الدمناتي: مسيرة FDT بطنجة ناجحة والاتحاد الاشتراكي سيظل دائما في صفوف النضال مدافعا عن حقوق الشغيلة    تيزنيت: الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ينظم تظاهرته بمناسبة فاتح ماي 2025 ( صور )    عندما يهاجم بنكيران الشعب.. هل زلّ لسانه أم كشف ما في داخله؟    وزراء خارجية "البريكس" وشركاؤهم يجتمعون في ريو دي جانيرو    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يدشن مشاركته بفوز صعب على كينيا    في عيد الشغل.. أمين عام حزب سياسي يتهم نقابات بالبيع والشراء مع الحكومة    صادرات الفوسفاط بقيمة 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025    تنفيذ قانون المالية لسنة 2025.. فائض خزينة بقيمة 5,9 مليار درهم عند متم مارس    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينتصر على كينيا ويشارك الصدارة مع نيجيريا قبل المباراة المرتقبة بينهما    أمطار طوفانية تغمر زاكورة.. وسيول كادت تودي بأرواح لولا تدخل المواطنين    الشرطة الإسبانية تعتقل زوجين بسبب احتجاز أطفالهما في المنزل ومنعهم من الدراسة    كلية الناظور تحتضن ندوة وطنية حول موضوع الصحة النفسية لدى الشباب    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فرنسا.. ضبط 9 أطنان من الحشيش بعد سطو مسلح على شاحنة مغربية قرب ليون (فيديو)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    نشرة إنذارية: زخات رعدية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    كرة القدم.. برشلونة يعلن غياب مدافعه كوندي بسبب الإصابة    توقيف لص من ذوي السوابق لانتشاله القبعات بشوارع طنجة    لماذا أصبحت BYD حديث كل المغاربة؟    عمر هلال يبرز بمانيلا المبادرات الملكية الاستراتيجية لفائدة البلدان النامية    موخاريق: الحكومة مسؤولة عن غلاء الأسعار .. ونرفض "قانون الإضراب"    رحيل أكبر معمرة في العالم.. الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس توفيت عن 116 عاما    المركزيات النقابية تحتفي بعيد الشغل    "تكريم لامرأة شجاعة".. ماحي بينبين يروي المسار الاستثنائي لوالدته في روايته الأخيرة    باحثة إسرائيلية تكتب: لايجب أن نلوم الألمان على صمتهم على الهلوكوست.. نحن أيضا نقف متفرجين على الإبادة في غزة    اتحاد إنجلترا يبعد "التحول الجنسي" عن كرة القدم النسائية    المغرب يجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9.16 مليار درهم في ثلاثة أشهر    تقرير: المغرب بين ثلاثي الصدارة الإفريقية في مكافحة التهريب.. ورتبته 53 عالميا    الحكومة تطلق خطة وطنية لمحاربة تلف الخضر والفواكه بعد الجني    تراجع طفيف تشهده أسعار المحروقات بالمغرب    أمل تيزنيت يرد على اتهامات الرشاد البرنوصي: "بلاغات مشبوهة وسيناريوهات خيالية"    المملكة المتحدة.. الإشادة بالتزام المغرب لفائدة الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل خلال نقاش بتشاتام هاوس    معرض باريس.. تدشين جناح المغرب، ضيف شرف دورة 2025    عادل سايح: روح الفريق هل التي حسمت النتيجة في النهاية    العثور على جثة مهاجر جزائري قضى غرقاً أثناء محاولته العبور إلى سبتة    تسارع نمو القروض البنكية ب3,9 في المائة في مارس وفق نشرة الإحصائيات النقدية لبنك المغرب    الإسباني لوبيتيغي يدرب منتخب قطر    السكوري بمناسبة فاتح ماي: الحكومة ملتزمة بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور    أغاثا كريستي تعود للحياة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي    دول ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل    الإعلان في "ميتا" يحقق نتائج أرباح ربعية فوق التوقعات    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو الحكومة إلى تحسين الأجور بما يتناسب والارتفاع المضطرد للأسعار    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    أكاديمية المملكة تشيد بريادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس    الدار البيضاء ترحب بشعراء 4 قارات    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحالفات السياسية بين المسلمين وغيرهم في المجتمعات الغربية: رؤية مقاصدية
نشر في هسبريس يوم 22 - 10 - 2016


التحالف لغة واصطلاحا:
