محمد مدني: دستور 2011 نتاج وضعية سياسية توفيقية متناقضة    بتوجيهات ملكية سامية.. الوزيرة بنعلي تقود أول ثورة إصلاحية مؤسساتية في القطاع العام وتظفر بشرف تنفيذ أول إصلاح سيادي    مبيعات الإسمنت في المغرب تسجل نمواً ب9.5% بنهاية ماي 2025    المغرب في صدارة موردي الكليمانتين والماندارين لأوروبا    الدرهم المغربي يرتفع أمام الدولار ويتراجع مقابل الأورو خلال الأسبوع الأخير من يونيو    300 ألف طلب في ساعة على سيارة "شاومي" الكهربائية رباعية الدفع    سوريا ولبنان تستعدان للتطبيع مع "إسرائيل"    "ماراثون 25".. المغرب يعلن إجراء مناورات جوية مع فرنسا    الوداد في مونديال الأندية.. خيبة الأمل والفشل: كيف قضى أيت منا على طموحات الوداديين؟    انطلاق نشر خرائط تنبؤية لحرائق الغابات.. هذه الأقاليم في "المستوى الأحمر"    مونديال الأندية.. الهلال يتأهل إلى دور ال16 والريال يتصدر بثلاثية نظيفة    النصر السعودي يجدد عقد النجم البرتغالي رونالدو    أمير المؤمنين يهنئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1447    وجدة… من حجز 10 آلاف و820 قرصا طبيا مخدرا وتوقيف شخصين يشتبه في ارتباطهما بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية        الوداد الرياضي ينهزم أمام العين الاماراتي    تقدم الصين في مجال حقوق الإنسان في صلب ندوة عقدت بمدريد    قرب تصنيف "البوليساريو" منظمة إرهابية من طرف واشنطن: تحول سياسي كبير يربك حسابات الجزائر    توقعات طقس الجمعة بالمغرب    الذهب يتراجع مع صعود الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية    رحيل مأساوي يهز الرياضة النسوية.. وفاة لاعبة نهضة بركان مروى الحمري في حادثة سير بالخميسات    بوغطاط المغربي | حصري.. قرار جديد للقضاء الألماني يُثَبِّت نهائيا قانونية تصنيف محمد حاجب كعنصر إرهابي ويرفض الطعن    المغرب يحقق "معجزة صناعية" مع الصين بالجرف الأصفر: مصنع مغربي-صيني يضع المملكة في قلب ثورة البطاريات العالمية    المغرب يعزز نموه الاقتصادي عبر 47 مشروعًا استثماريًا بقيمة 5.1 مليار دولار    الوداد يسقط في اختبار العالمية: حضور باهت أساء لصورة كرة القدم المغربية    النرويجي هالاند نجم مانشستر سيتي يبلغ مئويته الثالثة في زمن قياسي    الوراد يشخص إخفاق الوداد بالمونديال    الجزائر تفشل في السيطرة على الأرض فتحاول اختراق الثقافة الحسّانية المغربية    غوتيريش: ميثاق الأمم المتحدة ليس "قائمة طعام" بحسب الطلب    إعدام قاتل متسلسل في اليابان تصيّد ضحاياه عبر "تويتر"    كيوسك الجمعة | الاتحاد الأوروبي يتمسك بدعم شراكته الإستراتيجية مع المغرب    موجة حر بالمغرب ابتداء من الجمعة    "سيكوديل" يناقش التنمية البشرية    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    النقل الطرقي يدخل مرحلة الرقمنة الشاملة ابتداء من يوليوز    إصلاح شامل لقطاع السكن والتعمير في المغرب عبر وكالات جهوية متخصصة    قوانين جديدة للمركبات والدراجات في المغرب    دعم إقليمي متزايد لمغربية الصحراء من قلب