الدمناتي: مسيرة FDT بطنجة ناجحة والاتحاد الاشتراكي سيظل دائما في صفوف النضال مدافعا عن حقوق الشغيلة    تيزنيت: الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ينظم تظاهرته بمناسبة فاتح ماي 2025 ( صور )    عندما يهاجم بنكيران الشعب.. هل زلّ لسانه أم كشف ما في داخله؟    وزراء خارجية "البريكس" وشركاؤهم يجتمعون في ريو دي جانيرو    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يدشن مشاركته بفوز صعب على كينيا    في عيد الشغل.. أمين عام حزب سياسي يتهم نقابات بالبيع والشراء مع الحكومة    صادرات الفوسفاط بقيمة 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025    تنفيذ قانون المالية لسنة 2025.. فائض خزينة بقيمة 5,9 مليار درهم عند متم مارس    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينتصر على كينيا ويشارك الصدارة مع نيجيريا قبل المباراة المرتقبة بينهما    أمطار طوفانية تغمر زاكورة.. وسيول كادت تودي بأرواح لولا تدخل المواطنين    الشرطة الإسبانية تعتقل زوجين بسبب احتجاز أطفالهما في المنزل ومنعهم من الدراسة    كلية الناظور تحتضن ندوة وطنية حول موضوع الصحة النفسية لدى الشباب    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فرنسا.. ضبط 9 أطنان من الحشيش بعد سطو مسلح على شاحنة مغربية قرب ليون (فيديو)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    نشرة إنذارية: زخات رعدية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    كرة القدم.. برشلونة يعلن غياب مدافعه كوندي بسبب الإصابة    توقيف لص من ذوي السوابق لانتشاله القبعات بشوارع طنجة    لماذا أصبحت BYD حديث كل المغاربة؟    عمر هلال يبرز بمانيلا المبادرات الملكية الاستراتيجية لفائدة البلدان النامية    موخاريق: الحكومة مسؤولة عن غلاء الأسعار .. ونرفض "قانون الإضراب"    رحيل أكبر معمرة في العالم.. الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس توفيت عن 116 عاما    المركزيات النقابية تحتفي بعيد الشغل    "تكريم لامرأة شجاعة".. ماحي بينبين يروي المسار الاستثنائي لوالدته في روايته الأخيرة    باحثة إسرائيلية تكتب: لايجب أن نلوم الألمان على صمتهم على الهلوكوست.. نحن أيضا نقف متفرجين على الإبادة في غزة    اتحاد إنجلترا يبعد "التحول الجنسي" عن كرة القدم النسائية    المغرب يجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9.16 مليار درهم في ثلاثة أشهر    تقرير: المغرب بين ثلاثي الصدارة الإفريقية في مكافحة التهريب.. ورتبته 53 عالميا    الحكومة تطلق خطة وطنية لمحاربة تلف الخضر والفواكه بعد الجني    تراجع طفيف تشهده أسعار المحروقات بالمغرب    أمل تيزنيت يرد على اتهامات الرشاد البرنوصي: "بلاغات مشبوهة وسيناريوهات خيالية"    المملكة المتحدة.. الإشادة بالتزام المغرب لفائدة الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل خلال نقاش بتشاتام هاوس    معرض باريس.. تدشين جناح المغرب، ضيف شرف دورة 2025    عادل سايح: روح الفريق هل التي حسمت النتيجة في النهاية    العثور على جثة مهاجر جزائري قضى غرقاً أثناء محاولته العبور إلى سبتة    تسارع نمو القروض البنكية ب3,9 في المائة في مارس وفق نشرة الإحصائيات النقدية لبنك المغرب    الإسباني لوبيتيغي يدرب منتخب قطر    السكوري بمناسبة فاتح ماي: الحكومة ملتزمة بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور    أغاثا كريستي تعود للحياة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي    دول ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل    الإعلان في "ميتا" يحقق نتائج أرباح ربعية فوق التوقعات    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو الحكومة إلى تحسين الأجور بما يتناسب والارتفاع المضطرد للأسعار    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    أكاديمية المملكة تشيد بريادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس    الدار البيضاء ترحب بشعراء 4 قارات    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البخاري بابا والأربعون إرهابي
