بلغ الغضب على مشروع التقرير الوطني الذي قدمته المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان باللغة الفرنسية، بحر هذا الأسبوع بمجلس النواب، إلى المدافعين المغاربة عن اللغة العربية، الذين اعتبروا الخطوة استهدافا للدستور، محملين المسؤولية في ذلك للحكومة السابقة والبرلمان الحالي. موسى الشامي، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن اللغة العربية، هاجم رئيس الحكومة المكلف، عبد الإله بنكيران، وعددا من وزراء "العدالة والتنمية" في الحكومة السابقة، بالقول إنهم كانوا من المدافعين عن اللغة العربية ومنخرطين في الهيئة المدافعة عنها، "لكنهم الآن وطيلة السنوات الخمس الأخيرة لم يقدموا أي شيء، بل زادوا من تأزيم وضعية اللغة العربية ودفعوا بها إلى الأسوأ". وأورد الشامي، في تصريح لهسبريس، أن الحكومة ومعها المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، المحجوب الهيبة، "لم تقتد بالملك محمد السادس الذي يخاطب المغاربة بلغة دستورية جامعة موحدة للمغاربة، رغم أن اللغة الأم هي الدارجة ومعها الأمازيغية"، مضيفا أن "المسؤول الوزاري الوصي على حقوق الإنسان كان عليه أن يتبع خطة الملك ويقدم تقريره باللغة العربية ثم يترجمه كيفما شاء وإلى أي لغة يريد". ويرى الجامعي المغربي أن الدستور المغربي الذي نص على دستورية اللغة العربية إلى جانب الأمازيغية يبقى "كيانا قائما، لكنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه، أمام تخاذل المسؤولين الحكوميين"، مشددا على أن المدافعين عن اللغة العربية لا يملكون سوى الاحتجاج "الذي لا يعطي أكله في بعض الأحيان"، ليضيف: "لا يعقل أن تعيش في العاصمة الرباط وتجد كل الإشارات الخاصة بالأزقة والشوارع مرقنة باللغة الفرنسية؛ في وقت نجد أن فرنسا تعتز بهويتها ولا يمكنها أن تلجأ إلى العربية في تقاريرها وما يتعلق بالحياة العامة للفرنسيين". من جهته، قال فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، إن تقديم تقرير رسمي باللغة الفرنسية في مجلس النواب يعد "مجزرة هوياتية ولغوية ودستورية"، منبها إلى أن "هذه الخطوة تعيد طرح السؤال الأزلي "عن أي مغرب يتحدث هؤلاء؟ وعن أي حقوق يتحدثون؟ وهل اختار المجلس في شكله الجديد الارتماء الرسمي في أحضان الأم فرنسا بدل تمثيل المغاربة، فسن لغة رسمية أخرى في تجاوز لنصوص الدستور المغربي؟"، وفق تعبيره. وتابع بوعلي، لهسبريس: "ما حدث في الاجتماع يعد دليلا آخر على أننا أمام مسار لسرقة الهوية المغربية وفرض لغة موليير للتواصل الرسمي، وأن ما خط في الفصل الخامس من الدستور، وما واكبه من لغط وجدال حول اللغات الرسمية، لا يعدو أن يكون وصفة للاستهلاك الشعبي، لا علاقة لها بحقيقة التدبير السياسي والإداري"، ليشدد على مساءلة البرلمان المغربي "الذي قبل مناقشة تقرير خط بلغة أجنبية، في ضرب لكل قيم السيادة الوطنية". وأثار تقديم المحجوب الهيبة، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، لمشروع التقرير الوطني برسم الجولة الثالثة من آلية الاستعراض الدوري الشامل، باللغة الفرنسية، الأربعاء الماضي، غضب فرق برلمانية تابعة لأحزاب العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والاستقلال، خلال اللقاء المشترك بين لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج ولجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان.