اعتبر سعيد خمري، أستاذ القانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، أن الدستور المغربي لأول مرة يعرف تخصيص فصل للأحزاب السياسية. وسجل خمري، الذي كان يتحدث في ندوة احتضنتها الكلية يوم أمس الاثنين، حول "الأحزاب السياسية: القانون، الخطاب والممارسة"، التقدم الكبير على مستوى الوثيقة الدستورية خاصة ما تعلق بالتشريع. ولفت المتحدث نفسه إلى أن الوثيقة الدستورية أفردت حيزا مهما للأحزاب السياسية، وبيّنت وظيفتها ووضعها، وركزت على مسألة تأطير المواطنين. وأوضح أستاذ القانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، بحضور عدد من الباحثين في العلوم السياسية، أن "الفصل ال47 من الدستور، الذي يتحدث عن تعيين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات، قد أعاد الكرامة إلى الأحزاب السياسية، حيث أصبح ملك البلاد ملزما بمنح الرئاسة للمتصدر". وأشار الباحث خمري إلى أن هذا الأمر "معناه أن المواطن أصبحت له إمكانية أن يقود حزبه الأغلبية، وأن يكون رئيسا للحكومة"؛ غير أنه على مستوى الممارسة، يؤكد أستاذ العلوم السياسية بكلية المحمدية، أن الوضعية لم تتغير مقارنة مع مرحلة ما قبل الدستور الحالي، مستعرضا بعض القضايا التي تثبت ذلك؛ من بينها "قضية البلوكاج الحكومي، ثم أزمة الوساطة في عدة أحداث من بينها حراك الريف وجرادة، التي كان المحتجون يخاطبون الملك وكأنه لا وجود لهيئات حزبية تقوم بالوساطة أو عدم الثقة بها، وكذا هشاشة واندثار الإيديولوجية في التحالفات". من جهته، أسهب الدكتور عز الدين العلام في الحديث عن أصناف الخطاب لدى الأحزاب السياسية، حيث أشار إلى أن خطاباتها تتراوح بين ستة أشكال؛ منها المبني على الواقعية السياسية، والمبني على استحضار البعد الديني، ما يعلي الجانب التقني، وآخر يثمن العمل الجمعوي وآخر يزكي "العام زين" ثم أخيرا الخطاب الرافض. وأوضح الدكتور العلام أن خطاب الأحزاب الرافض يتمثل في مجموعة من اللاءات "الدولة عدو مستبد، وانتخاباتها تزوير ومؤسساتها صورية وسياستها الداخلية قمع والخارجية تبعية". وأردف أن أصحاب هذا الخطاب "يختلفون في ثقافتهم السياسية من اليمين الإسلامي إلى اليسار الماركسي"، مشيرا إلى أن أكبر ثغرة في خطابهم أن المجتمع قادر على المواجهة وأن النقص يكمن في الدولة لا غير". ووسط هذه الخطابات هناك الخطاب الصادر عن المؤسسة الملكية، والتي اعتمدت بحسب العلام ولا تزال على "خطاب مفرط في إيجابياته وترتكز على خطاب بدعامات دينية؛ وهو ما يظهر أن الدولة المغربية لم تكمل تأسيسها بعد". وفي الآونة الأخيرة، يضيف الدكتور أنها "أصبحت أشد من يعتمد واقع الخطاب السياسي، حيث الخطب الأخيرة هي أكثر ثورية، إلى جانب كونها تركز على الفعل الجمعوي التنموي وتعلي من الخبرة التقنية". أما حسن طارق، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالرباط، تحدث عن كون الدولة تقوم بمحاولة الدخول في منطق إصلاح الأحزاب؛ وهو ما يجعلها تتحول إلى "حاملة لخلق القيم والمعايير". واعتبر البرلماني السابق عن الفريق الاشتراكي أن هناك خطابا "يحمل نوعا من الاحتفالية العامة التي تقدم الديمقراطية التشاركية بسهولة كبديل ناجع لأزمة السياسة في بلادنا"، داعيا إلى ضرورة الحذر من هذا الخطاب.