نشر في هسبريس يوم 21 - 04 - 2009

يقدم لنا ممثلو الإسلام السياسي بشكل متناقض أفكارهم . أحيانا ، يحاولون تزوير التاريخ بصفاقة وبشكل يخدم مصالحهم الإيديولوجية والسياسية . الغريب أن منظومتهم الفكرية المشيدة على السراب وعلى نوستالجيا لزمن لم يوجد يوما إلا في مخيلاتهم ، متناقضة من ألفها إلى يائها ، بينما يتصارخون أن ثمة مؤامرة تحاك ضدهم . هل نحن اليوم فعلا في حاجة إلى إسلام بروتيستانتي من أجل تصحيح مسار فكر التاريخ العربي الذي تلقى العديد من اللكمات تحت الحزام بواسطة الإسلام السياسي ؟ ""
إن من بين الأساليب المعروفة المستعملة من طرف الإسلام السياسي هي تضليل الرأي العام وإبادة الرأي الآخر عن طرق تكفيره وتخوينه ومحاصرة المعرفة بشكل عام ، لأن المعرفة هي العدو الأول للحركات الإسلامية . وهذا طبيعي ، لأن الجهل والأمية وغياب الوعي النقدي يجعل مثل هذه الحركات تنتشر بسهولة وتحافظ على مكانتها . ولما كتبت سابقا عن أسطورة قداسة صحيح البخاري التي لا تختلف في نظري عن تأليه الأشخاص ، سارع البعض إلى أقلامهم بسذاجة ودون تفكير أو بحث أو تنقيب مدافعين عن شيخهم البخاري ، لذلك كانت ردودهم بعيدة جدا عن الأجوبة ، بل كانت مضحكة أحيانا وهي تغطي عورتها بالعلمية.
ولأن صاحبنا البخاري أسال الكثير من المداد والنقاش حيا وميتا ، ولأن أيضا بعض أجنحة الإسلام السياسي تأكل الثوم بفمه ، وتدافع عن مشروعيتها بأن قدمت كتابه في هالة أسطورية لا توجد إلا في قصص الأطفال . ولأن بعض فقهاء الظلام يمارسون الكذب على الشعب " وأظنهم يدخلون هذا الكذب في باب الحلال " ، وجدت أنه من الضروري أن أقول لأتباعه : إنكم كذابون ، ودجالون لغويون ، ولا أخلاق لكم . تشطبون مجلدات ومصادر من التاريخ لأنها لا توافق رأيكم ، وتستغلون في ذلك أمية الشعوب وجهلهم . تقولون بإجماع الأمة على صحة البخاري وهذا افتراء جلي . وتقولون بأشياء كثيرة لم تحدث قط إلا في مخيلاتكم .
لن أتحدث هنا عن رأيي الشخصي أو المناهج في العلوم الإنسانية أو نسبية الحقيقة أو استعمال العقل لأن كل ذلك كما تقولون بدعة ومن عمل الشيطان وإبليس لعنه الله ، ولما أصبح الإسلام السياسي يخلط بين ما يبرهن به وما يبرهن عليه ، حيث يبرهنون على مسائل بمقدمات يعتبرونها بديهية في حين هي أصلا تحتاج إلى برهنة ، وكان قد قال ابن سينا كلامه في المنطق منذ قرون : الموضوعات يبرهن فيها ، والمسائل يبرهن عليها ، والمقدمات يبرهن بها . فكيف يسوقون حججا ليست في المنطق من شيء ؟ ولأنني أعذر جهلهم وعيشهم في كهف قديم وعدم اطلاعهم على المعرفة وطريقة التفكير الحديثة فسأسوق لهم حججا على أسطورة صحة البخاري من داخل نسيجهم الفكري . سأوضح مسألة الجهل هنا أيضا لأنهم سيلتصقون بهذه الجملة ويدعون مطالعاتهم الواسعة من مطلع الفجر حتى قنوت الليل ، فأنا أقصد هنا أنهم ليس لهم الوقت للإطلاع على المعرفة الكونية ، فهم يمضون الكثير من ساعات النهار والليل في قراءة القرآن يوميا ، وكثيرون منهم قرأه أكثر من ألف مرة في حياته ولا زال يقرأه صباح مساء أعانهم الله عليه حتى لا ينساه ، أضف إليه بعض مؤلفات لعذاب وأهوال القبور وصحيح البخاري طبعا ، وبعض تفاسير القرآن ، ولو كان بعضهم يقضي وقته مع المؤلفات العالمية والعربية المتنوعة ربع ما يقضيه في قراءة القرآن لكان المجتمع الإسلامي اليوم يمتلك عينا نقدية فاحصة وبنية تفكير مختلفة ...