أمريكا اللاتينية    مجلس الأمن يدين مجزرة الكنيسة بدمشق    حفل أسطوري لويل سميث في موازين 2025    الدرهم يرتفع بنسبة 0,5 في الماي ة مقابل الدولار خلال الفترة من 19 إلى 25 يونيو    وزارة الثقافة توزع أزيد من 9 ملايين درهم على 177 مهرجانا وتظاهرة خلال سنة 2025    أمير المؤمنين يبعث بطاقات تهنئة إلى ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1447    تعيين بنجلون مديرا للمركز السينمائي    ضجة الاستدلال على الاستبدال    بعد غياب 6 سنوات..المعرض الوطني للكتاب المستعمل يعود في نسخته الثالثة عشر بالدارالبيضاء        عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سينما "الذاكرة المشتركة" .. قبول الآخر واحترام حقوق الإنسان
نشر في هسبريس يوم 24 - 11 - 2017

" يموت ببطء .. من لا يعرف كيفية الاهتداء بفضل عينيه" مقطع من قصيدة للشاعر التشيلي بابلو نيرودا الذي تثار اليوم أسئلة جديدة حول أسباب وفاته في 23 أيلول (سبتمبر) 1973 وبعد أيام من حصول الانقلاب العسكري ضد نظام الزعيم الاشتراكي سلفادور أليندي والذي قاده الجنرال بينوشيه، وتم تدبيره من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
في النظر يتولّد الإحساس الأول، أي ما إن تقع العين على الصورة حتى يتكوّن الانطباع الأولي من المُشاهدة، سواء كان شعوراً بالجمال أو بالقبح، وسواء كان الفعل مُفرحاً أو مُحزناً ودليل خير أو إيحاء شرّ، فكيف إذا مرّ شريط كامل لفيلم سينمائي يعكس صورة من صور الحياة، بل تواصل حيّ معها؟.
وإذا كانت "الأذن تعشقُ قبل العين أحيانا" حسب الشاعر بشار بن برد، فإن الصورة هي لغة بصرية تفهمها العين وتلتقطها بسرعة خاطفة لتحوّلها إلى الدماغ الذي يصدر أوامره ليتأتّى حكم القلب عليها. والصوت قد يكون صورة حسّية ومتخيّلة يصل إلى الأذن، فالدماغ ومنه إلى القلب، حسب صاحب الفلسفة الحسيّة لودفيغ فيورباخ.
في الناظور المدينة المغربية الشمالية الجميلة، حيث الشمس صافية والطقس خريفي ودافئ ، إلتأمت تظاهرة سينمائية فنّية وثقافية كبرى، وعلى ضفاف بحيرة مارتشيكا انتصبت خيمة كبيرة لعرض أفلام وفعاليات "المهرجان السينمائي العالمي للذاكرة المشتركة" والموسوم هذا العام " ذاكرة مياه المحيط" حيث تحوّلت المدينة بفضله إلى لوحة فنية وملوّنة وحيوية لمنطقة الريف الكبير، وهي تذكّر بعبد الكريم الخطابي قائد ثورة الريف العام 1925، ضد الاستعمار الإسباني.
كانت الدورات الخمس قد بدأت بضفتي البحر المتوسط، فالدورة الأولى كانت بعنوان "الذاكرة والتاريخ في العلاقات المغربية - الإسبانية (2012)"، ثم جاءت الدورة الثانية لتوسم ب " الهجرة وحقوق الإنسان والتعدّد الثقافي" (2013)، أما الدورة الثالثة فحملت عنوان " السينما وأسئلة المتوسط" (2014) وركّزت الدورة الرابعة على "إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط" (2015)، وكان شعار الدورة الخامسة " المتوسط ذاكرة العالم " (2016) وجميعها نظّمت في مدينة الناظور التي تشهد خلال انعقاد دورات المهرجان السينما الدولي عرساً جماعياً سنوياً تظلّ تعيشه بحميمية وشوق.
