كنا ومازلنا وسنبقى على إصرارنا وإيماننا بقوة هذا الوطن العظيم المتوحد.. وطن الملاحم والتلاحم والتضامن... وطن لا يترك أي أحد من أبناءه في الخلف... إذ من حقنا الاحتفال بالجزء المملوء من الكأس.. ومن حقنا تعداد مكاسبنا وانتصاراتنا دون أي مركب نقص من التحديات والصعوبات اليومية... ففي باكر صباح يوم 20 أكتوبر خرج "كبير العائلة" إلى الشارع للاحتفال مع الشعب المغربي بفرحة الإنجاز غير المسبوق والفوز بكأس العالم نسخة تشيلي 2025... أمام منتخب الأرجنتين الشهير والعريق... وهو خروج يذكرنا بالمناسبة بمشاركة جلالة الملك محمد السادس في احتفالات الشارع المغربي بفرحة أسود الأطلس في مونديال قطر 2022... وهو نفس الشارع الذي احتضن احتجاجات شباب مغربي أو ما عرف إعلاميًا ب "جيل زيد" ورفع مطالب اجتماعية كالصحة والتعليم.. وهي المطالب التي تجاوبت معها مختلف المؤسسات الحكومية والإعلامية... كما تضمن خطاب البرلمان للعاشر من أكتوبر الجاري رسائل مهمة وذكر بخارطة الطريق مستحضرًا مضامين خطاب العرش لسنة 2025... أكثر من هذا... فقد شاءت الأقدار أن يكون يوم الأحد 19 أكتوبر تاريخيًا بامتياز... إذ عرف من جهة اجتماعًا للمجلس الوزاري بحضور رئيس الدولة المغربية الملك محمد السادس، حيث تم التداول حول توجهات الميزانية العامة لسنة 2026 وحملت معها إجابات مهمة وقوية تحمل عناصر الدولة الاجتماعية والمغرب الصاعد، إذ تم تخصيص 140 مليار درهم لقطاعي الصحة والتعليم و27 ألف منصب شغل وافتتاح مستشفيات جامعية وتأهيل 90 مستشفى ودعم 4 ملايين أسرة وزيادة في إعانات الأطفال... كما جاءت بباقة متكاملة للشباب في جوانب الاستثمارات والتشغيل والمشاركة السياسية وتسهيل الانخراط في صناعة القرارات السياسية للشباب وحملت معها مكاسب سياسية للمرأة أيضًا... وفي مساء ذات يوم الأحد سيكتب شباب "جيل زيد" ملحمة وطنية جديدة بفوزهم المستحق على منتخب "التانغو"... صحيح أن أشبال الأطلس أبانوا عن نضج كروي وقتالية وكعب عال في الميدان... لكنه من الإنصاف التذكير بحضور الجماهير المغربية وبذلك الجو العائلي الذي ساهمت فيه السيدة كنزة الغالي سفيرة المغرب بتشيلي وأيضًا بالحضور الوازن لكل من وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة وفوزي لقجع رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم... أعتقد، وبعيدًا عن كل مجاملة عابرة، أن ذلك الحضور الدبلوماسي والأكاديمي والجمهور المغربي قد ساعد أشبال الأطلس في تجاوز الضغوط النفسية والذهنية... فالفوز بكأس العالم ليس بالحدث الرياضي السهل المنال، والفوز على منتخب مارادونا وميسي هو دليل على قوة المنتخب المغربي وعلامة استحقاق كاملة... أقول هذا الكلام... لأن فوز منتخب الأرجنتين على إنجلترا سنة 1986 لم يكن رياضياً فقط بل كان سياسيًا واجتماعيًا... إذ سبقته الأحداث الخطيرة وحرب الفوكلاند... كما أن الشعب الأرجنتيني كان يمر من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة... لذلك كان الانتصار في تلك المباراة مسألة وجود أو عدم وجود... ونفس الشيء يقال عن أشبال الأطلس في مونديال تشيلي 2025 إذ تزامن مع ظروف مالية واقتصادية.. تهدد بانهيار الاقتصاد وإعلان إفلاس الأرجنتين... وانهيار حكومة الرئيس "خافيير ميلي" وحتى مع ضخ الولاياتالمتحدةالأمريكية لمبلغ 20 مليار دولار في البنك المركزي الأرجنتيني فلا تزال هناك تخوفات حول التوازنات الاقتصادية... لذلك كانت حاجة الأرجنتين للفوز على أشبال الأطلس في ليلة الأحد 19 أكتوبر... مهمة للتنفيس عن الشارع الأرجنتيني... أعتقد أن ممثلي الدبلوماسية والرياضة (بوريطة ولقجع والسفيرة كنزة الغالي) الحاضرين لمؤازرة أشبال الأطلس في مباراتهم ضد الأرجنتين بالعاصمة سانتياغو... لم تغب عنهم هذه القراءة... وحسنا فعلوا ذلك في وقت خصص فيه النظام العسكري الجزائري قنواته الإعلامية والعنكبوتية للنيل من الحالة النفسية والذهنية لأشبال المغرب... وهو ما جاء في الرسالة الملكية عقب فوز أشبال الأطلس بكأس العالم، بأن هذا التألق جاء "...ثمرة مباركة لثقتكم العالية بالنفس ولإيمانكم الراسخ بقدراتكم ومهاراتكم، ولما أبنتم عنه من روح التلاحم والانسجام، وأداء احترافي رائع طيلة أطوار هذه البطولة، حيث شرفتم بلدكم وشبابه أيما تشريف، ومثلتموه وقارتنا الإفريقية خير تمثيل.." فهنيئًا لأشبال الأطلس بكأس العالم نسخة تشيلي 2025 وهنيئًا للأمة المغربية العريقة والصامدة، ولا نامت أعين العملاء والحاقدين...