وزارة الفلاحة تلغي قرار عدم ذبح إناث الماشية    نتنياهو: دولة فلسطين انتحار لإسرائيل            بن عاشور: الأَنسيّة الديمقراطية تراث إنساني مشترك لا يحتكره أحد ولا يُروّض        رئيس الفيفا: كل شيء جاهز تقريبا.. يمكننا تنظيم كأس العالم من الآن    زيارة التهراوي.. انتقادات تطال المديرة الجهوية للصحة بجهة طنجة تطوان الحسيمة    ميناء طنجة المتوسط خامسًا عالميًا في كفاءة موانئ الحاويات        مسرح رياض السلطان يفتتح موسمه الثقافي الجديد ببرنامج حافل لشهر اكتوبر    "نوستالجيا".. عرض مضيء لطائرات "الدرون" بموقع شالة الأثري        شركات كبرى مثل Airbnb وBooking ضمن 158 شركة متورطة بأنشطة في المستوطنات الإسرائيلية    الداخلة على موعد مع النسخة الرابعة من منتدى "Africa Business Days"    نيويورك: بوريطة يجري سلسلة مباحثات على هامش الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة    بوريطة يجدد بنيويورك تأكيد التزام المغرب بتطوير الربط في إفريقيا    منشور الخارجية الأمريكية واضح ومباشر: لا استفتاء، لا انفصال، الصحراء مغربية إلى الأبد    بلال نذير يستعد للعودة إلى المنتخب بعد نيل ثقة الركراكي    سفينة عسكرية إسبانية تنطلق لدعم "أسطول الصمود" المتجه إلى غزة    وفاة رجل تعليم بالحسيمة متأثرا بتداعيات محاولته الانتحار    نساء "البيجيدي" يطالبن الحكومة بجدول زمني لتفعيل قانون محاربة العنف ضد النساء    الحكم على الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بالسجن لخمس سنوات    أكبر جمعية حقوقية بالمغرب تدين استهداف أسطول الصمود وتطالب الدولة بحماية المغاربة المشاركين    "أسطول الصمود" يتجه لقطاع غزة    رقم معاملات المجمع الشريف للفوسفاط يتجاوز سقف 52 مليار درهم    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بنبيل عيوش وآيدا فولش وإياد نصار    نقابة الصحافة ببني ملال ترفض المنع    مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو    ترامب يهدد بتغيير المدن الأمريكية المستضيفة للمونديال بسبب "انعدام الأمان"    الدفاع الجديدي يعلن طرح تذاكر مواجهته أمام الرجاء    فيدرالية اليسار الديمقراطي تعلن عن دعمها للمطالب الشبابية    وفاة فيغار مهاجم أرسنال السابق    الأصالة والمعاصرة.. من التأسيس إلى رئاسة حكومة المونديال    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض        عبد الوهاب البياتي رُوبِين دَارِييُّو الشِّعر العرَبيّ الحديث فى ذكراه    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس    جمجمة عمرها مليون سنة توفر معطيات جديدة عن مراحل التطور البشري            حجز 9 أطنان من الأكياس البلاستيكية المحظورة وتوقيف مروج بالدار البيضاء    كيوسك الجمعة | السياقة الاستعراضية.. الأمن يوقف 34 ألف دراجة نارية    النرويج: السلطة الفلسطينية تتلقى دعما ماليا طارئا من الدول المانحة        وزارة الداخلية تراهن على لقاءات جهوية في تحديث النقل بسيارات الأجرة    نبيل يلاقي الجمهور الألماني والعربي    عامل الرحامنة يحفز مؤسسات التعليم    "أولتراس الجيش" تقاطع لقاء بانجول    أخنوش: الملك يرعى أوراش المونديال    الاتحاد الأوروبي يوافق بشروط على علاج جديد للزهايمر    الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيناس دال يكتب: وفي المغرب، تكلم الملك...
نشر في هسبريس يوم 27 - 04 - 2011

استجابة لنداء 20 فبراير، يواصل عشرات آلاف المغاربة ينتمون لمشارب متعددة الاختلاف، تظاهراتهم تعبيرا عن عدم رضاهم، بالرغم من الإصلاحات التي تضمنها خطاب 9 مارس، إنهم يطالبون برحيل مستشاري الملك الأساسيين وكذا الوزير الأول.