بلا خجل يقول الأربعون حرامي أو فقهاء الظلام أن صحيح البخاري أجمع عليه السلف الصالح ، وهذه كذبة ومهزلة كبرى ، فالعديد من العلماء الذين عاشوا في زمن البخاري أو الذين أتوا بعده تعرضوا للكتاب وصاحبه بالنقد ، والبعض هاجمه بشكل صريح وبلا هوادة ، وإن كان استفاد البخاري من دعم السلطة السياسية له كما استفادت المذاهب الأربعة في حين انقرضت المذاهب الأخرى السنية ، فإنه لم يسلم رغم القداسة التي حاولت السلطة السياسية تلوينه بها من سهام النقد .
لقد ذكر كتاب البخاري بين الرفض والقبول الكثير من المراجع التاريخية التي تحدثت بالأمر نذكر بعضها : فقد أورد الخطيب في مؤلفه المشهور " تاريخ بغداد " أن أبي حنيفة رد حديث رض رأس اليهودي بحجرين الذي أورده البخاري والمروي عن أنس بن مالك وقال عن الحديث أنه هذيان . ومن رأي أبي حنيفة أن الصحابة ليسوا بمعصومين من قلة الضبط الناشئة عن الأمية أو كبر السن كما أورده كتاب تأنيب الخطيب على ما ساقه في ترجمة أبي حنيفة من الأكاذيب للإمام محمد زاهد الكوثري . كما رد أبي حنيفة صحة حديث اليدين عند الركوع الذي أخرجه البخاري ، لأنه فضل رواية عبد الله بن مسعود على رواية عبد الله بن عمر ، ورد أيضا حديث الرسول من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره وهو ما أورده البخاري كما جاء في كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار للحافظ بن عبد البر القرطبي . فأين إجماع الأمة ؟؟؟ ها هو ركيزة من أعمدة المذاهب مؤسس المذهب الحنفي يطعن في صحيح البخاري ويخرج أحاديثا منه . ولنر موقف إمام المذهب المالكي مالك بن أنس من صحيح البخاري ، قد أورد أبو إسحاق الشاطبي المالكي بالموافقات في أصول الشريعة أن مالك ضعف حديث غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا ويقول :" يؤكل صيده ، فكيف يكره لعابه ؟؟ " وهذا ليس قولي ، بل قول إمام المذهب المالكي الذي ضعف هذا الحديث ، والسؤال موجه هنا ليس إلى الأربعين حرامي أصحاب البخاري بابا بل أيضا لأصحاب الإعجاز العلمي . أما أحمد بن حنبل فقد استنكر الحديث الذي أخرجه البخاري بسنده عن عائشة من مات وعليه صيام صام عنه وليه ، كما جاء في كتاب سير أعلام النبلاء للإمام الحافظ الذهبي ...
