بروكسيل تنضم إلى العواصم الأوروبية المؤيدة لمغربية الصحراء    الانخفاض يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    المؤسسات والمقاولات العمومية: استثمارات متوقعة لعام 2026 تقارب 180 مليار درهم    "ولدي شرا لينا الدار".. تصريحات والدة فؤاد الزهواني تلامس قلوب المغاربة    تييري هنري يرشح المغرب للمنافسة على لقب كأس العالم 2026    كيوسك الخميس | وزارة الداخلية تطلق ورش رقمنة سجلات الحالة المدنية    عراقة الماضي وحداثة الحاضر تضع الرباط في صدارة الوجهات السياحية العالمية    ثلاث قتيلات ومصابات في انقلاب سيارة ضواحي أزيلال    وفاة الفنان المغربي الكبير محمد الرزين عن عمر يناهز 79 سنة    بروكسل تقرض القاهرة 4 ملايير يورو    التجويع يفرز عواقب وخيمة بقطاع غزة    عناصر الأمن الإيرلندي ترشق بالحجارة في دبلن    أخرباش: التضليل الإعلامي يتصاعد    غوتيريش يستعجل حل قضية الصحراء    استفتاء في ميونخ بشأن استضافة الألعاب الأولمبية    أكاديمية محمد السادس تراكم النجاحات    تتويج منتخب "الأشبال" بالمونديال .. حين يلتقي اللعب بالجد والوطن بالحلم    مصادر أممية تتوقع تقليص ولاية بعثة "المينورسو" في الصحراء المغربية    الطاقات المتجددة تتصدر "استثمارات 2026" بالمغرب .. البنيات تُؤمن الإمدادات    التعاونيات تبرز أصالة وجودة المنتوج المغربي بمعرض أبوظبي للأغذية    توقعات طقس اليوم الخميس بالمغرب    القنصلية الإيطالية تحذر من النصابين    سكان أكفاي يطالبون بمنتزه ترفيهي    الرباط ضمن أفضل 5 وجهات عالمية    الملك: مطاع فنان قدير وقامة مبدعة    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    نجاحات كرة القدم المغربية، ثمرة رؤية ملكية متبصرة (وسائل اعلام صينية)    الملك محمد السادس يواسي أسرة المرحوم الفنان عبد القادر مطاع    الأمين العام للأمم المتحدة يوصي بتمديد ولاية المينورسو    دوري أبطال أوروبا.. ريال مدريد ينجو من فخ يوفنتوس وبايرن يبدع وليفربول ينتفض    الملك يبعث برقية تهنئة مختصرة إلى إدريس لشكر في صيغة بروتوكولية مغايرة للبرقيات السابقة    استقبال شعبي جماهيري بالرباط ل"أشبال الأطلس" أبطال العالم لأقل من 20 سنة    Mocci يكشف عن أغنيته الجديدة "Tes7arni" بين العاطفة والقوة    رئيس النيابة العامة: ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وشفافية التدبير مدخل أساسي لتحقيق التنمية المستدامة    محكمة العدل الدولية تقول إن إسرائيل لم تثبت أن بعض موظفي الأونروا أعضاء في حماس    مصرع شخصين وإصابة اثنين آخرين بجروح في انهيار منزل بالمدينة القديمة بالدار البيضاء    تراجع أسعار بعض الخضر واستقرار الفواكه بسوق الجملة بالدار البيضاء    مشروع قانون المالية 2026 يسعى لتحصيل مزيد من الضرائب دون تخفيف كلفة المعيشة    تقرير يسجل ارتفاع معدل التضخم مقارنة ب2024    دار الراوي تحتفي برواية «حساء بمذاق الورد» للكاتب سعيد منتسب    في الذكرى80 لرحيل الشاعر العراقي معروف الرصافي    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    "الجوائز الكاف".. بونو والمحمدي ينافسان على جائزة أفضل حارس أفريقي    التنافس يطبع نهائيات "تحدي القراءة"    تكريم "جمال سليمان" وعروض أولى وخاصة بمهرجان الدوحة السينمائي    الملك محمد السادس يأذن بنشر فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة    منح جائزة سخاروف لصحافيين مسجونين في بيلاروس وجورجيا    الدار البيضاء: تدخل أمني سريع يضع حدًا لشغب كروي خلف عاهة مستديمة    الإمارات: طبعنا العلاقات مع إسرائيل لتغيير طريقة التفكير في المنطقة    متحف اللوفر في باريس يعيد فتح أبوابه أمام الجمهور ثلاثة أيام بعد تعرضه لعملية سطو    فنانون من 12 دولة يثرون الدورة 14 لمهرجان العرائش الدولي    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدث بسيط بدلالات مركبة
نشر في هسبريس يوم 19 - 04 - 2014

يتمثل الحدث البسيط في إرادة النائبة البرلمانية فاطمة تاباعمرانت في تفعيل المادة الخامسة من الدستور بشكل فردي، من خلال التعبير عن إرادتها في أن تكتب إسم من تفضل ليكون رئيسا لمجلس النواب بالأمازيغية وبحرف تيفيناغ. بداية التركيب تبدأ إذن من التساؤل عن مشروعية التفعيل الفردي لمواد الدستور؟
الجواب البسيط (بمعنى البداهة) هو نعم. أما التركيب الأول فيتكون من دلالتين: الأول هو أن الدستور يضمن الحريات الفردية والثاني هو أن الديمقراطية (ولا حاجة منطقية ولا سياسية لنعت الحقيقية، لأنها فقط ديمقراطية أو غير ديمقراطية) تجعل من واجب كل مواطن (وليس فقط البرلمانية، والنوع هنا مقصود لذاته) أن يحمي القانون الذي يكرس الحقوق، ويطالب بوضع حد للمارسات الخارجة عن نطاق القانون، ولو كان مصدرها البرلماني (والنوع هنا أيضا مقصود لذاته).