نظام شمولي، فساد مستفحل، فوارق صارخة وبطالة مرعبة لاسيما في صفوف أصحاب الشواهد : هكذا، تبين للمسؤولين المغاربة، بشكل سريع جدا، أنه مع التغيرات الجارية بالقرب منهم، فكل السياقات تقود شعب المملكة، كي يوظف لحسابه التطلعات التي أشعلت ثورات التونسيين والمصريين. أقل من شهرين على سقوط الديكتاتور التونسي زين العابدين بن علي، اضطر الملك محمد السادس كي يستجيب إلى المطالب الشعبية : يوم 9 مارس، ألقى خطابه الأكثر أهمية خلال كل فترة حكمه، معلنا عن ((إصلاح دستوري شامل)). تطور، بالتأكيد، لكن هل سيكون مفيدا ؟
منذ شهور، ازدادت الدعوات المنادية بملكية دستورية حقيقية تتسامى عن كل نزوع نحو المال والأعمال،سواء من قبل الشبكات المجتمعية والمناضلين الجمعويين ولدى التشكيلات الصغيرة لليسار أو إسلاميي العدل والإحسان (تنظيم سلمي، يضم بين صفوفه مائتي ألف منخرط). فبعد انتظارهم، لأسابيع قبل التفاعل مع وقائع تونس ومصر، خرج هؤلاء عن صمتهم معلنين رفضهم تحويل النظام المغربي إلى نموذج ثان ل "بن علي"، بالتالي دعوتهم من أجل الانضمام إلى ما سيشكل فعلا تأسيسيا : المسيرة السلمية، لتحقيق كرامة الشعب بتاريخ 20 فبراير 2011. ذاك اليوم، وبعد تحديهم لسوء أحوال الطقس والتشويه الإعلامي والحواجز الطرقية ورفض الأحزاب الرسمية المشاركة، فقد التحق على الأقل عشرة آلاف شخص بتظاهرات الرباط وأكادير والحسيمة ومراكش (حيث وقعت أحداث)، ثم في حدود النصف تقريبا بمدينة الدار البيضاء.
منذ منتصف شهر فبراير، حين دب الخوف بين صفوف أصحاب القرار، أسرعوا إلى ضخ 15,7 مليار درهم (1,4 مليار أورو إضافية)، للموازنة نتيجة ارتفاع أثمنة المواد الضرورية على مستوى السوق العالمية. مبلغ، انضاف إلى 17 مليار درهم (1,5 مليار أورو)، التي جاء بها قانون المالية لسنة 2011. بعيدا عن الاستفزازات التي كانت تحدث في السابق، لما اختارت السلطة تدبير ملف البائعين المتجولين تماما مثل الأطر المعطلة، حيث خصصت لهم 1800 منصب شغل. اتجهت أولويتها ؟ صوب نزع فتيل الاضطرابات الاجتماعية القائمة : أعيد إدماج عمال الشركة المغربية للدراسات المتخصصة والصناعية، بخريبكة، ثم الاستجابة لمطالب بعض فئات المدرسين، كما حسمت بمعجزة، قضايا عدة ملفات ظلت متحجرة فوق الرفوف طيلة سنوات (أو قدمت وعود حلول). أخيرا، ومع بداية شهر مارس، حول محمد السادس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي أضحى محل انتقاد شديد، إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بحيث صار مؤسسة ذات سلطات ملزمة تتوخى توطيد دولة القانون.
خطوات إيجابية، لكنها مع ذلك بعيدة عن تلبية طموح التغيير عند غالبية المغاربة. يوم 9مارس، وسعيا منه لطمأنة الخواطر، دعا محمد السادس مواطنيه إلى التحرك في إطار "ورش دستوري كبير". فترة عشر سنوات، والشعب ينتظر.
