أخنوش يرد على خصومه: الدولة الاجتماعية ليست مشروعا ل"البوليميك" والحكومة أحسنت تنزيله    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    إستئنافية أكادير تصدر حكمها النهائي في قضية مقتل الشاب أمين شاريز    الشاطئ البلدي لطنجة يلفظ جثة شاب فقد الأسبوع الماضي    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تصدر بلاغا حول قرار معاقبة اتحاد العاصمة الجزائري    "فوتسال المغرب" في المركز 8 عالميا    بالأرقام .. أخنوش يكشف تدابير حكومته لمساندة المقاولات المتضررة جراء الأزمة الصحية    سانشيز: أفكر في إمكانية تقديم الاستقالة بعد الإعلان عن فتح تحقيق ضد زوجتي بتهمة استغلال النفوذ والفساد    مكافأة مليون سنتيم لمن يعثر عليه.. هذه معطيات جديدة عن حيوان غريب ظهر في غابة    هادي خبار زينة.. أسماء المدير مخرجة "كذب أبيض" فلجنة تحكيم مهرجان كان العالمي    قميصُ بركان    مطار مراكش المنارة الدولي: ارتفاع بنسبة 22 في المائة في حركة النقل الجوي خلال الربع الأول من 2024    طقس الخميس.. أجواء حارة وقطرات مطرية بهذه المناطق    المغرب ومنظمة "الفاو" يوقعان على وثيقة "مستقبل مرن للماء" بميزانية 31.5 مليون دولار    رئيس وزراء اسبانيا يفكر في الاستقالة بعد فتح تحقيق ضد زوجته في قضية فساد    تسريب فيديوهات لتصفية حسابات بين بارونات بتطوان    اللجنة الجهوية للتنمية البشرية بالشمال تصادق على برنامج عمل يضم 394 مشروعا برسم سنة 2024    العدو الجزائري يقحم الرياضة من جديد في حربه على المغرب    القضاء الفرنسي يؤكد إدانة رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون بقضية الوظائف الوهمية    الجزائر تتوصل رسميا بقرار خسارة مباراة بركان و"الكاف" يهدد بعقوبات إضافية    النصب على حالمين بالهجرة يقود سيدتين الى سجن الحسيمة    أخنوش: الحكومة دأبت منذ تنصيبها على إطلاق مسلسل إصلاحي جديد وعميق يحقق نهضة تربوية وثورة تعليمية    الجامعة الملكية لكرة القدم تتوصل بقرار ال"كاف" بشأن مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    بطولة فرنسا لكرة القدم.. باريس سان جرمان يفوز على مضيفه لوريان 4-1    الكاف: نهضة بركان ربحو USMA بثلاثية فالألي والروتور ملعوب فوقتو فبركان    بنكيران يهاجم أخنوش ويقول: الأموال حسمت الانتخابات الجزئية    توقعات بتأجيل كأس أمم أفريقيا المغرب 2025 إلى يناير 2026    وزير النقل… المغرب ملتزم بقوة لفائدة إزالة الكربون من قطاع النقل    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    أخنوش مقدما الحصيلة المرحلية: إجراءات الحكومة هدفها مناعة الأسرة التي هي "النواة الصلبة لكل التدخلات"    خارجية أمريكا: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    إستعدادُ إسرائيل لهجوم "قريب جداً" على رفح    قطب المنتجات المجالية نقطة جذب لزوار الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب 2024    سنطرال دانون تسلط الضوء على التقدم المحقق في برنامج "حليب بلادي" لفلاحة مستدامة ومتجددة    تهديدات بالتصعيد ضد ّبنموسى في حالة إصدار عقوبات "انتقامية" في حقّ الأساتذة الموقوفين    أيام قليلة على انتهاء إحصاء الأشخاص الذين يمكن استدعاؤهم لتشكيل فوج المجندين .. شباب أمام فرصة جديدة للاستفادة من تكوين متميز يفتح لهم آفاقا مهنية واعدة    الولايات المتحدة تنذر "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    برنامج دعم السكن.. معطيات رسمية: 8500 استفدو وشراو ديور وكثر من 65 ألف طلب للدعم منهم 38 فالمائة عيالات    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: النظام الغذائي المتوازن قد يساهم في تحسين صحة الدماغ    مقترح قانون لتقنين استخدم الذكاء الاصطناعي في المغرب    مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية : الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و262 شهيدا منذ بدء الحرب    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    مبادرة مغربية تراسل سفراء دول غربية للمطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني وفرض وقف فوري للحرب على غزة    اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصفقة السرية بين الملك والهمة
نشر في هسبريس يوم 24 - 10 - 2007

"حزب الدفاع عن المؤسسات الملكية " قادم، هذا هو ما تلهج به ألسن بعض المراقبين، وهم يتابعون بمزيج من الدهشة والاستغراب كيف يسجل "برلماني سيدنا" فؤاد عالي الهمة،النقطة تلو الأخرى في المشهد السياسي، وآخرها- ولن تكون الأخيرة بالتأكيد - نجاحه في استقطاب عشرات النواب إلى الثلاثة مقاعد التي حصدها تحت يافطة اللانتماء خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، فبما يتعلق الأمر إذن؟ هل الرجل بصدد الإعداد لتأسيس حزب بالاسم المذكور، وبذلك يُعيد التاريخ السياسي المعاصر للمغرب الواقعة الثانية " العجيبة " من نوعها، تُضاف إلى تلك التي أقدم عليها صديق الملك الراحل الحسن الثاني، ومستشاره أحمد رضا اكَديرة خلال بداية الستينيات وذلك بتأسيسه لحزب " الدفاع عن المؤسسات الدستورية" الذي خاض انتخابات سنة 1963 التشريعية وفاز بأغلب مقاعد برلمانها؟ يصعب الحسم بذلك لاختلاف الظرفين، ذلك أن المشهد السياسي المغربي، لم يكن يشكو فقرا مدقعا كما هو عليه الحال راهنا، فقد كان هناك حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وما أدراك ما هذان الحزبان إبانئذ. ""
وعلى كل حال فإن ثمة الكثير من القواسم المشتركة بين الأمس واليوم وعلى رأسها وجود قصر يصر دائما على لعب الدور الأول في المشهد السياسي ولو كان ذلك على حساب الكثير من الاعتبارات، وعلى رأسها جعل الأحزاب في موقف ضعف وهوان لا تُحسد عليه.
تفيد الكثير من المعطيات أن السيد فؤاد عالي الهمة بصدد لعب دور محوري في المشهد السياسي المغربي عبر واجهتي البرلمان والحكومة، أو هذا على الأقل ما تفيد به المعطيات الأولية التي استقيناها من أكثر من مصدر، حيث وقفنا مثلا عند الخطوط العريضة لإستراتيجية بدأت ب "استقالة" الهمة من الداخلية وخوضه للانتخابات التشريعية الأخيرة، واستقطاب العديد من نواب بعض الأحزاب، وبين هذا وذاك نسج خيوط شبكة "تحالف" عريضة في أوساط رجال المال والأعمال والسياسة.
تتبعنا خيوط هذه "الصفقة" عبر أكثر من مصدر كما استقصينا آراء فاعلين سياسيين وإعلاميين ومثقفين حول "الظاهرة"، لنضع حصيلتها بين يدي القارئ.
ما هي الصفقة التي تمت بين الملك ورجل ثقته؟
يبدو أن مهمة فؤاد عالي الهمة تقع ضمن رؤية تقوية الشرعية الشعبية و"الديمقراطية" في مرحلة الانتقال الديمقراطي، في عصر المواطنة والديمقراطية.
ومن المعلوم أن الشرعية الشعبية و" الديمقراطية" تستوجب تعبئة الجماهير سياسيا، وهذا هو جوهر تلك الرؤية التي اضطلع ببداية تطبيقها فؤاد عالي الهمة الآن كرجل القصر.
