انتصار البداية يعزز ثقة "أسود الأطلس" في بقية مسار كأس إفريقيا للأمم    الاستيطان يتسارع في الضفة الغربية ويقوّض فرص قيام دولة فلسطينية    أزيد من 60 ألف متفرج في المنتخب    بعد الفوز على جزر القمر .. الركراكي يؤكد صعوبة مباريات افتتاح "الكان"    رصيف الصحافة: النيابة العامة تنتظر نتائج تشريح جثة رضيعة في فاس        أمطار غزيرة تعم جماعات إقليم الحسيمة وتنعش آمال الفلاحين    المديرية العامة للأمن الوطني ترفع جاهزيتها لإنجاح العرس الإفريقي    ولي العهد يترأس حفل افتتاح كأس إفريقيا للأمم    تعليق الدراسة بعدد من المؤسسات التعليمية بإقليم الحسيمة بسبب الامطار والثلوج            تصعيد ديموقراطي ضد إدارة ترامب لمحاولتها التعتيم على "وثائق إبستين"    تصعيد خطير بعد دعوات لطرد الإماراتيين من الجزائر    فرض مبالغ إضافية دون مقابل يثير الجدل في مقاهي طنجة خلال كأس أمم إفريقيا    في الذكرى الخامس للتطبيع.. تظاهرات بالمدن المغربية للمطالبة بإسقاطه ووقف الجرائم في فلسطين    ماكرون يبحث في أبوظبي فرص التعاون    الليلة تبدأ الحكاية    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وهبات رياح من اليوم الأحد إلى الأربعاء المقبل    وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم إستراتيجيتها لدعم قطاع التجارة في القدس برسم سنة 2026    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات عسكرية ميدانية بأقاليم أزيلال والحوز وميدلت    إنفانتينو يشيد بالمملكة المغربية مؤكدا قيادتها كرة القدم الإفريقية    دليلة الشعيبي نمودج الفاعلة السياحية الغيورة على وجهة سوس ماسة    أدب ومحاكمة ورحيل    "مجموعة نسائية": الأحكام في حق نزهة مجدي وسعيدة العلمي انتهاك يعكس تصاعد تجريم النضال    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    أزمة المقاولات الصغيرة تدفع أصحابها لمغادرة الحسيمة ومهنيون يدقون ناقوس الخطر    مغربي مرتبط بالمافيا الإيطالية يُدوّخ الشرطة البلجيكية    ضيعة بكلميم تتحول إلى مخزن للشيرا    التعويض عن الكوارث جزء أصيل من إدارة الأزمة..    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    السعدي: أعدنا الاعتبار للسياسة بالصدق مع المغاربة.. ولنا العمل وللخصوم البكائيات    "فيسبوك" تختبر وضع حد أقصى للروابط على الصفحات والحسابات المهنية    حركة "التوحيد والإصلاح" ترفض إعلانًا انفصاليًا بالجزائر وتدعو إلى احترام سيادة الدول    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    اختتام حملتي "حومتي" و"لقلب لكبير" بجهة طنجة تطوان الحسيمة: مسيرة وطنية بروح التضامن والعطاء    نقابة التعليم بالحزام الجبلي ببني ملال تنتقد زيارة المدير الإقليمي لثانوية بأغبالة وتحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع    أجواء ممطرة في توقعات اليوم الأحد بالمغرب    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة صلاح الوديع إلى بنكيران ؟؟؟؟
نشر في هسبريس يوم 29 - 07 - 2016

فرحت كثيرا عندما سمعت ان مثقفا بعث برسالة إلى رئيس الحكومة، وقلت في نفسي و أخيرا سنسمع لمثقفينا همسا، وهرعت إلى محرك البحث غوغل لأبحث عنها و أقرأها بتمعن و تركيز .... فهي رسالة مثقف ... و ليست ككل الرسائل ... و ليس أي مثقف ... إنه صلاح الوديع.