فساد، شطط في استعمال السلطة، إهدار لحقوق الغير، تزايد الفوارق الطبقية وكذا نسب البطالة : منذ سنوات ارتفعت حدة الضجر. مؤخرا، شهد المغرب اندلاع انتفاضات كثيرة، هنا أو هناك أحيانا اتخذت طابعا عشائريا في مناطق مثل صفرو والناظور والحسيمة وتينغير وبن سميم وجرادة، إلخ. عند كل مرة، تصرخ الساكنة معبرة عن إحباطها ومطالبة بحقوقها في الصحة والتعليم والعمل أو الكرامة بكل بساطة.
سيدي إفني، شهر يونيو 2008، تمثل ربما الحالة الأكثر رمزية. لقد أحس سكان المرفأ الصغير، المرتبطين بقبيلة أيت باعمران، بأن الجميع قد تخلى عنهم، فأعلنوا تمردهم عن السلطة المحلية. غير، أن الدولة لم تتردد في إرسال آلاف من وحدات التدخل السريع (السيمي) أصبحت منذ 2006 مجموعات التدخل السريع للدرك الملكي (GIGR)) بهدف قمع المتظاهرين. سنة بعد ذلك، وحين إجراء الانتخابات الجماعية، سمح المسؤولون لرؤوس هذه الحركة الاحتجاجية كي يشرفوا على الفريق الجديد للبلدية.
من جهة أخرى، ظهرت قبل سنوات تنسيقيات تباشر داخل كل المغرب، أفعالا منتظمة تتوخى النضال ضد غلاء المعيشة واهتراء المرافق العمومية : نحصي في هذا الصدد ما بين 60 و 80 تنظيما. تتميز بالفاعلية الكبيرة للنساء، ويشرف عليها مناضلون ينتمون إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أو اليسار الجذري. نجد في الدار البيضاء تنسيقية ديناميكية، تصارع ضد ارتفاع الأسعار. وبالنسبة لبلد، لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجور قليلا مبلغ 2000 درهما أقل من 200 دولار كي تعيل أسرة بكاملها، فالأمر يمثل بالفعل هما حقيقيا.
تمكن التنسيقات، من تجنب الانزلاقات، بالحفاظ على خط تماس مع المخزن، اسم يعني جهاز الدولة. في المقابل، الأخير لا يراعي لهذه التنسيقيات جانبا. فالدولة شرسة، لاسيما مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الأكثر دينامية، حتما، من ين كل التنظيمات العربية المدافعة عن حقوق الإنسان، وإحدى آخر معاقل المقاومة الشديدة للنظام، بالتالي، فعناصرها ملاحقة باستمرار وعرضة للمضايقات بل و التعنيف.
رغم ذلك، المغرب ليس تونس، وعلى النقيض من بن علي الذي كرهه شعبه، فإن خليفة الحسن الثاني يحتفظ بتقدير عند فئات واسعة من المغاربة. أيضا وضعه كواجهة روحية للمغاربة أمير المؤمنين وينحدر من النبي أضفى على محمد السادس، حظوة لدى الشعب. تتعدد زياراته نحو الشمال والجنوب، مدشنا مشاريع متعددة متواضعة غالبا جعله يسرق الأضواء من وزرائه والمنتخبين المحليين. يقول أحد الموظفين الكبار: ((يجسد ذلك، أسلوبه في التواصل بما أنه لا يتقن كثيرا إلقاء الخطب)). كذلك، يعترفون له المغاربة بالأمن الذي يسود البلد.
يجد الملك، نفسه موضوع انتقاد لا يقل صرامة، مبعثه جزء من المعارضة السياسية التي تنشط خارج قبة البرلمان، وكذا تنظيمات عديدة. عرفت الملكية، خريفا صعبا سنة 2010 : بعد خمسة عشر يوما من المواجهات، عقب التفكيك العنيف لمخيم صحراوي بالعيون بين 29 أكتوبر و 10 نوفمبر، جاءت تسريبات موقع ويكيليكس لتفضح جشع القصر الملكي في القطاع العقاري، فكان لهذه المعلومة دوي قنبلة لاسيما خارج المغرب. ألم يتحدث سفير أمريكي سابق عن "الشراهة المقززة" لبعض "أقرباء" الملك؟ حينما نتخيل ذلك، سيغدو مستحيلا، الانخراط في مشروع عقاري مهم دون المرور من بوابة الشروط المهنية، لمنير الماجدي (رجل أعمال وسكرتير الملك الخاص) وفؤاد علي الهمة (صديق الملك و "الرجل القوي" للنظام) بل والملك نفسه. واقع حسب الديبلوماسية الأمريكية : ((يدحض حتما، الحكامة الجيدة، التي تسعى الحكومة المغربية إلى بلورتها)).
