بقيمة 43 مليون درهم.. مشروع تعاون جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي    تخفيضات استثنائية.. العربية للطيران تعلن عن تذاكر تبدأ من 259 درهما على 150 ألف مقعد    إسرائيل تكثف ضرباتها في غزة وتأمر بعمليات إخلاء جديدة بشمال القطاع    ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟    الكونغرس يقر مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    المرصد الوطني للتنمية البشرية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية يوقعان إتفاقية لإطلاق بحوث ميدانية لتحديد احتياجات الساكنة المستهدفة    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك ب "الملياردير المتغطرس"    ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    توفيق الجوهري يدخل عالم الأستاذية في مجال تدريب الامن الخاص    الصين تدرس مراجعة قانون مكافحة غسيل الأموال    نانسي بيلوسي وصفات نتنياهو بالعقبة للي واقفة قدام السلام.. وطلبات منو الاستقالة    بطولة انجلترا: أرسنال ينفرد مؤقتا بالصدارة بعد فوز كبير على تشلسي 5-0    الصين: أكثر من 1,12 مليار شخص يتوفرون على شهادات إلكترونية للتأمين الصحي    الولايات المتحدة.. مصرع شخصين إثر تحطم طائرة شحن في ألاسكا    إيلا كذب عليك عرفي راكي خايبة.. دراسة: الدراري مكيكذبوش مللي كي كونو يهضرو مع بنت زوينة        لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    محلل رياضي مشهور: أمرابط بمانشستر ليس اللاعب المتألق الذي رأيناه مع المنتخب المغربي في قطر    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    "الأحرار" يحسم الاقتراع الجزئي بفاس    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف        وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإسلام الذي لا (نريد أن) نعرفه 3/3
نشر في هسبريس يوم 07 - 02 - 2015

"الإسلام هو الحل" تبقى واحدة من العبارات الأكثر التباسا داخل عقل المسلمين لأن تناولها على العموم يتم بالعاطفة وليس بالعقل دون نظر إلى حيثيات لازمة لإثبات مصداقيتها وكونها أساسا جزء من "الدين" وليست دخيلة عليه وادعاء لم يقم به لا دليل ولا برهان من داخل "المنظومة الدينية نفسها".. الإسلام لا يمكن أن يكون هو الحل ولكنه قد يكون جزء من المشكلة ليس بسبب شيء فيه، بل بسبب اقتحام السياسة له وتلاعبها بقدسيته وتحويلها أهواء "أصحاب المصالح السياسية" إلى قواعد شرعية لا يجب الحياد عنها.
في البداية دعوني أوضح مسألة هامة للغاية. لقد أغفلت متعمدا الفترة التي سبقت فترة حكم الخليفة الثالث "عثمان بن عفان" لأسباب تتعلق بالسياق فقط وبالخط الزمني الذي أردت أن يتحرك فوقه المقال منذ البداية، ولعل الانطلاق من "زمن الفتنة الكبرى" التي لم تنته إلا باستتباب الأمور للأمويين يفيد المجال المعرفي الذي يتطرق إليه المقال أكثر مما لو وسعنا الحديث إلى فترة سبقت الفتنة الكبرى (وهو ما سيكون السياق الزمني لمقالات قادمة ولا شك)...عندما استتب الأمر للأمويين كانت هناك مسألة فقهية على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للسياسيين، وهي ما إذا كان الإنسان صانعا للقدر أم خاضعا له، وكان فقهاء بني أمية بطبيعة الحال يعززون ويدعمون التيار الذي يقول أن كل ما تفعله السلطة الأموية من جرائم يدخل في عنان "القدر المكتوب على الجباه" وأن سوء استعمال السلطة والظلم يدخل في فعل "الله وليس في فعل البشر"، وعليه فلا يجب الخروج على السلطان أبدا لأن معاصي السلطان لا تخرجه من الملة ولا تجعل خلعه واجبا على المسلمين.
