تطمح حُكومة سعد الدين العثماني إلى إنهاء آخر سنة في ولايتها بنسبة نمو تبلغ 5,4 في المائة؛ لكن هذا الطموح يبقى كبيراً أمام التحديات التي فرضتها وما زالت تفرضها أزمة فيروس "كورونا" المستجد، والتي تدفع الاقتصاد الوطني إلى الانكماش بناقص 5 في المائة خلال السنة الجارية. ووفق التوقعات المتضمنة في المذكرة التوجيهية لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2021، تفترض الحكومة أن يَصل سعر غاز البوتان إلى معدل 350 دولاراً للطن وتحقيق محصول زراعي متوسط في حدود 70 مليون قنطار. ويبقى توقع تحقيق نمو ب5,4 في المائة خلال السنة المقبلة أفضل سيناريو؛ فالبنك الدولي يتوقع ألا يتجاوز النمو 3.4 في المائة، فيما تترقب المندوبية السامية للتخطيط تحقيق نمو ب4,4 في المائة.. ما يعني فرق 2 في المائة بالنسبة للأولى، و1 في المائة بالنسبة للثانية. لكن الرهانات والتحديات المرتبطة بالوضع الحالي الذي يعيشه المغرب والعالم أكمل تضع كل التوقعات على المحك، فأزمة "كورونا" فرضت أولويات عديدة تحتاج إلى استثمارات وموارد مالية كبيرة مقابل انخفاض إيرادات الدولية بسبب تضرر مجموعة من القطاعات الاقتصادية الأساسية. ويبقى النمو الاقتصادي في المغرب ضعيفاً وهشاً؛ لارتباطه بالتساقطات المطرية، وخُضوعه للطلب الخارجي وإيرادات السياحة وتحويلات الجالية المغربية في الخارج، أكثر من الطلب الداخلي. وقد وضعت الحكومة ثلاث أولويات أساسية لمشروع قانون مالية 2021، وهي: تنزيل خطة إنعاش الاقتصاد الوطني التي تتطلب مبلغا يقدر ب120 مليار درهم، والشروع في تعميم التغطية الصحية، وإصلاح القطاع العمومي والمؤسسات والمقاولات العمومية. وتفرض هذه الأولويات تعبئة الموارد الضرورية لتفعيل المشاريع الكبرى التي تترجمها، إضافة إلى الوفاء بالتزامات ميزانية الدولة لاستكمال تنفيذ البرنامج الحكومي 2016-2021 والذي يتضمن عدداً من الأوراش المتعلقة أساساً بالصحة والتعليم والتكوين المهني ومنظومة العدالة. وسيكون من الصعب الالتزام بكل ما سلف ذكره في حال استمرار الوضع الوبائي في التفاقم في المغرب وفي الشركاء الرئيسيين للبلاد، خصوصاً الاتحاد الأوروبي، حيث تبقى العودة إلى الوضع الطبيعي رهينة بإيجاد لقاح فعال؛ وهو ما لم يتأت إلى حد الساعة. وتفرض هذه الوضعية نهج التقشف في قانون مالية سنة 2021، عبر التقليص من النفقات الخاصة بالموظفين والتسيير لتوفير هوامش مالية لتخصيصها للأولويات. أما فيما يخص نفقات الاستثمار فيجب أن تبقى في المستوى المطلوب. وفي هذا الصدد، قررت الحكومة التضحية بإعانات الاستثمار الخاصة بالمؤسسات والمقاولات العمومية، حيث سيتم تقليصها وربط تحويلها بمدى توفر المؤسسات على موارد خاصة وكافية في خزينتها، كما سيتم حل بعضها ودمج أخرى بعدما تبين أن عددها كبير جداً. جدير بالذكر أنه يتعين على القطاعات الحكومية تحديد الأغلفة المالية التي تهم نفقات المعدات والاستثمار قبل نهاية الشهر الجاري، لكي يتم الإعداد لمشروع قانون مالية 2021 لتقديمه في البرلمان داخل الآجال الدستورية والقانونية.