التحالف في اللغة من الحلف، "وهو العهد بين القوم، وأصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والإتقان"1، وفي الاصطلاح هو" تعاقد وتعاهد بين مجموعتين من الناس على التناصر لتحقيق مصالح مشتركة"2. وقد يكون التحالف السياسي بين مجموعتين منتميتين إلى نفس المرجعية، أو بين مجموعتين مختلفتين في المنطلق المرجعي، أي بين أحزاب إسلامية وأحزاب غير إسلامية لدواع وأسباب نذكر منها: قد تكون حظوظ نجاح المسلمين في دولة أو منطقة أو مقاطعة قليلة في فوز حزبهم أو مرشحهم، أو اشتراط بعض قوانين الانتخابات نسبة مئوية أو عددا معينا ومحددا من الأصوات لا يكون في استطاعة الحزب الإسلامي في المجتمعات الغربية التوفر عليه، فيتم التحالف مع أحزاب غير إسلامية قريبة من حيث الرؤية وتحترم التوجهات العامة للمسلمين أو تدافع عنها، وفي بعض الدول الغربية هناك قوانين تمنع تأسيس الأحزاب ذات المبادئ الدينية أو العرفية خاصة الأحزاب الإسلامية التي تعتبر في نظر الغرب نوعا من عملية إقحام اجتماعي، وبالتالي يصبح المسلمون يطالبون بمطالب مختلفة عن مصالح المجتمع، كما أن العمليات الانتخابية قد تكون رئاسية لا يستطيع المسلمون من خلال تقديم مرشحا للرئاسة لظروف معينة فيلجأون إلى تحالفات سياسية خصوصا مع الحزب الذي يمثل أحد المرشحين للرئاسة.
- الأدلة الشرعية للتعاون والتحالفات السياسية مع غير المسلمين:
فالتعاون مع غير المسلمين فيما يخدم المصالح المشتركة يعتبر أمرا جائزا وقد يكون واجبا عند الضرورة والحاجة لدفع ضرر عن الدين والنفس والمال والعرض أو لجلب مصلحة، يقول الله عز وجل:(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلون في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)3، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة أنه قال: «شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: هذا من أهل النار، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالا شديدا وقد مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إلى النار قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب فبينما هم على ذلك إذ قيل له إنه لم يمت ولكن كان به جراحا شديدة، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "الله أكبر أشهد أني عبد الله ورسوله" ثم أمر بلالا فنادى في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وأن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر»4، فمن خلال الآية السابقة والحديث النبوي يتبين جليا جواز الاستعانة بغير المسلمين في مختلف شؤون الحياة في حالة عدم العداوة، فقد يكون غير المسلم يخدم الإسلام خدمة عظيمة في رد عدوان أو حماية مسلم أو رفع ظلم... ويكون في ذلك غير مخلص في عمله، وقد يكون مناصرا للمسلمين لمنافع خاصة ، وحيث أن الله عز وجل ينصر دينه بمن يريد فلا يجوز على الإطلاق منع غير المسلمين عن نصرة الإسلام، حيث أن الوقائع من السنة النبوية كثيرة، فقد «خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر وشهد حنينا والطائف»5، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم «استعان بصفوان بن أمية وكان مشركا وهذا ثابت عند أهل السيرة»6.
لقد وردت في السيرة النبوية عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث تبدو متعارضة بخصوص التحالف، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «أوفوا بحلف الجاهلية فإنه لا يزده-الإسلام- إلا شدة ولا تحدثوا حلفا في الإسلام»7، قوله صلى الله عليه وسلم: «لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة»8، عن عاصم قال: قلت لأنس بن مالك: أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا حلف في الإسلام، فقال: قد حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري»9، وفي رواية لمسلم قال أنس: «قد حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داره»10، فقال بن الأثير في شأن هذه الأحاديث المتعارضة: "أصل الحلف المعاقدة والمعاهدة على التعاضد فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات، فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله صلى الله عليه وسلم «لا حلف في الإسلام» وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام ، فذلك قال فيه صلى الله عليه وسلم: «وأي حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة» يريد من المعاقدة على الخير والنصر للحق، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام والممنوع منه ما خالف الإسلام"11، ونقل النووي عن الحسن البصري أنه قال: "كان التوارث بالحلف فنسخ بآية السيف، قلت: أما ما يتعلق بالإرث فيستحب فيه المخالفة عند جماهير العلماء، وأما المؤاخاة في الإسلام والمخالفة على طاعة الله والتناصر في الدين والتعاون على البر والتقوى، وإقامة الحق فهذا باق لم ينسخ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث، وأيما حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «لا حلف في الإسلام» فالمراد به التوارث والحلف على منع الشرع منه والله أعلم"12.
