المغرب التطواني يتأهل إلى نصف نهائي كأس العرش    نتائج الباكلوريا المرضية بجهة الشرق جاءت نتيجة عدة عوامل..    مقتل رئيس الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    الوداد يضم مدافعا برازيليا ويلتقي سفير المغرب بأمريكا    ترامب ينفتح على وساطة بوتين    نجلاء موزي تمثل المغرب في بكين بعد فوزها بالنسخة ال24 لمسابقة "جسر اللغة الصينية"    أفعى تلدغ شابا بالحسيمة.. حالته خطيرة ونقل على عجل إلى فاس    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تطلق خرائط يومية لتحديد مناطق خطر حرائق الغابات    المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة يحتفي بشخصيات بارزة من عالم الفن السابع    المغرب يحتفي بيوم إفريقيا في لاس بالماس على خلفية التعريف بالتراث    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية وتساقط برد.. الأرصاد تحذر من طقس غير مستقر بعدد من أقاليم المملكة    إسرائيل: 10 قتلى وأزيد من 200 جريحا جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية    مسافرون يتفاجؤون بفرض 10 كلغ كحد أقصى لحقيبتين يدويتين بمطار العروي    انتخاب سعاد لبراهمة رئيسة جديدة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان.. وهذه لائحة المكتب المركزي    "العدالة والتنمية" يدق ناقوس الخطر إزاء تفاقم المديونية ويحذر من اختلالات جديدة في إعادة تشكيل القطيع    عزيزة داودة يكتب: موريتانيا في مواجهة التحديات الأمنية والدبلوماسية وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الساحل    هزيمة جمال بن صديق امام جزائري في نزال "كلوري 100"    حب الملوك بصفرو : 101 سنة من الاحتفاء بالكرز والتراث المغربي الأصيل    البوجدايني: الداخلة تكرس نفسها كوجهة سينمائية واعدة في القارة الإفريقية    تسريب بيانات حساسة يفتح عين "دركي البورصة" على اختلالات خطيرة    إيران تعلن اعتقال "عميلين للموساد"    المغاربة على موعد مع حر شديد .. والأرصاد الجوية تبسط الأسباب والتدابير    برادة يكشف نتائج "الكفاءة المهنية"    التعادل مع إنتر ميامي يحزن الأهلي    انطلاق كأس العالم للأندية في نسختها الجديدة مواجهة نارية تجمع الأهلي بانتر ميامي    مقتل 7 أشخاص بتحطم مروحية هندية في الهملايا    "أرباب كريمات" ينادون بالتصدي لأعطاب قطاع سيارات الأجرة في المغرب    بعد غيابه لقرن من الزمان.. كزناية تحتضن مهرجان التبوريدة    ريدوان وبيتبول يبدعان في أغنية مونديال الأندية    فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    "أزطا أمازيغ" تطالب بترسيم فعلي للأمازيغية ووقف التمييز    المغرب وكأس إفريقيا: ما الذي ينقص المنتخب الوطني ليحسم اللقب القاري؟    فرينش مونتانا يشعل حفل افتتاح مونديال الأندية بأمريكا بإطلالة بقميص المنتخب المغربي بخريطة المغرب كاملة    الرئيس الصيني يعيد نسج خيوط طريق الحرير: دينامية صينية جديدة في قلب آسيا الوسطى    المؤتمر الجهوي للاتحاد العام للفلاحين لجهة الدار البيضاء سطات بالجديدة    إيران تقصف معهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم    الدار البيضاء.. توقيف شخص متورط في سرقة بالعنف باستخدام دراجة نارية    المغرب يعزز موقعه في سباق الطاقة النظيفة: اتفاقية استراتيجية مع شركة صينية لإنتاج مكوّنات بطاريات السيارات الكهربائية    ما الأنظمة الدفاعية التي تستخدمها إسرائيل في أي تصعيد؟    الصين تطلق قمرا صناعيا لرصد الكوارث الطبيعية    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما    الحجاج يواصلون رمي الجمرات في أيام التشريق، والسلطات تدعو المتعجّلين للبقاء في المخيمات    فريدة خينتي تطالب وزير الداخلية بإحداث سوق عصري نموذجي بجماعة بني أنصار    الحج 2025: السوريون يغادرون من دمشق لا المنافي بعد 12 عاماً من الشتات    بنهاشم يثمن تحضيرات نادي الوداد    من حكيمي إلى بونو .. 31 أسداً مغربياً يشعلون ملاعب مونديال الأندية    16 دولة تدق ناقوس الخطر لمواجهة التغيرات المناخية على خلفية مؤتمر "كوب 30"    الولايات المتحدة تُعد قائمة حظر سفر جديدة تشمل 36 دولة بينها ثلاث دول عربية    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الانخفاض    اجتماع وزاري لتفعيل التوجيهات الملكية حول إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية    مهنيو و فعاليات الصيد البحري بالجديدة يعترضون على مقترحات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الظهير البربري: حقيقة أم أسطورة ؟َ
نشر في هسبريس يوم 17 - 05 - 2009

