مجلس النواب ينتخب مكتبه ممهدا الطريق لرئيس الحكومة لعرض حصيلته المرحلية    بعد سنوات من رئاسة الفريق البرلماني.. حزب الاستقلال يُنحي رسمياً نور الدين مضيان    ليبيريا تجدد تأكيد دعمها للوحدة الترابية للمغرب ولسيادته على كامل أراضيه    بوريطة: الهوية الإفريقية متجذرة بعمق في الاختيارات السياسية للمغرب بقيادة الملك محمد السادس    أخنوش: المغرب رصد 14 مليار دولار لإيجاد حلول للأزمة المائية    الحكومة تعمل على مضاعفة استيراد أضاحي العيد قياسا بالعام الماضي    سلطات بوركينا فاسو تطرد دبلوماسيين فرنسيين    ثلاثة نجوم مغاربة يزينون نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    المنتخب المغربي يواجه الجزائر اليوم الخميس    ما الذي قاله هشام الدكيك قبل المواجهة الحاسمة أمام ليبيا؟    السفينة الشراعية التدريبية للبحرية الألمانية "غورتش فوك" ترسو بميناء طنجة    البرلماني منصف الطوب يزف بشرى سارة لساكنة تطوان    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة (نصف النهاية).. المغرب يواجه ليبيا وعينه على الاقتراب من لقبه القاري الثالث و انتزاع بطاقة العبور للمونديال    المجلس الحكومي يصادق على تعيينات جديدة بمناصب عليا    توقيف ثلاثة أشخاص بعد الإعتداء على شرطي بنقطة المراقبة المرورية بمدخل مدينة أصيلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    هل تغير أميركا موقفها بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة؟    تاجر مخدرات يوجه طعنة غادرة لشرطي خلال مزاولته لمهامه والأمن يتدخل    أصيلة.. توقيف ثلاثة أشخاص للاشتباه في ارتباطهم بالاتجار في المخدرات    منير بنرقي : عالم صغير يمثل الكون اللامتناهي    تفويت مستشفيات عمومية بالشمال للخواص يجر وزير الصحة للمساءلة البرلمانية    سفيان رحيمي يعتلي صدارة هدافي دوري أبطال آسيا    تقرير دولي يكشف عن عدد مليونيرات طنجة.. وشخص واحد بالمدينة تفوق ثروته المليار دولار        سفيرة المغرب بإسبانيا تعلن عن التزام الرباط بإعادة فتح المعابر التجارية مع مليلية وسبتة رغم التأخيرات    هل يتراجع "الكاف" عن تنظيم نسخة جديدة من "السوبرليغ" في 2024؟    الدار البيضاء.. افتتاح معرض تشكيلي جماعي بعنوان : «التنوع المختزل في الريشة الإبداعية»    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    عزيز حطاب يكشف ل"القناة" حقيقة عودة "بين القصور" بجزء ثانٍ في رمضان المقبل!    اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بعد أمطار غير مسبوقة    رونالدو يكسب يوفنتوس في ملف تحكيم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    تنظيم الدورة الثانية لمعرض كتاب التاريخ للجديدة بحضور كتاب ومثقفين مغاربة وأجانب    البنك الدولي .. التوترات والمديونية تزيد ضبابية مستقبل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    إحباط محاولة تهريب 116 ألفا و605 أقراص مهلوسة إلى داخل التراب الوطني    بينهم سوري.. عقود عمل وهمية والإتجار بالبشر يطيحان ب5 أشخاص في فاس    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    الحكومة ‬المغربية ‬تؤكد مآل ‬تجديد ‬اتفاقية ‬الصيد ‬البحري    استطلاع: الأسرة المغربية غير قادرة على حماية أطفالها من مخاطر "التواصل الاجتماعي"    أما ‬حان ‬لمجلس ‬الأمن ‬الدولي ‬أن ‬ينهي ‬هذا ‬المسلسل ‬؟    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب هذه الدولة    موهبة كروية جديدة تُشغل الصراع بين المغرب والجزائر    تحداو ظروف الحرب وخرجو يبدلو الجو.. مئات الفلسطنيين قصدو البحر فغزة باش يستمتعو بالما والشمش (فيديو)        لماذا أصدرت شركة أبل تحديثاً لهواتفها يعالج الرمز التعبيري للعلم الفلسطيني؟    حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية    نشرة الأخبار: رقم قياسي في الملل    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    أرقام رسمية.. 3000 مغربي مصاب بمرض "الهيموفيليا" الوراثي وها شنو موجدة وزارة الصحة لهاد النزيف الدموي    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجلس الأعلى للسلطة القضائية يقلص حق الدفاع في المساطر التأديبية للقضاة