عتمة مطلقة تحيط بالعقار، وبشكل خاص سندات المِلْكية، لدى العائلة المَلَكِية. هكذا، بوسع الأخيرة، وبأثمنة منخفضة الحصول على أراضي صالحة للتعمير وإعادة بيعها وفق أثمنة السوق، محققة بذلك أرباحا طائلة. يشتكي أحد الصناعيين، قائلا : "نحس بالعجز الكلي". لأن صاحبنا رغب في قطعة أرضية تبلغ 3 آلاف هكتار، تقع جنوب الدار البيضاء، لكن يد القصر امتدت إليها.
يعتبر الملك أكبر مالك للأرض في المغرب، مساحة لا تقل عن 12 ألف هكتار ومن النوع الخصب جدا. لذلك، قرر الملك، دون أية استشارة أن يمدد إلى غاية 2014 امتياز الإعفاء الضريبي الذي استفاد منه الفلاحون خلال 30 سنة. إجراء سنه الحسن الثاني سنة 1984 نتيجة جفاف قوي، إلا أنه ينبغي أن يظل ظرفيا.
حسب ما أوردته المجلة الأمريكية « Forbes »، تضاعفت ثروة محمد السادس خمس مرات بين سنوات 2000 و 2009، كي تتجاوز 2,5 مليار دولار. نهجه، وكذا ما يصدر عن محيطه، يثيران أكثر فأكثر غضب رؤساء المقاولات، لاسيما في قطاعات العقار والصناعة الغذائية والأبناك وكذا المحلات التجارية الكبرى. مع بداية سنوات 2000، عبر الباحث السياسي "ريمي لوفو" « Rémy leveau » المتهم شيئا ما في عدائه للمملكة عن قلقه من الحس التجاري، المسيطر على الملك الشاب، يقول : ((بالنسبة إلى نظام يبتغي الانتقال الديمقراطي، فلا يجدر بالملك أن يكون مقاولا أو يسعى إلى مزاحمة المقاولين)) ولا توظيف العدالة، خدمة لمصالحه... .
بداية شهر مارس، فإن ميلود الشعبي رئيس هولدينغ »ynna » جذب نحوه الانتباه بتصريح، انتقد من خلاله بشدة مرة أخرى حسب قوله التعامل التفضيلي الذي يتمتع به منافسه الرئيسي "أنس الصفريوي"، ملياردير آخر، يدير مؤسسة الضحى وينعم بدعم من طرف القصر الذي يساعده كثيرا في الميدان العقاري. هكذا، خلقت الضحى مجموعة مشتركة مع ((وكالة الإسكان والتجهيزات العسكرية))، ملتزمة ببناء 37 ألف سكن اجتماعي. ميلود الشعبي، الذي نزل إلى شوارع الرباط أثناء تظاهرة 20 فبراير يعتبر هذه الشراكة "خطيرة جدا" : لا عروض قدمت، مع انعدام لكل مظاهر الشفافية.
هالة الإعجاب، التي أحاطت بالملك أثناء سنوات حكمه الأولى، تبددت الآن .في سن الثامنة والأربعين، استأنس بوظيفته، ومثل سابقيه يبقى الوجه المركزي للنظام. الذين يتطلعون إلى تغييرات دستورية مهمة، تعطي ثقلا وازنا للبرلمان وعبره الأحزاب السياسية، يستمر تعطشهم قائما. ليس فقط، لأن الملك لم يكشف عن أية إشارة، تؤكد إرادة تغيير الدستور (قبل 9 مارس)، لكنه أيضا وبواسطة صديقه الهمة، أضعف إلى حد ما طبقة سياسية، لم يكن ينقصها الأمر. لقد أنشأ الأخير، شهر غشت 2008، حزبا اسمه الأصالة والمعاصرة، بهدف شل الحركة الإسلامية، ونجح بضربة معلم، في احتلال المرتبة الأولى إبان الانتخابات التشريعية ليوم 12 يونيو 2009، ب % 21,7 من نسبة المقاعد، متقدما على حزب الاستقلال، حزب الوزير الأول عباس الفاسي ب % 19,1 ثم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ب % 10,8 والإسلاميين في شخص حزب العدالة والتنمية ب %5,4.
