب انتقاده بآليات نقدية فنية وليس الحكم عليه من مرجعية قيمية أخلاقية. ومقابل دعوات القتل انتشر "هاشتاغ" يقول أصحابه "كلنا نبيل عيوش"، تضامنا مع مخرج الفيلم الذي سبق له أن أنجز فيلما حظي بالتكريم في الكثير من المهرجانات، يعري فيه واقع أطفال الشوارع في المغرب بعنوان "علي زاوا"، كما كان وراء إخراج وثائقي مثير للجدل بعنوان "أرضي" يعالج الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأبعاد إنسانية.
في البداية يصعب الحديث عن عمل فني سينمائي وتقييمه وبالأحرى الحكم عليه دون مشاهدته، كما يصعب التعامل مع العمل الفني الإبداعي بغير أدوات وآليات النقد الفنية المتعارف عليها، أما استصدار الأحكام المسبقة والجاهزة، كما حصل مع هذا الفيلم حتى الآن، فهو مجرد نقد إيديولوجي مبني على خلفية اجتماعية محافظة.
أحد النقاد السينمائيين المعتبرين في العالم العربي هو سمير فريد كتب بأن "نبيل عيوش بقدر ما كان شجاعاً في التفكير بقدر فشله في التعبير"، وحكم على أسلوب إخراج الفيلم بأنه "يفتقر إلى الخيال الذي طالما تميز به نبيل عيوش في كل أفلامه"، منتقدا مقاطع "الإيحاء في الممارسات المثلية بقدر المباشرة الغليظة والحوار البذيء في الممارسات بين الرجال والنساء"، معتبرا أنها ستفقد الفيلم جمهوره في العالم العربي، ليخلص الناقد المصري إلى القول بأن "الشجاعة في التفكير وحدها لا تكفى.." لإنتاج عمل فني متميز.
الجدل الذي أثير حول الفيلم داخل المغرب لم يتناوله كعمل فني، وإنما ركز على موضوعه، أي ظاهرة الدعارة التي تعتبر أقدم مهنة في التاريخ وتوجد في كل المجتمعات بلا استثناء، وحتى قرار المنع الذي أصدرته السلطات المغربية فقد بنى حيثياته على الإساءة إلى صورة المغرب والمرأة المغربية في الخارج، وكأنه يجوز الإساءة لهاتين الصورتين في الداخل!
ثم، ألم يسئ قرار المنع نفسه إلى صورة المغرب في الخارج، لأن منع عمل فني هو حظر على حرية الإبداع وفرض للوصاية على الرأي العام المغربي. فهذا القرار سياسي بالدرجة الأولى يستهدف استمالة العقل المحافظ داخل المجتمع، لكنه في نفس الوقت يعكس شيزوفرينية أصحابه، لأن صيانة صورة المغرب والمرأة المغربية في الخارج لا تتم بقرارات سلطوية تعسفية. فهذا الفيلم يبقى ابن بيئته التي عراها أحدث تقرير صادر عن وزارة الصحة المغربية يتحدث عن وجود ما يقارب 19 ألف عاملة جنس في أربعة مدن فقط هي الرباط وأكادير وطنجة وفاس، ما بين 50 و80 في المائة منهن يُعِلن أشخاصا آخرين، أي أنهن يمتهن الدعارة كمورد للعيش ولإعالة أسرهن. نفس التقرير أشار إلى أن أغلب الزبناء هم مغاربة يعيشون في المغرب، متبوعين بالمغاربة القاطنين خارج أرض الوطن، ثم يليهم السياح الخليجيون. وهو ما يعني أن المرأة ليست وحدها المسؤولة عن تفشي هذه الظاهرة، فالرجل المغربي هو الآخر شريك رئيسي في هذا "العار" الذي غالبا ما نلصقه بالمرأة وحدها.
لا يستهدف هذا الكلام الدفاع عن الفيلم ومخرجه، لكن لا يستقيم انتقاده دون انتقاد السلطة التي تريد استغلال ضعف بنائه الفني لأهداف سياسية محضة. أما مخرج الفيلم الذي تميز في أعماله السابقة بجرأته في تجاوز وتكسير الطابوهات الاجتماعية فتطرح الكثير من الأسئلة عن مدى قدرته على ممارسة نفس الجرأة في مواضيع سياسية لتكسير الطابوهات السياسية داخل نظام سياسي يقوم على الفساد والاستبداد المسؤولين أولا وأخيرا عن كل العاهات الاجتماعية التي تخشى نفس السلطة الفاسدة والمستبدة في الداخل أن تشوه صورتها في الخارج. فكلاهما، السلطة والمخرج، يمارسان نفاقهما كل بطريقته الخاصة ولأهدافه الخاصة أيضا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.