بالفيديو : تُورْخْنَاهَا فِي قَطرْ .. وثائقي يسترجع ذكريات ملحمة المنتخب الوطني بمونديال قطر 2022    حكومة كولومبيا والجماعات المسلحة توقعان اتفاقا لوقف إطلاق النار    المغرب: أبرز عناوين الصحف الأسبوعية الصادرة اليوم السبت 10 يونيو 2023    المغرب:حفلة موسيقية لفرقة الحرس الوطني الأمريكي في أكادير    عندو طقوس خاصة للبيع.. سوريز كيوصل ملايين الدولارات وكيتباع غير فالمزاد العلني    لاعبو المغرب التطواني يمتنعون عن خوض ودية الرجاء    معطيات خطيرة في قضية الزوجة القاتلة بمدينة مرتيل بعد العثور على رفاة إبنها    الكشف عن معطيات صادمة في قضية مقتل مهندسة بعد اغتصابها، و متابعة "كومندار" بالمنطقة الجنوبية في القضية.    فرقة عسكرية أمريكية تُشنف أسماع "الأسد الإفريقي" بأنغام موسيقى الجاز    "فارماروك": النظام الجزائري أضعف من أن يفتعل حربا مع المغرب    إيلون ماسك يسخر بشكل لاذع من "الأيديولوجيا الجندرية"!    تقرير.. التنافس العالمي في قطاع الرقائق يزداد احتداما    قضاء مراكش يدين موثقا بالسجن النافذ    بلاغ إخباري بشأن ندوة حزب جبهة القوى الديمقراطية في موضوع " العلاقات المغربية الإفريقية : التعاون جنوب جنوب و مساعي المغرب لتعزيز السلم وتضامن الشعوب "    المنتخب المغربي لأقل من 23 عام غايلعب 2 ماتشات استعدادا لكاس إفريقيا "المغرب 2023"    "الأسود" يستعدون لمباراة جنوب إفريقيا    هذا أوّل رئيس أمريكي سابق تُوجّه بحقه تُهم فيدرالية    دولة عربية تُعلن ممثل الأمم المتحدة الخاص شخصاً غير مرغوب فيه    رئيس برلمان الميركوسور يتحدث عن الموقع الاستراتيجي للمغرب    تفكيك أخطر عصابة إجرامية متورطة في جري.مة قت.ل    تعرّف على أنواع وأسعار الأغنام المستوردة من الخارج    سعيد إدى حسن: جبهة البوليساريو قد تحصل على ممثل منتخب داخل البرلمان الإسباني    مقاييس التساقطات المطرية بالناظور خلال 24 ساعة الماضية    المغرب يتضامن مع بوركينا فاسو في مساعيها لمكافحة التطرف    88 في المائة من المترشحين الملزمين قدموا حساباتهم برسم الحملات الانتخابية لاقتراعات 2021    بعد توصية مؤسسة الوسيط.. البيجيدي يدعو إلى إبعاد وهبي عن امتحان المحاماة    الصيادلة غاضبون من اعتقال مهنيين بسبب بيع أدوية تعتبر "مخدرات"    العصبة الاحترافية تعلن استئناف البطولة الاحترافية    المغرب يسجل 102 إصابة بكورونا في أسبوع    إعادة انتخاب يونس المشرفي عضوا للجنة التنفيذية لاتحاد اليانصيب من أجل النزاهة في الرياضة (ULIS)    قفزة نوعية.. المملكة المغربية استقبلت عددا قياسيا من السياح في شهر ماي    الدار البيضاء.. الأمن يوقف عصابة "قطاع الطرق"    حكومة أخنوش تعتزم تطبيق العقوبات البديلة في مجال القضاء تنفيذا للتوجيهات الملكية    أب ضحية القرش بمصر يحكي تفاصيل الحادث المؤلم    مستجدات أزمة تذاكر الحجاج.. وزارة السياحة تدخل على الخط    تهريب آلاف الأطنان من الزبل دالبلاستيك للمغرب.. مطلب التحقيق فيها تحط فالبيرو ديال الوزيرة بنعلي    موريتانيا تشيد بالجهود الكبيرة التي بذلها المغرب لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية    الكاف: كازا كتوجد لعرس الفينال بين الوداد والأهلي وها الأجواء بالمدينة    دراسة تكشف أن أحد أدوية السكري يقلص من خطر الإصابة ب"كوفيد-19″ طويل الأمد بنسبة 40%    ماذا يحدث لنا عند الذهاب يوميا إلى النوم في نفس الوقت؟    