انطلاق المؤتمر الوطني 12 بحضور وطني ودولي وازن وجماهيري مكثف في الجلسة الافتتاحية    "تناقضات Z" تغضب "شباب الشرق"    شركة يابانية تختار تطوان لبناء مصنع ضخم للسجائر    جشع الباعة بالتقسيط ينفخ أسعار "اللحوم البرازيلية" في مجازر المغرب    فتح: حماس تتجاهل آلام الفلسطينيين    الوداد يكمل الاستعداد للتنافس بأكرا    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    إدانة ثلاثة صيادين من بليونش بسبب صيد التونة الحمراء    "مرحبا بيك" تنشط مونديال الفتيات    أشبال الأطلس في موعد مع التاريخ أمام الأرجنتين لانتزاع المجد العالمي    الصعود عنوانا    المحكمة "الجنائية الدولية" تؤيد مجددا مذكرات توقيف مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت    فتح بحث قضائي لتحديد ظروف وملابسات وخلفيات إقدام موظف شرطة على محاولة الانتحار    الهندسة رافعة التنمية... سودو يؤكد أن المهندس المغربي في قلب مشروع مغرب 2030    بميزانية 42 مليار يورو.. أوروبا توجه برنامج "إيراسموس" نحو المغرب وباقي الدول المغاربية    الفنان فؤاد عبدالواحد يطلق أحدث أعماله الفنية    خريبكة تحتضن الدورة 16 للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمشاركة دولية ومحلية واسعة    انتقاء أفلام المهرجان الوطني للفيلم.. جدلية الاستقلالية والتمويل في السينما    ارتفاع المداخيل الجبائية إلى 258 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    البرلمان الياباني يصوت الثلاثاء المقبل لاختيار رئيس وزراء جديد    نهضة بركان يواجه بيراميدز بطموح حصد لقب كأس السوبر الأفريقي للمرة الثانية في تاريخه    محلل برازيلي: المغرب يتوفر على فريق قادر على التتويج بلقب كأس العالم لأقل من 20 سنة    بالصور.. مدرسة سيدي عبدالله الإيكولوجية تخلد اليوم العالمي للتغذية    وفاة العالم الصيني تشن نينغ يانغ عن 103 أعوام.. أحد أبرز عقول الفيزياء الحديثة    الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية    المخطط الخماسي الجديد للصين: الأولوية للابتكار في مواجهة القيود الأمريكية    إصابة تلميذ في حادث دهس بالترامواي بعين السبع الحي المحمدي    الدفاع المدني ينعى 9 أشخاص في غزة    واشنطن تسمح بزيادة إنتاج "بوينغ 737 ماكس"    "الاتحاد الاشتراكي" من الانتخاب إلى التمديد.. لشكر يمدد لنفسه لولاية رابعة في ظل تراجع قاعدة الحزب وتزايد الانتقادات لقيادته    "جيل زد الأمازيغي" يعلن التمسك بقرار الانسحاب ويرفض "الوصاية الفكرية"    باحث روسي: مؤشرات الاقتصاد المغربي تؤهله لشراكة استراتيجية مع موسكو    الإحصاء المدرسي ينطلق في المغرب    مشروع "ميهادرين" الإسرائيلي لإنتاج الأفوكادو بالمغرب يثير جدلاً وسط أزمة المياه وتزايد الدعوات لوقف التطبيع    بالقاضية.. حمزة رشيد يحقق أول فوز له في السلسلة العالمية للمواي طاي    ذكريات دوري الأضواء حاضرة في قمة مولودية وجدة والمغرب التطواني    لشكر يواصل قيادة الاتحاد الاشتراكي    "الحال" يفتتح فعاليات الدورة 25 من المهرجان الوطني للفيلم في طنجة    وفاة الفيزيائي تشين نينج يانج الفائز بجائزة نوبل    مغينية: فارق السن والخبرة أثر في النتيجة لكن الأداء كان مشرفا    المنتخب المغربي للفتيات ينهزم أمام البرازيل بثلاثية في مستهل مشاركته في كأس العالم    الدرك الملكي بالجديدة يلقي القبض على شخصين قاما بالتبليغ عن عملية سطو مفبركة    غموض لافت في مشروع قرار مجلس الأمن حول الصحراء: بين دعم الحكم الذاتي وضمان حق تقرير المصير    المصادقة على 344 مشروعا بالشمال    توقيع اتفاق جديد للتعاون في مجال الصيد البحري بين المغرب وروسيا    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    وفاة والدة الفنانة لطيفة رأفت بعد معاناة مع المرض    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكوميك البرلماني الصادم
نشر في هسبريس يوم 21 - 05 - 2014

طالما ظلت البرلمانات مدارس حقيقية للتربية والتكوين على الديمقراطية وفضاء لممارسة ثقافة الاختلاف ومجال خصب لتبلور الأفكار والآراء والبدائل والنقاشات السياسية/البرلمانية حول مجمل مشاكل السياسات العمومية ،حيث المطارحات الفكرية والإيديولوجية تجد طريقها إلى آذان الجمهور المتتبع والتي تروي عطشه الفكري والمعرفي وتأتي به إلى مقام التفقه السياسي واكتساب المعرفة ،والتي تساهم إلى حد كبير في بناء "تثاقف برلماني مجتمعي" يمد جسور التواصل أكثر مع صناع القرار البرلماني بجانبيه التشريعي والرقابي،وغالبا ما يعبر البرلماني عن نضج سياسي راقي يضع في حسبانه تيمة أنه ممثل الأمة ،وعليه فإن أقاويله وأحاديثه وجدالاته مسموعة وسلوكياته وأفعاله منظورة ،وفي حرص شديد والتزام أكيد في الحفاظ على صورة البرلمان لدى الرأي العام حتى لا تضيع هيبة البرلمان في أعين الناس ويفقدون مسلكا يعبر عن شجونهم وانشغالاتهم ،فالبرلماني هو من يصنع البرلمان الجيد بفعل تعبيرات سلوكية جيدة ،وغير ذلك من السلوكيات المعيبة سائرة به إلى الهلاك والتهلكة.
