المحامون يطالبون بجمع عام استثنائي لمناقشة مشروع قانون المهنة    الأمطار تعزز مخزون السدود ومنشآت صغرى تصل إلى الامتلاء الكامل    السعدي يترأس مجلس إدارة دار الصانع    تضرر أحياء ناقصة التجهيز بفعل التساقطات المطرية يُسائل دور عمدة طنجة    ارتفاع حصيلة قتلى المسجد في سوريا    أنغولا تتعادل مع زيمبابوي في مراكش        مديرية تعليمية تعلق الدراسة السبت    1.2% فقط من الأطفال ذوي الإعاقة يلتحقون بالتعليم الأولي.. والقطاع يعاني من ضعف النظافة وهزالة الأجور    الثانية في أسبوع.. العثور على شاب مشنوقًا بحبل بضواحي الحسيمة    التهمة تعاطي الكوكايين.. إطلاق سراح رئيس فنربخشة    زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية ورياح قوية وطقس بارد إلى غاية يوم الأحد بعدد من مناطق المملكة    الاتحاد الاشتراكي بمكناس يطرح تطورات القضية الوطنية على ضوء قرار مجلس الأمن 2797    ميناء طنجة المتوسط.. إجهاض محاولة تهريب 8 أطنان و196 كلغ من مخدر الشيرا    البيت الروسي يحتفي بسيروف: ألوان تحكي وحياة تروى    زخات قوية وتساقطات ثلجية بعدد من مناطق المملكة    قتيلان في هجوم طعن ودهس بإسرائيل    الحسيمة.. انقطاع مياه الري بسبب سد واد غيس يفاقم معاناة الفلاحين ومربي الماشية    أمن طنجة يوقف أربعة أشخاص يشتبه في تورطهم في قضية تتعلق بحيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    المغرب يواجه مالي وعينه على بطاقة العبور المبكر    بلمو يحيي أمسية شعرية ببهو مسرح محمد الخامس بالرباط يوم الاثنين    قطاع الصحة على صفيح ساخن وتنسيق نقابي يعلن وقفات أسبوعية وإضرابا وطنيا شاملا        لا أخْلِط في الكُرة بين الشَّعْب والعُشْب !    تريليون يوان..حصاد الابتكار الصناعي في الصين    محكمة صفرو تدين مغني الراب "بوز فلو" بالحبس موقوف التنفيذ وغرامة مالية        تَمَغْرِبِيتْ" وعاء سردي يحتضن جميع المغاربة    إجراءات مالية وجامعية بفرنسا تثير مخاوف تمييزية بحق الطلبة الأجانب    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    توقيفات جديدة في فضيحة مراهنات داخل كرة القدم التركية    التواصل ليس تناقل للمعلومات بل بناء للمعنى    «كتابة المحو» عند محمد بنيس ميتافيزيقيا النص وتجربة المحو: من السؤال إلى الشظيّة    الشاعر «محمد عنيبة الحمري»: ظل وقبس    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    «خاوة خاوة» تطبع أول مباراة للجزائر بالمغرب منذ القطيعة الدبلوماسية    عدد من أفرادها طلبوا التقاط صور مع العناصر الأمنية .. الأمن المغربي «يخطف» أبصار وإعجاب جماهير الكان    على هامش كأس إفريقيا.. معرض ثقافي إفريقي وأجواء احتفالية تجذب الجماهير في تغازوت    أمريكا تستهدف "داعش" في نيجيريا    السلطة القضائية تنضم إلى البوابة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات    إلى ساكنة الحوز في هذا الصقيع القاسي .. إلى ذلك الربع المنسي المكلوم من مغربنا    الحق في المعلومة حق في القدسية!    أخبار الساحة    كان 2025 .. المغرب يرسخ دولة الاستقرار ويفكك السرديات الجزائرية المضللة    أسعار الفضة تتجاوز 75 دولاراً للمرة الأولى    روسيا تنمع استيراد جزء من الطماطم المغربية بعد رصد فيروسين نباتيين    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    لاعبو المغرب يؤكدون الجاهزية للفوز    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    14 دولة تندد بإقرار إسرائيل إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة    إطلاق خط سككي جديد فائق السرعة يربط مدينتين تاريخيتين في الصين    الصين تكتشف حقلا نفطيا جديدا في بحر بوهاي    كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمن المختَرَق !!!