وهي رؤية فرضتها مجموعة من التطورات، أهمها: فشل تجربة التناوب السياسي وفشل الأحزاب السياسية، سواء القديمة منها أو المستحدثة والمفبركة، إذ أنها جميعها خسرت رهان التعبير عن إرادة الشعب وأحلامه وآماله وتجميع شروط إعادة ثقته في المؤسسات وإخراجه من الإحباط.
كما أن من الأسباب التي دعت إلى هذه الرؤية، حسب بعض العالمين بخفايا الأمور، تكريس الملكية كخيار وحيد وأوحد لمستقبل الديمقراطية المغربية ووضع "استراتيجية" عمل لاستقطاب الأغلبية الصامة.
وملء هذا الفراغ هي المهمة التي استقال من أجلها فؤاد عالي الهمة من مهامه الرسمية الجسيمة، وهي المهمة التي شكلت محور صفقة الملك معه حسب ما يبدو.
إن تحقيق المشروع الذي يحمله الآن فؤاد عالي الهمة بتكليف وتفويض، حسب البعض، يتطلب تكوين "امبراطورية" ظهر أنها تنطلق جغرافيا من الرحامنة لتشمل باقي المناطق، وإلى الحضور القوي في المجال الإعلامي.
البداية من الرحامنة
وقع الاختيار على فؤاد عالي الهمة لإعداد المشهد السياسي لمغرب ما بعد 5 سنوات لأنه، حسب عبارة محمد العربي المساري، "رجل العمل الاستراتيجي وصاحب الأفكار الخلاقة"، لأن المغرب الآن بحاجة ماسة، أكثر من أي وقت مضى، إلى مشهد سياسي تؤثثه مؤسسات وأحزاب سياسية قوية، باعتماد المنهجية الديمقراطية.
ومادام فؤاد عالي الهمة قد تكلف بإعداد مشهد الغد القريب، فإنه تم الاعتماد على رجال الحسن الثاني، لاسيما مزيان بلفقيه، خصوصا هندسة حكومة ما بعد السابع شتنبر.
والمشروع الذي يقوده فؤاد عالي الهمة يستهدف تقوية المؤسسة الملكية مسنودة بمؤسسات دستورية قوية مبنية على أساس الشرعيتين، الدينية التاريخية من جهة، والشرعية الشعبية من جهة أخرى، في انتظار القيام بالإصلاحات السياسية برضى الملك ورغبته.
ففي كل مرحلة تجند رجال للقيام بالتحكم في هندسة الخريطة السياسية، فخلال الستينات برز رجال من أمثال الجنرال محمد أوفقير وبلعالم ورضا كديرة وغيرهم، وفي السبعينات كان دور إدريس البصري بدون منازع، ومع العهد الجديد برز فؤاد عالي الهمة كعصب "حكومة الظل"، إلا أن قواعد اللعبة لم تعد تسمح بالتحكم في الركح السياسي بنفس السهولة التي كانت سائدة في السابق بحكم غياب هاجس الديمقراطية، لذلك لم يعد يكفي التقرير وإصدار الأوامر لاتباعها، وإنما أضحى من الضروري الفعل في الساحة السياسية لتوفير شروط التحكم في المشهد السياسي، فعصر الإملاءات المباشرة قد ولى، وبالتالي أصبح ضروريا احترام مجموعة من قواعد اللعبة من طرف جميع الفاعلين بما فيهم القصر ورجاله.
لماذا فؤاد عالي الهمة وليس غيره؟
من المعروف أن فؤاد عالي الهمة هو الذي هندس فعليا العملية الانتخابية الأخيرة، عندما كان في وزارة الداخلية، من خلال الإعداد لانتخابات وسن قانون الأحزاب السياسية والتقطيع الانتخابي... إلخ.
كما تمكن عالي الهمة من استخدام نفوذه وتحكمه في مجموعة من الملفات الأكثر حساسية، هذا فضلا عن قربه من الملك والثقة الكبيرة التي ظل يحظى بها لديه.
وبالتالي فإن له رصيده من الخبرة والدراية تمكنه من إمساك خيوط إعادة هندسة المشهد السياسي عبر احترام قواعد اللعبة.