ارتفاع مهول لحالات الانتحار بجهة الشمال في ظرف زمني قصير    من هو الخاسر الأكبر من "عدم تجديد" اتفاقية الصيد بين أوروبا والمغرب؟    الموت يغيب عالم الاجتماع الفرنسي ألان تورين عن عمر 97 عاما    بعد تقرير "العمق".. وزارة السياحة تراسل وكالات الأسفار لتطويق "أزمة الرحلات الجوية" للحجاج    المعرض الدولي للنشر والكتاب يحتفي بالأعمال الكاملة للأديب والناقد محمد اليبوري        نهائي أبطال أوروبا: إنتر بين مانشستر سيتي واللقب الضائع    وفاة الكاتب والطبيب المصري محمد الجوادي    قراءة في رواية سحابة وبحيرة لمحمد أنفلوس    النوستالجيا لزمن مضى في فيلم"عشق" لهشام اللدقي.. بمهرجان "فيدادك"    تقديم الوثائقي "من أجل خديجة" لمغني الراب المغربي فرانش مونتانا قريبا في نيويورك    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    المرحوم الداعية العياشي أفيلال... شهادة محب في حق الشيخ المحبوب (الحلقة 43)    سياسيونا الذين يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعي!    عايشة 16 عام بوحدها.. العلماء سجلو أول حالة ولادة عذرية ديال أنثى تمساح    ابن حمزة وعصيد.. وجها لوجه (2)    الثرثرة الدبلوماسية علامة جزائرية بامتياز    الحسيمة .. حفل لتوديع الحجاج المتوجهين إلى الديار المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"تهيئة طنجة" تتأرجح بين الانفتاح على المحيط البحري والتمسك بالموروث الثقافي
نشر في هسبريس يوم 03 - 07 - 2022

قال الباحث الساسي محمد شقير إن "عملية إعادة تهيئة مدينة طنجة، التي مازالت متواصلة، تعتبر من بين عمليات التهيئة الحضرية بالمغرب التي توفرت لها مختلف شروط النجاح، حيث اجتمعت فيها قوة الإرادة السياسية وصلابة المواكبة الإدارية ونجاعة الخبرة التقنية".
وبالحديث عن طنجة، أشار شقير، في مقال له بعنوان "تهيئة مدينة طنجة بين انفتاحها على محيطها البحري وربطها بموروثها الثقافي"، إلى أنه "منذ تولي الملك محمد السادس الحكم حظيت مدينة البوغاز بعناية خاصة".
وأوضح شقير أن "عملية إعادة تهيئة مدينة البوغاز تميزت بنجاعة هيكلية مكنتها من الارتقاء إلى مصاف الحواضر العالمية في فترة زمنية قصيرة"، قبل أن يتطرق إلى مجموعة من الجوانب المرتبطة بتهيئة مدينة طنجة من خلال محورين هما: "مدينة طنجة والانفتاح الاقتصادي على محيطها البحري"، و"مدينة طنجة وربطها بموروثها الثقافي والتاريخي".
هذا نص المقال:
تعتبر عملية إعادة تهيئة مدينة طنجة، التي مازالت متواصلة، من بين عمليات التهيئة الحضرية بالمغرب التي توفرت لها مختلف شروط النجاح، حيث اجتمعت فيها قوة الإرادة السياسية وصلابة المواكبة الإدارية ونجاعة الخبرة التقنية. وقد أثمر ذلك تحويل مدينة طالها الإهمال لعدة عقود إلى مدينة منفتحة على مجالها البحري اقتصاديا وتجاريا وصناعيا وسياحيا، وحاضرة مرتبطة بماضيها التاريخي وبموروثها الثقافي.
