بدأت هذا الأسبوع أولى مراحل المشاورات المحلية لتصميم الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، في خطوة تُجسد مقاربة تشاركية غير مسبوقة، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى جعل التنمية أكثر عدلا وارتباطا بالواقع المعيشي للمواطنين. هذا المسار الذي تشرف عليه وزارة الداخلية عبر المديرية العامة للجماعات الترابية، يندرج في إطار تجديد شامل لآليات التخطيط التنموي على المستوى المحلي، ويهدف إلى بلورة مشاريع تنموية تستند إلى تشخيص دقيق للحاجيات الترابية، في أفق التنفيذ الفعلي لهذه البرامج مع مطلع سنة 2026. أقاليم تدخل دينامية التشاور شهد يوم الثلاثاء انطلاق الاجتماعات التشاورية في تسع عمالات هي: آسفي، تنغير، مكناس، أسا الزاك، العرائش، طاطا، سيدي بنور، بني ملال، وسلا. فيما تتواصل المشاورات غدا الأربعاء في كل من الناظور، اليوسفية، صفرو، مضيق الفنيدق، سيدي إفني، أكادير، سطات، والرباط. وتأتي هذه اللقاءات في سياق تعميم المشاورات على مجموع الأقاليم ال75 للمملكة، ما يعكس حجم الرهان على المقاربة المجالية كإطار لبناء سياسات عمومية أكثر نجاعة، تعزز التماسك المجتمعي، وتعيد الاعتبار لمناطق الهامش. وأعلن الوالي المدير العام للجماعات الترابية، جلول صمصم، أن المغرب مقبل على تحول نوعي في مقاربته للتنمية، من خلال الانتقال إلى برامج ترابية مندمجة تُصمَّم محليا، بدل السياسات القطاعية التي اتسمت أحيانا بالانفصال عن الواقع الترابي. وفي تصريح صحافي سابق أدلى به خلال مشاركته في ملتقى "MAP Town Hall،" الذي نظمته وكالة المغرب العربي للأنباء تحت شعار "تنمية ترابية مندمجة من أجل مغرب صاعد"، أشار صمصم إلى أن ميزة هذه البرامج تكمن في اعتمادها على مقاربة تشاركية تنطلق من الإنصات للمواطنين والفاعلين المحليين، ما يمنحها طابعا واقعيا واستباقيا. أدوات رقمية لتعزيز الشفافية والتتبع في سياق تعزيز الحكامة، أعلن صمصم عن قرب إطلاق منصة رقمية وطنية مخصصة لتتبع مشاريع التنمية الترابية، من مرحلة التصميم إلى التنفيذ، وستكون مفتوحة للعموم، ما يعزز من ثقافة الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. وأكد أن هذه المنصة ستمكن من تقييم مراحل الإنجاز، وضمان انخراط المواطن في تتبع المشاريع الممولة من المال العام، في انسجام مع روح دستور 2011 ومقتضيات الديمقراطية التشاركية. رهانات المرحلة: التخطيط المحلي كرافعة وطنية أمام التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب، تتزايد الحاجة إلى رؤية تنموية جديدة ترتكز على إشراك الفاعل المحلي بما يعزز من مرونة السياسات العمومية ويزيد من فعاليتها. ويُنتظر أن تفضي هذه المشاورات إلى إعداد برامج ترابية مبتكرة تراعي إمكانات كل منطقة، وتخلق التوازن بين الاستثمارات الكبرى والمشاريع ذات الطابع الاجتماعي والمجالي بما يُمكّن من توزيع ثمار التنمية بشكل عادل بين الجهات.