قرأتها في البداية قراءة سريعة و متلهفة أبحث في ثناياها عن أشياء تشفي عطشي "الذي طال" لرسائل مثقفينا. .. رسائل تكون جميلة ومنمقة و حمالة لمعاني كبيرة ...
لكنني صدمت ....
وجدت نفسي أمام رسالة لا ذوق و لا معنى لها و لا حقائق بها ...
أعدت قراءتها ثانية و ثالثة ... وفي كل مرة يخيب ظني ...
لم أكن أريدها رسالة ترمي بنكيران بالورود ... بل كنت أريدها صدقا... رسالة ناقدة و عميقة و دقيقة. .. تقرأ في واقعنا ما لا يقرأه العامة ... و تستحضر معطيات تاريخية ينساها الجميع إلا المثقف. ..
فوجدتها رسالة من شخص يدعي الثقافة و هي منه براء و يدعي اليسارية و هي أيضا منه براء و يدعي الانتماء إلى مرحلة تاريخية و يحاول تأميمها ، و وجدت نفسي أمام حزبي ضعيف و متخبط يحاول جاهدا الدفاع عن حزبه و تلميع صورته المخدوشة و المشوهة من الولادة.
عندما يحمل المثقف "الحقيقي" قلمه يكتب للحاضر و للمستقبل، لهذا نجد رسائل كتبت منذ زمن طويل جدا مازالت تحيا بيننا... و نقرأها و نتذوقها و نستلهم منها الدروس و المعاني. ..
فكم ستعيش رسالة مثقفنا هذا .. و ما الذي تحمله يمكن أن يعيش لما بعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة...
بحثت و نقبت كثيرا لكني لم أجد أبدا أشياء تستحق القراءة و يمكن أن نحفظها للأجيال القادمة....
يكتب المثقفون ما يعجز الآخرون عن استنباطه. .. و يكتب المثقفون ما يخشى الآخرون كتابته. .. فهم يتميزون بالقوة في الاستنباط و التحليل ... و الجرأة في الجهر بالحقائق و الشجاعة في مواجهة التحديات و الصعاب. ..
وسأكون مضطرا لأذكر مثقفنا بكلمات سبق وأن أرسلتها له بعد أن اتهم كذبا قيادات البيجدي بحضور عرس القرضاوي ورغم كل الأدلة التي قدمتها له لم يمتلك جرأة المثقف ولا شجاعة السياسي ليعتذر عن الكذب الذي نشره لأنه ممزوج بالحقد ... فالهدف بالنسبة إليه ليس الحقيقة و لا الانتقاد و لكن نشر الكراهية....
إن أهم شيء يتميز به المثقف هو انحيازه للجمال والحب والخير والحق والعدل، لكن عندما ينحاز المثقف لأسياده و لحزبه ولقبيلته يصبح آلة كتابة يستعملها من شاء وكيفما شاء.
يكتب المثقفون الحقيقيون بعد لحظات تأمل طويلة، لهذا كلماتهم تعيش بيننا عمراً طويلاً، ويحفظها التاريخ للأجيال التي تأتي من بعد، أما أشباه المثقفين فكتاباتهم المتسرعة ليست سوى أداة للامتطاء نحو المناصب والمكاسب، ولهذا نرمي يوميا بالعشرات من الكتابات (الشخبطات) في سلة المهملات، دون أدنى شعور بالندم، لكننا نحتفظ و لسنوات طويلة بأسماء الأدباء والشعراء والمثقفين وبكتاباتهم ، نتناقلها ونورثها لأبناءنا بل ونحفظ جزءا منها في قلوبنا وذاكرتنا.
يكتب المثقفون الحقيقيون بعد بحث وتعب وكد و سهر، ينتقلون هنا وهناك ويحاوِرون هذا وذاك وقد يقطعون المسافات الطويلة بحثا عن المعلومة وعن الحقيقة، ليقدموا لجمهورهم عصارة جهدهم وبحثهم وأفكارهم، فتجد كلامهم قويا، صادقا، موزونا وعذبا ورقيقا تطرب له الأذن وتنشرح له الأسارير وتطمئن له القلوب، أما أشباه المثقفين فيجلسون في مكاتبهم الوفيرة والمكيفة، يدبجون شخبطات لا وزن لها يبيضونها كما الدجاج الرومي.
