أعلن عباس الفاسي، رئيس الحكومة، في حفل افتتاح المقر الجديد للنقابة التابعة لحزب الاستقلال، عودة حزب «السي علال» إلى الحكومة المقبلة، وهي ثقة في النفس «غريبة» على رئيس حكومة تم حلها قبل نهاية ولايتها.. حكومة يُجمع المراقبون على أنها أضعف حكومة في تاريخ المغرب وأقلها شعبية وانسجاما. قبل هذا الإعلان تسربت أخبار متواترة عن أن التحالف الرباعي، الذي يقوده حزب الأصالة والمعاصرة، يتجه إلى الاتفاق حول «برنامج» لما بعد الانتخابات التشريعية القادمة، بمعنى أن هذا التحالف، الذي يضم أحزابا في المعارضة وأخرى في الحكومة -لا أعرف من فيها سيدافع عن حصيلة الحكومة، ومن سينتقد هذه الحصيلة أثناء الحملة الانتخابية- سبق كل التوقعات، ووضع أحجارا كبيرة فوق رقعة الشطرنج لقطع الطريق على تحالفات آخر لحظة. الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال والتقدم والاشتراكية، أي أحزاب ما تبقى من الكتلة التي ماتت ولم تدفن بعد، كل هذه الأحزاب رفضت الاقتراب من حزب العدالة والتنمية، ولو كرد فعل على تحالف حزب الهمة مع العنصر ومزوار والأبيض. لماذا الحذر من الاقتراب من إخوان بنكيران وكأنهم «شياه جرباء»؟. جزء من «لعبة» التموقعات الجارية اليوم في الساحة السياسية مشروع ومفهوم، لكن الجزء الأكبر غير مفهوم، وربما يكون غير مشروع. ولنترك نتائج الانتخابات تقول كلمتها، لكن يجب أن نطرح أسئلة أكبر من حساب المقاعد الذي لا منطق له في المغرب، مادام الأعيان وتجار الانتخابات هم القوة الكبرى اليوم في الساحة، وهؤلاء لا برنامج لهم ولا مشروع بين أيديهم.. إنهم مجرد لوبي يدافع عن مصالحه التي يتقاطع جزء منها مع مصالح ورغبات أطراف في السلطة توظف قوة الأعيان لإضعاف الأحزاب، ولإضعاف الرهانات الديمقراطية على صناديق الاقتراع. ما هو الحد الأدنى من نسبة «نزاهة الانتخابات» حتى لا يطعن فيها أحد، وحتى تصلح قاعدة لتشكيل الحكومة المقبلة؟ ما هو الحد الأدنى من المواصفات «الكاريزمية» المطلوبة في رئيس الحكومة المقبلة حتى يكون قادرا على إقناع الرأي العام بأنه مختلف تماما عمن سبقوه، وأنه قادر على شغل المكانة التي بوأه إياها الدستور الجديد؟ ما هو الحد الأدنى من تجديد الوجوه والنخب في البرلمان والحكومة القادمين، حتى تعطى إشارات عن أن البلاد دخلت إلى عهد جديد وإلى مرحلة قادرة على خلق «نموذج مغربي» للربيع الديمقراطي، لا دم ولا قتل ولا زلزال فيه؟ لم يعد الرأي العام يبحث عن الحد الأعلى في القادم من التحولات، بل يطلب فقط «السميغ» السياسي، لأن النتائج محكومة بالمقدمات، والكتب تُقرأ من عناوينها.. وعناوين السياسة في بلادنا لا تفتح شهية للتخيل ولا تثير رغبة في الطموح.