الوكالة المغربية للدم تطلق جولتها الوطنية من طنجة لتعزيز السيادة الصحية    الملك محمد السادس يهنئ باراغواي    أخنوش يستعرض الإصلاحات التعليمية    ترامب: قطر ستستثمر في قاعدة العديد    أخبار الساحة    قبل استئناف تصفيات المونديال "فيفا" يُعيد خصم "أسود الأطلس" إلى المنافسة    أشرف حكيمي يشتري نادي "سيوداد دي خيتافي"    حجز كوكايين وأسلحة بيضاء في باب تازة    محكمة العرائش ترفض دعوى زوج الوزيرة المنصوري وتُمهّد لاسترجاع عقارات جماعية    محطة تقوي الماء الشروب في 4 مدن    الصفقات العمومية تثير الجدل في جلسة جديدة من محاكمة محمد مبديع    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي لتعزيز الإبداع والتعليم الفني بالمغرب    تنسيقية المسرحيين البيضاويين تطالب بعقد لقاء مع والي جهة الدار البيضاء سطات    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    تزايد عدد المشردين يقلص الدخول إلى مطار مدريد    ابتلاع الطفل لأجسام غريبة .. أخطار وإسعافات أولية    ارتفاع الضغط يطال 1,2 مليون مغربي    بوخصاص: الإعلام المغربي يعالج الهجرة الأجنبية إخباريا بنغمة محايدة وبنمطية    الأمن الوطني يحتفل بالذكرى ال69 لتأسيسه: وفاء للمسؤولية.. تحديث مستمر.. وخدمة مواطنة متجددة    زيان يطعن في حكم الاستئناف رغم أن القرار يترتب عنه تمديد فترة سجنه    باب برج مراكش يفتح ذراعيه لتيار تشكيلي مغربي يسعى لكتابة اسمه عالميًا    الشرطة القضائية تستدعي من جديد عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    دراسة: الاحترار المناخي يهدد أوروبا بانتشار وبائي لحمى الضنك وشيكونغونيا    بنيعيش يفتتح مهرجان الموكار طانطان لحماية وصون تراث الصحراء    قيوح: قطاع النقل واللوجستيك يضطلع بدور استراتيجي في تعزيز التنافسية الاقتصادية للمغرب    بريطانيا تعتزم السماح للمستثمرين الأجانب بتملك حصة 15% من الصحف    فيدرالية الدواجن تفنّد شائعة الحظر الصيني وتؤكد سلامة الإنتاج الوطني    كأس الكونفدرالية... ملعب أمان بزنجبار يحتضن النهائي بين نهضة بركان وسيمبا التنزاني    أشبال المغرب في مواجهة حاسمة أمام مصر بنصف نهائي كأس إفريقيا    توقيع مذكرة تفاهم بين المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات ومركز ديفاك إنفست أفريكا للنهوض بالتنمية بإفريقيا    في خطوة لدعم العالم القروي: سند مستدام ثان لبنك المغرب من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية    الموت يغيب الرابور "مول العافية"    إدريس الروخ يكشف كواليس تصوير "BAG" قبل العرض الأول    الوزيرة السغروشني تترأس مراسيم تسليم السلط بين المدير العام السابق لوكالة التنمية الرقمية وخلفه أمين المزواغي    بريطانيا تعتزم السماح للمستثمرين الأجانب بتملك حصة 15 في المائة من الصحف    وقفة احتجاجية لسكان تمارة ضد الإبادة الإسرائيلية في غزة    تقرير أمريكي يصنف المغرب كأفضل وجهة إفريقية لرجال الأعمال الأجانب    أسعار النفط تتراجع بعد ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية    إحياء النادي السينمائي بمدينة مشرع بلقصيري    الجديدة تستعد لاحتضان فعاليات الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني    تزامنا مع جولة ترامب في الخليج.. مقتل 80 فلسطينيا بقصف إسرائيلي مكثف على غزة    ترامب: أمريكا تقترب جدا من إبرام اتفاق نووي مع إيران    الاتحاد البحر الأبيض المتوسط لرياضات الكيك بوكسينغ ينتخب السيد عبد الفتاح بوهلال عضوا ضمن مكتبه التنفيذي    بولونيا بطلا لكأس إيطاليا على حساب ميلان    من طنجة إلى بكين: كتاب "هكذا عرفتُ الصين" يكشف عمق الروابط التاريخية بين المغرب