مما سبق يتبين أن الحلف الممنوع هو المخالف لمقاصد الشريعة الإسلامية، والجائز ما قام على نصرة الحق والمظلوم وصلة الأرحام أي ما كان موافقا لمقاصد الشريعة ومبادئها من جلب للمصالح ودرء للمفاسد، لأن "الشريعة مبنية على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وذلك باحتمال المفسدة المرجوحة وتحصيل المصلحة الراجحة، وإن كان في التحالف مع غير المسلمين إعانتهم على المعصية والفسوق إلا أن ذلك ليس مقصودا بذلك بل جاء تبعا عندما ارتكب أقل الضرر دفعا لأعظمه"13.
واعتمادا على فقه الموازنات والأولويات والقواعد الشرعية مثل "يجوز بقاء وانتهاء ما لا يجوز إنشاء وابتداء "فقد ذهب العز بن عبد السلام إلى أبعد من ذلك حيث قال: "وقد تجوز المعاونة على الإثم والعدوان والفسوق والعصيان لا من جهة كونه معصية بل من جهة كونه مصلحة وليس هذا على التحقيق معاونة عليها، وإنما هو إعانة على درء المفاسد، فكانت المعاونة على الإثم والعدوان والفسوق والعصيان تبعا لا مقصودا"14، لأن مناط الحكم تطرأ عليه معطيات جديدة خاصة في الدول الغربية، لذلك نجد النظر الفقهي المعاصر يتجه إلى جواز التحالفات السياسية للمسلمين مع غيرهم، يقول الإمام يوسف القرضاوي: "الأحزاب تتفاوت في مناهجها وبرامجها وفلسفتها، فبعضها أقرب إلى القيم الإسلامية وإلى العقيدة الإسلامية والشريعة، وإلى الأحكام والفضائل الإسلامية، فالمسلم يختار أقرب هذه الأحزاب وإن كانت شديدة العنصرية فعلى المسلم أن يختار الحزب المقابل، وهذا يقوم على فقه الموازنات، فيوازن بين الأمور فيختار أهون الضررين وأخف الشرين ويفوت أدنى المصلحتين ليحصل أعلاهما، ويتفادى الضرر اليسير من أجل دفع ضرر خطير أو الضرر الخاص من أجل دفع ضرر عام، أو الضرر الأدنى لدفع الضرر الأعلى، وعلى هذا الأساس يدخل المسلم، أو يحالف هذا التيار السياسي بناء على هذه الموازنة"15، فهذا التحالف السياسي "يجوز إذا كانت هناك قضايا سياسية عامة مشتركة تلتقي فيها وجهة النظر الإسلامية مع وجهة النظر الأخرى، فالتحالف على هذا الأساس مقبول لأنه يساعد المرشح أو الجهة المسلمة على تحقيق بعض أهدافه بالتعاون مع جهات أخرى تعيش معها في نفس المجتمع"16، ومن بين هذه الأهداف والمصالح:
السماح للمسلمين بإنشاء المؤسسات الإسلامية،
مراعاة خصوصيات المسلمين خاصة قوانين الأحوال الشخصية،
الإسهام في خدمة قضايا الأمة الإسلامية عبر القنوات والمنابر الرسمية ذات التأثير الكبير،
رفع القيود عن ممارسات الدين الإسلامي ونشر الدعوة إليه.