وها هو ابن حجر العسقلاني يقول في مقدمته هدى الساري أن البخاري لما ألف صحيحه عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث ، والرواية وردت عن العقيلي ، ففي الوقت الذي حاول أن يدافع عن الكتاب المدعوم من السلطة الساسية الدينية ثبت على نفسه أنه ليس صحيحا بالكامل . وها هو الحافظ النووي يقول في مقدمة فتح الباري أن البخاري ومسلم لم يلتزما بالدقة في أحاديث كثيرة وأحال على مؤلف الإمام الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطاني . أما الإمام تاج الدين السبكي الشافعي فقد أورد فصلا خاصا في مؤلفه طبقات الشافعية الكبرى بعنوان " أوهام البخاري " . فأين هذا الإجماع والعلمية التي يتحدث عنها فقهاء الظلام ؟؟؟ ولعل ما وقع مع المحدثين يمكن أن يشرح لتلك الرؤوس المتحجرة والكاذبة أن الإجماع لم يكن يوما لا في الماضي ولا في الحاضر .وأبرزها ما وقع مع ناصر الدين الألباني عندما أثارت تضعيفاته لبعض أحاديث مسلم زوبعة فرد أحد تلامذته علي حسن الحلبي الأثري بكتاب أثبت فيه أن ثمة انتقادات على الصحيحين سندا ومتنا منذ زمن تأليفهما إلى يومنا وأثبت أن دعوى الإجماع باطلة ...
ويزيد صاحب كتاب البخاري بين الرفض والقبول في فضح صحيح البخاري ويسوق مجموعة من الكذابين والضعفاء لأنهم كانوا يلفقون الحديث ، كثابت بن محمد الكوفي الذي قال الدارقطاني عنه في الجرح والتعديل أنه يخطئ ، ومحمد بن أبي سعيد الكذاب الذي صلب بتهمة الزندقة ووضع الأحاديث ، وهو معروف في كل مصادر التاريخ ، ذكره الذهبي وغيره ، والعجيب أن البخاري أخرج عنه في صحيحه ؟؟؟؟ ولنذكر القليل ممن أورد أسماءهم البخاري في صحيحه والذين ذكروا بالكذب والتخليط في المراجع التاريخية : أسيد بن زيد قال عنه ابن حبان يروي عن الثقات المناكير ويسرق الحديث ، وكذبه ابن معين ، وقال النسائي متروك . أحمد بن صالح أبو جعفر المصري ، قال النسائي ليس بثقة وقال بن معين رأيته كذابا .اسماعيل بن أويس ، قال عنه الدولابي سمعت النظر بن سلمة المروزي يقول كذاب كما ورد في ميزان الاعتدال . خثيم بن عراك بن مالك ، قال بن حزم لا تجوز الرواية عنه كما جاء في تهذيب التهذيب . عمران بن حطان ، قال الدارقطاني متروك لسوء اعتقاده وخبث مذهبه ... ولقد ذكر أكثر من 55 راويا مشكوك في أمرهم بالرجوع إلى العديد من المصادر التاريخية ، إن لم نقل أغلبها . فأين هذه الصحة وأن البخاري ترك الرواية عن أحدهم لأنه كذب على دابته ؟؟؟ الغريب أن البخاري ذكر بعض الرواة بالضعف في كتابه الضعفاء ، لكنه روى عنهم في صحيحه وهم كثر كأيوب بن صالح بن عائد الذي اتهمه البخاري في كتابه الضعفاء أنه من المرجئة ولكنه أخرج عنه حديثا ؟؟؟؟ فبماذا ستجيبوننا هذه المرة أيضا؟؟؟
كما أورد كتاب البخاري بين الرفض والقبول تناقضات في صحيح البخاري نورد مثالا منها : متى حدث الإسراء والمعراج ؟؟؟ لقد أورد البخاري حديثا في صحيحه أن الرسول روى أنه جاء تلاثة نفر قبل أن يوحى الله ...حيث يتحدث أن الإسراء كان قبل الوحي ، وهذا تناقض سافر. فالمنطق والتاريخ وأحاديث كثيرة تروي أن حادثة الإسراء وقعت بعد الوحي حيث فرضت الصلاة . إذ لا يمكن أن تكون الصلاة قد فرضت قبل الوحي . إلا إذا كان صاحبنا البخاري يريد أن يقول أنه وقع الإسراء مرتين ، وهذا مستحيل ... وأتمنى قراءة هذا الكتاب الذي يحيل على مجمل المصادر والمراجع في التاريخ الإسلامي التي تكشف هلوسات فقهاء الظلام . إلا إذا أراد هؤلاء أن يشككونا في كل تلك المصادر وأنها صنيعة الولايات المتحدة الأمريكية . حيث سيجدون أنفسهم بلا أي مرجع تاريخي أو كتاب تفسير للقرآن أو كتاب ديني لأنهم سيشطبون كل التاريخ .