علما أن مختلف المؤشرات الظاهرة (حضوره إلى جانب الملك، لقاءاته به) تفيد أن حضور فؤاد عالي الهمة في دواليب صناعة القرار مازال قائما، وما زال له دور في المفاوضات المتعلقة بالصحراء والتي كان له دور حيوي في إعداداها.
نهاية عالي الهمة
يرى أحد الفاعلين السياسيين، الذي ظل قريبا من فؤاد عالي الهمة منذ اضطلاعه بمسؤولية تدبير الملفات الحساسة، أن استقالته جاءت لأسباب تراكمت منذ مدة.
فهناك مجموعة من التراكمات ساهمت في الوصول إلى هذا الحل، منها علاقاته مع حزب العدالة والتنمية والتي تحكمت فيها المقاربة الأمنية المسؤولة عن تحويل أحداث 16 ماي إلى كارثة مازالت تداعياتها حاضرة حتى الآن، وقد ظهرت بجلاء عندما اقترح فؤاد عالي الهمة بدعم من الجنرال حميدو العنيكري حل حزب العدالة والتنمية.
كما أن في جعبة عالي الهمة العديد من الاصطدامات مع الأحزاب السياسية، حينما كان يدعم إلى حد كبير الحركة الشعبية على حساب باقي الفاعلين في الركح السياسي، وكذلك تراكم مشاكله مع مجموعة من الوزراء، التي غالبا ما كانت تأتي بسبب تجاوزه لاختصاصاته، وفي هذا الصدد كانت حادثة باب سبتة بالحدود الشمالية من النقط التي أفاضت الكأس.
هذا علاوة على تدبير بعض الملفات المرتبطة بالصحافة وحرية التعبير.
وأكد مصدرنا أن مشكلة عالي الهمة أنه لم يكن أحيانا ينتبه لوجوب تقدير القرب من الملك في اتخاذ مجموعة من القرارات وتدبير بعض الملفات الحساسة جدا.
وأضاف نفس المصدر، أن مستقبل فؤاد عالي الهمة يكمن في إثبات وجوده في الركح السياسي، لأنه أضحى الآن يتكلم باسمه، هذا بالرغم من أن طريقة حديثه خلال خرجاته الإعلامية قد توحي بأنه يتكلم باسم حركة أو منظومة متوفرة على رؤية ومشروع، وهذا أمر انطلى على الكثيرين.
إن فؤاد عالي الهمة الآن مجرد فاعل سياسي كجميع الفاعلين الآخرين، عليه أن يعمل على إثبات ذاته في هذا المجال، هذا كل ما في الأمر، وفي هذا الإطار وجب فهم التعليمات الصادرة لوسائل الإعلام الرسمية من أجل تمكين حزب العدالة والتنمية من الرد المباشر على ما جاء على لسان فؤاد عالي الهمة.
المخزن والتحكم في المشهد السياسي
دأب المخزن على التحكم في مختلف التطورات السياسية بالمغرب، وغالبا ما سعى إلى تحديد مسارها ومآلها مسبقا.
وإذا كان من السهل سابقا التحكم في مختلف خيوط الانتخابات والمؤسسات الدستورية والهيئات المنتخبة بالطريقة التي يريد، حسبما يخطط له، وذلك باعتماد مختلف الوسائل الممكنة، فإنه حاليا لم تعد يد المخزن طليقة حرة، وإنما أضحى مفروضا عليه احترام مجموعة من قواعد اللعبة.
ففي السابق كان يستنفر رجالا وآليات، ومؤسسات ومواقع، من أجل التحكم في الخريطة السياسية مسبقا، وهذا ما بينته التجربة السابقة من خلال جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية (الفديك) بعد تجنيد رضا كديرة، وبعدها كانت تخريجة "الأحرار" مع أحمد عصمان، ثم تلاه الاتحاد الدستوري مع المعطي بوعبيد وعبد اللطيف السملالي، وها هي تجربة جديدة في العهد الجديد قد تكون في طور التهييء مع فؤاد عالي الهمة، لكن هذه المرة برؤية جديدة وآليات وأساليب مختلفة تسعى إلى تكريس المصداقية والشفافية وتقعيد المجهودات المبذولة على قواعد صلبة من منطلق التنافس من أجل السيطرة على الركح السياسي واختراق المجتمع المدني، في إطار رؤية مخطط لها سلفا للإمساك بخيوط مختلف المعطيات والمحددات المؤثرة في المشهد السياسي.