نشر في هسبريس يوم 22 - 06 - 2018

أفرج المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بعد طول انتظار، على جزء كبير من نتائج أشغاله برسم دورته الاستثنائية، التي انتهت نهاية السنة الماضية، وكان بقي منها شطر المسؤوليات القضائية التي كانت بانتظار المصادقة عليها، ثم نتائج أشغال الدورة العادية التي انطلقت بداية هذه السنة وما زالت مستمرة؛ ولكن تم نشر جزء كبير من أشغال هذه الدورة، والتي تتعلق بملفات التأديب التي بت فيها المجلس إلى حد الآن وانتقالات القضاة بناء على طلبهم أو بناء على ترقيتهم أو النقل لسد الخصاص في محاكم معينة وتعيين القضاة الجدد، إذ تم تعيين أزيد من 200 قاضية وقاض.
وتعد هذه النتائج هي الأولى من نوعها في ظل المجلس الجديد، الذي راهن عليه القضاة كثيرا والرأي العام ليكون منفتحا وشفافا ومعياريا في عمله في تدبير وضعية القضاة.
وسوف نقوم في هذا المقال بتسليط الضوء على أشغال المجلس التي تهم المساطر التأديبية للقضاة، باعتبارها من الضمانات التي تكرسها كل الدساتير والقوانين في العالم المتقدم لضمان استقلال القضاء وضمان عدم استغلال هذه المساطر في غير تحقيق التخليق ونزاهة مرفق القضاء باعتباره مرفقا عاما.
وهكذا، بت المجلس الأعلى للسلطة القضائية، خلال دورته العادية والاستثنائية المشار إليهما قبله، في عدة ملفات تأديبية اختلفت مواضيعها بين المخالفات المهنية المنصوص عليها في القانون التنظيمي للمجلس أو النظام الأساسي للقضاة وبين ملفات فيها شبهة الفساد وتراوحت العقوبة فيها بين الإنذار والتوبيخ والتوقيف والبراءة، فيما ملفات أخرى عرفت طريقها لمزيد البحث والتقصي.
وإذا كان يتعذر إجراء تقييم شامل لمضمون التأديب في حد ذاته لعدم نشر المجلس لمقرراته التأديبية إلى حد الآن، مع أن القانون ينص على النشر وترك للمجلس فقط تحديد طريقته، فإننا سنقف على مؤشر واحد هو المتوفر لدينا بشكل يقيني، وهو مؤشر يعطي فكرة أولية كافية عن التوجهات الحقوقية لمؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، يتعلق الأمر بحق الدفاع الذي كفله القانون للقضاة المحالين تأديبا على المجلس، إذ من المعلوم أنه في المحاكمات بشكل عام سواء كانت تأديبية أو عادية يعد حق الدفاع حقا مقدسا لا يجوز المساس به أو الانتقاص منه تحت أي مبرر، فهل احترم المجلس الأعلى للسلطة القضائية هذا الحق فيما عرض عليه من ملفات تأديبية خلال هذه الدورة؟
خلال ملف تأديبي عرض على المجلس بتاريخ 27-03-2018، وكان كاتب هذا المقال مؤازرا فيه لزميلين قاضيين إلى جانب مؤازر آخر قاض ونقيب سابق للمحامين وهو الأستاذ النقيب إبراهيم صادوق من مدينة مراكش، حضروا جميعا إلى جانب القاضيين موضوع المتابعة التأديبية وأعدوا كل ما يتعلق بالدفاع عنهما من المذكرة وتقسيم أدوار الدفاع، وبعد المناداة على القضية ودخولنا إلى قاعة المجلس وبحضور كل أعضاء المجلس العشرين تقريبا، تفاجأنا بمفاجأة لم تخطر على البال ولم يتم أبدا توقعها، إذ طلب السيد رئيس المجلس التأديبي في البداية من القاضيين المتابعين تأديبيا اختيار شخص واحد من الدفاع إما قاض أو محام ليتولى المؤازرة، فيما الباقي عليه أن ينسحب.. وبعد القيام بمرافعة في الموضوع من لدن جميع الدفاع الحاضر، جدد الرئيس رفضه مؤكدا بكون ذلك قرار المجلس، وقد أحسسنا نحن أعضاء هيئة الدفاع بعد خروجنا من القاعة للتداول فيما بيننا فيمن سوف ينسحب وفيمن سيبقى تنفيذا لقرار المجلس بحسرة كبيرة وبالغة، لا سيما أن هذه تعد أول قضية تعرض بهذا الشكل على المؤسسة التي راهن عليها الجميع.
