دعت شخصيات وطنية جزائرية معارضة للسلطة، والتي تتكون من رؤساء سابقين للحكومة، وكذا بعض الأحزاب السياسية التي تعهدت بنهج المعارضة والدفع في اتجاه "التغيير" من أجل "الاستمرارية" إلى دعم الجيش خلال المرحلة الراهنة وتقويته، حيث طالبت تدخلات المشاركين في ندوة الانتقال الديمقراطي والتي أشرفت على تنظيمها "التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي" ب"دعم الجيش وتقويته كي يبقى داعما للدولة وليس للحكومة". وأجمع المتدخلون، ضمن تكتل المعارضة الذي يضم أحزابا إسلامية، بما فيها جبهة الإنقاذ المنحلة، وأحزابا يسارية وعلمانية، ضمن الندوة التي عقدت، أمس، بفندق مازفران بالجزائر العاصمة على "ضرورة رحيل النظام بسبب أنه بلغ درجة كبيرة من الترهل". رؤساء حكومات سابقة معارضون أحمد بن بيتور، رئيس الحكومة الأسبق، اعتبر في كلمته الافتتاحية، أن التنسيقية وصلت إلى قناعة راسخة فرضتها تحديات حقيقية، تمر بها البلاد ومعني بها كل الجزائريين، هدفها إنقاذ الأمة. وعن أهداف تنسيقية المعارضة، كشف رئيس الحكومة الأسبق أن الهدف نابع من تخوفات التنسيقية طبقا لأرضيتها ب"بلوغ البلاد مرحلة الانهيار في حاضرها ومستقبلها، لذلك ندوتنا رسالة للنضال السلمي، تكتسي أولوية الشعور بالخطر المحدق بالأمة، وعليه جاءت اقتراحاتنا لتحقيق التغيير يقوم على الحل السياسي لتخليص البلاد من الأزمة". مولود حمروش، رئيس حكومة سابق، اعتبر أن ندوة الانتقال الديمقراطي مناسبة لاجتماع جميع الأطياف السياسية على طاولة واحدة بعد ربع قرن من القطيعة. مضيفا في معرض مداخلته أن معاينة الوضع الحالي لا ينبغي فيه العودة إلى الوراء سواء لاستحضار الحصيلة أو العتاب، ف"الجزائر وشعبها بحاجة إلى حل مشاكلهم التي تعتبر مشاكل الغد وجزائر الغد". ووجه حمروش سهام نقده إلى الحكومة التي وصفها بأنها لا تقبل النقد ولا المساءلة ولا إسقاطها سواء من الأحزاب السياسة أو من البرلمان بغرفتيه، ناهيك على أنها "لا تملك قاعدة اجتماعية وسياسية ولا يساندها أي حزب حتى من الموالاة، فقاعدتها الوحيدة هي الجيش، وهنا تكمن الخطورة، فالجيش ملزم بأن يبقى ويتقوى كداعم للدولة وليس للحكومة". وأكد رئيس الحكومة الأسبق أن الندوة ستشكل تعددية ثانية سيتم التأريخ لها منذ اليوم بعد التعددية الثانية التي شهدتها البلاد عام 1989. فالتعددية الثانية "تندد بانسداد كامل وعجز المؤسسات واستمرار فلول الإرهاب والعنف وهي ظواهر ما تزال قائمة". من جهته، اعتبر علي بن فليس، رئيس الحكومة الأسبق كذلك، أن "ندوة الانتقال الديمقراطي تكتسي من وجهة نظرنا أهمية خاصة، ونحن مقتنعون تمام القناعة بأنه ستأخذ كل مكانتها في تاريخ حياتنا السياسية". وشدد بن فليس على أن لقاء المعارضة أنشأ حركية التلاقي بين القوى السياسية المشكلة للمعارضة، فهذا التلاقي، حسب رأيه، أصبح يمثل "إطارا تكون فيه المعارضة قوة اقتراح حقيقية، قادرة على الإسهام في حل الأزمة السياسية وحالة الانسداد المؤسساتي التي تعيشها بلادنا في الوقت الراهن". إسلاميون معارضون عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، وهو حزب له إيديولوجيا إخوانية، شدد على أهمية الندوة التي ساهمت في اجتماع المعارضة وتكتلها على هذا النحو من "التنوع وهذا المستوى الكبير، لكسر مسلمة تفرق الطبقة السياسية التي عاش في ظلها الفساد وسوء التدبير طويلا"” ووصف مقري الندوة باليوم "التاريخي وبالغ الأهمية من عدّة وجوه، فهو أهم من حيث نوعية ورمزية الحضور في الاجتماع الذي يشمل شخصيات سياسية مرموقة وقادة أحزاب ومنظمات فاعلة، رافضة للوضع الراهن وتواقة للإصلاح والتغير". وأفاد رئيس "حمس" بأن "الندوة هدفها التشاور للانتقال من نظام مغلق إلى نظام سياسي ديمقراطي يفتح الآفاق للجميع، وعملنا في التنسيقية على الاحتفاظ ببرامجنا لأنفسنا، فلم توجد هناك أية اختلافات على برنامج الندوة، لتكون انطلاقة للحاق بركب أمم الحريات والحقوق والمساواة أمام القانون، وبروز عهد جديد دون تزوير وقلب الحقائق". أما