لقد كان هذا السجال "فقهيا" بطبيعته ولكنه في عمقه وفي مسببات وجوده "سياسيا من الألف إلى الياء وكان له هدف واحد هو خدمة السياسة وكان لا بد من استعمال الشرع وكان لا بد من قيام الفقهاء والمتحمسين لأول دولة "ملك عضوض" في الإسلام بوضع السند الشرعي ل "ديكتاتورية الحاكم" ولو تم ذلك على حساب القيم التي حاول الإسلام إرساءها في المجتمع القبلي الجديد دون أن ننسى بطبيعة الحال الفرق الشاسع بين واقع الحال في مكة ومن بعدها المدينة وواقعه في دمشق "عاصمة الخلافة الإسلامية الجديدة".. لقد كان إسلام المدينة شيئا، وكان إسلام الأمبراطورية شيئا آخر تماما... وفي ظل هذه الظروف والتجاذبات والصراع على السلطة.. نشأ إسلام آخر تماما.. إسلام ضد الإسلام...
إسلام ضد الإسلام:
أولا: إسلام ضد الرسالة وحاملها:
بالطبع وكبداية يمكن القول أن "الإسلام السياسي" لم يتمكن من التحول إلى قوة سياسة فاعلة إلا من خلال تقنية وضع الأحاديث والتي كانت في حد ذاتها أول إساءة للرسول (ص) وللرسالة ككل...فالإساءة الأولى هنا، الواجب تسجيلها هي كون الكذب على الرسول، ومن ثَمَّ الكذب على الرسالة من أجل أهداف سياسية هي في حد ذاتها أكبر إساءة للنبوة وحين نتحدث عن الإساءة فنحن نتكلم ليس فقط عما أسلفنا من "شبهات حول الإسلام" بل نتكلم عن تفاهات قيلت في الأصحة على لسان الرسول ونتكلم عن تسييس تام وخطير للسيرة من أجل خدمة أهداف محددة ولعل تحويل النبي إلى مجرد متهافت على السلطة والشهوات الجنسية وحاكم باسمها ومجرد إنسان يحب اللهو والفجور الذي ينهى عنه الدين كان أخطر الإساءات إطلاقا لروح النبوة وروح الرسالة لأنها استباحت (بالأحاديث) سلوكات مورست من طرف من ادعوا أنهم يطبقون للسنة (التي وضعها الفقهاء من أجلهم خضوعا بالأساس)...
إليكم بعضا من الأحاديث المسيئة للنبوة والرسالة (كما يحلم بروحانيتها البعض عن سذاجة إيمانية مغفورة)...على أن نفصل فيها بعد الفراغ سردها..
1) "عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى كان ذات يوم دعا،ودعا ثم قال: أشعرتِ أن الله أفتاني أن ما فيه شفائي؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال أحدهما للآخر: ما وجع الرجل؟ قال : مطبوب. قال: ومن طبه؟ قال: "لبيد بن الأعصم. قال: فيما ذا؟ قال: في مشط ومشاقة، وجف طلعة ذكر. قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذروان، فخرج إليها النبي صلى الله عليهم وسلم ثم رجع فقال لعائشة حين رجع: نخلها كأنه رؤوس الشياطين. فقلتُ استخرجته؟(أي السحر) فقال: لا، أما أنا فقد شافاني الله، وخشيت أن يثير ذلك على الناس شرا، ثم دُفِنَتْ البِئْرُ"..
لاحظوا معي هنا أنه وعلى الرغم من مناعة الرسول (ص) من الشياطين (حسب أحاديث أخرى صحيحة) فهو يتعرض هنا لسحر أوقعه به يهودي ورمي به في بئر...(فكروا في الشعوذة وأنتم تقرؤون هذا الحديث الصحيح)...