والصين    قطر تقول إنها أهدت طائرة للرئيس الأمريكي بدافع "الحب".. وترامب يعتبر نفسه غبيا إذا لم يقبل الهدية    أسعار العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    ثلاث ميداليات للمغرب خلال بطولة العالم للتايكوندو للفتيان / الفجيرة 2025 منها ميدالية ذهبية ثمينة :    مشروع صيني مغربي جديد لتحلية مياه البحر يدشّن مرحلة متقدمة من التعاون البيئي    الكرملين يكشف عن تشكيلة وفده للمفاوضات مع أوكرانيا في إسطنبول    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    حرية الصحافة في المغرب بين التحسن الظاهري والتحديات العميقة    بقلم الدكتور سفيان الشاط: أوقفوا العاهات السلبيين على وسائل التواصل الاجتماعي    الملك محمد السادس يوجه هذه الرسالة إلى الحجاج المغاربة    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة بمناسبة انطلاق موسم الحج    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة "والآن أتحدث" -28- بداية الدخول إلى المعترك السياسي
نشر في هسبريس يوم 03 - 06 - 2019

بعد اغتيال الشهيد عباس لمساعدي وابراهيم الروداني، بدأ العديد من أعضاء المقاومة وجيش التحرير يعربون عن تبرمهم وسخطهم من الحالة التي وصلت إليها الأوضاع بعد سيطرة الحزب العتيد على مراكز القرار داخل الدولة، وكذا سيطرت العناصر التي سارت في ركابه على المكتب الذي أحدث لتسيير شؤون المقاومة وجيش التحرير، فبدؤوا يفكرون في وسيلة للتخلص من هذا الحصار الذي ضرب حولهم، وللحد من عمليات التصفية التي طالت جل العناصر الرافضة لمسلسل التدجين.
فبدأت الاتصالات في سرية تامة لتأسيس كيان حزبي جديد، واجتمع لهذه الغاية عدة عناصر من مختلف الاتجاهات، منهم:
- الدكتور عبد الكريم الخطيب
- المحجوب احرضان
- إدريس الشرادي
- بن عبد الله الوكوتي
- أعمر الوكوتي
- حدو أبرقاش
- عبد الله الصنهاجي
- حسن بلمودن
وأفراد آخرون بتشجيع من امبارك البكاي والحسن اليوسي، وبعض الأطر الأخرى داخل الحكومة، فوقع الاتفاق على تأسيس حزب جديد؛ وبدأنا العمل في سرية لاستقطاب العناصر الرافضة لمخطط الحزب العتيد، من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وغيرهم، فانضم العديد منهم لهذه الحركة.
وعقدنا اجتماعا موسعا في ضيعة "وادي إيكم" المعروفة عند كل المقاومين، اتفقنا فيه على المنهجية التي سنتبعها، وقررنا إعداد ملتمس لرفعه لصاحب الجلالة الملك محمد الخامس، نطالب فيه بوضع حد لهيمنة الحزب العتيد، والتعجيل بإصدار ظهير الحريات العامة، وإنصاف قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير المتضررين من الحيف الذي لحق بهم، وقررنا الدعوة لاجتماع آخر بالصخيرات.
وفي اجتماع "الصخيرات" حضرت الوفود من جميع المدن المغربية، وحضر أشغاله كذلك الأمير مولاي عبد الله، نجل صاحب الجلالة الملك محمد الخامس، وطالب الحاضرون فيه، وأغلبيتهم تنتمي للمقاومة وجيش التحرير، بتكوين إطار قانوني للحركة الشعبية، والاحتفال بحلول ذكرى انطلاق جيش التحرير والعمل على لم رفات الشهداء المبعثرة في الجبال ودفنها في مقابر تيزي واسلي، وأجدير، وأكنول، ونقل جثمان الشهيد عباس لمساعدي من مقبرة "باب الساكمة" بمدينة فاس ليدفن مع بقية الشهداء، وفي الأخير تكونت لجنة من 17 عضوا أعطيت لها كامل الصلاحيات للإشراف على تحقيق هذه المطالب.
بعد ذلك، انتقلت اللجنة إلى منزل الدكتور عبد الكريم الخطيب بمدينة الجديدة لدراسة التوصيات، وإعداد قانون للحركة الشعبية، ثم رجعنا إلى مدينة الرباط، وفي منزل عبد الله الصنهاجي أتممنا اجتماعنا، وتكونت لجنة لصياغة ملتمس لرفعه إلى صاحب الجلالة، وأشرف على هذه اللجنة "الشرقاوي" الذي كان يرافق عبد الله الصنهاجي.
