أفْرجت وزارة التربية الوطنية عن اللائحة النهائية للأساتذة المقبولين لتدريس أبناء الجالية المغربية المقيمة بالمهجر مادتي اللغة العربية والثقافة المغربية، لكنّ اللافت أنّ الوزارة "غيّبت" اللغة الأمازيغية، رغم مطالب الجمعيات الأمازيغية المتكررة بهذا الشأن. وبحسب اللائحة التي أفرجت عنها الوزارة، فقد بلغ عدد المترشحين الذين تمّ قبول ملفاتهم برسم دورة أبريل 2018، ما مجموعه 188 مترشحا ومترشحة، موزعين على ثلاثة بلدان أوروبية، حظيت فرنسا ضمنها كالعادة بنصيب الأسد؛ إذ ستستقبل أراضيها 146 أستاذاً، وجاءت إسبانيا في المرتبة الثانية ب26 أستاذاً، وبلجيكا ثالثة ب16 أستاذاً. استثناء أساتذة الأمازيغية من دفعة الأساتذة المكلفين بتدريس أبناء الجالية، والاقتصار على اللغة العربية وحدها، اعتبره الباحث الأكاديمي رشيد الحاحي "تمييزا ضدّ اللغة الأمازيغية، على اعتبار أنها لغة رسمية للدولة منذ دستور 2011، إضافة إلى أن الثقافة الأمازيغية مُكَوِّن أساسي وصُلْب الهوية المغربية في تعدُّدها وتنوُّعها". وقال الحاحي في حديث لهسبريس: "من غير المعقُول استثناء اللغة والثقافة الأمازيغيتين من هذه المناصب المخصصة لتدريس اللغة والثقافة المغربية"، مضيفا: "الأمازيغية مكون أساسي للثقافة المغربية، ويجب أنْ تحظى بنصيبها في تدريس أبناء الجالية". وأردف المتحدث ذاته أنَّ عدمَ إدراج اللغة والثقافة الأمازيغية ضمن المنهج الدراسي لفائدة أبناء الجالية المغربية بالخارج، "يُعتبر هدْرا تربويا وثقافيا"، داعيا إلى "تدارك هذا المَيْز وتمكين اللغة والثقافة الأمازيغية من أن تلعبا دورهما الكامل في الأهداف التي يرمي إليها مشروع تدريس اللغة والثقافة المغربية لأبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج". وعن أهمية تدريس الأمازيغية، قال الحاحي: "نعلم جيداً أن جزءاً كبيراً من أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج يعيشون أزمة هوية ومشاكل الاندماج، وتدريس اللغة والثقافة المغربية بكل مكوناتها ومقوماتها يمكن أنْ يخلق توازنا لهذا الجيل، ويعزز انفتاحه على دول الهجرة"، مشيراً إلى "القيم التي تتميز بها الثقافة المغربية كالتسامح والاختلاف واحترام الآخر، وهو ما سيسهل عملية الاندماج الإيجابي لأبناء الجالية"، بتعبير الباحث الأكاديمي ذاته. وأبرزَ المُتحدث أن غالبية الجالية المغربية في الخارج تتحدَّر من مناطق مغربية ناطقة باللغة الأمازيغية، وحاضرة بقوة على مستوى التداول الاجتماعي والأسَري لدى الجيل الأول وحتى الجيل الثاني والثالث من الجالية المغربية المقيمة في الخارج، "وبالتالي، فمن الناحية البيداغوجية والثقافية من المفروض أن تلعب الأمازيغية دورها الأساسي في الارتباط بالهوية الوطنية"، يقول الحاحي. تجدر الإشارة إلى أنّ الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وقّعا مؤخراً اتفاقية شراكة تروم النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين لدى مغاربة العالم، والمساهمة في إعمال مقتضيات الدستور المتعلقة بترسيم الأمازيغية إلى جانب العربية، والانفتاح على المكونات اللغوية والثقافية الأخرى.