في مشهد أعاد إلى الواجهة إشكالية تدبير شبكات الصرف الصحي، عاشت ساكنة حي سعيد حجي بمدينة سلا، خلال الساعات الماضية، على وقع فيضانات مفاجئة تسببت في غرق عدد من الإقامات السكنية واختناق قنوات تصريف المياه، عقب تساقطات مطرية قوية عرفتها المنطقة. وقد أسفرت هذه الفيضانات عن خسائر مادية جسيمة، طالت على الخصوص عشرات السيارات بعد أن غمرت المياه الطوابق السفلية ومواقفها؛ ما خلف حالة من الاستياء والغضب وسط الساكنة، التي وجّهت انتقادات حادة إلى شركة "ريضال" بسبب ما اعتبرته غيابا للتدخل السريع وعدم القيام بعمليات استباقية لتنظيف مجاري المياه، رغم التحذيرات المتكررة الصادرة عن مصالح الأرصاد الجوية. وفي هذا السياق، قال كمال عبد العزيز، أحد ساكنة حي سعيد حجي والمتضررين من الفيضانات: "لقد غمرت المياه سيارتي بالكامل، ووصلت حتى مستوى عجلة القيادة، وليس الأمر مقتصرا عليّ وحدي، بل شمل صفّين كاملين من السيارات". ووضح عبد العزيز، ضمن تصريح لهسبريس، حجم الأضرار: "نعم، سياراتنا تضررت، وأنا حاليا متوقف في المكان وأبحث فقط عن شاحنة للجر من أجل نقل السيارة إلى محطة الغسل وإلى الميكانيكي". وأشار المتحدث إلى أن السبب الرئيسي لما وقع يعود إلى انسداد قنوات الصرف الصحي، قائلا: "القنوات مخنوقة وكان هناك تراكم الأزبال بشكل كبير. اتصلنا بالجهات المعنية وب"ريضال"؛ لكن لا أحد يجيب". وأكد المتضرر أن غياب التدخل الرسمي دفع الساكنة إلى التحرك بشكل فردي، موضحا: "خلال ليلة أمس، لم تأتِ أية جهة للتدخل، واضطررنا نحن إلى محاولة تنظيف القنوات بأنفسنا. فجميع القنوات مسدودة، والمياه تأتي من الأعلى، إضافة إلى وجود تدفق من جهة البحر". وتابع في السياق ذاته: "كل المياه تتجمع في نقطة واحدة، في قناة واحدة هنا، وعلى مستوى المدارة، حيث انسدت جميع القنوات بالكامل. اتصلنا مرارا وتكرارا؛ لكن دون أي استجابة". وعن مطالب الساكنة، شدد عبد العزيز على ضرورة التحرك العاجل، قائلا: "أما بخصوص مطالبنا كسكان، فنحن نطالب الجهات المعنية بالتحرك العاجل لمعالجة هذا الوضع غير المقبول، إذ يتم تحصيل الضرائب ورسوم النظافة، دون أن يواكب ذلك أي إصلاح حقيقي. وهذه هي المرة الثانية التي نقع فيها في نفس الوضع". وأوضح أن تكرار هذه المشاهد يزيد من معاناة السكان: "خلال أولى التساقطات المطرية لهذا الشهر تكرر المشهد ذاته، أما هذه المرة فالوضع كارثي ولا يُحتمل". كما لفت إلى أن الإشكال لا يقتصر على حي سعيد حجي فقط، قائلا: "كما أن المشكل لا يقتصر على هذا الحي فقط؛ بل يشمل أحياء أخرى، من بينها حي الأمل، وكل ذلك بسبب غياب إصلاح حقيقي لشبكات الصرف الصحي". في المقابل، قدّم عمر السنتيسي، رئيس المجلس الجماعي لمدينة سلا، رواية مغايرة بخصوص تدخل شركة "ريضال"، حيث أكد أنه "تم التدخل من لدن المصالح المعنية لشركة "ريضال""، لافتا إلى أنه "شخصيا بعين المكان". وأوضح السنتيسي، ضمن تصريح لهسبريس، أن الظروف المناخية لعبت دورا أساسيا فيما حدث، قائلا: "الأمطار لم تتوقف طيلة الليل، وكانت هناك بعض القنوات غير منظفة؛ مما أدى إلى اختناقها، وأظن أن الوضع عادي بسبب كمية الأمطار التي هطلت ليلة أمس". وأضاف رئيس المجلس الجماعي لمدينة سلا: "وقد تم الاتصال بي في وقت مبكر من صباح اليوم، حوالي الساعة السابعة، فتوجهت إلى عين المكان. وقمت بمعاينة الوضع ميدانيا، وتدخلت فرق "ريضال" لحل الوضع". وردا على سؤال حول عدم إنجاز الأشغال الاستباقية رغم صدور نشرات تحذيرية مسبقا، قال المسؤول الجماعي عينه: "الواقع يُظهر أن المصالح المختصة كانت بصدد تغطية القنوات خلال هذه الفترة، لا أدري إذا كان هناك خلل على مستوى حي سعيد حجي، أو إذا كانت بعض القنوات قد تُركت دون معالجة، فذلك أمر ستُحدده المعاينات اللاحقة". وأضاف السنتيسي في السياق نفسه: "وفي المرحلة الحالية، سيتم القيام بالإجراءات اللازمة من أجل الوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا الوضع". وبخصوص مدار واد الحار وقنوات تصريف مياه الأمطار، أكد رئيس المجلس الجماعي لمدينة سلا: "وفي ما يتعلق بمدار واد الحار وقنوات تصريف مياه الأمطار، فهي مهيأة بشكل جيد ولا تُسجَّل بها مشاكل تُذكر في الوقت الراهن". وختم السنتيسي تصريحه بالقول: "وعند استكمال المعاينات التقنية، سيتم تحديد طبيعة الإشكال بشكل دقيق". ويُعيد هذا الحادث النقاش مجددا حول نجاعة تدبير شبكات الصرف الصحي بمدينة سلا ومدى جاهزيتها لمواجهة التقلبات المناخية، خاصة في ظل تكرار الفيضانات وما تخلّفه من أضرار مادية ومعاناة يومية للساكنة.