أمام تواتر أخبار الحجر الصحي من مختلف بلدان الجوار الأوروبي، مازال المغاربة يترقبون قطع الشك باليقين أمام ارتباك الخرجات الحكومية، خصوصا بشأن مدى الاستعداد الاقتصادي للمملكة لمسايرة سياقات مالية صعبة جديدة يفرضها "الحجر". وعلى امتداد ثلاثة أشهر عبأت الدولة موارد عديدة لتغطية حاجيات المتوقفين عن العمل، فضلا عن مكابدتها خسائر على مستوى المالية العمومية، ما يفرض الهاجس الاقتصادي على رأس معيقات العودة إلى الحجر، رغم الحالة الوبائية. ولم يتردد محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في بسط معطيات مقلقة عن خسائر المغرب الاقتصادية والمالية جراء تداعيات فيروس "كورونا" المستجد، أبرزها خسارة مليار درهم عن كل يوم من الحجر الصحي. ورغم وجود مسلكيات تدبيرية لفك معضلة التوازن المالي، من خلال الضرائب أو الاقتراض الخارجي، إلا أن صعوبة الوصول نحو قروض جديدة، والتبعات الاجتماعية القاسية لإقرار ضرائب، ترمي بورقة الحجر بعيدا عن ساحة المملكة. رشيد أوراز، باحث اقتصادي بالمعهد المغربي لتحليل السياسات، اعتبر أن الدولة إلى حدود اللحظة لم تتخلص من تبعات الحجر الصحي السابق، خصوصا على مستوى العجز الميزانياتي، الذي تفاقم بإغلاق الأنشطة طيلة ثلاثة أشهر. وأضاف أوراز، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن تطبيق الحجر من جديد ستكون له عواقب وخيمة، بالعودة إلى غياب موارد لتقديم الدعم للمتضررين، مقرا بالتكلفة الاقتصادية الكبيرة التي تؤديها الدولة في الحواضر التي تعتمد بعض الإغلاق. وأوضح الخبير الاقتصادي أن الاقتصاد المغربي لم يصل بعد إلى مرحلة التعافي، فقد ارتفع عجز الميزانية من سبعة إلى عشرة في المائة، كما لا يمكن تمويلها عن طريق الضرائب أو القروض دائما، مؤكدا أن السنة المقبلة ستكون صعبة بعد تصنيف "فيتش" الجديد. وأكمل أوراز تصريحه بالقول: "من الصعب الحصول على قروض بعد سقطة الرتبة، كما أن الضرائب لا يمكن أن ترفع في سوق تعاني كثيرا وتتسم بعدم الاستقرار"، مشيرا إلى أن نقاشات توفر اللقاح هي الكفيلة باسترداد الاقتصاد المغربي لعافيته.