هبّوا لمساندة عالي الهمة
هناك عدة جهات هبت لمساندة ودعم فؤاد عالي الهمة، ماديا ومعنويا، وفي هذا الصدد تساءل الكثيرون حول أهمية الميزانية، المتعددة المنابع والمصادر، التي صرفت على حملته الانتخابية.
مساندة رياضيين وفعاليات وازنة في المجتمع المدني "الراقي" وفاعلون إعلاميون وضعوا خبرتهم تحت تصرفه، وجمعيات مدنية وازنة وشركات إشهار، كما استفاد من عطايا مقتطعة من ميزانية مؤسسات بنكية مخصصة للمجال الثقافي والإشعاعي.
كما لم تُخْفِ فعاليات في مختلف المجالات مساندتها ودعمها الواضحين له ولحملته، من أمثال رجل الأعمال أخنوش رئيس جهة سوس ماسة – درعة، أبرز الوجوه الجديدة في الحكومة رقم 29، ومحمد مجيد، وعيوش، وفعاليات رياضية ذات صيت واسع من أمثال الكروج والحداوي وناضر، ومثقفين وساسيينبارزين من عيار محمد الكنيدري ومحمد الكحص، وصحافيين وإعلاميين كان يُشْهَد لهم بالأمس القريب بالنزاهة والترفع عن المصالح الموسمية.
كيف نسج " الهمة " شبكة
تحالفاته الاقتصادية والسياسية؟
1 النفوذ المالي
كثيرون تساءلوا عقب " الاستقالة " الشهيرة لكاتب الدولة في الداخلية السابق فؤاد الهمة، عن مغزى ذهاب صديق الملك من المربع الضيق للحكم.. تساءلوا عما إذا كان الأمر يتعلق بإقالة عقب غضبة ملكية على أقرب معاونيه، أم أنه كان عبارة عن إعداد لسيناريو سياسي بين الملك ورفيقه في الدراسة والحكم، تتمثل في إعداده لتسلم منصب الوزير الأول لحكومة ما بعد اقتراع السابع من شتنبر، أو " على الأقل " منصب وزير الداخلية.
انجلت " الغمة " عن المتسائلين، سيما الذين لم يكونوا يريدون الهمة في منصب سياسي حساس، يشفط طموحاتهم الوزارية، بل إن ثمة مَن ذهب إلى حد الاعتقاد بأن دور الهمة المحوري في بلاط محمد السادس كان قد انتهى، كما هو شأن رجل أعمال " مهم " بالدار البيضاء، كان من قبل من المحسوبين على شلة الهمة في أكثر من مجال، يخترق عالم المال، لذا سمح لنفسه بأن " ينفض " يده منه مُعتقدا أن الرجل قضي أمره، لكنه انتبه إلى خطئه - يؤكد مصدر وثيق الصلة بالموضوع – في الوقت المناسب لذا هرول، وهو الرجل المشرف على الستين، ويطوي جسده المنهك عدة أمراض أكثرها مزمن، إلى بلدة الرحامنة في عز حرارة شهر غشت الماضي، ليساند " صديقه " الهمة في حملته الانتخابية، وهناك لاحظ أنه لم ولن يكون الوحيد الذي " نزل " بماله و " وجهه " لمساندة " مرشح سيدنا". بل كانوا كُثر بشكل ضاقت ب " شهرتهم " و " أموالهم " بلدة الرحامنة، وأدخل يداه في أرصدته البنكية المنتفخة - يقول مصدرنا - واغترف منها الكثير، وبطبيعة الحال فإن الهمة لم يُوزع نقودا على " ناخبيه " لكن مستثمرنا الثري، فعل ذلك إلى جانب العديدين من " مناصري " الهمة في " دوره الانتخابي الجديد " حيث تقاطر الدعم " اللوجستيكي " والبقية كانت مجرد تفاصيل الحدث السعيد بفوز الهمة ليس بمقعده الانتخابي فقط، بل أيضا، حصد جراره أيضا المقعدان الملحقان بلائحته ضمن نسبة مشاركة قياسية في الانتخابات على المستوى الوطني.