لقد اعتاد إرهابيو الإسلام السياسي أن يغطوا عوراتهم بحذف الجمل في طبعات الكتب ويكتبون عليها طبعة منقحة ، فأرجو من القارئ أن ينتبه للحذف إذا ما كانت ثمة نقط استرسال وضعتها المؤسسات الإرهابية كالأزهر أو المؤسسات المسؤولة عن تدجين الإرادة الشعبية لصالح التحالف القائم بين الإسلام السياسي والسلطة الاستبدادية . أما ما عدا ذلك فلا يملكون إلا مصادرة الكتب والمقالات التي تكشف عوراتهم ، فمن الصعب على القارئ العادي أن يتصفح عشرات المؤلفات التاريخية والدينية إذا لم يكن باحثا في الموضوع ويمتلك عينا نقدية ، ولذلك فهم يرتعبون من الكتابات التي توجه القارئ إلى أماكن محددة يمكن الوصول إليها بسهولة . إذ يكون من الصعب على القارئ مثلا أن يتصفح طبقات ابن سعد ويقارن أسماء الرواة وما قيل عنهم من كذب أو تزوير من طرف العلماء الذين عاصروهم ويتقفى أثرهم في كتاب البخاري ... والأمر طبيعي لن يقف عند ابن سعد ، بل يجب تقفي أثرهم في مؤلفات لشيوخ كثيرين ... لذلك أفهم لماذا يتعالى نباح إرهابيي الإسلام السياسي كلما اصطدموا مع مقالات على هذه الشاكلة ويكثر لغطهم ويفقدون صوابهم .
لقد تقفى كتاب روايات المدلسين في صحيح البخاري للدكتور عواد الخلف أسماء المدلسين في صحيح البخاري فوجدهم سبعين راويا عبر مؤلفات ومراجع أحال عليها وقسمهم إلى طبقات . فأين رد البخاري للراوي لكذبه على دابة ؟؟؟
بينما أورد أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف بن سعد المتوفى 474 في كتابه التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح أسماء المدلسين والرواة المتهمين بالكذب وغيره ، ونورد أمثلة : روى سعيد بن المسيب أنه قال يا برد لا تكذب علي كما كذب عكرمة على بن عباس . وقال شعبة : لأن أزني أحب إلي من أن أروي عن أبان بن أبي عياش . وعن أحمد بن حنبل أنه قال المشهورون بالكذب على الرسول أربعة ، مقاتل بن سليمان وابراهيم بن أبي يحيى وأحمد بن عبد الله الجوباري ومحمد بن سعيد الشامي . فعن أي صحيح يتحدثون ؟؟؟؟؟
ويعتبر كتاب القول الصراح في البخاري وصحيحه الجماع للفقيه فتح الله بن محمد جواد الأصبهاني من الكتب التي فصلت بالمصادر والمراجع أساطير فقهاء الظلام عن صحيح البخاري ويحيل على الكثير من فقهاء السنة الذين طعنوا في صحة البخاري كالحافظ بن الجوزي 510-597 الذي ألف كتاب " مشكل الحديثين أو مشكل الصحاح " ، والحقيقة أنه لو أوردت بعض أمثلة مما أورد داخل الكتاب للزم الأمر مقالات عديدة ، وسأكتفي بأمثلة مما ورد يتساءل كيف للبخاري أن يحتج برواة في صحيحه ويورد أسماءهم في كتابه الضعفاء ؟؟ ويورد أمثلة عديدة لمدلسين وردت أسماءهم في ميزان الاعتدال . ويقول من وجوه الطعن في البخاري ما يدل على عدم ديانته ووثاقته وتدليسه وأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه وارتكب الكذب الصحيح كما قال مسلمة بن قاسم في تاريخه وما مضمونه أن البخاري سرق كتاب العلل لعلي بن المديني وكيف نسخه بعدما تحايل على ابن علي المديني وأغراه بالمال ، فبقي أستاذ البخاري مغموما حتى مات لما تعرض له من سرقة تلميذه البخاري لمؤلفه ، أما البخاري فألف الصحيح عن ذلك الكتاب ، والقصة التي تثبت أن البخاري ارتكب السرقة الأدبية في حق أستاذه واردة أيضا بالاختصار في كتاب تهذيب التهذيب لابن حجر . فما رأيكم في ابن حجر وكتابه تهذيب التهذيب ؟؟؟ هل هو عميل لأمريكا أيضا ؟؟ ومما يدل على جهل البخاري ما كتبه السرخسي في كتابه المبسوط ، عندما أفتى البخاري بتبوث الحرمة بعدما سألوه عن رضاع الصبيان بلبن الشاة . وقد حاول الإسكندراني في المتوارى الدفاع عن هذه الحادثة التي تثبت بلادة البخاري عندما قال : يسلم البخاري في علم الحديث ولا يسلم في علم الفقه .كما ذكر أبو البركات في كتاب " كشف الأسرار" أن البخاري استفتى في صبيين شربا من لبن شاة فأفتى بثبوت الحرمة . وأورد الكاتب تناقضات كثيرة يصعب سوقها كاملة وتم التفصيل في ثبوت كذب العديد من رواة صحيح البخاري بأدلة تاريخية كما هو حال عبد الله بن الزبير الذي كذب على عائشة وشهد زورا في حادثة الحوأب المشهورة التي رواها أيضا ابن خلكان في تاريخه ، بل كان يريد أن يحجر على عائشة وأورد قصة الحجر البخاري أيضا في صحيحه . وروى ابن عبد البر في التمهيد عن عائشة أنها لما سمعت أبا هريرة يتحدث على أن الشؤم في ثلاثة في المرأة والفرس والدار قالت كذب والذي أنزل الفرقان على أبي قاسم ... وقالت أنه كان يقول كان أهل الجاهلية يقولون وهذا أورده العسقلاني في فتح الباري . فأين هؤلاء الذين كانوا يشرحون لي اللغة العربية عندما ذكرت الحديث ؟؟؟ هل سيشرحون اللغة العربية ومعاني الرسول لعائشة زوجته التي فهمت نفس ما فهمت ؟؟؟ ثمة مثل مغربي يساق هنا يقول : تعالي يا أمي أدلك على دار أخوالي . فإرهابيو الإسلام السياسي يريدون أن يشرحوا لعائشة ماذا أراد زوجها قوله من الحديث بعد 14 قرنا من التخلف والجهل .
إن الإسلام السياسي الذي يقدم البخاري مقدسا هو نفسه الذي اعتمد أربعة مذاهب فقط بعدما حكم على المذاهب الأخرى بالإفناء لأنها لا تشاطره أراءه . فماذا يعرف المسلمون اليوم عن مذاهب سفيان بن عينية ، وسفيان الثوري ، والليث بن سعد ، وأبي ثور ...والذي ربما لا يعرفه الكثيرون هو أن المذاهب الأربعة تبثها السلطان بيبرس وحرم ماعاداها وهو ما قال به المقريزي وابن كثير والذهبي ...ولقد أورد التاريخ الكبير اتهام البخاري لأبي حنيفة بكونه مرجئا . وقال ابن الحجاج متفكها على تناقضات المذاهب :
الشافعي من الأئمة قائل / اللعب بالشطرنج غير حرام
وأبو حنيفة قال وهو مصدق / فيما يبلغه من الأحكام
شرب المثلت والمنصف جائز / فاشرب على طرب من الأيام
وأباح مالك الفقاع تطرقا / وبه قوام الدين والإسلام
والحبر أحمد حل جلد عميرة / وبداك يستغني عن الأرحام
فاشرب ولط وازن وقامر واحتجج / في كل مسألة بقول إمام
ولعل أغرب الفتاوى هي فتوى مالك صاحب المذهب المالكي في تحليل زواج الابن بابنته من الزنا ومن أخته وبنت بنته مستدلا بأنها أجنبية ولا تنتسب له شرعا . فما جوابكم يا فقهاء الإسلام السياسي ؟؟ هل تنكرون هذه الفتوى ، وهي موثوقة في المراجع ، أم ستغطونها بعوراتكم ؟؟ اشرحوا للناس كل ما قال مالك ، ولا تقدموا فقط ما ترونه مناسبا للعصر وتخبئون الفضائح .
