استدعاء المرشحين للخدمة العسكرية يرتكز على تحقيق المساواة والتوازن الترابي (مسؤول في الداخلية)    المكتب الوطني للسكك الحديدية يوضح أسباب اضطراب حركة القطارات صباح اليوم    ب130 مليار درهم.. "طاقة المغرب" تعلن عن شراكة استثمارية كبرى في الطاقة والمياه    ستيفان عزيز كي يعزز صفوف الوداد    تأجيل جلسة محاكمة المتهمين في قضية بدر بسبب غياب الشهود    الأبواب المفتوحة للأمن الوطني .. "رواق الفن" واجهة تبرز الإبداع الفني لدى نساء ورجال الشرطة    استنفار بإقليم وزان إثر نشوب حريق في غابة بريكشة    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    المهرجان الدولي لفن القفطان يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    بين الراب والإحساس.. "لواليدة" تكشف جانبًا جديدًا من أسلوب مصطفى قادري    تحركات وزارة الداخلية تفتح ملفات جماعية وتهدد مستقبل منتخبين    "درونات" الأمن الوطني.. استشراف ميداني للتهديدات الأمنية المعقدة    عطل تقني يشل حركة "البراق" ويعطّل رحلات المسافرين بين الدار البيضاء وطنجة    إيهاب أمير يطلق جديده الفني "انساني"    خبراء وإعلاميون وباحثون وأكاديميون يناقشون" مسؤولية الإعلام في صيانة التراث الثقافي والطبيعي الوطني"، في ندوة احتضنها بيت الصحافة بطنجة    مشاركة مكثفة في "خطوات النصر النسائية" ببن جرير    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    عصبة كرة القدم تطلب من إدارة أمل تيزنيت تقديم ملف الترشيح للمشاركة في القسم الثاني للنخبة    "الصحة العالمية": إسرائيل تمنع الطعام عمدا.. ومليونا فلسطيني يواجهون الموت جوعا    تشخيص جو بايدن بنوع "شرس" من سرطان البروستاتا وانتشار المرض إلى عظامه    وفد دولي رفيع المستوى يزور أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بالجديدة    مزراوي: "أتطلع للتتويج بالدوري الأوروبي واعتدت اللعب تحت الضغط"    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    امحمد الخليفة يروي ل"اليوم24" قصة مثيرة عن قانون يفرض ضريبة 5000 درهم على البارابول (حوار فيديو)    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    مدرب منتخب أقل من 20 سنة: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل    مرسيليا تحتفي بالثقافة الأمازيغية المغربية في معرض فني غير مسبوق    أعوان الحراسة والنظافة بزاكورة يحتجون رفضاً للهشاشة ويطالبون بالإدماج في الوظيفة العمومية    الرباط تستضيف أشغال الاجتماع الخامس للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين    22 قتيلاً في غارات إسرائيلية على غزة    مليونا شخص يتضورون جوعا في غزة    العلاقات المغربية السورية: بين مدّ قومي وجزر سياسي    سفارة الصين بالمغرب: فيديو الملك الراحل الحسن الثاني وهو يدافع عن الصين بالأمم المتحدة حصد أكثر من 100 ألف إعجاب خلال يومين فقط على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية    إكستازي وكوكايين وسرقة.. توقيف مروج خطير للمخدرات    تيزنيت : شركة نجمة سكن ترد على مقال "فضائح المشاريع السكنية بتيزنيت.."    تشديد شروط الهجرة: عقابٌ للمهاجرين أم تراجعٌ عن المبادئ؟    الذهب يرتفع وسط تراجع الدولار وتهديدات أمريكية بفرض رسوم جمركية    تأخيرات وإلغاءات.. الخطوط الملكية المغربية تحذر مسافريها من وإلى باريس أورلي    المغرب ‬يسعى ‬إلى زيادة ‬صادراته من ‬السيارات ‬نحو ‬مصر    وانطلق قطار المؤتمر الوطني الثاني عشر    أنشيلوتي: مودريتش سيقرر مصيره بهدوء.. وهذه نصيحتي لثلاثي المستقبل    مباريات السد.. السوالم يواجه أولمبيك الدشيرة والحسنية تلاقي رجاء بني ملال    العيش البيئي واقتصاد الكارثة    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    إيران ترفض اتهامات تجسس بريطانية    .    النصيري يسكت صافرات استهجان    ارتفاع حركة المسافرين بمطار الحسيمة بنسبة 19% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025    تقرير رسمي.. بايدن مصاب بسرطان البروستاتا "العنيف" مع انتشار للعظام    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    









السياسة تزعزع " بيت الشعر "
نشر في هسبريس يوم 14 - 01 - 2010

زوبعة ثقافية أخرى، تعصف بالمشهد الثقافي المغربي، بعد الزوبعة التي أثارها الانقلاب الذي قاده أربعة أعضاء من المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب ضد رئيسهم المنتخب عبد الحميد عقار. هذا الانقلاب الذي أدى إلى انقسام الكتاب المغاربة إلى قسمين، قسم مؤيد وقسم معارض.
