تستمر الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة التجهيز والماء في "صورة التفاؤل" حول وضعية الموارد المائية المختزنة بالمملكة، إذ تَختم سنة 2025 آخر أيامها بتحسن ملموس وواضح يبعد، ولو ظرفيا، شبح سنوات الجفاف. وإلى غاية اليوم الأربعاء فإن نسبة الملء الإجمالية الحالية في طريقها لتسجيل 40 في المائة (39.28 في المائة تحديدا)، مستفيدة من أسابيع ممتدة من الاضطرابات الجوية، توزعت بين أمطار وثلوج عمّت معظم النصف الشمالي للبلاد. وب"زيادة" نحو 10.82 في المائة في المعدل الوطني للملء، مما يعكس "الأثر الإيجابي" للتساقطات المطرية والثلجية الأخيرة التي عرفتها البلاد–على الخصوص– خلال الشهرين الأخيرين من سنة 2025، تُنهي أيامها بآمال "عريضة"، بانتقال المخزون المائي من مرحلة "الحرج الشديد" إلى مرحلة "التعافي التدريجي". وكانت نسبة الملء في اليوم نفسه من العام 2024 عند مستوى لم يتعدّ 28.46 في المائة؛ فيما وصل الحجم الإجمالي الحالي: 6583.58 مليون متر مكعب من السعة الإجمالية للسدود البالغة 16762,51 مليون متر مكعب، حسب المنصة الرسمية "الما ديالنا". ويعد هذا التحسن الملحوظ الأول من نوعه، خلال سنة كاملة، بعد أن بلغت نسبة ملء حقينة السدود بالمغرب، يوم الاثنين 21 أبريل 2025، نسبة إجمالية قدرها 40.02 في المائة؛ ما يعادل حجما إجماليا قدرُه 6708.21 مليون متر مكعب (حينَها). من العجز إلى الوفرة حسب استقراء هسبريس لبيانات الوضعية اليومية للسدود، فإن الأحواض المائية تتوزع حسب وضعيتها إلى ثلاث فئات رئيسية. ويستمر حوضَا "أبي رقراق" و"اللوكوس" في خانة "الأحواض ذات الوضعية الجيدة جدا"؛ فبينما حقق الأول "طفرة نوعية" بانتقاله من 36.56 في المائة العام الماضي إلى 89.33 في المائة حاليا، فإن سد "سيدي محمد بن عبد الله" (المزود الرئيسي للرباط والدارالبيضاء الشمالية) وصل-لوحده- نسبة ملء متميزة 94.03 في المائة، اليوم الأربعاء. أما حوض اللوكوس، فيحافظ على استقراره بنسبة ملء 57.86 في المائة، مع وصول سدود عديدة فيه إلى طاقتها الاستيعابية القصوى (100 في المائة)؛ مثل سد شفشاون والنخلة. الفئة الثانية هي الأحواض ذات "الوضعية المتوسطة/المتحسنة"، وتبيّن أرقام مديرية البحث والتخطيط المائي أن حوض سبو يبلغ "نسبة ملء 48.48%"، مع بروز سد الوحدة (أكبر سد في المغرب) الذي استقبل كميات كبيرة ليصل إلى 50.70 في المائة (حوالي 1.78 مليار متر مكعب). أما "حوض تانسيفت" فسَجل تحسنا ملحوظا ليصل إلى 53.29 في المائة مقارنة ب 45.76 في المائة العام الماضي. وما زال حوض أم الربيع (وسط المملكة) في فئة "تحت الضغط المائي"؛ رغم تحسنه الطفيف (من 5.11 في المائة إلى 14.08 في المائة)؛ بينما سد المسيرة (ثاني أكبر سدود المغرب) يعيش وضعية حرجة بنسبة ملء لا تتجاوز 5.22 في المائة". أما "حوض سوس ماسة" فبصمَه إثر التساقطات الأخيرة تحسن "طفيف" ليصل 23.55 في المائة، وهي نسبة لا تزال "بعيدة عن تأمين الاحتياجات الفلاحية الكبرى" للمنطقة بشكل كامل. "سدود ال100%" توضح البيانات الرسمية أن 5 سدود وصلت إلى طاقتها القصوى؛ ثلاث منها في حوض اللوكوس، وهي سد النخلة وسد شفشاون وسد الشريف الإدريسي. إضافة إلى "سد على واد زا" (حوض ملوية) وسد بوهودة (حوض سبو). وإجمالا، فإن "تباينا جغرافيا" يُلاحظ من خلاله أن المناطق الشمالية والوسطى (أبو رقراق وسبو واللوكوس) تجاوزت مرحلة الخطر بشكل كبير؛ بينما لا تزال المناطق الجنوبية والشرقية (سوس ودرعة وأم الربيع) تعاني من "تبعات" سنوات الجفاف المتتالية. كما يستمر تحدي تأمين الماء الشروب؛ فالأرقام المسجلة في أحواض أبي رقراق وسبو تعني تأمينا مريحا للماء الشروب للمحاور الحضرية الكبرى (الرباط، سلا، الدارالبيضاء، القنيطرة، طنجة) لسنة 2026 على الأقل. وفي الشق الزراعي، ما زالت وضعية سد المسيرة (حوض أم الربيع) وسدود سوس ماسة تضع تحديات كبيرة أمام التخطيط للموسم الفلاحي الحالي والمقبل في سهول دكالة والحوز وسوس.