نشر في هسبريس يوم 23 - 03 - 2012

أن ترى بأم عينيك " أمنا وطنيا قويا " يفكك عصابة إجرامية ، أو يحل لغز جريمة محيرة ، أو يساهم في حفظ حقوق المواطنين وحمايتهم آناء الليل وأطراف النهار ، أو يسهر على أن يكون هذا البلد بما فيه من والد وولد آمنا مطمئنا فهذا أمر لا يسعك أمامه إلا أن تتوجه بجزيل الشكر وفائق التقدير والإحترام لكل من يقف وراء هذا الأمن من قريب ومن بعيد .
وأن يتدخل الأمن بقوة مفرطة لا تميز بين صغير أو كبير ولا تعرف الفرق بين قوي أو ضعيف في الوقفات والمظاهرات المرخص لها والتي لا تمتلك ترخيصا فهذا أمر قد يجد له بعض " الحربائيين " و " السياسيين " و " المسؤولين اللامسؤولين " وبعض الفضلاء عن حسن نية مبررات قد تساهم في التخفيف من شدة الانتقادات التي تطال هذا الأمن عقب كل تدخل من هذا النوع .
وأن يعذب الأمن في المخافر والمكاتب والغياهب وبأساليب وحشية مواطنين ومواطنات من أبناء هذا الوطن لمجرد أنهم قادوا مظاهرة أو أطروا وقفة احتجاجية أو شاركوا في مسيرة سلمية أو غردوا خارج سرب السلطات فهذا أمر قد تجد له فتوى تبيحه عند فقهاء " الگريمات " والمأذونيات .
وأن يستغل بعض رجال الأمن نفوذهم وسلطتهم لقضاء مآربهم الشخصية ومصالحهم الذاتية ، أو للتعالي على الحق والقانون فهذا أمر قد يكون عاديا ومألوفا في أوطان قطار الديمقراطية فيها كان ولا يزال منحرفا عن سكة الصواب .
لكن أن تسجِّل في السر شكاية ضد مجرم يروع أمن المواطنين ويهدد سلامتهم ، أو أن تبلغ دوائر الأمن وفي السر أيضا عن عصابة تتاجر في مختلف أصناف المخدرات ، ثم تجد نفسك على قائمة المطلوبين عند الطرفين لأن رجال الأمن الذين أودعتهم سرك فضحوه بثمن بخس ، فهذا ما لا يقبله الدين والعرف والعقل ولا يستسيغه كل حر شريف ، وهذا ما لا يمكن المرور عليه مرور الكرام إن صح ثبوته وحصوله .
ولأن مثل هذا الفعل الدنيئ وقع في المغرب وأكدته روايات إحالة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، يوم الاثنين الماضي (19 مارس 2012)، لمجموعة من رجال الأمن على الوكيل العام بمحكمة الاستئناف في الرباط في قضية بارون المخدرات المعروف بلقب " ولد هيبول " ، فلست أدري من سيجيبنا عن أسئلة لا تعد ولا تحصى حول طبيعة الأمن الذي يسهر على أمننا من جهة ، وحول سر عجز الدولة عن تأمين الأمن لأبنائها في سلك الأمن .
تقول الروايات الحديثة المتسربة من مكاتب التحقيق، إن " ولد هيبول " الذي اتخذ من غابة الفلين المجاورة لمدينة تمارة مقرا رسميا للاتجار في المخدرات بجميع أنواعها كان موضوع شكايات عديدة لسكان تمارة، دون أن تتدخل أجهزة الأمن لوضع حد لأنشطته الإجرامية ، والسبب حسب نفس الروايات يعود للأموال التي كان يوزعها على رجال الأمن المتعاونين معه ، والأدهى والأمر من ذلك أن المتورطين من رجال الأمن كانوا يزودون «ولد هيبول» بمعلومات عن كل من يقدم شكاية أو بلاغا ضده، وكانوا يحصلون على إتاوات مالية أسبوعية مقابل تسريب معلومات عن بعض العمليات الأمنية التي كانت تسعى إلى الإيقاع به وعلى مدى سنوات .