جاء دور بيت الشعر الذي أسسه الشاعر المغربي محمد بنيس، المتوّج بعدد كبير من الجوائز العالمية والعربية، من بينها: جائزة سلطان العويس الثقافية.
بداية الحدث كانت في مطلع شهر أكتوبر من العام الماضي، حيث خصّ الشاعر محمد بنيس إحدى اليوميات الجزائرية بلقاء صحافي قال فيه: “لقد تقلص المشهد الثقافي المغربي وانطفأ بريقه فجأة، بانهيار مصداقية المؤسسات الحزبية التي أضحت بين ليلة وضحاها تتدخل في أدق التفاصيل الثقافية التي كنا، ولا زلنا، نحن المثقفين ننادي بأن تكون كل المؤسسات بعيدة عن رهانات وحسابات السياسة وأهلها. هذه الظروف خلقت مشهدا ثقافيا كثيرا ولكن تنقصه التعددية، التي تخلق فضاء تلتقي فيه ثقافة الحداثة بالثقافة الكلاسيكية بمنظور التحرر لا التقييد”.
أما الآن، يقول محمد بنيس، “فقد أصبحت هناك لغة أخرى في المشهد هي لغة السياسة. وللأسف هؤلاء السياسيون أتوا ليسيطروا على بيت الشعر، بطريقة اعتبرها، شخصيا، لا قانونية وغير أخلاقية... طريقة بمنطق خيانة الفكرة التي قامت عليها القصيدة، وأيضا العدوانية والحقد، وأنا بمجرد أن بدأت تقام هذه الأشياء لم أعد أتدخل في المشهد الثقافي المغربي ولم تعد تربطني به أي فكرة، لأنني لن أدافع عن أفكار لا أتبناها، لذلك فضلت الابتعاد عن المشهد نوعا ما كي لا أدخل في صراعات وعقلية ليست في مستوى الفكرة الشعرية، لذلك يمكنني اليوم أن أقول بعد كل هذا الصمت بأن بيت الشعر تنكر لي، وكأنه لم يعد يعرف اسمي الذي لم يعد يذكر فيه، وأنا أقول لهم الآن أيضا لا بأس فهذه هي الحياة الثقافية العربية... فهي لا زالت مريضة، وهذه الأمور لا تحدث إلا عندنا”.
ويقول محمد بنيس في رسالة مفتوحة إلى رئيس بيت الشعر في المغرب نجيب خداري: “انتظرت سنة كاملة قبل أن أوجه لك هذه الرسالة المفتوحة. أقصد سنة على تعيينك رئيساً ل”بيت الشعر في المغرب”، خلال اجتماع للهيئة تم في تاريخ 22 نوفمبر 2008 وأعلنت عنه جريدة “العلم” (التابعة لحزب الاستقلال) على صفحتها الأولى، في تاريخ 25 نوفمبر 2008. إعلان سياسي، يعني أن أحد أعضاء الحزب أصبح رئيساً لمؤسسة ثقافية، وهي تبارك هذا التعيين وتتبناه.
