"إنها فضيحة كبرى إذا لم تفعل ذلك"، هكذا يكون الرد المشدد من إيتانيش تاميرات جيبر إجزيهابير بشأن مسألة ختان الإناث. الآن في عامها السبعين، لا تستطيع المرأة الإثيوبية أن تتذكر عملية ختانها، لكنها تذكر بشكل واضح جدا ختان ابنتها إيشيهاريج آجا جوديسا، التي تعيش حاليا في العاصمة الكينية نيروبي. نزفت ابنتها كثيرا، وهو مؤشر على أن العملية لم تجر على ما يرام، بحسب الأم. وفق حسابات الأممالمتحدة، تم ختان أكثر من 70 في المئة من جميع الفتيات والشابات الإثيوبيات بين سن 15 و49 عاما. ونحو ثلث أولئك أجريت لهن العملية قبل سن الخامسة عشر. في جميع أنحاء العالم، تفيد الأممالمتحدة، بأن 200 مليون على الأقل من الفتيات والنساء تعرضت أعضاؤهن التناسلية للتشويه. وأكثر من نصف هذا الرقم مسؤولة عنه إندونيسيا ومصر وإثيوبيا. منظمة الصحة العالمية ترصد أنواعا مختلفة من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (إف جي إم)، أو بدلا من ذلك، قطع الأعضاء التناسلية للإناث (إف جي سي). قد تتراوح من الإزالة الجزئية للبظر، إلى إزالة الشفرين الداخلي والخارجي والحد من حجم فتحة المهبل. وفي بعض الحالات لا يكفي حجم الفتحة المتروكة إلا لتبول وحيض مؤلمين عادة. وتقول إجزيهابير: "ليست لدي أي فكرة عمّا يحمل هذا الأمر من مزايا". لكنه مجرد شيء يتم فعله. منذ عام 2004، تم حظر تشويه الأعضاء التناسلية للإناث رسميا في إثيوبيا، لكن كلا من الأم وابنتها تتغاضيان ساخرتين من هذا، وهما متأكدتان من أنه سواء كان الأمر رسميا أم لا، فإن تقليد تشويه الأعضاء التناسلية سيستمر. هذا الاحتمال يزعج يفيجينيا جاتشيري، راهبة كاثوليكية تخوض معركة لحمل المجموعات العرقية الإقليمية على تغيير مواقفها بشأن هذه المسألة. العضو بأخوية راهبات "لوريتو"، ذات الاثنين وسبعين عاما، كانت هي شخصيا قد أجريت لها عملية ختان. الآن هي تقود خلال حملتها شاحنة صغيرة من قرية إلى قرية في كينيا؛ حيث يمارس شعب الماساي، من بين آخرين، عملية ختان الإناث. ولا تتحرج من الحديث عن الأعضاء التناسلية. وتقول جاتشيري إن المشكلة هي كيفية مواجهة وجهات النظر الراسخة منذ فترة طويلة. قبل الختان، سيقول الناس عن الفتاة إنها "ستصير قوية وشجاعة". وإلا، فإن الفتيات سيصبن بالجنون خلال فترة البلوغ ولن يتمكّنَّ من السيطرة على رغباتهن الجنسية. وببساطة، فإنهن سيصبحن فتيات سيئات. لم تشهد الراهبة نفسها أبدا عملية الختان، وتقول: "لم أتمكن من مشاهدته". بدلا من ذلك، تقود، إلى جانب فريق مساعديها، سيارة من طراز "تويوتا هايلكس" إلى القرى النائية، مسلحة بصور وأشرطة فيديو عن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وتلتقي مع شيوخ القرية والرجال والنساء. أحيانا تنتابها الشكوك: "هل أنا ظالمة (تجاه النساء المختونات)؟" إنها تشعر بالقلق بشأن فقدان أولئك النساء احترامهن في المجتمع وأن تنتابهن مشاعر سيئة عن أنفسهن، وأن ثمة مشكلة لديهن؛ "هل أجعلهن أقل جاذبية؟". في حالتها الخاصة، تذكر الأخت جاتشيري أن أمها الكاثوليكية -وهي معلمة– هي التي كانت أصرت على ختانها. في معظم الحالات، فإن الأمهات -وليس الرجال -هن اللائي يصررن على هذه الممارسة، خوفا من أنه بدونها لن تتمكن بناتهن من الحصول على زوج. كانت جاتشيري في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة ولا تحب الخوض في تفاصيل محنتها. وقع الأمر خلف أبواب مغلقة، وبالتالي لم يكن طقسا عاما. في الطقوس العامة، يتم ختان ما يصل إلى 100 فتاة في القرى الريفية الكينية في آن واحد. تكون النساء حاضرات، ولكن لا رجال. لا يكون مسموحا للفتيات بالبكاء؛ لأن ذلك من شأنه أن يكون علامة على الضعف. أدت أعمال الأخت جاتشيري إلى استفسارات من قرى أكثر مما يمكنها التعامل معه. وقالت: "إذا كانت لدي قدرة كنت سأذهب إلى هناك. وأصطحب معي أحد شيوخ القرية أو شرطيا وأذهب إلى هناك". لكن المسؤولين ليسوا دائما داعمين. وحقيقة أن كينيا ستجري الانتخابات في غشت المقبل لا تبشر بالخير لقضيتها. لا يرغب السياسيون في خسارة الناخبين بأن ينظر إليهم على أنهم يتحدون التقاليد. عبر العمل في حملتها، تلحظ كيف يمكن أن تختلف ردود فعل الأزواج تجاه الصور البيانية ومقاطع الفيديو. بعض الرجال يشعرون بالصدمة والرفض، لكن البعض يقولون إنهم يمكنهم الآن تفهم زوجاتهم بشكل أفضل ولماذا يؤلم الجماع الكثير منهن. والسبب في وجود تعقيدات كبيرة عندما تلد النساء المختونات. وتقر جوديسا بأن "معظم النساء المختوتات اللاتي أعرف واجهتن مشكلات كبرى أثناء الولادة". وقفت إحدى خمس شقيقات في أسرة، هي وغيرها من الأخوات الأكبر سنا، يعارضن ختانا مخططا لشقيقتهن الصغرى، هددن والدتهن باستدعاء الشرطة. ونجت الفتاة. تنظر جوديسا إلى ابنتها ذات العامين بينما تحاول التسلق على حجرها. تهز الأم رأسها بشدة حين يتم سؤالها إذا كانت ابنتها ستخضع يوما للختان: "لن أفعل بها ذلك أبدا. أبدا".