مدينة طنجة والانفتاح الاقتصادي على محيطها البحري
منذ تولي الملك محمد السادس الحكم حظيت مدينة البوغاز بعناية خاصة. فقد استفادت هذه المدينة منذ سنة 2005 من برامج استثمارية ضخمة لإعادة هيكلتها وتهيئتها. وهكذا عرفت المدينة سلسلة من البرامج التنموية المهيكلة (البرنامج الاستعجالي، التأهيل الحضري، التنمية الحضرية، برنامج طنجة الكبرى)، كان الهدف الأساسي منها تأهيل البنية العمرانية وشبكة الطرق والمرافق العمومية... وبالفعل شهدت المدينة نهضة عمرانية منقطعة النظير ساهمت في تموقع المدينة داخليا وخارجيا كحاضرة واعدة على المستويين الصناعي والسياحي. وقد تضمن هذا المشروع، الذي يندرج ضمن مجموعة مشاريع أطلقت في جميع ربوع المملكة بهدف تحديث وعصرنة المغرب وفتحه على الخارج، عدة مخططات غيرت ملامح مدينة طنجة، التي استفادت أيضا من برامج وطنية عملاقة من قبيل ميناء طنجة المتوسط، والميناء الترفيهي الذي اشتمل في جزء منه على تأهيل المدينة العتيقة للمدينة.
ففي إطار الاستراتيجية الملكية في إعادة تهيئة مجموعة من المدن كالرباط، والدار البيضاء، ومراكش، وفاس... تميزت عملية إعادة تهيئة مدينة البوغاز بنجاعة هيكلية مكنت هذه المدينة من الارتقاء إلى مصاف الحواضر العالمية في فترة زمنية قصيرة. فمنذ أن أشرف الملك محمد السادس شخصيا في سنة 2013 على إعطاء انطلاقة برنامج طنجة الكبرى من أجل تنمية مندمجة ومتوازنة وشاملة لمدينة البوغاز، تم وضع برنامج طنجة الكبرى ليكون نموذجا حضريا غير مسبوق في المغرب وبالضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. فبعدما تم إدماج طنجة في محيطها البحري، من خلال إنجاز ميناء المتوسط، بدأت المدينة تجتذب استثمارات هامة بفضل مؤهلاتها الصناعية المتعددة، وجعلت شركات ذات صيت عالمي تختار الاستقرار بالمغرب، كمجموعة "رونو- نيسان" والشركة الدانماركية العملاقة "ماييرسك"، التي تعتبر أول شركة بحرية وأكبر ناقل للحاويات في العالم. كما تحولت هذه المدينة إلى ثاني قطب اقتصادي، بعدما أصبحت تتوفر على نسيج صناعي متنوع يضم، بالإضافة إلى صناعة المنسوجات والحديد، صناعات بحرية وميكانيكية، وأربع مناطق صناعية، اثنتان منها خاضعتان لنظام منطقة حرة، وهما المنطقة الحرة لطنجة والمنطقة المينائية.
مدينة طنجة وربطها بموروثها الثقافي والتاريخي
إن ما يميز عملية تهيئة مدينة البوغاز هو أنها كانت ثمرة لمنظور شمولي متكامل يأخذ بعين الاعتبار العناصر الأساسية المهيكلة لمدينة كبرى تتجه نحو المستقبل دون أن تنفصل عن ماضيها التاريخي وموروثها الثقافي: البيئة الحضرية لضمان جودة الحياة، والبيئة الاجتماعية لتثمين الثروة البشرية، والبيئة الاقتصادية لتطوير مؤهلات وخبرات المدينة، والبيئة الثقافية من أجل ترسيخ الهوية وقيم الانفتاح التي تزخر بها هذه المدينة العريقة والساحرة، والبيئة الروحية من خلال تثمين إرثها الديني بشقيه التعبدي والصوفي. وهكذا، فإن شركة تهيئة ميناء طنجة لم تأخذ بعين الاعتبار في إعادة تهيئة ميناء مدينة طنجة الجانب الترفيهي من ضمان رسو الزوارق، وتأمين الرحلات البحرية، أو الجانب السياحي من بناء فنادق ومطاعم ومقاه من مستوى راق، أو سكني من خلال تشييد إقامات سكنية ومكاتب فقط، بل سعت إلى ضمان إدماج الحي التاريخي للمدينة العتيقة وتعزيز مكانته وسياحته الساحلية من خلال فكرتين رئيسيتين: "جلب البحر إلى المدينة" و"توحيد الميناء مع المدينة". وهكذا أشرفت شركة تهيئة ميناء طنجة، برئاسة مديرها العام محمد أوعانية ومهندسين مغاربة أكفاء كالمهندس إدريس بنعباد مدير بالشركة