ويتابع: سنة إذن. قبلها كان حسن نجمي قرر الاستيلاء على “بيت الشعر في المغرب”، بمؤازرة أعضاء سياسيين، وقد رأى في هذه المؤسسة غنيمة لا توازيها غنيمة أخرى، بعد أن كنت عملت، مع جماعة من الأعضاء، من أهل الكرم والنبل، على أن تصبح هذه المؤسسة، في فترة محدودة من الزمن، منارة دولية للشعر والشعراء المغاربة، بل منارة يمكن للمغرب أن يفتخر بها. رئيس في جمع لا يحترم تقاليد “بيت الشعر في المغرب”. هي عودة السياسي لإخضاع الشعر والشاعر لتبعيته، وقد كانا تحررا من تلك التبعية على مدى سنوات. وبهذا كان لحسن نجمي ما أراد بكل يسر، بعد أن أصر، كما أصر الرئيس الأسبق، على عدم احترام توفر شروط عقد الجمع العام. فالمسألة الثقافية ليست بعد من الشأن العمومي، في مجتمع تسوده حداثة معطوبة، كما أن السلطة التي توفر عليها سياسيون تقدميون، في حكومة التناوب والحكومة الحالية، وضعت بين يدي حسن نجمي نفوذاً استغله لبلوغ غايته.
ويقول بنيس: كان هذا الاستيلاء على “بيت الشعر في المغرب” يعني خيانة فكرة “البيت”، بما هي فكرة حرة من أعباء لا شأن للشعراء بها، تهدف إلى حفظ كرامة الشعر والشعراء المغاربة، بعد أن كان اليتم مصير كل منهما. ذلك ما كان أكد عليه كل من “بيان التأسيس” و”الميثاق”. وتتمثل خيانة الفكرة في بث روح العداء بين الأعضاء بدلا من روح الصداقة والأخوة، وتحويل “البيت” إلى مكان مغلق على المكيدة والإلغاء بعد أن كان مكاناً للقاء والتضامن، مفتوحاً بدون أبواب على علاقة السلام من الإنسان إلى الإنسان أو علاقة يصاحب فيها الإنسان الكون، كما تقول ذلك أبيات الشاعر أبو الشمقمق (القرن الثاني للهجرة) التي كنا اخترناها، أصدقائي في المسؤولية وأنا، شعاراً لفكرة جديدة عن مؤسسة شعرية في المغرب.
على أن خيانة الفكرة تجسيد لما أسميه اليوم “الخوف من المعنى”. تسمية تدل على أن من واجب الشاعر أن يفكر في الألم الجماعي، ويحتضن الفكرة ويربط بينها وبين مسلكه في الكتابة والحياة والمقاومة. فمعنى “بيت الشعر في المغرب”، ومعنى الشعر والشاعر، يقوم على التعدد والاختلاف واللانهائي. من هنا أصبح هذا المعنى شبحاً يخيف كل من يرغم الآخرين على الاستسلام لانغلاق حقيقة السياسي، عندما تكون امتداداً لحقيقة الديني، لحقيقة المعنى الواحد الذي لا يتعدد. بين المعنى المتعدد والمعنى الذي لا يتعدد حفرة تظل حفرة على الدوام. توضيح من الضروري أن نعود كل مرة إليه. وهو يفيد أن المشكل، حسب هذه الرؤية، لا يوجد مع السياسي مطلقاً، بل مع من يفرضون الرقابة على حقيقة السياسي فيجعلونها لا تقبل التعدد، الاختلاف، اللانهائي، من يحصرون السياسي في استحواذهم على الحق في التقاسم، من يستغلون السياسي لهيمنتهم واستبدادهم. فيما الضرورة تفترض أن العلاقة يجب أن تكون عكسية، أي أن يستنير السياسي بالشعري الذي فضاؤه هو تعدد المعنى واختلافه ولا نهائيته. إنها الوديعة التي نستقيها من تاريخ الشعر العربي والشعر الإنساني، وهما يتآخيان في كسر طوق كل انغلاق يلغي الشعر ويمحق الشعراء، أو يغذي الحقد والكراهية. والخوف من المعنى خوف من حرية هي تعدد المعنى، ومن مغامرة هي إبداع الذات والمصير. لأن معنى “بيت الشعر في المغرب” ومعنى الشعر ومعنى الشاعر، رحيل إلى زمن شعري مغاير، عنوانه الأكبر هو التحرر من المغلق، الواحد، الذي يصد الشعراء المغاربة عن إبداع حوار شعري مع مجتمعهم ومع العالم.
