قال إدريس لكريني، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق في مراكش، إن تجدد النخب المحلية يمكن أن يسهم في دعم أداء مختلف المجالس التمثيلية، وسيؤدي حتما إلى إخراج الأحزاب من جمودها وانغلاقها وإحداث مصالحة بين المواطن والشأن السياسي والانتخابي. وأضاف لكريني أن من شأن تجدد النخب أيضا أن يرسخ لدى المواطن القناعة بأهمية الانخراط في الأحزاب، معتبرا أن ربح الخيار الجهوي برهاناته المختلفة لا يمكن أن يتحقق إلا بنخب على قدر من الكفاءة والتمثيلية الحقيقية.. وسجل أن هذا الموضوع تتحكم فيه اعتبارات عدة ترتبط بأسلوب الاقتراع وانخراط السلطات في توفير أجواء النزاهة وتكافؤ الفرص بين المرشحين، كما أنه يعني بدرجة أساسية الأحزاب السياسية. وقال: "لا يخفى تهافت الكثير من الأحزاب على استقطاب الأعيان خلال فترات الانتخابات،عبر منح تزكيات آخر لحظة وعدم استحضار الكفاءة والموضوعية في هذا الصدد، حيث لا تتوانى الكثير من الأحزاب السياسية في اختلاق ذرائع ومبررات إنتاج نفس النخب، فتارة تبرر ذلك بإكراهات الوقت، وبتحديات المرحلة ومتطلبات الخبرة والكفاءة، وتارة أخرى بالشرعية التاريخية " ، معتبرا أن هذا الخطاب يتناقض مع الأدوار المفترضة للأحزاب السياسية باعتبارها مدرسة لترسيخ الممارسة الديمقراطية وتجديد النخب. وبخصوص الرهان المرتبط بالمشاركة في هذه الاستحقاقات، أبرز لكريني أن الدراسات والأبحاث والتجارب الميدانية تشير إلى أن "هامش توظيف الأموال المشبوهة ومختلف الضغوطات الأخرى غير المشروعة في استمالة الناخبين يضيق كلما زادت نسبة المشاركة في الانتخابات، والعكس صحيح، أي أن ضعف المشاركة يفرغ مجمل التدابير القانونية والاحترازية وكذا جهود بعض الأحزاب من أية أهمية". وأكد الباحث في هذا الصدد أن التعامل مع العزوف الانتخابي يفرض الوقوف على مسبباته الحقيقية، وبلورة جهود إجرائية لإعادة الثقة إلى المواطن وتحقيق نوع من المصالحة بينه وبين الشأن السياسي بشكل عام والانتخابي على وجه الخصوص، وهي "مسؤولية تتحملها الدولة والأحزاب بدرجة كبيرة" على حد قوله. وفي معرض حديثه عن شفافية ونزاهة هذه الاستحقاقات الانتخابية، قال لكريني إن المفارقة الكبرى هي أن جميع الأحزاب السياسية تضع مكافحة الفساد على رأس أولويات برامجها وضمن شعاراتها السياسية والانتخابية، وفي مقابل ذلك، تشير تقارير المجلس الأعلى للحسابات أن عددا منها يدبر ماليته بقدر كبير من الانغلاق، بل إن بعضها لا يتردد في تزكية أسماء تشوب حولها شبهات التورط في فساد مالي، لتمثيلها في مجالس منتخبة محليا ووطنيا. وعبر عن قناعته بأن اعتماد الصرامة في التعاطي مع المفسدين سيكون عاملا داعما للمشاركة في الانتخابات، ومدخلا لتجاوز العديد من الإشكالات التي تواجه التدبير المحلي. وشدد ، من جانب آخر، على أن الانتخابات الجماعية والجهوية لرابع شتنبر تنطوي على أهمية كبرى بالنظر إلى كونها تأتي بعد دستور 2011 الذي عزز الخيار الجهوي للمغرب، ومنح المجالس المنتخبة محليا مجموعة من الصلاحيات، فهي التي ستفرز النخب التي ستسهر على تدبير المجالس الجماعية والجهوية في مرحلة حبلى بالتحديات والانتظارات. كما أن هذه الاستحقاقات، يضيف الأستاذ الجامعي ، تأتي أيضا في أعقاب صدور مجموعة من التشريعات التي فرضتها مستجدات الدستور والتي تفتح آفاقا واعدة أمام تطبيق جهوية متقدمة ضمن 12 جهة، تحظى مجالسها بصلاحيات إدارية ومالية هامة. * و.م.ع