في الوقْت الذي تتزايدُ أعداد المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء على المغرب، في انتظار فرْصة عبورٍ نحو الضفّة الشمالية للمتوسّط، وفي الوقت الذي شدّدت أوربا مراقبة حدودها منْعا لتسلّل المهاجرين القادمين من القارة السمراء إلى أراضيها، قالَ الحبيب الدقاق، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط، إنّ المغرب لا يمكنه أن يتحمّل لوحْده عبْء المهاجرين المتدفقين على أراضيه. وقال الدقاق في كلمة ألقاها خلال ندوة دولية حول موضوع "المغرب، بلد هجرة إفريقية"، نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، وحضرها خبراء وطنيون ودوليون من إفريقيا وأوربا وأمريكا، (قال) إنّ معالجة إشكالية الهجرة تحتاج إلى إستراتيجية إقليمية متكاملة، تنخرطُ فيها جميع الدول المعنية، سواءٌ البُلدان المصدّرة للمهاجرين أو المُستقبلة لهم. وعلى الرّغم من أنّ المغربَ أعْلنَ منذ بداية شهر يناير من السنة الماضية عن الشروع في تسوية وضعية المهاجرين غير النظاميين المقيمين على أراضيه، في إطار السياسة الجديدة للمملكة في التعاطي مع الهجرة، وهي العملية التي انتهتْ بتسوية الوضعية القانونية لأزيد من 16 ألف مهاجر، إلا أنّ الدقاق أكّد على أنّ حلّ إشكالية الهجرة لا يُمكن أن يتمّ إلا إذا بُذلت الجهود من طرف الجميع. وأشار الدقاق إلى أنّ الموقع الجغرافي للمغرب، الذي يجعلُ منه جسْرا بيْن القارتين الإفريقية والأوربية، جعله يتحوّل من بلد مصدّر للهجرة، ثمّ إلى بلد عبورٍ بالنسبة للمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء، قبل أنْ يصيرَ بلَد إقامة لكثير منهم، نتيجة السياسات المشدّدة حُيال الهجرة، من طرف البلدان الأوربية. واستطرد عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال أنّ المآسيَ التي تحدثُ في عُرْض البحر جرّاءَ غرق المهاجرين الراغبين في الهجرة إلى أوربا، يتطلّب يقظة الضمائر، إزاء الواقع القاسي الذي يعيشه المهاجرون، وأضاف "لا نقبل إطلاقا أن نرى الأطفال الأفارقة وهُمْ يقْضُون في مثل هذه الظروف المأساوية". إلى ذلك، قال الدقاق إنّ المغربَ أصبَح يقارب إشكالية الهجرة من زوايا متعدّدة، انطلاقا من العلاقات المتينة التي تربطه مع البلدان الإفريقية، في إطار التعاون جنوب-جنوب، مشيرا، في هذا الصدد، إلى الجولات الأخيرة التي قامَ بها الملك محمد السادس إلى عدد من البلدان الإفريقية، من أجل تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين، "والتي تقوم على التضامن والاحترام المتبادل"، يقول المتحدث.