في مواصي خان يونس، غرقت الخيام «خلال دقائق»، كما يقول جميل الشرافي الذي استيقظ على غرار مئات آلاف الفلسطينيين النازحين في غزة على وقع أصوات الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة التي أتت على مقتنياتهم في القطاع الذي دمرته سنتان من الحرب. ويسري في قطاع غزة وقف لإطلاق النار تشوبه خروقات منذ العاشر من أكتوبر، بعد حرب ضروس استمرت عامين، إلا أن أزمة إنسانية حادة لا تزال تثقل كاهل القطاع. يقول الشرافي، المكني أبو خالد، لوكالة فرانس برس إن «الخيمة غرقت بالكامل خلال دقائق، المياه دخلت من كل الجهات ولم نعد نعرف أين نخطو». ويضيف الأب لستة أطفال «فقدنا الأغطية والطعام كله تبلل بالمياه، أطفالي يرتجفون من البرد والخوف». ومنذ بدء فصل الشتاء، يعيش مئات الآلاف في خيام النازحين التي تضربها الرياح الباردة والأمطار. وفي هذه المخيمات المؤقتة التي أقيمت على عجل باستخدام أغطية بلاستيكية وزعتها منظمات إنسانية، تتجمع المياه في ممرات موحلة. في دير البلح وسط قطاع غزة، تقول أم معين (34 عاما) «لا نملك بديلا ولا مكانا نلجأ إليه…استيقظنا على المياه تغمر الخيمة». وتستدرك بالقول إن «الوضع مأساوي جدا… لا نعرف ماذا نفعل». اندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، عقب هجوم شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1221 شخصا، بحسب إحصاء لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية. ومنذ ذلك الحين، قتل أكثر من 70 ألف شخص في غزة، وفق وزارة الصحة في القطاع، فيما اضطر معظم سكانه البالغ عددهم 2,2 مليون نسمة إلى النزوح، وكثير منهم نزح لمرات عدة. وبحسب بيانات الأممالمتحدة، تضرر أو دمر نحو 80% من المباني في القطاع بفعل الحرب. ويقول رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة أمجد الشوا لفرانس برس، إن «مليونا ونصف مليون مواطن فقدوا منازلهم نتيجة العدوان الإسرائيلي على القطاع». وبحسب الشوا، فإن سكان القطاع يحتاجون إلى «أكثر من 300 ألف خيمة لإيواء النازحين، بينما دخل فقط 60 ألف خيمة»، وذلك بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية. وقالت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الأحوال الجوية القاسية فاقمت معاناة سكان غزة. وانتقد المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في منشور على منصة «إكس» الوضع الإنساني في غزة قائلا «إن الناس في غزة يكافحون للبقاء على قيد الحياة في خيام مهترئة غمرتها المياه وسط الأنقاض». وأضاف لازاريني «لا يوجد ما يجعل من هذا الوضع أمرا لا مفر منه. لا يسمح بدخول المساعدات بالحجم المطلوب». وكانت غزة قد شهدت في منتصف دجنبر موجة غير سابقة من الأمطار الغزيرة والبرد الشديد مع العاصفة «بايرون»، أسفرت عن مقتل 18 شخصا على الأقل، جراء انهيار مبان مهدمة ومتهالكة أو بسبب البرد، بحسب الدفاع المدني في غزة. وفي أعقاب تلك العاصفة، أفاد مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في 18 دجنبر بأن 235 ألف شخص على الأقل تأثروا بها، مع تسجيل انهيار 17 مبنى وتضرر 42 ألف خيمة أو مأوى مؤقت كليا أو جزئيا. وفي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، حيث نزح محمد السويركي (38 عاما) من شمال غزة، اقتلعت الرياح خيام النازحين وأغرقتها بالأمطار. ويقول السويركي إن «الرياح اقتلعت جزءا من خيمتنا، الأمطار حولت المكان إلى بركة مياه». ويضيف أن «كل ما نملكه أصبح مبللا، نحن فعليا في الشارع ونخشى استمرار المنخفض لأننا لا نستطيع الصمود أكثر». وحذر الدفاع المدني في قطاع غزة الأحد من اقتراب «منخفض جوي جديد» خلال الساعات المقبلة، مصحوبا «بأمطار غزيرة ورياح قوية»، من المتوقع أن يستمر حتى مساء أمس الاثنين.