يبدو أن النبش في تاريخ المغرب الذي كتبه علال الفاسي ورفاقه قد بدأ وربما لن ينتهي حتى قيام الساعة؟ فهل سيتمكن أنصار "الحركة الوطنية" اليوم من استغلال نفوذهم في إخراس أصوات الساعين إلى تفنيد "أسطورة الظهير البربري"؟ أم أنهم لا يحتاجون لاستغلال نفوذهم فالتاريخ المغربي كتب بأيد وطنية شريفة وهو بذلك يدخل ضمن المقدس الذي لا يمكن مناقشته فبالأحرى التشكيك في صحته؟ وماذا يريد هؤلاء النابشون في ظهير مضى عليه أكثر من سبعة عقود من الزمن؟ فهل هو يدخل ضمن المزايدات السياسية؟ أم بحث عن الحقيقة؟ وما الذي سيتغير في المغرب لو أن هؤلاء الناشطون الأمازيغ نجحوا فعلا في تفنيد "أسطورة الظهير البربري"؟ ""

مناسبة علامات الاستفهام هاته هو مرور 79 سنة على صدور الظهير البربري الذي كان في 16 ماي 1930. وبهذه المناسبة نظمت جمعية الهوية الأمازيغية بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بالناظور محاضرة بعنوان: الظهير البربري : حقيقة أم أسطورة. ويعتبر "الظهير البربري" من القضايا التي أثارت نقاشا ساخنا بين من يرون هذا الظهير معاديا للإسلام وبداية لتنصير الأمازيغ وإخراجهم من سلطة محمد الخامس ، وبين الحركة الأمازيغية التي جعلت تقويض ما تسميه" بأسطورة الظهير البربري" قضية تناضل من أجلها منذ 1996.

ولقد أكد السيد محمد بودهن في بداية محاضرته على ضرورة التمييز جيدا بين "ظهير 16 ماي 1930 المنظم لسير العدالة بالقبائل ذات العرف الأمازيغي التي لا تتوفر على محاكم شرعية" وهذا هو اسمه الحقيقي الذي صدر به في الجريدة الرسمية عدد 919: «Dahir du 16 mai 1930 réglant le fonctionnement de la justice dans les tribus de coutume berbère non pourvues de mahkamas pour l application du Chrâa وبين ما سمته "الحركة الوطنية" "الظهير البربري". وقدم المحاضر مجموعة من الأدلة لتفنيد "أسطورة الظهير البربري" التي صنعها حسب قوله "الخونة الذين كانوا يتمتعون بالحماية القنصلية في الوقت الذي كان يقاوم فيه الأمازيغ بشراسة الاستعمار الفرنسي". وندد باستغلال الدين من أجل الترويج لأكاذيب "الحركة الوطنية" التي تأسست بعد حشد الدعم العربي والإسلامي من خلال إشاعة "لأسطورة الظهير البربري". وأضاف أن الشرع كان مندمجا مع الأعراف ولم يصدر علماء المغرب أي فتوى تدين هذا الظهير السلطاني الذي أصدرته فرنسا ومحمد الخامس في الوقت الذي كان فيه قادة "الحركة الوطنية" يطالبون فرنسا بتطبيق بنود الحماية. ويرى بودهن أن قرار فرنسا إصدار هذا الظهير يرجع إلى اعتزام هذه الأخيرة تسهيل عملية تحفيظ العقار للفرنسيين الذين كانوا يشترون الأراضي الأمازيغية وكذا القضاء على المقاومة الأمازيغية بعد مقاومة شرسة لم تهدأ منذ 1912. وهذا ما يفسر من وجهة نظره إشارة الفصل السادس من هذا الظهير إلى ضرورة اللجوء إلى المحاكم الفرنسية -التي كانت تحكم باسم محمد الخامس- في القضايا الجنائية وذلك بهدف القضاء على المقاوم الأمازيغي. ولخص المحاضر عناصر ما أسماه بالأسطورة (الظهير البربري) في أربعة عناصر:

"العنصر الأول وهو واقعي: إصدار ظهير 16 ماي 1930 المنظم لسير العدالة بالقبائل ذات العرف الأمازيغي التي لا تتوفر على محاكم شرعية.

العنصر الثاني وهو اللاواقعي: الكذب واستعمال الخيال في تضخيم الحدث وتشويهه.