أما الطبقة السياسية، على الأقل الممثلة برلمانيا، فلا يأخذها المغاربة كثيرا بعين الاعتبار أو يحتقرونها بشكل واسع. ماعدا، حفنة من نواب اليسار الجذري، نلاحظ أيضا بأن إسلاميي العدالة والتنمية لازالوا في منأى عن الشعور بالاستياء العام، لكن خلافات قادتهم تزعج جماعة الناخبين وتحرم الحزب من الوضوح. انتهازية بعض المنتخبين من كل الاتجاهات، سهلت مأمورية حزب الأصالة والمعاصرة، الذي لم يجد أمامه صعوبة تذكر لإغوائهم، كما ضم إلى صفوفه بعض قدماء معتقلي اليسار. غير، أن أقصى درجات العبث، تجلت قبل الانتخابات البلدية لسنة 2009، عندما أعلن البام انتقاله إلى صفوف المعارضة. هذا "التهريج" حسب تعبير لمدير مجلة "تيل كيل" يخول، إمكانية فهم لماذا امتنع ثلثي المغاربة عن التصويت.
أيضا، أخبار المملكة تزعج أكثر فأكثر المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية، كما يندرج بانتظام صوت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى جانب أمنيستي الدولية وكذا "هيومن رايتس ووتش"، بهدف الإبلاغ عن ارتداد ما.
من بين محاكمات عديدة مسيئة، نقف على تلك التي عاشها رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان، والحاملة للواء النضال ضد تهريب المخدرات في شمال المغرب: لقد حكم على السيد شكيب الخياري بداية سنة 2009، بثلاث سنوات سجنا بتهمة "المساس بهيئات نظامية". موقف، يخفي غضب المسؤولين، من الخياري الذي أبلغ عن مجاملتهم لمهربي المخدرات، وتساهلهم بل تواطؤهم. عداوة القوات النظامية، صارت حاجزا شهر يناير 2011، أحال بينه وتسلم جائزة "النزاهة" الممنوحة من طرف منظمة "ترانسبارنسي المغرب" للخياري وعبد الرحيم برادة محامي أبراهام السرفاتي الذي توفي شهر نوفمبر الأخير.
نفس المحاكم، جثمت بيدها الثقيلة على الصحافة المستقلة، جراء انزعاج سلطة يقل صبرها شيئا فشيئا اتجاه النقد. غرامات ضخمة مصحوبة بعقوبات سجنية، نتج عنها إغلاق مجموعة منابر صحافية مثل : الجريدة الأسبوعية وأخبار اليوم ونيشان والجريدة الأولى، إلخ. بالموازاة، ضمن النظام لنفسه خدمات بعض الأقلام المشهورة التي كانت سابقا لاذعة، فتحولت آنيا بشكل مخز، إلى تبني الأطروحات الرسمية.
في السياق ذاته، نتلمس تربصا بالصحافة الأجنبية، فمنذ أكثر من سنة لا يريد وزير الاتصال قبول اعتماد صحافي مغربي يشتغل مع وكالة "فرانس بريس". بدورها وكالة "رويتزر" تعرف نفس الصعوبات. فالاستقلال الفكري، لهذين الصحافيان وقد كان أحدهما رئيس تحرير الصحيفة الأسبوعية، يعتبر أمرا مرفوضا لدى الأجهزة الأمنية. كما، يتساءل أمثالهم الإسبان عن إمكانية تجديد الترخيص لهم. أيضا، قناة الجزيرة، تم تعليق أنشطتها خلال نهاية شهر أكتوبر 2010، لأن مسؤولي المملكة اعتبروا القناة القطرية "تمارس تعتيما على صورة البلد".