2) "أخبرنا أبو نصر: عمر بن عبد العزيز بن قتادة، أخبرنا أبو منصور النضروي، الهروي، حدثنا أحمد من نجدة حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، أخبرنا بن عبيدة، عن ابراهيم وجويبر، عن الضحاك،: أن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها زارت أباها ذات يوم وكان "يومَها" (أي دورها في النكاح ).فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يرها فأرسل إلى أَمَتِهِ مارية القبطية فأصاب منها (أي ضاجعها) في بيت حفصة فجاءت حفصة على تلك الحالة فقالت: يا رسول الله أتفعل هذا في بيتي وفي يومي، قال: "فإنها علي حرام، فلا تخبري بذلك أحدا" فانطلقت حفصة إلى عائشة فأخبرتها بذلك (فبلغ ذلك رسولَ الله) فأنزل الله عز وجل في كتابه"يا أيها النبي لما تحرم ما أحل الله لك" إلى قوله "وصالح المرمنين" فأمر أن يكفر عن يمينه ويراجع أَمَتَهُ، وبمعناه ذكره الحسن البصري مرسلا،ى وأيضا الدارقطني (تحت رقم ) 4058"...
حفصة كانت من أولى المؤمنات اللواتي تزوجهن الرسول (ص) وكانت ابنة عمر بن الخطاب الذي كان له دالة في الإسلام لم تكن لغيره لأنه أكثر من نزلت في القرآن آيات توافق رأيه على غير رأي النبي حتى سمي بالفاروق...ومارية كانت سبية من ملكات يمين الرسول (ص) وكان من الطبيعي أن ينكحها كما ينكح أزواجه ولكن القيام بذلك على سرير حفصة كان له وقع خاص أدى إلى الواقعة الآنفة حتى نزل وحي في الرسول يؤيده ويستنكر عليه تحريم "مارية" على نفسه وهي "ملك يمينه"...الثابت هنا هو "نبرة الاعتذار" في تبرير الرسول لفعلته مع مارية أمام حفصة... وهو ما يدخل في إطار ما سنخلص إليه بنهاية سرد هذه الأحاديث بما له علاقة وثيقة بموضوعنا.
كانت عائشة رضي الله عنها والتي نقلت إليها حفصة الواقعة كما هو ثابت من الحديث أجرأ نساء النبي في مصارحة النبي بالغيرة التي تستولي على قلوب زوجاته إلى درجة أنها ألمحت إلى كون القرآن من "صنعه" وليس وحيا إلهيا من خلال حديث في البخاري تحت رقم: 4788 يقول بالحرف: "
3) "حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا أبو أسامة، قال هشام: حدثنا عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها، قال: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأقول: أتهب المرأة نفسَها؟ فلما أنزل الله تعالى "ترجئ من تشاءُ منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) قلتُ: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك".
هنا كان الكلام في واقعتين (كما سيرد تباعا) أولها واقعة "زينب بنت جحش" زوجة بن زيد بن حارثة والذي تبناه الرسول قبل تحريم التبني وقبيل تطليقه لزينب وزواج الرسول منها... والواقعة ببساطة تقضي بكون الرسول (ص) لما تبنى زيدا وأراد تزويجه بعد زمن اختار له "زينب بنت جحش" التي اشتهرت بجمالها وقوامها، ولما مرت أشهر زادت عن مقدار السنة أصبحت تلح على "زيد" في تطليقها فكان زيد الذي يحبها يرفض تطليقها ويشكو الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..وهو ما يرد بشأنه الحديث الوارد بالبخاري تحت رقم 7420 ويقول بالحرف:
4) حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اتق الله وأمسك عليك زوجك. قالت عائشة : لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه. قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (و) تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات، وعن ثابت (وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس) (وقد) نزلت في شأن زينب وزيد بن حارثة ...
زينب وحسب ما ورد في الحديث تشير إلى الآية القرآنية التي حرمت التبني وجعلت "زيد بن حارثة" ينسى اسمه الذي اشتهر به "زيد بن محمد" حتى يتمكن النبي من الزواج من امرأته بعد تطليقها وقد ورد في الحديث أن الله لام النبي في الوحي على إخفاء أمره من "زينب" وهو يعلم أنها ستتزوجه بعد طلاقها من "زيد" وأن زيدا بحكم ذلك لا يمكنه أن يكون ابنا بالتبني لأحد لأن التبني حرام وهو ما يرد في سورة الأحزاب (37)..." وإذ تقول للذي أنعم الله عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما كان الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا"...
