قالت لطيفة البوحسيني، الناشطة الحقوقية، إن قضية مسؤولين يساريين مغاربة في مناصب عليا كانوا "مبليين" بالتحرش الجنسي "وما يزالون على حالهم إلى اليوم"، ستنفجر يوما ما في الإعلام و"دابا يجيب الله لي يفضحهم". وأضافت البوحسيني في سياق حديثها بمقر "تيليلا" بالرباط، أن "النكوصيين حقيقة" هم بعض اليساريين الذين مازالوا يتكلمون وكأن جدار برلين ما يزال قائما، "وكأن لينين، وستالين بفظاعاته ما يزال موجودا". وقالت البوحسيني في لقاء حواري بعنوان "النوع الاجتماعي، الجنسانية والسياسة"، إن المغرب يعيش "نكوصا وتراجعا خطيرا"، وتحدثت عن تحالف جزء من اليسار مع الاستبداد ضد جزء آخر من المجتمع ممثل في الحركات الإسلامية، موضحة أن "هذا الجزء من اليسار لم يعد ير النظام استبداديا". وذكرت البوحسيني أن أحمد الخمليشي وعبد الهادي بوطالب كانا "سندا حقيقيا للمرجعية الدينية بنفس تحرري إصلاحي وأعطيا الحركة النسوية شرعية من هذه الناحية وقوة وزخما"، وأضافت أن جزءا من الحركة النسوية المغربية قام بمراجعات استوعبت أن "مناهضة الفكر الذكوري والمطالبة بالمساواة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار السياق الذي نحن فيه"، واسترسلت موضحة أن الحركة النسوية احتاجت إلى عقد من الزمن "لنلتقي ونقول إننا نعتمد المرجعية الدينية في بعدها التنويري، بفهم للتحولات الاجتماعية، والمرجعية الكونية لحقوق الإنسان". واستحضرت الناشطة الحقوقية حضور "بنات" اليسار "بكثافة" في مؤتمر بكين في 1995، مبينة أنه في هذا المؤتمر التقت ناشطات الحركة النسوية المغربية بجمعيات "لها مرجعيات دينية بقوة، تبنت أساليب منهجية استطاعت بها الذهاب إلى الأمام وانتزاع بعض المكتسبات عن طريق تبني تجديد الفكر الديني، بعيدا عن المضمون الذي يُثَبّت الفكر الذكوري باسم الله والنبي"، ووضحت أن الناشطات استخلصن من هذا اللقاء أنه "يمكن دَكُّ الفكر الذكوري دون مس إيمان الناس". البوحسيني التي ذكرت أن "أعلى درجات السياسة هي النضال ضد الهيمنة الذكورية والفكر الذكوري المهيمن على كل شيء"، شددت على أن عددا من القضايا، من بينها مدونة الأسرة، "تمت مأسستها وتوظيفها لبيع صورة المغرب دون القيام بإصلاحات أخرى، كإصلاح منظومة القضاء، والمدارس، والطرق، ومحاربة الفساد والرشوة؛ فبقيت البنات يخرجن من المدارس ويذهبن صغيرات إلى سوق العمل، ولم تعط مدونة الأسرة أثرها"، وأكدت أن قانون مكافحة العنف ضد النساء "سيحدث معه الشيء نفسه" إذا لم ترافقه إصلاحات أخرى لمنظومة القضاء ومحاربة الفساد. وفي سياق حديثها عن النشاط النسوي في مغرب الثمانينات، ذكرت البوحسيني أن "التعبير عن الحب عبر العناق والتقبيل في منظمة العمل الديمقراطي كان ظاهرا"، وأضافت أن ذلك شكل لها صدمة غيرت الكثير في رؤيتها للعالم كشابة قادمة من "مدينة محافظة كوزان"، ثم استدركت ناقدة للتجربة التي كانت من قياداتها بالقول: "في العمق أعدنا إنتاج البنى الحزبية نفسها التي استقلنا عنها عند إنشاء الجمعيات"، مضيفة: "بعد التفكير أجد أننا كنا نسوية ليبرالية تتوجه للدولة وتركز على الإصلاح القانوني"، ناصحة الشابات والشباب بربط قضايا "خبز" الشعب المغربي مع الفكر النسائي، وطرح الأسئلة والسهر على الإجابة عنها، والتركيز على شرعية العمل "دون طلب شرعية الاستمرارية" من التنظيمات والمناضلين السابقين الذين لم يطلبوها بدورهم عند انطلاقهم. بدورها، تحدثت سارة سوجار، الناشطة البارزة في حركة عشرين فبراير، عن دخول الحركة النسوية المغربية جيلها الثالث الذي يطرح سؤال "هل الحركات النسوية اليسارية هي الممثلة الوحيدة لقضية المرأة أم هناك حركات نسائية أخرى ليبرالية وحداثية مختلفة، وحركات إسلام سياسي داخل المغرب، تهتم بقضية المرأة، كالحركات النسوية الإسلامية للعدل والإحسان والتوحيد والإصلاح والتيار الذي تتزعمه أسماء المرابط؟". واعترضت سوجار على "أحكام القيمة" التي تروج في صفوف من أسمتهم "بعض المناضلين النسويين"، موضحة أن فكرة "المدافعات الوحيدات على المرأة هن من يلبسن تنورة" خاطئة، لأن "من تلبس الحجاب تناضل أيضا من أجل المرأة". وأشارت الناشطة الفبرايرية سابقا إلى أن هناك عدم انتباه لنضالاتٍ "كقضية النساء الرحل اللواتي يُردن تدريس أبنائهن وبناتهن ليصبحوا أساتذة ويدرسوا أبناء الرحل بدورهم عند تنقلهم للبحث عن الماء، وأن تكون شواهد تدريسهم مصادقا عليها". واسترسلت المتحدثة نفسها قائلة: "الصراع على قضايا النساء وقع فيه تحريف وكأن قضايا الإجهاض والإرث والجسد هي كل القضايا"، وأضافت أن هناك قضايا مجتمعية مرتبطة بالحرية والحقوق "لا يمكن أن نعزلها عن بعضها ونرتبها". ودافعت في مداخلتها التفاعلية على أهمية "أن تنتج الإجابة على قضية المرأة عن الناس وأن لا تُفرض عليهم"، مُجملة بأن الأساس في الأخير هو أن "تحافظ المرأة على نسبة من الاستقلالية". *صحفي متدرب