كانت النتيجة الفورية، للخوف من المعنى، هي تنفيذ الإعدام المدني في حقي، بمباركة من الرئيس الأسبق وأعضاء كانوا، كغيرهم، من أقرب الناس إلى نفسي، ولكنهم نفذوا الأمر بعد بيع حريتهم مقابل مناصب وعطايا أصبح بعضهم يتمتع بها والآخر ينتظرها. نفذوا الحكم، خوفاً من المعنى الذي كنت أقاوم، مع غيري، من أجل المحافظة عليه. شطبوا على اسمي في أنشطة وخطابات ومنشورات “بيت الشعر في المغرب”. وضعوا كل ما قمت به وما أنجزته (وأنجزه) في مزبلة وأحرقوه، حتى لا يبقى أثر. وفي محافلهم اختاروا الكذب، كل مرة، على من يسأل عني. لا تغيب عن ذهني أسماء شعراء وكتاب أحرار كان لهم المصير نفسه، عبر التاريخ، كما لا يغيب عن ذهني ما عانيت منه في “اتحاد كتاب المغرب” بسبب رفضي (وفضحي) تبعية الثقافي للسياسي.
والسبب المباشر لانتقام كهذا هو إبداء رأيي، كعادتي، بحرية وصراحة، أثناء اجتماع للهيئة، تحفظت فيه على التسرع في اختيار حسن نجمي مرشحاً لرئاسة “بيت الشعر في المغرب”. فهو كان، من جهة، يبحث عن عمل ولا يعرف أين سيستقر به العمل الجديد؛ وكان “البيت”، من جهة ثانية، يعاني من بُعد الرئيس الأسبق في فاس عن مدينة الدار البيضاء، التي هي المقر الرسمي والمدينة الرمزية. وإعادة الحيوية إلى “البيت” كانت تتطلب، من بين ما تتطلب، اقتراح اسم نضمن إقامته قريباً من المقر، بين الدار البيضاء والرباط. أيدني، ظاهرياً، جميع الأعضاء الحاضرين (وأحتفظ بالبقية للوقت المناسب). لكن الاجتماع القانوني لم يعد هو مكان الرأي والاختيار. كان مجرد إبداء رأيي (وتحفظي) في اجتماع لم يحضره حسن نجمي، مثلما لم يحضر اجتماعات سابقة، كافياً لأن يعثر فيه على الذريعة المباشرة لإصدار حكم الإعدام المدني علي، بدون محاكمة، تجسيداً للخوف من المعنى.
أما الشاعر ورئيس بيت الشعر الحالي، نجيب خداري فيقول في تصريح له ردا على تصريحات محمد بنيس، إن الرسالة: “لا تستند على أي أساس، وأعتبرها مجرد تصريحات مزاجية، وأن بيت الشعر لم يتنكر للشاعر ما دام لا زال يواصل ويطور ما قدمه بنيس لهذا البيت في فترة رئاسته له. وكان خداري قد تساءل: “لم لا يتحدث إلينا بنيس بدل اختياره لهذا السلوك؟”.
“رسالة محمد بنيس تتضمن الكثير من الأشياء التي تحتاج إلى التصحيح والتدقيق”، يقول خداري ويضيف: “أعترف بحزني وألمي بمضمون هذه الرسالة وإشارتها، وأفضل أن أحيلها على إخوتي في الهيئة التنفيذية لبيت الشعر في المغرب. لتقرأ بإصغاء واهتمام، ويهمني أن أؤكد أنني لم أعهد في كل مسؤولياتي الثقافية الإقصاء والعزل، بل كنت وما أزال من أكثر المحاربين لهذين السلوكين المشينين، ولأنني لست مفردا في بيت الشعر المغربي، فإنني أستحسن أن تكون الإجابة عن الرسالة باسم المؤسسة".
*الاتحاد الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.