الواقعة الثانية التي جعلت عائشة رضي الله عنها تتفوه (حسب كتب التراث والأحاديث الصحيحة دائما) بكلام خطير يوحي بكون النبي (ص) كان يضع القرآن لكي يوافق هواه هي تلك التي تتعلق ب"خولة بنت حكيم" وهي حسب نفس الكتب لها قصة خطيرة جدا في الطعن بسيرة النبي (ص).. يقول الحديث الأول الوارد في البخاري تحت رقم 5113..
5) حدثنا محمد بن سلام، حدثنا بن فضيل، حدثنا هشام عن أبيه قال : "كانت "خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي –صلى الله عليه وسلم- فقالت عائشة: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل ؟ فلما نزلت (آية) (ترجئ من تشاء منهن) قلتُ يا رسول الله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك، رواه أبو سعيد المؤدب ومحمد بن بشر، وعبدة عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، يزيد بعضهم على بعض...
الخطير في الأمر هنا فليس غيرة عائشة على وهب النساء أنفسهن للرسول (ص)، واتهامها له بكون الله يوافق هواه في أسباب نزول الوحي بل فيما رواه "أحمد" في "مسنده" عن طبيعة علاقة "خولة بنت حكيم" بالنبي والتي يدعي الحديث الصحيح في المسند تحت رقم 28073 أن خولة هذه لم تكن سوى خالة الرسول (ص)، مما يعني ذلك من استحلال واضح ل"زنى المحارم... الحديث في مسند أحمد يرد باللفظ التالي:
6) حدثنا عبد الله حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، وحجاج، قال: حدثني شعبة، قال سمعت عطاء الخراساني يحدث عن سعيد بن المسيب أن خولة بنت حكيم وهي إحدى خالات النبي (صلى الله عليه وسلم) سألت النبي عن المرأة تحتلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لتغتسل"..
طبعا لا تكتمل قصص الغرابة عن النبي (ص) في علاقته بالنساء وانشغاله الدائم، إبان دعوته للإسلام، بالجميلات ولا نكاد طبعا نجد وسيلة أفضل للتغاضي عن ذكر أحاديث أخرى مغرقة في "الإساءة" إلا الختم بحديث دال شامل ورد في البخاري تحت رقم 268 يقول بالحرف:
7) حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثنا أبي عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك قال: كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل أو النهار ، وهن إحدى عشر. قال وقلت لأنس : "أوكان يطيقه؟ قال كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين رجلا في الجماع. وقيل أربعين."
هذا عن علاقة الرسول والرسالة ب"النساء" (متاع الدنيا آنذاك) والخلاصة بشأنه أوردها بعد إيراد شيء مما ذكر في أفضال معاوية بن أبي سفيان حتى نربط التفاصيل ببعضها وننطلق إلى الصورة العامة التي يرسمها بالتفصيل مقالنا القادم بحول الله...إليكم الأحاديث دون تعقيب..:
8) عن عبد الرحمان بن أبي عميرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية: "اللهم اجعله هاديا مهديا واهدي به"...الترمذي 3842...وصححه الألباني.
9) عن العرباض بن سارية السلمي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم علم معاوية الكتاب والحساب، وقه العذاب"..مسند أحمد..17202...
10) عن أم حرام الأنصارية رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا".(البخاري 2924)..وكان أول من غزا البحر حسب "بن حجر" في "فتح الباري" الجزء السادس الصفحة 127 وأبي جعفر الطبري في "تاريخ الأمم والملوك" هو "معاوية بن أبي سفيان طبعا...
أما بن تيمية فقد قال عن معاوية في مجموع الفتاوي أنه ممن حفظ القرآن عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكان أمينا في حفظه وتلاوته وأن الحق ضُرِبَ على لسانه وفعله...وأنه واحد من أهل الجنة...
طبعا هناك أحاديث في ذم "معاوية" والأمويين" عموما، ولكن، وحتى لا يتسع بنا التمحيص أكثر دعونا نفهم رأسا أن سياق وضع الأحاديث المضادة لسيرة بني أمية وعلى رأسهم معاوية كلها أنتجت في مراحل لاحقة وتحديدا خلال مرحلة حكم "العباسيين"، خصوم بني أمية والذين نالوا منهم الحكم من بعد انهيار دولتهم... (تلك قصة أخرى نحكيها في مقالات آخرى)...