والمهندس رشيد بوية رئيس مشروع بالإضافة إلى مهندسين آخرين بنفس الشركة، على تنفيذ برنامج "تأهيل المدينة العتيقة لطنجة 2020 – 2024" من خلال إعادة تأهيل المجال العمراني الذي تأثر بفعل عوامل متعددة، خاصة منها التي كانت نتاج هجرة قوية عرفتها المدينة العتيقة وأدت إلى ظهور أحياء هامشية عشوائية أثرت سلبا على المشهد العمراني للمدينة، حيث تم العمل على إعادة إسكان قاطني البنايات الآيلة للسقوط بحي الحافة، الذي عرف مراحل سابقة من إعادة الإسكان خارج المدينة العتيقة، مما سمح ببروز أسوار المدينة العتيقة الممتدة من باب البحر إلى برج النعام. وقد مكنت عملية ترميم هذه الأسوار الممتدة على مسافة 2 كلم من تهيئة برج دار البارود، الذي يعتبر من أهم وأضخم بنايات الحصون العسكرية بطنجة، وتدعيم البنية الأثرية والأبراج المكونة لهذا البرج، من بينها على الخصوص السقالة التي يعود بناؤها إلى الاحتلال البرتغالي للمدينة، إلى جانب أجزاء أخرى تعود إلى زمن الاحتلال البريطاني، ليتم بعد ذلك تحويل برج دار البارود من فضاء عسكري إلى فضاء ذي بعد ثقافي للتعريف بالتحصينات العسكرية. كما مكن إدراج ممشى خارج أسوار المدينة العتيقة من الدخول من ميناء طنجة المدينة والمرور بجانب الأسوار التاريخية، في مسار سياحي يشمل مدخل باب السقالة، الذي علقت فيه صور بعض السلاطين العلويين الذين أولوا عناية كبيرة للتحصينات العسكرية لمدينة طنجة، من أجل حمايتها من الأطماع الخارجية، بدءا بالسلطان مولاي الرشيد بن الشريف، مرورا بمولاي إسماعيل ومولاي سليمان ومولاي عبد الرحمن، إلى مولاي الحسن الأول. بينما وضعت مجموعة من المجسمات الحربية تجسد معركتين، بحرية وبرية، بالقرب من طنجة. إلى جانب استنساخ مجموعة من النقوش على الأسوار التاريخية، ورسم نماذج من سفن شراعية كبيرة. في حين علقت لوحات تعريفية بالمدينة، بدءا بالفترة الرومانية، حيث كانت طنجة مقرا إداريا وعسكريا رئيسيا لموريتانيا الطنجية، ثم خلال العصر الوسيط، والاحتلالين البرتغالي والإنجليزي، وإعادة بناء طنجة في عهد العلويين. كما يضم هذا البرج مجسمات مصغرة للأبراج السبعة لمدينة طنجة، والمتمثلة في "دار البارود" و"السلام" و"الحجوي" و"الإيرلنديين" و"كاترين" و"ابن عمر" و"النعام". ولعل نجاح هذه العملية سمح لمدينة طنجة بأن تستعيد موروثها الثقافي والتاريخي في تناغم تام مع انفتاحها الاقتصادي والسياحي، مما جعل أي زائر للمدينة ينتقل بسلاسة، بمجرد قطعه الشارع الذي يفصل المنطقتين، من المارينا كمجال ترفيهي صمم بأحدث طراز عصري ليقتحم مجال المدينة العتيقة التي تعد النواة الأولى التي تلخص تاريخ المدينة، وتمثل نسيجا عمرانيا فريدا انصهرت في بوتقته بنايات تعود إلى فترات تاريخية متعددة تبتدئ من الفترة الرومانية والفترة الإسلامية المغربية الأولى (فترة الفتح الإسلامي وأمويي الأندلس والأدارسة والمرابطين والموحدين والمرينيين) ثم الفترة البرتغالية والفترة الإنجليزية والفترة الإسلامية المغربية الثانية مع الأسرة العلوية حيث استعادت المدينة دورها العسكري والدبلوماسي والتجاري كبوابة على البحر الأبيض المتوسط، وعرفت تدفقا عمرانيا ضخما وازدهرت فيها الحياة الدينية والاجتماعية، إلى غاية فترة النظام الدولي الذي عرفت فيه المدينة تطورات كبيرة على المستويين الاجتماعي والمعماري، وشهدت انتشار التوسعات العمرانية خارج الأسوار، وظهور المعالم الأولى للمدينة الجديدة على الطراز الأوروبي، التي تنعكس من خلال فندق كونتننتال والقنصلية الأمريكية وغيرهما. في حين كان تأسيس متحف خاص