أما التركيب الثاني فيتجلى في أن رئيس الجلسة اقترح على النائبة، أي «أختا لا تعرف العربية» من نواب الأمة، أن يبحث لها عن من يكتب لها إسم الذي اختارته بالعربية. وهو بذلك اقترح للحدث البسيط حلا، لكنه عقده من حيث لا أو (لا يمكن) أن يدري:
أولا: إذا استطاعت النائبة البرلمانية أن تحصل على ثقة المصوتين الذين تتحدث بإسمهم في المجلس، فهي من باب أولى أدرى بالإمكانيات المتاحة لها، لأن تحتضن تلميذا في السنة الأولى ابتدائي ليكتب لها إسم علم؛
ثانيا: ما هي الأسباب الوطنية التي جعلت من الرئيس أن لا يتنبه إلى أنه «الأخ الذي لا يعرف الأمازيغية»، علما أن الأخت تعرف العربية وتعتز بالأمازيغية. ولو أعطانا الرئيس القدوة في معرفته بالأمازيغة واعتزازه بالعربية، لبدأنا السبيل إلى معرفة الأمازيغية والعربية والاعتزاز بهما على قدم المساواة؛
ثالثا: إن احتمال تصور إمكانية تقديم المساعدة لنائبة برلمانية بهذا الشكل يعني أننا أما ثنائية الراشد والقاصر: الراشد الذي يعرف كتابة إسم علم بالعربية ولا يحتاج لمن يساعده فهو منتهى الكمال (أتم من أمريكا وروسيا والاتحاد الأوربي دون ذكر اليابان والصين وكوريا)، في مقابل القاصر الذي صدق الفصل الخامس من الدستور (في حضرة التشريع) لذلك وجبت مساعدته (يعني مساعدتها). وكأن الرئيس يجتهد ديداكتيكيا لتوضيح الفرق بين (تظل) و(تعد...أيضا). والأكيد أننا الآن قدر خرجنا من المعقول ووضعنا الرجل اليمنى في مبحث (taqbbadt ثاقباط)؛
رابعا وليس أخيرا: إذا اعتبرنا أن رئيس الجلسة هو الأكبر سنا، أي الوارث الأفضل لأشكال التمييز التي راجت في الفكر السياسي المغربي في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ألا يمكن أن نجد في أحد نوابه الأصغر سنا حلا يتناسب مع قيم المساواة المحترمة حاليا، والتي تفهم مقاصد النائبة المتمثلة في الإشارة إلى وضعية غير سوية: منتصف الولاية السياسية دون قوانين تنظيمية تفعل الطابع الرسمي للأمازيغية، دون قانون تنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة، دون سياسة لحماية الأمازيغة ودون استراتيجية للنهوض بها.
إن الدلالات المركبة للحدث تتجلى، بالمعنى الاعتباري، في عدم قدرة بعض النواب على التعامل مع مبادرات النائبة مع نواب ونائبات أخريات في الإفصاح بالأمازيغة، علما أن الأكيد هو أن بجانب النائب الذي لا يفهم الأمازيغية (دون أن يطلب بل يفرض على السلطة التنفيذية أن يتعلمها لأنها من مكوناته وهو ناقص "وطنيا" دونها) نائب على يمينه (بالمعنى الطوبولوجي) يستطيع أن يلخص له ما تم الإفصاح عنه بالأمازيغية ونائب آخر على يساره (بالمعنيين الطوبولوجي والسياسي) يمكن أن يشرح له منطوق ما تم الإفصاح عنه. لكن التفكير السياسي المفارق للدستور (وهو ما نراه في النقل المباشر الذي يأخذ من إذاعة "اللهجات" سويعاتها المحدودة) يأبى إلا أن يخرج من رحم المشكل مشاكل وإشكاليات وتشكلات واستشكالات تساهم بفعالية في تقتيل الأمازيغية لغة وحضارة ، «باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء».
ليس من السهل، في ضوء بساطة هذا التركيب وتركيب هذه البساطة، فهم الموضوع الذي التأم من أجله نواب الأمة، أي فهم دلالات انتخاب رئيس مجلس النواب، لأن تفاصيل الممارسات تريد أن تقنعنا بأننا (أوت out) وأبعد ما نكون عن الديمقراطية. إن تدبير الأمور النبيلة يؤسس على الحنكة في تدبير التفاصيل، لأن النبل المطلق ليس إلا سعيا غير محمود ل«تضويخ» الأمة.
إن أكبر تبسيط لهذا المركب هو ملاحظة، بامتعاض شديد، كيف يلعب اللاعبون السياسيون لعبا صغيرا وبعقليات يتناسل فيها الاستبداد والتمييز والاحتقار، عموديا وأفقيا، تحت مظلة دستورية خصصت بابا كاملا للحقوق. وعلى من كتقرا زبورك ياداود؟ عفوا يا منطق 2014 فالصغار لا يمكن أن ينجزوا إلا ما هو أصغر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.