إذن فالتحالفات مع الأحزاب غير الإسلامية في الدول الغربية مهما تعددت صورها هي جائزة ومشروعة بل مطلوبة، لكن قد يعترض على حكم الجواز كونه يستعدي ولاية غير المسلم على المسلم، إلا أن الشيخ فيصل المولوي رد على ذلك قائلا: "إن التحالفات التي تؤدي إلى ولاية غير المسلم على المسلم؛ فهذه الولاية قائمة بتحالفات أو بدونها، فالحاكم العام-الرئيس مثلا- ليس مسلما سواء قبل الانتخاب أو بعده، إنما هذه التحالفات إذا أدت إلى ولاية غير المسلم الأقل ضررا على المسلمين والأكثر تسامحا معهم واعترافا بحقوقهم، فهي تحالفات جائزة.. فالموضوع المطروح بالنسبة للمسلمين أن يتولى شؤون تلك البلاد من هو أقدر على مراعاة حقوق الإنسان، وهذا يدخل في باب المفاضلة بين ولاية اثنين من غير المسلمين أحدها أكثر ضررا من الآخر أو أكثر نفعا"17.
- الضوابط المنهجية للتحالفات السياسية مع غير المسلمين:
يجب على المسلمين إدراك أبعاد الخريطة السياسية بدراسة الأفكار والعقائد والتكتلات والجماعات التي تحيط بهم، دراسة للكيفية التي تعمل بها وحركتها وتحركاتها ومدى قربها أو بعدها أو نصرتها أو عداوتها للمسلمين، لأنه لا يجوز التحالف مع حزب أو تكتل إباحي أو معادي للدين وإن كان هذا الحزب يدافع عن حقوق الإنسان وبعض قضايا المسلمين من الزاوية الإنسانية، وعليه فأي تحالف يتطلب ضوابط وشروط نذكر منها:
ألا يتضمن التحالف ما يعود بالضرر على المسلمين كالتنازل عن جزئيات من العقيدة أو المساومة عليها، أو التنازل على أمور تفيد الدعوة الإسلامية18، ففي السيرة النبوية ساومت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترك دعوته حيث قال له عمه: "علي وعلى نفسك ولا تحملني ما لا أطيق، فظن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بدءا أنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه ما تركته»19، ومثله أبو بكر رضي الله عنه عندما دخل في جوار وحماية ابن الدغنة حيث أخذ يعبد ربه في داره ثم ابتنى مسجدا بفنائه فكان يصلي ويقرأ فيه، فازدحمت عليه نساء وأبناء المشركين يعجبون وينظرون إليه، فأفزع قريشا ذلك، فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر وقال له: إما أن تقتصر على ذلك أو ترد إلي ذمتي –بمعنى ألا يظهر دينه- فقال له أبو بكر: إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله20، فعلى المسلم الذي ينضوي تحت حزب غير إسلامي أن يكون قوي الشخصية يؤثر على محيطه "لا يهم أن يقال أصله مسلم إنما المهم من هو الآن"21، كما يمنع كل تحالف تنتج عنه الموالاة المحرمة لقوله تعالى: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ )22، قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: "من اتخذ الكفار أعوانا وأنصارا وظهورا يواليهم على دينهم ويظاهرهم على المسلمين فليس من الله في شيء..."23، ويمنع كذلك أي تحالف يترتب عليه السكوت عن الباطل وأهله، لذلك يجب على المسلم أن لا يلتزم بمبادئ الحزب التي فيها مخالفة غير مقبولة أو صريحة للأحكام الشرعية القولية منها والعملية"24، و يجب أيضا توفير ضمانات لخلق الثقة والاطمئنان بالوعود (ومن أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْك)25 فإذا أخذت ما يخالف هذه الضمانات وجب نبذ التحالف لقوله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)26.
المراجع
القاموس المحيط، الفيروز آبادي، دار العلم للجميع، بيروت.
التحالف السياسي في الإسلام، منير الغضبان، مكتبة المنار، الطبعة الأولى، 1992م.
جامع الأصول في أحاديث الرسول، ابن الأثير، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1989م.
شرح النووي على صحيح المسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1347ه.
التعددية السياسية في الدولة الإسلامية، صلاح الصاوي، دار الإعلام الدولي ، القاهرة، الطبعة الثانية، 1993م.
فقه المسلم المغترب، د. يوسف القرضاوي، برنامج الشريعة والحياة، قناة الجزيرة، بتاريخ 21/9/1997، نشر على الجزيرة ، نت بتاريخ 28/05/2008.
فتاوى انتخابية، فيصل المولوي، إسلام أولاين http://www.islamoenline.net/liveFatwaarabic
الأحكام السياسية للأقليات المسلمة في الفقه الإسلامي، سليمان توبولياك، دار البيارق، بيروت، دار النفائس، عمان، الطبعة الأولى، 1997م.