إنها حقيقة تكسرت على واقع البرلمان المغربي ولم تجد لها موطأ قدم أو موضع للبروز والظهور بفعل "ماركات برلمانية مغربية مسجلة"،كيدها عظيم على وقع الممارسة البرلمانية لا تألوا جهدا في تبخيس وتنحيس وتنكيس أعلام سمعته.
فالبرلماني المغربي واقع في المحظور أخلاقيا وسياسيا ،ورابض في مقام تنفير الناس منه وبنوع من الإيغال ،وتبخيس الفعل والممارسة في ظل كثرة السب والقذف واستفحال الكلام النابي ،والشقاق والنفاق ولزوم تقويم الاعوجاج مغيب بفعل اختلالات سوسيو_ نفسية ، تمادت في مفعوليتها وفعاليتها ،أبطالها أهل دار البرلمان ومن سكنوه عنوة وأرادوه ملكية خاصة.
فالحراك البرلماني ما بعد دستور 2011،أصبح مقرون أكثر بالعراك والعويل والضجيج وهرطقات ما بعدها هرطقات، يزداد معها سقم البرلمان وعلته،وتضيع صنوف الآمال وتنغرس الآلام في نفوس العباد نتيجة تكلس الفعل البرلماني وتكدس العاهات،حيث مكنات التشريع تضيع ومعاول الرقابة ترتكس وتنحبس.
إن البرلمان المغربي من خلال مشهديته وخطابه يقدم نوع من الكوميديا السوداء، أو بمعنى آخر "الكوميك البرلماني الصادم" أو "التراجيكوميدي البرلماني" الذي يعري واقع الوعي البرلماني ويكشف فداحة زيفه وانحطاطه في كثير من الأحيان،نتيجة الإفراط في السخرية والضحك وجملة من التناقضات ،وهي كوميديا تبين حجم المفارقات في القيم والسلوكيات المؤطرة للعمل البرلماني ،وفي تغييب قسري لحدود المعقول البرلماني وعقلانيته، وفي انتهاك صارخ لقيم العمل البرلماني النبيل الذي يبتغي جسامة التضحيات وتوافر الإرادة الحقيقية، بما تفرضه من التزام مضني بالمسؤوليات والواجبات.
فالفعل التداولي البرلماني ينحو أكثر نحو سوق ونسج تعابير وألفاظ فجة تنزلق في كثير من الأحيان في مطبات وأغلال السوقية والاستثمار في العبث والعدم ،حيث تخرج عن المألوف البرلماني المعمول به في البرلمانات الراقية المقارنة،والإخراج البرلماني هاهنا يعتمد بالأساس على الأداء المزيف والمفتعل،وشخوص مكشوفة لا تحسن التمثيل ولعب الأدوار،حيث لا يملك المواطن إلا الضحك للهروب والتواري ولتفريغ الشحنات السلبية التي يتلقفها من هذا المصاب البرلماني،وهو يحمل في نفسه غصة من الألم نتيجة هذا الواقع البرلماني المرضي الذي يتمنع على الإصلاح والتصويب والتقويم.
فهذه "المسرحة الرديئة" للبرلمان تعبر عن حجم النواقص وأوجه القصور في الحياة الداخلية للبرلمان بكل تفاعلاته واعتمالاته، وتدل على حجم الضياع البرلماني والحكومي، أيضا باعتباره احد طرفي المعادلة في هذه الكوميديا السوداء التي تزداد سوداوية وتشاؤما بخصوص إمكانية حدوث الفرج وانفراج الهموم وانفكاك الغم البرلماني،خاصة وان "الكل البرلماني" ماض في عبثه وعدميته،والمواطن مزروع في غياهب الإحساس باللاجدوى والعدمية والعبث المزمن والركين.
فلغة البرلمان سواء من خلال البرلمانيين وأعضاء الحكومة وتفاعلاتهم سائبة إلى حد لا يطاق ولم تنفع معها حتى مضامين مدونة السلوك التي تحتويها أضلع النظام الداخلي ودخلت في معالم المحرمات أخلاقيا،بما يستتبع ذلك من خدش للحياء العام والآداب العامة.
والمشكل في ذلك بدرجة أولى طغيان أنوي' الذات واستغراقها في صراعات شخصية لا طائل منها ولا تساهم إلا في إطالة أمد تأزيم البرلمان وتجريده من كل المقومات الممكنة لتطويره ،فعندما يكون التناطح والصراع يحوم حول مشاكل المواطن وتشتد جذوتها ،فذلك ليس بمشكل ،لكن عندما يكثر الزيغ عن المأمول وتشحذ كل الاسلحة اللغوية المشروعة وغير المشروعة للمواجهات الموجهة للصراعات الحزبية والشخصية الضيقة،فذلكم هو الوباء والوبال.
وأمام هذا الاستعصاء القائم متى يصنع البرلمان المغربي الحدث بمضامين ايجابية تخدم رهانات المواطن بالدرجة الأولى ويحدث قطيعة مفصلية مع هذه الكوميديا السوداء التي جفت بها الآمال والتطلعات المجتمعية ؟ نعم لم يعد للبرلمان لا طعم ولا رائحة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.