وفي اجتماع آخر بمنزل بنعبد الله الوكوتي، تمت الموافقة على الصيغة النهائية للملتمس، ووضعنا خطة لنقل جثمان الشهيد عباس لمساعدي إلى "أجدير"، ورفعنا طلبا بذلك إلى صاحب الجلالة محمد الخامس، بتاريخ 23 سبتمبر سنة 1958، ملتمسين الإذن من جلالته بأن يشرفنا بحضوره يوم ثاني أكتوبر، تنفيذا للاتفاق الذي وقع بين ولي العهد مولاي الحسن وقادة جيش التحرير يوم دفن جثمان الشهيد عباس لمساعدي بفاس لتنفيذ وصيته رحمه الله بدفنه مع إخوانه الشهداء.
نص الملتمس الذي رفع إلى جلالة الملك محمد الخامس من أجل السماح لنا بنقل رفات الشهداء
الحمد لله وحده
الرباط بتاريخ 23 سبتمبر 1958
مولانا صاحب الجلالة والمهابة ملكنا المفدى سيدنا محمد الخامس دام لكم العز والنصر وبعد.
اسمحوا لنا يا صاحب الجلالة، نحن الممثلين لجيش التحرير والأغلبية الساحقة للمقاومة، أن نتقدم لسدتكم المولوية بهاته الرسالة ملتمسين من جلالتكم أن تأذنوا لنا بنقل رفات الشهداء الذين سقطوا في ميدان الشرف نداء للعرش والشعب، مبتدئين في هذا العمل بالشهداء الذين مازالوا مشتتين في جبال الريف. وقد اتفقنا على جمع شهداء هاته المنطقة في ميدان واحد، واخترنا لذلك بقعة تقترب من اكنول.
وتنفيذا للاتفاق الذي وقع بين صاحب السمو المكي ولي العهد ورئيس أركان الجيش مع رؤساء جيش التحرير يوم دفن الشهيد عباس بباب الساكمة بفاس أنه سيدفن مع إخوانه شهداء الريف كما وصى بذلك رحمه الله، فقد اتفقنا على نقل الشهيد عباس في هذه الحملة.
وإننا نرجو من صاحب الجلالة أن يأذن في هذا ويشرفنا بحضوره في الموعد المحدد لذلك الذي هو موعد الثورة بثاني أكتوبر. دمتم لشعبكم الوفي. والسلام على سيدنا ورحمة الله.
الإمضاء:
- السيد عبد الرحمان عبد الله الصنهاجي
- الدكتور عبد الكريم الخطيب
- بنعبد الله الوكوتي
- حسن بلمودن
- الحسين الزعري
- مولود بن محمد الكزناي
ولم نتوصل برد، وعلمنا من بعض المصادر أن الحكومة لا ترغب في ذلك، فقررنا قبول التحدي، واتصلنا بجميع المقاومين وأعضاء جيش التحرير بجميع مناطق المغرب للمشاركة في نقل رفات الشهداء، وحددنا يوم ثاني أكتوبر 1958 موعدا للتنفيذ.
ولبى الآلاف من المقاومين وأعضاء جيش التحرير النداء ومن جميع أنحاء المغرب، وأصدرت وزارة الداخلية أمرا بمنع نقل جثمان الشهيد عباس لمساعدي، وعلى الرغم من المنع استطاع المقاومون وأعضاء جيش التحرير إخراج الجثة ونقلها إلى "أجدير" لتدفن هناك، لكننا فوجئنا بفيلق من القوات المسلحة الملكية يحاصر المكان، فبادر سكان الجبال بتطويق أفراد الجيش الملكي واستغلت الحشود هذه المناسبة للتعبير عن سخطها وغضبها من السياسة الاستفزازية والقمعية وتكميم الحريات والاضطهاد، وفرض السيطرة على الشعب بالحديد والنار، التي تقوم بها الأجهزة الأمنية بإشراف من الحزب العتيد، وبعد وقوع عدة مناوشات، تم في الأخير دفن عباس لمساعدي.