بالنهاية.. يتم الحديث عن حقائق نبوة بطريقة تفيد من خلال سردها أن الرسول (ص) الذي كان نبيا ورسول وراعيا لانتشار دين من الله كان كل همه هو النساء مما يزيل عنه طبع القداسة ويجعل العامة يفهمون أن النبوة لا تعني الابتعاد عن "الشهوة' وأن الزعامة يحل معها ما لا يحل لغيرها وأن الرسول الذي أوتي قوة ثلاثين رجلا في الجماع يشفع لمن يملك قوة أقل في فعل ما يشاء إذا ما دعته الهواية والغواية إلى ذلك من ممارسة فاضحة لسلطته، سواء كانت تلك الممارسة على النساء أم على الشعب.. لا يهم.. المهم أنه إذا كانت هذه سيرة الرسول مع نساء أمته وإن كان فعله هذا مبررا من وجهة نظر "سياسية" ووجهة نظر إنسانية ذكورية فإن الحاكم له أن يفعل ما يشاء بالنهاية لأنه ولي الأمر الواجب طاعته، ولمن أراد أن يخرج في الرأي عن هذا كان له أن يواجه أحاديث لا تعد ولا تحصى وأن يدخل في مواجهة مع السيرة المحمدية نفسها...
بالنسبة لأحاديث فضل معاوية وروعة بني أمية فهي لم ترد بكثرة في البخاري ومسلم والسبب مفهوم حتما لأن كلا منهما جمع الحديث على عهد بني العباس، أما بن حنبل الذي ذاق الأمرين على أيدي "المأمون" ابن هارون الرشيد فقد حفلت مرويات سيرته بالاحتفال ببني أمية حتى كان مسنده الأكثر ذكرا لأفضالهم على الإسلام والمسلمين.. والسبب هنا واضح، فتلك كانت الطريقة الوحيدة التي بقيت لأحمد بن حنبل للانتقام من "ظلم بني العباس" في ظل تشبته ب"نظرية" عدم الخروج على الحاكم مهما كان ظالما.. (وهي ذاتها الفكرة التي نشأت في ظل الحكم الأموي وتقوت حتى صارت ركنا من أركان الدين (وليس السياسة وحسب )).. المهم بالنهاية هو تثبيت عضد حكم بني أمية وفي مقدمتهم معاوية بن أبي سفيان وأفضل طريقة للقيام بذلك هي ابتداع أحاديث (بعضها ورد في الصحيحين) والبقية في أصحة من ناصر بني أمية وحكمهم السياسي العضوض...
ما الذي فعلته السياسة في الدين هنا؟... لقد اختلقت دينا جديدا....اختلقت سلسلة من المقدسات لا زلنا نعتقد أنها من عمق الدين فيما الحقيقة أنها جزء من "فقه سياسي"..
في الحقيقة...كنت شرعت في كتابة ثلاثية "الإسلام الذي لا (نريد أن) نعرفه" بثقة تامة من كونه قابل للإنجاز في مقال من ثلاث أجزاء، ولكن الحقيقة تقول أن الموضوع يستحق مرحلة استئناف لمواصلة الكلام... ولكي لا نفصل المواضيع عما يتلوها بالضرورة أتوقف هنا عن الكلام وأضرب لكم موعدا قادما من ثلاث أجزاء أخرى تحت عنوان "لماذا العلمانية هي الحل؟" نستكمل فيها محاور هامة جدا من طرحنا الأولي عن الإسلام الذي لا نعرفه ولا يريد البعض منا أن يعرفه خوفا من "زعزعة عقيدته" وحتى نعرف أن السياسة لعبت بالدين وحان أوان قطافها وتخليصه منها وهي نفسها "الفكرة الأساس" في "العلمانية" التي تبقى في حقيقة الأمر أكبر مفهوم لحقه "سوء فهم جاهل متجاهل" في واقعنا وهو ما سيكون في عمومه محورا وموضوعا لثلاثيتنا القادمة : "لماذا العلمانية هي الحل؟...."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.