وبذلك كانت الرسالة واضحة جدا للمترددين: الهمة ما يزال مشمولا بالحظوة الملكية، و " كملات الباهية " حينما عُرف ونُشر أن الرجل - أي الهمة دائما - شوهد إلى جانب الملك على متن سيارة مكشوفة، بأحد أكبر الشوارع بالدار البيضاء، لحظات قبل موعد الإفطار الرمضاني، وحينئذ قطع المهتمون " المعنيون " بصعود وهبوط مؤشر أسهم بورصة البلاط الملكي الرمزية، شكهم باليقين.
هل يتوقف القرب والبعد من مربع الحكم بالبلاط، عند مسألة الرمزية فحسب؟ يجيب أحد العارفين وابتسامة ساخرة تعلو محياه: " إننا بصدد مجالات السياسة وتعقيداتها وخصوصياتها المغربية" مستطردا " إن درجة القرب أو البعد من الملك على المستوى البروتوكولي، فضلا عن السياسي تمنح ما نصطلح عليه نحن المغاربة ب " الكلمة " وهذه الأخيرة لها وزنها ذهبا أو فضة أو ما دون ذلك حسب أمتار وسنتيمترات القرب المذكورة".
وحينما استزدنا مصدرنا العارف شرحا قال: " إن المستثمرين الطموحين، سواء مغاربة أو أجانب، يعرفون أن مسالة قياسات القرب المذكورة هي بمثابة المفتاح الذي لا تستعصي عليه الأقفال، وهذا أمر واضح بالنظر إلى أن السلطة في شتى مناحيها السياسية والاقتصادية، مجمعة في يد الملك، وبذلك فإن الكثير من المستثمرين الطموحين لا يضيعون أوقاتهم بالوقوف عند أبواب الحكومة، بل يذهبون رأسا لدق " الباب الكبيرة ".
وبطبيعة الحال فإن " الكلمة " لا تُمنح اعتباطا بل وفق آليات معقدة، ووساطات عديدة، وبذلك يتسنى للمقربين ضمن البلاط الملكي نسج علاقاتهم المعقدة في عالم السياسة والاقتصاد والمال، حيث المطلوب أن تقود " الشطارة " إلى اكتساح أكبر قدر من رقعة النفوذ حيث يتداخل المال بالاقتصاد بالسياسة بالصداقة".
فؤاد الهمة لم يشذ بطبيعة الحال عن القاعدة إياها، إذ يؤكد العديد من الذين " احتكوا " به في أكثر من ملف أن الرجل لم يكتف برتق (خياطة) شبكة المعلومة الاستخباراتية بشتى أنواعها ومضامينها، بل أيضا " تسلل " إلى عالم الاقتصاد والمال، ومن هنا - يؤكد أحد رجال الأعمال المغاربة – استطاع أن يلم شبكة من " الحلفاء " والأصدقاء، وهو ما مكنه من " ضبط " العديد من الأمور داخل بيت رجال الأعمال بالمغرب.
وما زلنا نتذكر كيف استطاع القصر بفضل تحركات رجال البلاط وفي مقدمتهم الهمة " إرجاع فيدرالية الباترونا المغربية إلى " الرشد " بعدما حاول رئيسها السابق " حسن الشامي " منحها استقلالية معينة، أو بالأحرى مسافة ببضع أمتار بعيدا عن القصر، وكان ما تعرفونه من " اندحار " الشامي، حيث وصل الأمر حد هبوط محتسبي وزارة المالية إلى مقاولات قيدوم المستثمرين المغاربة لجرد حساب سجله الضرائبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.