العنصر الثالث: استغلال العنصر الديني ويوجد في الأساطير اليونانية واليهودية ويتجلى في هذه الحالة في قراءة اللطيف في المساجد وذلك بترديد دعاء" يا لطيف نسألك اللطف بما جرت به المقادير أن لا تفرق بيننا وبين إخوتنا البرابرة" وهذا بعد حشد الناس بالترويج على أن هذا الظهير جاء لإخراج الأمازيغ من دينهم الإسلامي وتنصيرهم. وفي الوقت الذي حشد فيه دعم الشعوب الإسلامية وخروجها في تظاهرات كان الأمازيع يتعرضون للإبادة حيث قتل 600000 أمازيغي في الأطلس دون أن يعيرهم الإعلام العروبي اهتماما يذكر. وكان الأولى هو ترديد دعاء" يا لطيف نسألك اللطف بما جرت به المقادير أنقذ إخواننا الأمازيغ من إبادة الظهير" .

العنصر الرابع: الوظيفة التأسيسية. حيث أن "الحركة الوطنية "خلقها "الظهير البربري" وأعطاها الشرعية. وهؤلاء الذين ابتكروا هذه الأسطورة وأصبحوا رموزا للعروبة والإسلام كانوا لا يجيدون شيئا غير ترديد النشيد الفرنسي. وهذا سطو واحتيال على التاريخ ." وكان بودهن قد كتب في عدد سابق من جريدته تاويزا أن "ظهير 16 ماي 1930 يمنح للمناطق التي يسودها العرف الأمازيغي استقلالا قضائيا ذاتيا Autonomie judiciaireكاملا حيث يحكم السكان أنفسهم بأنفسهم، ليس فقط من حيث الأشخاص الذين يتولون المسؤوليات العمومية، بل وهذا هو الأهم من حيث القوانين التي يحتكم إليها هؤلاء السكان، التي هي قوانين نابعة منهم وليست مفروضة عليهم من خارج ثقافتهم وحياتهم الاجتماعية. فالمحاكم كانت أمازيغية، والقضاة أمازيغيين، والقوانين Izerfan أمازيغية ولغة التقاضي أمازيغية. إذا كانت الديموقراطية، في تعريفها المثالي الذي يعني "حكم الشعب لنفسه بنفسه"، لا تتحقق من الناحية العملية إلا جزئيا، وذلك حتى في أعرق وأكثر البلدان ديموقراطية، فإن ظهير 16 ماي 1930 قد جعل هذه الديموقراطية، في شكلها الأمثل والمثالي، ليست شيئا ممكنا فحسب، بل أمرا واقعا وممارسا ومتحققا. وهكذا فإن ظهير 16 ماي 1930، بما جاء به من فلسفة جديدة فيما يتعلق بالجهوية واللامركزية، ومضامين جديدة للعدالة والديموقراطية الاجتماعية السكانية، ومفهوم جديد لإشراك المواطنين في تسيير شؤونهم وحل نزاعاتهم، فإنه بذلك كان متقدما، وبمسافات طويلة، حتى على فرنسا التي أصدرت هذا القانون، متقدما عليها ليس بالنسبة لذلك العصر، بل حتى بالنسبة للعصر الراهن حيث لا زالت فرنسا متمسكة بنوع من التسيير المركزي ذي طابع مخزني حقيقي. فإذا كان أساس الديموقراطية هو احترام "إرادة الشعب" و"إرادة السكان"، فإن ظهير 16 ماي 1930 كان تعبيرا عن هذا الاحترام لإرادة الشعب وإرادة السكان بشكل لا نجد له مثيلا إلا في عدد محدود من الديموقراطيات في القرن الواحد والعشرين " .

ويضيف في نفس المقال"ونلاحظ أن الأنظمة الاجتماعية الأكثر ديموقراطية، كما في سويسرا وألمانيا وإسبانيا وكندا والولايات المتحدة، هي التي تتبنى نظام الجهات ذات الاستقلال الذاتي Autonomie، الذي يشمل اللغة والقضاء والإدارة والمالية والثقافة...، والذي لا يختلف في جوهره عن روح ظهير 16 ماي 1930 الذي كان متقدما عن عصره حيث تضمن ديوقراطية تشاركية سكانية في وقت لم يكن ذلك معروفا ولا ممارسا في بقية دول العالم. فلو أن "الحركة الوطنية" احتفظت بهذا الظهير وعممته إلى باقي مناطق المملكة مع تكييف مضمونه حسب الجهات، لكان المغرب هو سويسرا إفريقيا منذ أزيد من أربعين سنة. لكن "الحركة الوطنية" كانت تخاف من كل ديموقراطية قد تشرك معها الشعب في السلطة والحكم والتشريع".

وختم الأستاذ بودهن محاضرته بضرورة المطالبة والدفاع عن تأسيس دولة أمازيغية حتى يمتلك الأمازيغ السلطة من أجل تصحيح المعطيات التاريخية المغلوطة التي شرعت لإقصاء الأمازيغية فوق أرضها وذلك من خلال إلصاقها بالتنصير ومعاداة الإسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.