وبعد اعتبار أن ذلك يشكل تنقيصا من حقوق الدفاع ومساسا جزئيا بضمانات المحاكمة التأديبية العادلة للقضاة، نتساءل عن مبررات المجلس الأعلى للسلطة القضائية في اتخاذه هذا القرار والتضحية بسمعته كمؤسسة ساهرة على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة وفقا لنص الفصل 113 من الدستور، مع أن القانون أوجب بشكل صارم على القضاة احترام الضمانات المسطرية وحريات وحقوق الاطراف ومنه احترام حقوق الدفاع وجميع ضمانات المحاكمة العادلة على المواطنين.
وبالعودة إلى النص القانوني المنظم لحق المؤازرة، نجد أن المادة ال94 من القانون التنظيمي للمجلس تنص على أن القاضي يؤازر إما بزميل قاض أو بمحام؛ فإنه من المعلوم في فقه قانون المسطرة أن مفهوم العدد هنا لا أهمية له، لأن المقصود هو حماية حق الدفاع الذي يبقى حقا خالصا للقاضي المتابع والذي قد يأتي للمجلس التأديبي وحده أو بزميل واحد أو بعشرات الزملاء من القضاة والمحامين حسب اختياره؛ وهو التفسير نفسه المطبق بالمحاكم في المحاكمات المدنية والجنائية، إذ تكون المحاكمات أحيانا بعشرات المحامين ولم يتجرأ أحد في وقت من الأوقات على القول بضرورة تحديد العدد في مؤازر واحد، بل أكثر من هذا سبق للمجلس الأعلى للقضاء السابق تحت رئاسة الأستاذ مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات السابق، وبحضور عدد مهم من أعضاء المجلس الحالي أن قرر المجلس تحديد العدد في عشرة مؤازرين في كل ملف... ومع ذلك تم اعتبار هذا القرار، في حينه، تنقيصا من حقوق الدفاع وجوبه بالاحتجاج من لدن القضاة المعنيين بالتأديب، وخاصة في قضايا الرأي وحرية التعبير ومن الجمعيات المهنية للقضاة، مع الإشارة إلى أن النص الملغى وهو الفصل ال61 من ظهير 1974 هو نفسه حافظ عليه القانون الجديد للمجلس ولم يدخل عليه أي تغيير.
ويبقى بعد قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي لم نكن نتوقعه أو نتمناه اعتبارا لأهمية الموضوع ولسمعة المؤسسة الدستورية، لاسيما أنها تضم في عضويتها بعض الشخصيات الحقوقية المعروفة بتاريخها، فضلا عن انعدام أي ضرر للمؤسسة من حضور حتى عشرات المؤازرين في قضية واحدة، فإننا ننتظر أن تقول الغرفة الإدارية بمحكمة النقض كلمتها في هذا الموضوع – إذا ما قرر القضاة المعينون الطعن - بعد صدور المقرر التأديبي وبيان الحيثيات التي اعتمدها المجلس في رده على الدفوعات التي أثارها الدفاع في هذه القضية.
*رئيس نادي قضاة المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.