المثقف حامل لمشروع فكري قد نختلف مع مشروعه لكننا لا نملك إلا أن نحترمه، لأنه يعبر عن أفكاره بقوة لكنها ممزوجة بالصدق وموضوعة بأدب واحترام، وهو لا يكتب فقط لعشيرته و حزبه بل يكتب للجميع و يسعى لإقناع الجميع بأفكاره ومواقفه ورؤاه.
كان بودي أن أناقش رسالتك يا صلاح و آخذ منها و أرد لكنني وجدتها رسالة حاقدة ومنحرفة و قبل كل ذلك قبيحة.
رسالتك يا صلاح للأسف لا علاقة لها بالجمال و لا بالحب و لا بالخير ولا بالحق و لا بالعدل...
رسالتك للأسف ليس فيها تأمل و لا تعب و لا كد ولا حقائق ولا صدق و لا أدب و لا احترام....
فكيف تريدنا أن نتفاعل معك ... وأي دور يمكنك أن تلعبه كشخص يدعي الانتماء إلى حقل الثقافة في بناء الأفكار و تناقحها و تفاعلها و يساهم في بناء مستقبل زاهر و وطن يتسع لكل أبناءه.
تكلمت يا صلاح عن اليسار لكن الذي أعرفه هو أنك من اليسار المحبط الحاقد على الملكية و الذي كان يحلم بالجمهورية و بالانقلاب و خطط لذلك مرات وتحالف مع العسكر لتحقيق مآربه وباءت كل محاولاته بالفشل، و اصطدمت بإرادة صلبة لملك وشعب.
و الذي أعرفه أنك كنت حاقدا على الراحل الحسن الثاني ومازلت وهو ما أكدته اليوم في رسالتك هاته عندما قلت "أن ما يشفع لرفاقك بالبام أنهم لم يستكينوا للتحكم الحقيقي الذي جسده منفذ السياسة السلبية للراحل الحسن الثانى ..."، ثم قلت في فقرة أخرى "لقد كان لرجالات النضال الديمقراطي بالأمس كامل الشجاعة لمعارضة رئيس الدولة الراحل رحمة الله عليهم جميعا وجها لوجه ليواجهوه علنا بكون حكمه مستبدا و قمعيا و ظالما و هو ما أكدته هيئة الإنصاف و المصالحة " (و كذب على هيئة الإنصاف و المصالحة فهي لم تقل أن حكم الحسن الثاني كان مستبدا و قمعيا و ظالما ).
لا أريد أن أدخل في تفاصيل تلك المرحلة و أتكلم عن الانقلابات و المؤامرات و الدسائس، لكن أريد أن أسطر على مجموعة من الخلاصات أولها أن الذين يحقدون على الملك الأب لا يمكن أن يحبوا الملك الابن، ثانيها أننا نعيش الاستمرارية و ليس القطيعة مع مرحلة الحسن الثاني رحمه الله وهذا ما أكده الملك محمد السادس منذ توليه العرش و هذا ما يؤكده كل المغاربة، ثالثا مبادرة الإنصاف و المصالحة هي شجاعة من ملك متسامح يحب وطنه وشعبه و يضع مصلحتهم فوق كل اعتبار، وهو ما دفعه إلى طي صفحة ماض لوثته الدسائس و أدى الجميع الثمن غاليا، لكن يبدو أن أصحاب القلوب الضعيفة و المهزوزة لا يريدون طي تلك الصفحة ...
قلت يا صلاح عن الأصالة والمعاصرة أن "ما يشفع لهذا الحزب عندك أن فيهم شباب و نساء و نخب جديدة تتمنى الإسهام في بناء بلدها عبر تجاوز سلبيات الماضي" .... أ هكذا نقيم الأحزاب يا مثقف ... أين البرامج و الرؤى أين الأفكار و المرجعيات. ..