مصنف عبد الرزاق، عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق: حبيب عبد الرحمان الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1403ه.
تفسير الطبري، من كتاب جامع البيان في تأويل آي القرآن، ابن جرير، هذبه وحققه د. بشار عواد معروف، عصام فارس، مؤسسة الرسالة ، بيروت، الطبعة الأولى، 1994م.
فقه الأقليات المسلمة، خالد عبد القادر، دار الإيمان، طرابلس، الشرق، الطبعة الأولى، 1998م.
مجموع الفتاوى، ابن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمان بن محمد بن قاسم العاصيمي النجدي الحنبلي وابنه محمد، ط.1، 1398.
1 - القاموس المحيط، للفيروزآبادي، دار العلم للجميع، بيروت. ج3، ص 129
2 - التحالف السياسي في الإسلام، منير الغضبان، مكتبة المنار، الطبعة الأولى، 1992م. ص 6
3 - سورة الممتحنة، آية 8
4 -البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، ، مسلم في كتاب الإيمان، باب غلط تحريم قتل الإنسان بنفسه.
5 -رواه البيهقي في الست الكبرى، كتاب النكاح، باب من قال لا ينفسخ النكاح بينهما بإسلام أحدهما إذا كانت مدخولا بها، ،ورواه مالك في الموطأ، كتاب النكاح، باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله، والشافعي في المسند، كتاب اختلاف مالك والشافي رضي الله عنهما.
6 -البيهقي، السنن الكبرى.
7 - رواه الترمذي، كتاب السير، باب ما جاء في الحلف، و أحمد في المسند.
8 -رواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، ابن حبان في صحيحه، ذكر الزجر عن استعمال المحالفة التي كان يفعلها أهل الجاهلية ، سنن الدارمي، كتاب السير باب لا حلف في الإسلام.
9 - رواه البخاري، كتاب الأدب، باب الإخاء والحلف.
10 -رواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه.
11 - جامع الأصول في أحاديث الرسول، ابن الأثير، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1989م، ج6، ص 565
12 - شرح النووي على صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1347ه، ج16، ص 299
13 - مجموع الفتاوى، ابن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمان بن محمد بن قاسم العاصيمي النجدي الحنبلي وابنه محمد، ط.1، 1398، ج20، ص48.
14 - التعددية السياسية في الدولة الإسلامية، صلاح الصاوي، دار الإعلام الدولي ، القاهرة، الطبعة الثانية، 1993م، ص 144، 145، قواعد الأحكام، ج1، ص 123.
15 - فقه المسلم المغترب، القرضاوي، برنامج الشريعة والحياة، قناة الجزيرة، بتاريخ 21/9/1997، نشر على الجزيرة ، نت بتاريخ 28/05/2008.
16 - فتاوى انتخابية، فيصل المولوي، إسلام أولاين http://www.islamoenline.net/liveFatwaarabic
17 - فتاوى انتخابية، للمولوي، إسلام أون لاين، نت، مرجع سابق.
18 - الأحكام السياسية للأقليات المسلمة، لتبولياك، دار البيارق، بيروت، دار النفائس، عمان، الطبعة الأولى، 1997م، ص 145
19 -سيرة ابن هشام، ج1، ص 284-285
20 - مصنف عبد الرزاق، كتاب المغازي، تحقيق: حبيب عبد الرحمان الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1403ه.، من هاجر إلى الحبشة، رقم 9743، ج5، ص 385-387، بتصرف.
21 - فقه المسلم المغترب للقرضاوي، مرجع سابق.
22 - سورة آل عمران، الآية 28
23 - تفسير الطبري من كتاب جامع البيان في تأويل آي القرآن، ابن جرير، هذبه وحققه د. بشار عواد معروف، عصام فارس، مؤسسة الرسالة ، بيروت، الطبعة الأولى، 1994م. ، ج2، ص 241
24 - فقه الأقليات المسلمة، خالد عبد القادر، دار الإيمان، طرابلس، الشرق، الطبعة الأولى، 1998م، ص 620
25 - سورة آل عمران، الآية 75
26 - سورة الأنفال، الآية 58
*منسق المنتدى الأوربي للوسطية ببلجيكا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.