ما بعد 2030... هل يتصدّر الماء الأجندة العالمية؟ رؤية أممية جديدة من مؤتمر مراكش    الباحث أحمد بوزيد يفكك العمل النقابي: بين الحضرة والمشروع، قراءة في انزياح العمل النقابي عن جوهره.    المركز الاستشفائي الجامعي بأكادير ينال إشادة الصين كنموذج للنهضة الصحية المغربية        كأس العرب.. منتخب السعودية يهزم عُمان في مباراة مثيرة    الرباط…موظف شرطة يضع حد ا لحياته بواسطة سلاحه الوظيفي.    إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من الكوكايين بباب سبتة    كأس العرب (قطر 2025).. المنتخب المصري يتعادل مع نظيره الكويتي (1-1)    السكتيوي: الفوز مستحق رغم الظروف الصعبة... والبداية الإيجابية تمنحنا دفعة قوية    لتعزيز التكوين الدبلوماسي..توقيع اتفاقية تعاون بين المغرب والنيجر    مراكش تعزز أمنها الحضري بافتتاح قاعة حديثة لمراقبة المدينة العتيقة    مهرجان مراكش الدولي للفيلم : « أصوات محطمة» رؤية تشيكية للاستغلال الجنسي السلطة السيئة    التوقيع على اتفاقية انضمام مجلس النواب إلى البوابة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات    وصول السفير الأمريكي الجديد ريتشارد بوكان إلى الرباط    بوتين: روسيا مستعدة للحرب مع أوروبا    المغرب يشارك بعرضين في المنافسة الرسمية لمهرجان المسرح العربي في القاهرة    المنتخب المغربي الرديف يهزم جزر القمر بثلاثية في مستهل مشواره بكأس العرب    المعارضة الاتحادية تتّهم الحكومة بخدمة لوبيات التأمين: "مشروع حوادث السير تشريع على المقاس"    لفتيت: الاستحقاقات الانتخابية القادمة ستتم في أجواء مشبعة بالنزاهة والشفافية والتخليق    أزمور/ افتتاح الدورة الثالثة من المهرجان الدولي للفن والتراث "أزمآرت"    الفنان والمنشد محمد أنس الكوهن مقدم الطريقة العيساوية يصدر فيديو كليب جديد    تخفيض 50% في تعريفة النقل السككي للأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    تكثيف الحضور الأمني بعمالة المضيق–الفنيدق لمواجهة شائعات الهجرة السرية    كأس العرب.. المنتخب المغربي يفتتح مشواره في البطولة بالفوز على جزر القمر (3-1)    المنتخب المغربي الرديف يستهل مشواره في كأس العرب بثلاثية في شباك جزر القمر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    نشرة إنذارية .. تساقطات ثلجية وهبات رياح قوية غدا الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    شهد شاهد من أهلها.. منظمات إسرائيلية تكشف أبشع عام قتل وتهجير للفلسطينيين منذ 1967    انطلاق التسجيل في اللوائح الانتخابية للغرف المهنية لسنة 2026    فنانون مغاربة: المهرجان الدولي للفيلم منصة لا غنى عنها للإبداع السينمائي    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة    تشكيلة السكتيوي أمام جزر القمر    خط بحري جديد يربط ميناء أكادير بلندن وأنتويرب لتصدير المنتجات الفلاحية الطازجة    الملك محمد السادس يهنئ الشيخ محمد بن زايد بمناسبة العيد الوطني للإمارات    "شي إن" في ورطة.. تكساس تفتح تحقيقًا واسعًا بعد العثور على دمى جنسية شبيهة بالأطفال    مشروع كلّف 900 مليون… غضب الحرفيين يوقف توزيع معدات في سوس ماسة لعدم مطابقتها لدفتر التحملات    مشروع مالية 2026 يتخطى العقبة الأولى بمجلس المستشارين بعد المصادقة على جزئه الأول    قاموس أكسفورد يعلن عن كلمة العام 2025    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    فنزويلا.. ترامب يجتمع بمستشاريه ومادورو يحشد أنصاره ويقسم "بالولاء المطلق" لشعبه    الصين وباكستان في مناورات عسكرية    الذهب ينخفض مع جني المستثمرين للأرباح    قراءة نقدية لقانون مالية 2026    الرئيس الفرنسي يبدأ زيارة للصين غدا الأربعاء    كندا تلتحق ببرنامج دفاعي أوروبي    قطر وكأس العرب 2025 .. تمجيد إعلامي مبالغ فيه ومقارنات تستفز الشارع الرياضي العربي    التوزاني: فيلمي "زنقة مالقة"عودة إلى الجذور والأكثر حميمية في مساري    الحصبة تتراجع عالميا بفضل التطعيم    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الذي لم يفتح أكادير
نشر في كود يوم 15 - 08 - 2011

تمنيت من قلب قلبي بعد أن أنهيت قراءة رسالة طارق القباج عمدة أكادير الذي فسر فيها أسباب استقالته من العمودية ومن مسؤولياته السياسية في الاتحاد الاشتراكي، ألا يتراجع عن استقالته.