أما الحديث الذي أوردته سالفا عن إتيان المرأة في دبرها ، واتهمني إرهابيو الإسلام السياسي بالشذوذ كما عادتهم دائما ، فأتمنى أن يبقوا على مواقفهم ويتهموا ابن كثير وابن عمر والنووي وابن حجر والسيوطي وغيرهم بالشذوذ الجنسي . الغريب أن إرهابيي الإسلام السياسي لا يقرؤون تفاسير القرآن في حين يتهمون الآخر بعدم قراءته . بل أن ثمة فتوى للشيخ صالح الكرباسي يقول أنه من الخطأ الفاحش عد هذا النوع من الممارسة لواطا ومن أعمال قوم لوط ، وهو نوع من المغالطة وذلك لأن اللواط هو الاتصال الجنسي بين ذكرين لا بين ذكر وأنثى . ويبدو لي فعلا أن فضيلة الشيخ بهذه الحماسة في الدفاع أنه مثلي جنسيا ويأتي زوجته من دبرها والله أعلم . أما السيوطي فبعدما أورد في باب النقول في أسباب النزول الرأي القائل بالتحريم ، احتج في الرأي الآخر بجوازه :" وأخرج البخاري عن ابن عمر قال انزلت هذه الآية في إتيان النساء في أدبارهن ، وأخرج الطبراني في الأوسط بسند جيد قال إنما أنزلت على رسول الله - نساؤكم حرث لكم رخصة- في اتيان الدبر ". وبنفس المسار أوردها ابن كثير في تفسير القرآن العظيم عندما أورد ابن عمر في المحتجين باتيان المرأة في الدبر . وأتمنى أن يركز إرهابيو الإسلام السياسي على "في أدبارهن " وليس " من أدبارهن " بشكل واضح . فهم رغم أنهم يلوكون القرآن صباح مساء فهم بلا عقول ورغم أن بعضهم يحفظ التفاسير . فهل يكذبون على المسلمين ؟؟؟ هل هم بهذه الحقارة ؟ أتمنى من القارئ أن يطالع تفسير الآية 223 من سورة البقرة في تفسير ابن كثير والسيوطي . والغريب أن السيد قطب في تفسير الآية في " في ظلال القرآن " تجنب شرحها وأحالها على ماقبلها ، وهذه عادة معروفة للتمويه والتعتيم ... فالحديث الذي ورد عن ابن عمر جاء مناقضا مع ما ورد عن آخرين ، لذلك البعض يحرمه ، والآخر يحلله ، والآخر يضعه في باب الكراهة ... ولكن الأكيد أن ثمة من هو مثلي جنسيا من هؤلاء المفسرين والصحابة والذي دافع عن إتيان المرأة في دبرها ....
إن هذا الكلام لم نقله من اختلاقنا ، إننا لا نفعل سوى إلقاء الضوء على المناطق المظلمة في تاريخ الإسلام السياسي التي يحاولون جاهدين إبعاد المسلمين عنها لأنها تكشف عوراتهم ، وبيننا وبينكم المراجع والمصادر التاريخية يا أصحاب العلمية البهلوانية . ولا أظن أنهم سيتجاهلون ابن كثير وابن عمر وابن حجر العسقلاني وطبقات بن سعد وتاريخ بغداد وتهذيب التهذيب ووو .... ثمة مثل عربي يقول : من أينما ترمي الأقرع تجشه . فإن تحدثنا معهم بلغتنا ستظهر هلوساتهم وأساطيرهم ، وإن تكلمنا معهم بلغتهم سينفضح أمرهم وسراب أفكارهم . لذلك لا يملكون إلا الشتائم والتكفير .
مع كامل تحياتي للبخاري بابا والأربعين إرهابي .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.