وكان الهدف من اختيار شعار الدورة السادسة " ذاكرة مياه المحيط" هو الرغبة في توسيع دائرة الاهتمام في مناطق مختلفة من العالم، حيث تم اختيار الهند لتكريمها من خلال "السينما الهندية" التي غذّت المخيّلة الجماعية العربية لسنوات طويلة بمنجز فني كبير، وصنعت نجوماً عالمية لسينما بوليود تضاهي سينما هوليود مثل شاروخان وامتياب باشان وكارينا كابور وايشوريا رآي وآخرون.
كما شاركت هذا العام "مؤسسة الثقافات الثلاث" في تقديم جائزة باسمها أيضاً، إضافة إلى جائزة الجهة المنظمة "مؤسسة الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلام" وامتاز الحضور السينمائي والثقافي بمشاركة مكثفة من دول أمريكا اللاتينية التي كانت لافتة، فشاركت بعض الأفلام من دول الكاريبي وأمريكا اللاتينية مثل البرازيل والارغواي والمكسيك وبيرو وكولومبيا والدومينيكان وغيرها، كما كان الحضور الأوروبي متميزاً، ولاسيّما من فرنسا وإسبانيا واليونان وبلغاريا وبولونيا وغيرها، مع حضور عربي وبالطبع مشاركة مغربية ملحوظة ووازنة من فنانين وأدباء وأكاديميين.
وبقدر اختيار "ذاكرة مياه المحيط" عنواناً للمهرجان في دورته الحالية، فإن البحر المتوسط بماضيه وحاضره ومستقبله كان حاضراً بقوة أيضاً، وهو ما يشكّل خلفية لدائرة نقاش وتفكير رحبة تغني الذاكرة وتعطي للمشتركات حقها، لاسيّما بفتح آفاق جديدة.
من أسئلة المهرجان المهمة التي طرحتها عدداً من الأفلام الوثائقية والأفلام الروائية الطويلة التي بلغت 17 فيلماً، موضوع قبول الآخر واحترام التنوّع والتسامح واللّاعنف واحترام حقوق الإنسان، ولاسيّما حقوق المرأة ونبذ التعصّب والتطرّف والإرهاب، وتأكيد المشترك الإنساني بالانفتاح على الغير ومدّ جسور التواصل بين الثقافات ، ولاسيّما من خلال القيم الجمالية، ذات الأبعاد الرمزية والإيحائية التي يتم التعبير عنها بشكل سردي ومضمون دلالي إنساني.
وشهدت أيام المهرجان فعاليات مختلفة فنية وثقافية متنوّعة، من غناء ورقص ومعارض للفنون التشكيلية ودورات تدريب على التصوير الفوتوغرافي وندوات وحوارات، كما مُنحت جوائز عديدة لأفضل سيناريو وأفضل ممثلة وممثل، إضافة إلى جائزتين رئيستين، حيث فاز فيلم وثائقي بجائزة الذاكرة المشتركة للمخرجة الكولومبية ليزيت ليموني Lizatte Lemonie بعنوان Amnesthesie "أمنستيزيا" كما فاز بجائزة الثقافات الثلاث الفيلم الروائي الطويل للمخرجين مانو هوريو وخوسي هركيتا وهو انتاج مشترك إسباني- مغربي والموسوم La fabulosa Casablanca (كازابلانكا الرائعة).
السينما بقدر ما هي أداة تعبير ثقافي وفكري وفلسفي، فهي أداة امتاع وجمال وإحساس، وبقدر ما تخاطب القلوب فإنها تخاطب العقول لاسيّما بإثارة أسئلة في بطن أسئلة، لأنها محاكاة للحياة الواقعية والمتخيّلة المتغيّرة والمتجدّدة، والتي تستمر في بحث دائم عن الحقيقة والجمال والخير والقيم الإنسانية في صراع مع القيم النقيضة، وهي جوهر الصراع الكوني على مدى التاريخ.
*باحث ومفكر عربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.