أنا متأكد يا صلاح أنك تتفق مع بنكيران في موقفه من الأصالة والمعاصرة و لكنك تحاول إخفاء هذه الحقيقة المؤلمة لك، لأنك جزء منها.... و حتى عندما تخلصت منها لم تمتلك شجاعة مصارحة المغاربة بهذه الحقيقة ... لهذا أنت تبحث لهذا الحزب عن ما يشفع له عندك .... فعندما نقول "أن ما يشفع لفلان عندي ..." أي ما يغفر له خطيئاته ويجعلني أتقبله أو أسامحه ، فأنت إذن تتفق مع بنكيران و تبحث فقط لهذا الحزب عن ما يشفع له فوجدت أن ما يشفع له هو وجود شباب و نساء و أطر وووووو ...
تبحث يا صلاح لهذا الحزب عن الشفاعة، لكن المغاربة يريدون حزبا يحمل همومهم و آلامهم و آمالهم و لا يريدون حزبا أصحابه و مؤسسوه غير مقتنعين به و غير مؤمنين به و يبحثون له عن الشفاعة.
كان الأحرى بك أن تصارح المغاربة و تشرح لهم الأسباب الحقيقية التي جعلتك تغادر الحزب الذي ساهمت في تأسيسه و أن تشرح لهم لماذا يحتاج حزبك للشفاعة. .. وأن تقول لهم لماذا فشلت حركة لكل الديمقراطيين و أين هي الآن و ماذا حققت .. و أن تشرح لنا كيف تأسس الحزب و بمن تأسس و عن مشاريعه الظاهرة و الخفية ، عليك أن تقول للمغاربة وبكل صراحة و وضوح أننا جئنا لمحاربة العدالة والتنمية و محوه من الخريطة السياسية، عليك أن تقول للمغاربة أننا جمعنا جزءا من اليسار المحبط الطامح للمناصب بجزء من الليبراليين المتوحشين للثروة بآخرين مغرر بهم و آخرين تم تهديدهم. ...، عليك أن تقول للمغاربة أننا أسسنا حزبا وفي الغد جمع لنا البرلمانيون من كل حدب و صوب و أصبحنا الحزب الأول في البرلمان مع أننا لم نشارك في الانتخابات. .
أشياء كثيرة عليك أن تقولها للمغاربة لكنك لا تمتلك الشجاعة لقولها .... و تمتلك فقط شجاعة مهاجمة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ... و فقط. ..
عبت على رئيس الحكومة أنه لم يشارك في إعداد تقرير الخمسينية و لا في تقرير هيئة الإنصاف و المصالحة رغم أن المغاربة كلهم يعرفون السياق الذي أعدا فيه و من شارك و من لم يشارك و لماذا لم يتم إشراك هذا و ذاك. .
لكن يا صلاح ليس بنكيران وحده الذي لم يشارك في إعداد هذان التقريران، فأنا أيضا لم أشارك و أبي لم يشارك و أمي لم تشارك و لشكر زعيم الاتحاديين ورفيقكم لم يشارك و شباط زعيم الاستقلاليين لم يشارك و نبيل و لعنصر و مزوار ووو ... فهل عليهم أن يرحلوا أم أن يخجلوا أم تريدهم أن ينحنوا لكم أنتم معدوا هذان التقريران المقدسان. ...
لكن أخطر ما قلته ياصلاح و جعلني أشفق لحالك وحال بعض المثقفين أمثالك و الذين يتنكرون لتاريخهم و لدينهم و لشعوبهم و لا يفهمون حاجيات مجتمعاتهم هو مهاجمتك لدين الإسلام الذي نعرفه نحن المغاربة جيدا و لا نحتاج لا لك و لا للحركات الوهابية و لا لجماعة الإخوان... لا نحتاج لأحد ليعلمنا إياه، إنه الدين الذي رضعناه مع لبن أمهاتنا إنه الدين الذي علمنا كيف نحب و كيف نسامح و كيف نساعد و كيف نصنع الحياة إنه الدين الذي نريده معنا و نحن في المسجد و في البيت و في المدرسة و في العمل و في البرلمان و في الحكومة ... إنه الدين و الدنيا كلها. ..