فقد كانت رسالته قوية، واضحة، جريئة للغاية، ولاتترك بعد نهايتها أي لبس لدى قارئها أن صاحب الرسالة خطا الخطوة الأخيرة نحو اتخاذ قرار لن يعود عنه نهائيا. وسواء من خلال مستهل الرسالة الذي حكى فيه القباج ماوقع له في حفل الولاء خلال عيد العرش الأخير، أو في الفقرات الأخرى التي تحدث فيها عن مساره السياسي أو الثالثة التي عاد فيها إلى أصل عائلته وسبب التزامه بالمبادئ الكبرى التي حركت مساره كله، وجدت في الرسالة بوحا لم يتعود السياسيون المغاربة عليه، هم الذين يخاطبوننا عادة بلغة الخشب الشهيرة التي لاتخاطب فين أي شيء والتي تتركنا على حيادنا الشهير والقاتل تجاههم. الشيء الوحيد الذي عكر علي قراءة رسالة القباج كان هو تخوفي من أن أسمعه وقد تراجع عنها في اليوم الموالي. المسألة بالنسبة لي وبالنسبة لعدد كبير من المواطنين المغاربة أصبحت تشبه الكاميرا الخفية التي نراها في رمضان. يعلن السياسي استقالته ويطعمها بالكثير من توابل التبريرات الراغبة في إقناع الناس أنها بالفعل الخطوة التي كان ملزما بها ولا قبل له إلا بتبنيها، ثم يعود في اليوم الموالي لكي يكتفي ببيان صغير للغاية يقول فيه أنه وتحت إلحاح المناضلين والمناضلات تم تعطيل الاستقالة أو تعليقا أو التراجع عنه أصلا. أتذكر اليوم مسرحية هزلية كانت هي بداية عهدنا بهذا المسلسل غير المشوق كثيرا ونحن نكتشف العمل السياسي والنقابي ونتابعه، حين قرأنا على أعمدة الجرائد آنذاك أن محمد نوبير الأموي القائد التاريخي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل قد قرر الاستقالة من مهامه احتجاجا "على شي حاجة " لم يعد أحد منا يتذكرها الآن. نقلت الجرائد التي تحدثت عن الموضوع حينها صورة رجل قالت إنه "أغمي عليه بعد أن سمع خبر استقالة الأموي". وتنقلت صور العديدين وهم يجهشون بالبكاء، ويترجون الأموي أو من سيعرف ببوسبرديلة بعد ذلك بعدم المضي أبدا من السي دي تي. الأموي "دارها ليهم على قد فمهم"، وبقي في النقابة إلى يومنا هذا، بل وواصل البقاء إلى أن اكتشف في المشاورات الأخيرة حول الدستور أن ما اقترحه ادريس البصري على المغاربة سنة 1996 من تعديل دستوري هو أفضل من الوثيقة الدستورية الجديدة التي أصبحت لدينا منذ فتح يوليوز، لذلك وافق على الأول وقاطع الثانية، غير أن هذا موضوع آخر لامفرر من العودة إليه لاحقا. الأموي أو المغرب لم ينفردا بلعبة الاستقالات والعودة عنا. العرب يتذكرون كلهم حادث التنحي الشهير لعبد الناصر يوم كان يعد المصديين أنه سيدخلهم إلى تل أبيب منصورين غانمين سالمين. استفاق أهلنا في مصر تلك الأيام على وقع ستة أيام من الدمار الشامل حطمت فيها إسرائيل الأسطول الجوي المصري من أساسه، وكان مكنا للآية أن تنقلب تماما بأن تدخل إسرائيل إلى قلب قاهرة المعز. وجد "الزعيم الخالد" يومها حيلة طريفة للتخلص من تأنيب شعبه هي أن يعلن على الهواء مباشرة أنه سيتنحى وسيعود إلى صفوف الجماهير. خرجت بسرعة المظاهرات "العفوية" جدا