من جهة أخرى، ودائما فترة سنة 2010، طرد المغرب ما يزيد عن 100 بروتستاني أجنبي، بتهمة التبشير. وإذا طرح سلوك بعض الإنجيليين إشكالا، فإن حالة عشرين منهم، أخذوا على عاتقهم مسؤولية ثلاثين يتيما بعين اللوح بالأطلس المتوسط، أثارت زوبعة داخل المغرب وخارجه. فجأة حرم هؤلاء الأطفال من سند أشخاص تكفلوا بهم، حضروا إلى المغرب منذ عشر سنوات وامتثلوا لقوانين المملكة، والتزموا بتربية مجموعة يتامى بناء على قواعد الدين الإسلامي. لقد ظهر بأن السلطة المغربية، أرادت فقط إرضاء مطالب بعض الإسلاميين، على الرغم من اعتراضات الفيدرالية البروتستانية في فرنسا وسفير الولايات المتحدة الأمريكية وكذا "هيومن رايتس ووتش".
شهر دجنبر 1952، انتفضت كل إفريقيا الشمالية وبشكل خاص الدار البيضاء، بعد اغتيال النقابي التونسي فرحات حشاد قرب تونس العاصمة من قبل مجرمين فرنسيين. ستون سنة بعد ذلك، المغاربة الذين يتحمسون ويتحفزون دائما لكل ما يجري على مستوى باقي شمال إفريقيا، سيطالبون من مسؤوليهم، الخضوع للمحاسبة. رسائل موجهة إلى الملك ومقالات افتتاحية تميزت غالبا بلغتها القوية وعرائض ورسائل إلكترونية وبيانات تتضمنها مختلف مدونات الأنترنيت، تتضاعف من أجل الدعوة إلى إحداث تحولات عميقة وانتقال ديمقراطي "لا رجعة فيه" حسب تعبير الكاتب والشاعر عبد اللطيف اللعبي.
مثلما يلاحظ، فؤاد عبد المومني مستشار في التنمية واقتصادي، فما وقع في تونس يظهر بأن "الكمّامة والقمع والفساد والاستقواء بقوى خارجية لا يمكنها بتاتا، أن تشكل سدا أمام إرادة الشعوب".
لاشك، أن محمد السادس أدرك مكمن الورطة. مع ذلك، حتى إذا ترك خطاب 9 مارس صدى طيبا، فقد انطوى على أسئلة متعددة. أولا، نلاحظ هذا التعارض الجوهري بين الرغبة في إقامة ملكية دستورية حديثة، ثم استمرار البعد المقدس لنظام المملكة، الذي يتم تأكيده مرة أخرى. إذن، فاعل سياسي أساسي يتحتم إخضاعه للمراقبة والانتقاد، لكن من يحق له الأمر وكيف ؟ اللجنة التي تشكلت لغرض تهيئ الإصلاح، ربما ستخيب الآمال، إذا استحضرنا طبيعة تركيبتها، فأغلبية عناصرها قريبة من النظام.
تكلم محمد السادس عن قضاء "مستقل"، لكنه لم يقل شيئا عن الفساد الذي ينخر المغرب، وكذا النزعة التجارية، التي تنغمس فيها بطانته، بل ولا كلمة عن الدور الذي ينبغي أن يكتفي به فؤاد علي الهمة، الحاضر كليا في الحقل السياسي.
يواجه الملك، حقلا ضخما وممتلئا بالأفخاخ. لكن، وتحت العين المتيقظة للمغاربة وكذا "أصدقاء المغرب" ينبغي أن يبقوا أكثر إلحاحا في علاقاتهم مع المملكة توجد أمام المغرب ومحمد السادس، فرصة وحيدة بغية تأسيس نموذج أصيل في التطور والتنمية. الدعم الشعبي، الذي لا يزال يستفيد منه الملك، ينبغي أن يستثمره لإنجاح هذه المهمة الجبارة.
*عن لومند ديبلوماتيك ( أبريل 2011)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.