أشفق لحالك يا صلاح عندما قلت :" .... إن استراتيجية حركات الاسلام السياسي – ولا أقول الإسلام كدين – الداعية إلى الاعتداد المطلق والحصري بالماضي وإلى تقديم الاسلام بصفته “هوية” نمطية تتجسد في الصورة الجامدة العابرة للعصور وفي الشكل الهلامي المتمدد والمتقلص بحسب متطلبات السياسة، من الحريرية منها إلى المتوحشة، هذه الاستراتيجية هي ما يبرر ادعاء الغرب بأن الاسلام غير قابل للتطور، وادعاءه بأن شعوبه تستحق التهميشَ من منتدى الدول والأوطان، وبذلك يبرر العداء لها بل والحروب الاحترازية الظالمة عليها..... "
بمعنى "أسي صلاح" أن هذا الغرب كان يحبنا قبل ظهور حركات الإسلام السياسي ، واستعمرنا فقط ليشبعنا قبلا و ليس رصاصا، و لم نكن نعاني تهميش هذا الغرب حتى ظهر بنكيران و إخوته .. بل كنا في منتدى الدول والأوطان قبل أن تظهر حركات الإسلام السياسي . .. وعداء الغرب لنا مبرر و حروبهم الظالمة علينا هي فقط احترازية. .. تريد تحريف التاريخ و علاقتنا بغربك كيف كانت عبر العصور ...
وبعد ذلك يقدم لنا صاحبنا المثقف "جدا" تفسيرا عظيما و يقول : " ولذلك تقوم تلك القوى العظمى بدعم الإسلام السياسي..."
على من تضحك يا صلاح. .. أتعرف لماذا عزف الشباب عن الثقافة و عن القراءة ... لأن ما تكتبه أنت و أشباهك فعلا يصيبهم بالغثيان.
أليس غربك هو الذي ساند السيسي لينقلب على الإسلام السياسي في مصر ... أليس غربك هو الذي ساند قبل ذلك الجيش في الجزائر لسحق الإسلام السياسي و محوه من الوجود ... أليس غربك هو الذي دعم الانقلاب على الشرعية في تونس. .. أليس غربك هو الذي يقف وراء الانقلاب على أردوغان و حزبه في تركيا ... أليس غربك هو الذي انفضح أمره في ليبيا. .. أليس غربك مسؤولا عن كل ما وقع في العراق التي لم يكن فيها حس للإسلام السياسي. ..
فكيف و متى و أين دعم هذا الغرب حركات الإسلام السياسي. ..
ثم ينتقل مثقفنا و محللنا السياسي الكبير ليشرح لنا ويبرر سيطرة الغرب علينا....
يقول صلاح " ...يا للمفارقة، لأن وجودهُ (يعني الإسلام السياسي) يشكل الدليل القاطع على استحالة تطور دين الاسلام. مما يبيح لها (أي القوى العظمى) أن تشرعن مخططات سيطرتها على منطقة تبدو منغلقة على نفسها ككتلة واحدة بسبب دور الاسلام السياسي بالضبط".
أنا أريد أن يركز الجميع على هذه الفقرات :
- يقول صلاح "وجود حركات الإسلام السياسي هو دليل قاطع على استحالة تطور دين الاسلام"، فصاحبنا يريد للإسلام أن يتطور ولا يريد فهما متطورا للإسلام وهنا جوهر الاختلاف، صلاح يريد لنا دينا جديدا. ..
- ويقول "هذا الإسلام الغير متطور يبيح للغرب أن يشرعن مخططات سيطرته على المنطقة" ، أي أن ما يفعله الغرب مباح لأننا منغلقون و لأن غربه وصي علينا فإما أن نتطور كما يريد صلاح و غربه و إما فسيسيطر علينا. ..
- ثم يضيف "المنطقة تبدو منغلقة على نفسها ككتلة واحدة بسبب دور الاسلام السياسي" أي أنها قبل ظهور الإسلام السياسي لم تكن منغلقة على نفسها....