لكي تقول له "لاترحل"، وبقي عبد الناصر إلى أن تذكره خالقه ورحل عن دنيا الآدميين هاته. المسألة نفسها في المغرب تكررت في المدة الأخيرة عدة مرات. يستقيل العمدة أو المسؤول السياسي، تقوم الدنيا في المكان الصغير الذي يعد ذلك المسؤول قطبه الأساس وتعود إلى سالف عهدها وأوانها عادية للغاية إلي الدرجة التي فقد فيها فعل الاستقالة سياسيا كل معانيه في المغرب ولم تعد الناس تصدقه. النتيجة الأخطر لعدم التصديق هذا هو أن الشعب أصبح يعتبر هذه الاستقالات مجرد "مناورات سياسية" بسبب عدم اكتمالها. حتى وإن صدقت نوايا أصحابها مثل حالة طارق القباج الذي يبدو من رسالته ومن الصيغة الحزينة والمريرة التي كتبها بها أنه كان مزمعا عليها بشكل نهائي قبل أن ترحل إليه آلية حزبه كلها ومعها جهات أخرى وتقنعه بتأجيل الآمر إلى حين، ونبدأ نحن في اكتشاف سلسلة شروط وضعها عمدة أكادير الحالي/ " السابق" من أجل البقاء في منصبه والتراجع عن الخطوة التي أعلنها، فإن النتيجة تبقى دائما سلبية. لكي نكون أكثر صراحة مثلما تعودنا ذلك، القباج استطاع من خلال رسالته أن يضع يده على كثير من مكامن الداء في المدن المغربية، واستطاع أن يصف حال أكادير وحال اللوبيات التي تعرقل الكثير من المشاريع في مدن مغربية عديدة، لذلك لايحق له اليوم إلا أن يتمسك بالقرار. فالاعتذار عما وقع له في حفل الولاء لن يطلق سراح المشاريع التي قال إنها تعرضت للمحاربة من طرف العديدين، وتطييب خاطره بكلمة أو كلمتين لن يكشف لساكنة أكادير من يحارب تنمية مدينتهم فعلا مثلما ورد في الرسالة. الفعل السياسي المغربي يحتاج اليوم إلى جرأة تعطيه بعض الحياة الحقيقية. والاستقالة بمعناها القوي الذي يعرفه العالم السياسي المتحضر هو واحدة من الخطوات الأساسية من أجل أن يعود بعض الاعتبار لسياستنا وسياسيينا، ومع الاعتذار للكاتب المسناوي الذي "اختلسنا" منه عنوان هذا العمود وبالتحديد من رائعته "طارق الذي لم يفتح الأندلس"، يبدو لنا كثير الشبه بين ما يقع في المشهد السياسي المغربي وبين الوقوف على شاطئ البحر عاجزين ومتأملين الأندلس البعيدة التي لم يكتب لطارق أن يفتحها، عكس الأخرى التي تقول لنا كتب التاريخ الكاذبة إنه فتحها بعد خطبته العصماء الشهيرة، وهو الأمر الذي لايمكن إلا التشكيك فيه هو الآخر طالما أننا لم نعد قادرين علي تصديق أي شيء. ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق يتحدث بعض الذين لم يوفقهم الحظ في النجاح في القراعة الخاصة بالحج عن وجود ممارسات ليست فوق مستوى الشبهات في عملية إجراء القرعة هاته, بل ويذهبون حد التشكيك في نزاهة العملية والقول إن أظرفة باردة تتضمن أسماء الناجحين سلفا, في حين توضع أسماء من لن يحالفهم الحظ في أخرى ساخنة. لانصدق هذا الأمر, أو لا نريد أن نصدقه لأملنا ألا يكون الغش قد وصل هذا الحد الخطير: التلاعب حتى بمقدسات أناس بسطاء يريدون إكمال دينهم فقط

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.