بالرحالة الطنجي ابن بطوطة وتخصيص أروقة لعرض الوثائق والخرائط التي رصدت لفترات رحلاته في بعض مناطق العالم ترسيخا للقيمة التاريخية والفكرية لهذه الشخصية الشهيرة وتأكيدا لانتمائها لهذه المدينة. وبالتالي، فإن هذا الجانب التاريخي والثقافي، الذي تضمنه مشروع إعادة تهيئة منطقة ميناء طنجة، لم يحول مدينة البوغاز إلى وجهة رئيسية لسياحة الرحلات البحرية والزوارق على المستوى الدولي فقط، بل أضفى على المدينة لمسة إنسانية وثقافية حافظت على روح المدينة ومنحتها جاذبية سياحية خاصة تجعل الزائر، سواء كان محليا أو وطنيا أو أجنبيا، ينتقل في فضاءات مفتوحة على البحر وعلى تاريخ المدينة في نفس الوقت. وينقل نظره بين تعدد معماري لبنايات المدينة العتيقة التي تعود في بنائها إلى المعمار الإسلامي المغربي ثم الأروبي الذي يؤرخ لبداية التغلغل الأجنبي بطنجة منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى غاية النصف الأول من القرن العشرين، حيث يشهد هذا التراث المعماري المتنوع على فترة هامة من تاريخ مدينة طنجة، ويعكس تلك الصبغة الدولية التي طبعتها طيلة عقود من الزمن، والتي سمحت بتعايش مجموعة من الثقافات في إطار نظام سياسي وإداري خاص، حيث تزخر واجهات هذه البنايات بتنوع أصنافها المعمارية، التي تنتمي إلى مدارس هندسية مختلفة تمثل البعثات الأجنبية، التي استقرت بالمدينة (إسبانية، فرنسية، إنجليزية، إيطالية، ألمانية، أمريكية...)، إضافة إلى تيارات معمارية أخرى أثمرتها اجتهادات مهندسين معماريين أجانب وجدوا بالمدينة آنذاك مجالا خصبا لتحقيق تجارب معمارية جديدة. وبالتالي فهذه العملية التي كانت ثمرة لشراكة بين عدة متدخلين، بتمويل من وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم الشمال بالمملكة، ومواكبة وإشراف اللجنة الجهوية المكلفة بالتتبع والتقييم لبرنامج تأهيل وترميم المدينة العتيقة لطنجة، برئاسة والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، وتنزيل من طرف شركة تهيئة ميناء طنجة، نجحت إلى حد بعيد في تغيير ملامح المدينة العتيقة وإماطة اللثام عن وجه طنجيس الحضاري والتاريخي، مما شكل دعامة أساسية لنهضة ثقافية وسياحية واقتصادية لمدينة البوغاز، وركيزة أساسية في سياسة مندمجة تحافظ على الهوية التي تشكلت بمدينة طنجة عبر عدة عقود، وذاكرة تاريخية مشتركة، أصبحت جزءا لا يتجرأ من فكر طنجاوة. وفي انتظار أن يتم إنجاز ما تبقى من مشروع إعادة تأهيل المدينة العتيقة من علامات للتشوير للتعريف بالمنازل والدور التي استقر بها مثقفون وفنانون عالميون، واستكمال ترميم بعض أماكن العبادة من زوايا ومساجد ودور العبادة المسيحية واليهودية، وإعادة تأهيل الأسواق الموجودة بالمنطقة، وإحداث مراكز للإرشاد السياحي، ينبغي أن يسارع الخواص للاستثمار في بنيات سياحية كمشروع تلفيريك، الذي سيضفي على المدينة بلا شك لمسة خاصة تتيح للزائر رؤية مآثر المدينة وفضاءاتها من أعلى، والعمل على إنجاز أكواريوم للمدينة بحيث لا يعقل أن لا تتوفر مدينة ساحلية وبحرية كطنجة على أكواريوم في حجمها. بالإضافة إلى ضرورة أن يتم وضع برنامج سنوي للتنشيط الثقافي والسياحي والرياضي يشمل، بالإضافة إلى مهرجانات سينمائية وموسيقية، مهرجانا غنائيا للطقطوقة الشمالية بكل ألوانها، وكرنفالا سنويا على غرار كرنفال ريو دي جانيرو، يمكن أن يستمد من أسطورة هرقل وقارة هسبريس المختفية مادته الخام، وكذا سباقات رياضية كالسباق السنوي للسفن الشراعية وباقي الرياضات المائية الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.