عبد الله جاب الله، رئيس حزب العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، فطالب الجيش الجزائري "بتبني مطلب المعارضة وأن يستفيق أبناء المؤسسة العسكرية من ممارسات الماضي" لأنه بعد ربع قرن من الانفتاح، ما يزال النظام يستخف بالنخب ويتعامل معها بمنطق لا أريكم إلا ما أرى". وقال جاب الله إن الإصلاح يجب أن يكون "شاملا وعميقا على الحلول التي تحقق دولة أول نونبر، وتكرس مبدأ كون الشعب هو من يملك السلطة والثروة". وحضر عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والذي مثله الشيخ علي جدي، بدل الشيخ علي بن حاج الذي حضر اللقاء ولم يمكت وقتا طويلا حيث غادر القاعة بسبب "حضور الأجهزة الأمنية بلباس مدني"، حسب ما صرح به لهسبريس. ابن جدو اقترح مجلسا انتقاليا للاتفاق على مرشح للرئاسة، وهو ما يعني، حسب رأي الشيخ علي بن الحاج، عقد مؤتمر وطني يجمع جميع الأطراف الوطنية قصد التشاور والتحاور للخروج من "الأزمة التي وصلها النظام السياسي الجزائري". واقترح الشيخ جدو إنشاء "العهد الوطني لمسايرة الحقوق الأساسية"، الذي يتغيا "الحفاظ على الوحدة الوطنية، وحقن دماء الجزائريين"، كما اقترحت الفيس، أيضا، مجلسا انتقاليا مهمته إعداد انتخابات ودستور جديد، والاتفاق على مرشح رئاسي واحد لمرحلة انتقالية محدود". أحزاب وشخصيات وطنية معارضة تكتل المعارضة الجزائرية المنضوي تحت لواء، "التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي" ضم كذلك مجموعة من الأحزاب الوطنية واليسارية فضلا عن بعض الشخصيات الحقوقية والنشطاء السياسيين. علي يحي عبد النور، الناشط السياسي والحقوقي ذهب، ضمن مداخلته، أن ما يهم الجزائريين هو الحصول على الحرية، معتبرا أن مبادرة هذه الندوة يجب أن تنتقل إلى جميع الولاياتالجزائرية لكون الشعب الجزائري هو صاحب السيادة وهو الممثل الوحيد لكافة مؤسسات الدولة". وتحدث الرئيس الأسبق لرابطة حقوق الإنسان عن المتحدث الانتخابات الرئاسية الماضية، والتي وصفها ب"المزورة كباقي الاستحقاقات الانتخابية منذ الاستقلال، ومقاطعة الشعب الجزائري نابع من هذا المبدأ، فلم يكن يوما سيدا في صوته وكلمته". وطالب علي يحي بمحاسبة بتحديد "الحصيلة الكارثية للنظام التي أوجدت نوعين من الجزائريين، الأولون هم الأغنياء الذين هم دائما أغنياء، والنوع الثاني فقراء يزدادون فقرا". أما رئيس RCD محسن بلعباس فقد طالب برحيل النظام، وقال "آن الأوان لرحيل النظام"، وعن توقيت عقد هذه الندوة، قال رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية " إن الندوة كان من الممكن عقدها منذ فترة طويلة لو كان النظام يحترم القرارات والمعارضة وحرية الاختيار، حيث كان الأمر يظهر مستحيلا لأن النظام يمكر ويخادع ويمنع النقاش، ويرى أن الشعب غير مؤهل". وأشار بلعباس إلى أن الندوة هدفها "احترام بعضنا للبعض وعدم فرض شخص على شخص، فنحن اليوم مجتمعون دون وصاية، وانطلقنا من أساس سليم لم تفرض فيه الأفكار، والآن المعارضة مدعوة للتحلي بالمسؤولية لأن النظام قد فشل وحان رحيله". من جهته دعا أحمد بطاطاش، السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، النظام للتخلي عن فكرة قيادة الانتقال الديمقراطي، مضيفا في معرض مداخلته، أنه بسبب "وقف المسار الانتخابي سنة 1991، طغت حتمية الدعوة إلى حوار للخروج من الأزمة، ووجودنا في ندوة الانتقال الديمقراطي معناه الحوار لحل كافة المشاكل وإعادة بناء إجماع وطني سياسي". وذكر بطاطاش أن الركود الحالي "علمنا أن لا نثق في الانتخابات والدعاية السياسية، ومحاولة النظام إظهار نفسه متطورا"، مضيفا أن "الاحتقان الداخلي يجبر النظام على تغيير سياساته، وتخليه عن خرافة قيادة الانتقال الديمقراطي". ودعا المتحدث السياسيين الملتئمين ضمن الندوة إلى استخلاص الدروس والعبر من التجارب السابقة لأن "مسؤوليتنا هي خلق روح جديدة للاستقلال وجمع كل عناصر النهضة واحترام الشعب والرجوع إليه، فلا ديمقراطية دون سلم وقضاء مستقل أيضا" يقول بطاطاش.