لم يقل لنا صلاح ما الذي يريده أن يتغير في الإسلام، إنه يريد إسلاما جديدا يبيح العلاقات الجنسية خارج المؤسسة الزوجية و يبيح الشذوذ الجنسي و حق الذكر بالزواج بالذكر و الأنثى بالأنثى، إنه يريد إسلاما به مساواة في الإرث و إسلاما يبيح المخدرات و يسمح بزراعتها و بيعها في المقاهي، إنه يريد إسلاما لا يرفع فيه صوت الأذان عبر مكبرات الصوت لأنه يزعج غير المسلمين و الذين يجب أن نحفظ لهم حقوقهم و نضمن لهم الراحة و الاطمئنان، إنه يريد إسلاما بدون خطب جمعة و إذا كانت فعلى الخطيب أن يتحدث في كيفية الوضوء و الصلاة و لا شأن له بأمور البلاد و العباد ....
و لأننا نؤمن أن الإسلام ليس إيمانا روحيا فقط بل هوية أي انتماء كامل بكل الأبعاد الروحية و المادية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وليست انتماء عصبيا أو قبليا أو عنصريا أو جغرافيا، بل هوية يتكامل فيها ما هو روحي مع ما هو فكري، وهو ما عبر عنه القرآن الكريم " صبغة الله و من أحسن من الله صبغة" ، و الصبغة هي الهوية، والهوية هي الإسلام، فإن صلاح يعادينا و يكرهنا و يريد القضاء علينا ...
لن أحلل كل ما خطه قلمك من جمل فهي في نظري لا تستحق و تنم عن جهل أو تجاهل و عن حقد دفين، و أخطر ما قلته في هذا الصدد هو ما جسدته عباراتك الأخيرة وأنت تخاطب رئيس الحكومة الذي انتخبه المغاربة : " .... إنك لا تعي دورك الجديد، الذي يتطلب منك تمثيل جميع المغاربة، حيث تختلط عليك الجماعة بالحزب والحزب بالدولة، وفي هذه الحالة وجب التنبيه والانتباه بالجدية المطلوبة، وإما أنك تتعمد هذا السلوك لنشر التشكيك عوض أن تحاربه كمسئول ثان في الدولة بعد الملك، وفي هذه الحالة فإن صاحب هذه التصرفات يعرف بالضبط ما يريد: تقويض توازن الدولة ودفع الملكية إلى زاوية الرهينة، خدمة لأجندات لا علاقة لها بالشعب والدولة المغربيين، بل لها علاقة بما يعتمل هناك حيث يشتعل حطبُ حرائقِ “الفوضى الخلاقة”. بكلمة أخرى: لها علاقة باستراتيجيات التحكم الأكبر. وفي هذه الحالة وجب دق أجراس الخطر كلها…" .
و دليلك على كل ذلك هو غياب رئيس الحكومة عن نشاط نظمه أو أشرف على تنظيمه زعيمك في الحزب. .
أقول لك لم تعد وديعا كما يدل إسمك، بمقالك الأخير، أنت تقوم بدور سيء في نشر الحقد و الكراهية بين أبناء الوطن والحقد الذي تنفثه لن يولد سوى الحقد. ..أما حديثك عن استراتيجيات وأجندات خارجية فهذه تتقنها أنت و رفاقك، وماضيك شاهد على ذلك وما تكتبه شاهد على ذلك . .. فقل غيرها.... أما الجرس الذي يجب أن يدق اليوم هو الخطر المحدق بهذا الوطن من انقلابيين فاشلين يريدون السلطة بأي ثمن ولو كلف ذلك بيعه للغرب ...
و أختم بالدعاء الذي نسمعه و نؤمن عليه في كل صلاة : اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وأدم علينا نعمة الأمن والاستقرار في ظل قيادتنا الحكيمة وحكومتنا الرشيدة واحم يارب بلادنا وأهلها من كل سوء ومكروه آمين يارب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.