تعيش السلطات المغربية منذ أشهر عدة على وقع الشدِّ والجذب مع الباعة المتجولين أو "الفراشة" كما يسميهم المغاربة، حيث حولوا الساحات العمومية بالمدن إلى أسواق عشوائية، لم تساهم إلا في تشويه جمالية المدن، وتحويل الفضاءات العمومية إلى مزابل بعد نهاية يومهم التجاري. مدينة الناظور بدورها لم تسلم من فوضى الباعة المتجولين، الذين احتلوا الساحات العمومية والشوارع الرئسية، وحولوا المدينة إلى سوق كبير، حيث يبيعون الأواني والمتلاشيات والملابس الجاهزة وحتى المواد الغذائية والسلع المهربة من مدينة مليلية الخاضعة للسيادة الإسبانية. السلطة حائرة خلال الأشهر الأخيرة فعّل الباعة المتجولون بالناظور، وقفات احتجاجية أمام عمالة الإقليم وقبالة مقر الباشوية، مطالبين ب"حقهم في احتلال الملك العمومي واستغلاله"، ومشددين على ضرورة السماح لهم بتأسيس إطار جمعوي يحمي حقوقهم، معتبرين أن السلطة المحلية تستهدف قوت يومهم عبر الحملات المفعلة ضدهم، والتي تنتهي أغلبها بمواجهات أو حالات إغماء أو اعتقالات. وقد شنت السلطة المحلية وبتعليمات من عامل الإقليم حملات تستهدف تحرير الملك العمومي من محتليه، حيث تحركت صوب ساحة مسجد للا أمينة وسط المدينة، والذي أصبح سوقا عشوائيا، ليتم إخلاءه، دون أن ينهي ذلك نشاط الباعة الذين رغم حجز سلعهم، تحولوا صوب ساحة مقابلة لمقر البلدية القديم بساحة التحرير، حيث قاموا بتحويل المكان وشارع محمد الخامس لفضاء لبيع ما يعرضون من سلع، لتتحرك السلطة من جديد وتمنعهم من العودة، لينتقلوا بعدها صوب ساحة الشبيبة والرياضة والتي تعتبر متنفسا للأطفال وعائلتهم خلال نهاية الأسبوع. مسؤول بالسلطة المحلية أكد لهسبريس أن حملة أخرى سيتم تفعيلها خلال القادم من الأيام لتحرير ساحة الشبيبة والرياضة، والتي أضحت حسب المتحدث مرتعا للصوص وقطاع الطرق، وسوقا لبيع "الخردة"، موردا أن وزارة الداخلية ستشن حرب بلا هوادة لتحرير الملك العمومي. الساكنة تستغيث وجهت ساكنة الأحياء المجاورة لساحة الشبيبة والرياضة عريضة توقيعات لباشا المدينة، تتوفر هسبريس على نسخة منها، تطالب من خلالها بالتدخل العاجل للسلطة المحلية لإخلاء الفضاء من محتليه، موردة أن المكان أضحى سوقا لبيع المتلاشيات، ومستقطبا للمشبوهين ومدمني الخمور، مطالبين بضرورة رفع الضرر الذي يطالهم. "تواجد السوق يشكل خطرا على أمننا وسلامتنا ويحرم أطفالنا من فضاء اعتادوا قضاء أوقات فراغهم فيه، لذا وجب التدخل لإرجاع الأمور لنصابها" يقول الغاضبون من الوضع الذي أضحت عليه الساحة. أين الحل؟ يعترف الباعة المتجولون والذين استقت هسبريس آراء بعضهم، على كون احتلالهم للملك العمومي يشوه المنظر العام ويثير الفوضى ويعرقل حركة السير، معتبرين أن لقمة العيش تفرض عليهم ذلك، معربين عن استعدادهم الإستجابة للحلول المقترحة على أن تكون في مصلحتهم. أخرون اعتبروا أن رفض السلطات لتحركاتهم الرامية لتأسيس إطار جمعوي ينظمهم يزيد من استفحال الوضع، معتبرين أن لا بديل لهم في الوقت الراهن في ظل عدم وجود استراتيجية وطنية لتنظيمهم وتقنين تواجدهم بالشوارع، مشددين على أن حلول السلطة غير قابلة للتطبيق. مقترحات السلطة اقترحت السلطة المحلية على الباعة المتجولين استغلال بعض الفضاءات العمومية خلال فترة المساء بشكل مؤقت، أو اختيار مكان موحد على أن يتواجدوا به خلال أيام محددة من الأسبوع ولساعات قليلة، ما اعتبره المعنيون بالأمر محاولة للتضييق على الرزق والإضرار بتجارتهم. وفي ظل الوضع الحالي المتسم بغياب توافق بين المقترحات والمطالب، تبقى "الحرب" مستعرة بين الباعة المتجولين والسلطات المحلية إلى إشعار أخر.