وتقول الروايات القديمة " المنسية " أن " الرماش "و"الديب "و"اليخلوفي" و"النيني" و" الدرقاوي " و" حربول " و" بين الويدان " و " طريحة " و" الجبلية " ، وغيرهم من " البارونات " السابقين كانوا بدورهم يتحركون في حرية تامة، رغم صدور مذاكرات اعتقال بخصوصهم ،لا يجرؤ أحد على الاقتراب منهم ، يشكلون دولة داخل الدولة ، وحين تم اعتقالهم جروا معهم مسؤولين أمنيين من أعلى مستوى كانوا هم أيضا متواطئين معهم مقابل إتاوات مالية أكدت أن قوة المال ونفوذ " المافيات " قد يفعلان ببعض الواقفين على أبواب الأمن ما لا يفعله المرء بعدوه .
حين نرى حبل الود قائما بين بعض المحسوبين على " الأمن " وبين تجار المخدرات والعتاة من المجرمين ، وحين نسمع عن رجال أمن ألقي عليهم القبض لتزعمهم لعصبات إجرامية أو إقدامهم على ارتكاب سرقات أو جنايات ، وحين تحمل إلينا الأخبار في كل موسم أنباء عن تفكيك خلايا " مخدراتية " تضم بين جنباتها موظفين في صفوف الشرطة والحرس والجيش ، فلا يمكننا إلا الجزم بأن هذه الأجهزة التي عهد إليها القانون حماية أرواح وممتلكات المواطنين باتت مخترقة من قبل لوبيات و " مافيات " تسعى لخلق وطن يعود بنا إلى عهود " الفتوات " الذين كانوا يحكمون الناس بقوانين الغاب .
وعندما نرى أن" السلطة الأمنية " تغض الطرف عن بعض رجالاتها وأبنائها الذين أصبحوا في ظرف وجيز يشيدون القصور والعمارات ، ولا تفعّل في حقهم مسطرة " من أين لك هذا " ، وعندما نرى أن هذه السلطة تعلم أن بعض رجالاتها لهم أرصدة في البنوك تنافس أرصدة أغنياء العالم وقد كانوا من قبل ينتمون لخانة الفقراء ، ومع ذلك تلتزم بالصمت تجاههم ولا تراقبهم لا من بعيد ولا من قريب . حين نرى ونسمع كل ذلك وغيره ندرك أن" السلطة الأمنية " بهذا البلد لم تستفد من أخطائها ولم تفلح في وضع مقاربة شاملة ناجعة هادفة تنجح في محاربة الفساد الذي ينخر مؤسساتها منذ أمد بعيد ، لأنها ببساطة سلطة مخترقة على أكثر من جهة ومستوى .
مما لا شك فيه أن السلطة الأمنية تحظى بوجود ثلة عريضة من الشرفاء والفضلاء المنتمين لصفوفها ، والأكيد أن الروائح التي تخرج من غياهب هذه السلطة وتزكم أنوف كل المتطلعين لرؤية " أمن " يسعى لتوفير الأمن بكل ما تحمله كلمة الأمن من دلالات وأبعاد ، ما هو إلا استثناء يعبر عن ذلك الاختراق الذي تتعرض له السلطة الأمنية ، والخوف كل الخوف من تحول الاستثناء إلى قاعدة يردد معها كل مواطن في السر والعلن لازمة مفادها أن " الأمن اللي نترجاوا براكتوا ... المافيات شراتو وْغلباتو" .
فرجاء وفروا الأمن للأمن ، ولا تكتموا عن المواطنين داءه ،فمن كتم داءه قتله ، ومن سكت عن دائه أعياه شفاؤه .
والله أعلم .
http://www.goulha.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.