وفي الغد، تم اعتقال كل من: الدكتور عبد الكريم الخطيب والمحجوب أحرضان وبنعبد الله الوكوتي، واستطاع عبد الله الصنهاجي النجاة من الاعتقال، وبدأت انتفاضة أهل الريف بإعلان العصيان المدني، وبعد مدة أطلق سراح المعتقلين الثلاثة، وصدر قانون الحريات العامة فتنفسنا الصعداء، لأننا حققنا مطلبين مهمين هما لم رفات الشهداء من الجبال ونقل جثمان عباس لمساعدي، وصدور قانون الحريات العامة.
بعد إطلاق سراحهم في 29 نوفمبر 1958، عقدوا ندوة صحافية أعلنوا فيها تبرأهم من انتفاضة أهل الريف، ومن الأشخاص الذين أعلنوا العصيان المدني من أجلهم، قال فيها المحجوب أحرضان بالحرف: "إننا نتساءل عن الدوافع التي كانت السبب في الخلط بين اسم الحركة الشعبية ومحض تجمع نظمه قدماء المقاومة وجيش التحرير"، وبادروا بعد ذلك بالسفر إلى "مدريد" للاستجمام.
بعد الإعلان عن تأسيس الحركة الشعبية وحصول العديد من التجاوزات، تأكدت أنهم يبحثون فقط على تحقيق مصالحهم الذاتية، فانسحبت رفقة عبد الله الصنهاجي.
وفي تلك الأثناء بدأت انتفاضة بعض العناصر الوطنية داخل حزب الاستقلال للانفصال عنه، تحت اسم "الجماعات المتحدة لحزب الاستقلال"، فوقع الاتصال بي وبعبد الله الصنهاجي للانضمام إلى صفوفهم، فباركنا خطواتهم وانضممنا إليهم، وساهمنا في تأسيس حزب "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية".
بعد تكوين اللجنة الوطنية واللجنة الإدارية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، بدأنا في تأسيس الفروع بمدينة الدار البيضاء، وقد ساهمت رفقة العديد من الإخوان، من بينهم محمد بن الظاهر، وأحمد شاكر، واحمد البلغيثي العلوي، والأستاذ التبر، وعبد الحي الشامي، وأحمد اليوبي، ومحمد بنزاكور، وعبد السلام حجي، مدير مدرسة الفداء، وعلي الورزازي بالحي المحمدي، وغيرهم، في إنجاح مسيرة الاتحاد بمدينة الدار البيضاء وعقدنا لهذا الغرض عدة تجمعات:
• تجمع تكوين فرع المدينة القديمة بسينما فيردان.
• تجمع تكوين فرع درب السلطان بسينما شهرزاد.
• تجمع تكوين فرع الحي المحمدي بسينما السعادة.
• تجمع تكوين فرع سيدي عثمان بسينما العثمانية.
• تجمع تكوين فرع درب غلف، لم أتذكر مكانه.
خرجنا من هذه التجمعات بعدة توصيات هامة، وقد كنت السبب في ترشيح عدة عناصر من المقاومة وجيش التحرير في هذه الفروع الخمسة.
وبعد مرور أقل من شهرين، قررت الانسحاب من الحزب بسبب بعض التجاوزات الفردية لبعض الأشخاص، الذين سخروا أنفسهم لمحاربة إخوانهم المقاومين وأعضاء جيش التحرير أينما حلوا وارتحلوا، فاصطدمت معهم في اجتماع اللجنة الإدارية، ترأسه المهدي بنبركة والفقيه البصري، فضحت فيه أنانيتهم وتصرفاتهم الصبيانية ونفاقهم، وقلت للمهدي بنبركة بالحرف:
"أنصحك بأن لا يخدعك فلان وفلان وعلان بادعائهم بأنهم يتحكمون في الأغلبية العظمى من المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وأن لا تغتر به، فإن صدقت هذا فستنجرف حتما في حسابات وهمية أكثر من تلك التي انجرفت فيها من قبل، وربما هذا يدفعكم جميعا إلى القيام بمغامرة لن تحمد عقباها، تقضي علينا جميعا، لهذا قررت أن أقدم استقالتي قبل أن تستفحل الأمور".
وكنت قد اتخذت هذا القرار من قبل، بعد أن لاحظت أن العديد من القرارات الهامة التي تتخذ يبث فيها دون استشارتنا، وإن وضعت على جدول الأعمال لا تناقش بالشفافية اللازمة.
*صحافي، باحث في تاريخ المقاومة المغربية، شاعر وزجال
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.