لم تكف عشرات الدقائق المخصصة لضيف برنامج "نصف ساعة"، لكي يعبر عن كل ما يجول في خاطره. كريم التازي ومباشرة بعد الإعلان عن نهاية الحلقة الثانية من برنامج هسبريس الحواري، عبر عن تخوفه من حالة الجمود التام "Blocage total" التي يعرفها المغرب، مصرحا أن كل الفاعلين الرئيسيين غير قادرين على اتخاذ مبادرات جريئة لإخراج البلد من هذه الحالة. رجل الأعمال، قال إن النظام مطالب وبشكل استعجالي بإصلاح جذري "يضمن استمراريته على المدى المتوسط". الإصلاح، يقول الضيف، يبدأ من خلال قطع المؤسسة الملكية مع التحالف الضمني، الذي ورثته عن عهد الحسن الثاني والذي يجمعها بجهات مستفيدة من الريع داخل النظام (جزء من المؤسسة العسكرية، الجهاز الأمني..). التازي، وصف خطوة القطيعة هذه، بالصعبة، خاصة مع حاجة الملك إلى حلفاء أقوياء يتسمون بالنزاهة، يعوضون ضعف الأحزاب الإدارية والركائز الهشة التي ينخرها الفساد، حسب تشبيه المتحدث الذي أوضح أن الخيار يبقى متأرجحا بين حليفين لا ثالث لهما، هما حملة القيم الليبرالية الحقيقية و حزب العدالة و التنمية. غير أن المتحدث، عاد ليوضح، أن القصر يتردد كثيرا في عقد شراكة صادقة مع حزب العدالة والتنمية، رغم تقديم الحزب لنفسه وبإلحاح كحليف تلقائي. تردد، يرجعه التازي، إلى خلافات عميقة، غير معلنة بين الطرفين، متصلة بالمشروع المجتمعي لحزب بنكيران. الإصلاح الجذري، يعترضه أيضا، ضعف الصف الحداثي بالمغرب. صف أظهر حيوية في فترة "الربيع العربي" وكان حليفا للحكم في بداية العهد الجديد، مما أثمر إصلاح مدونة الأسرة وظهور هيئة الإنصاف و المصالحة، إلا أنه توارى إلى الخلف بعد التأكد من رغبة "المخزن" في الاستمرار على نهجه الإقطاعي وتشبثه بمنطق الرعاية ورفضه لدولة المواطنة، يضيف التازي. تيار الحداثيين لم يسلم من سهام رجل الأعمال، المثير للجدل، حيث أوضح أن صف الحداثة، الذي يعتبر التازي نفسه جزءا منهن يعيش ما أسماه ب"فوبيا المخزن"، والمتمثلة في إرجاع كل المشاكل والاختلالات للنظام، بدل تحمل المسؤولية في بعض القضايا العالقة والتي لا يعتبر "المخزن" مسؤولا وحيدا عنها. التازي لخص المشهد قائلا: "اللي بغاني ما بغيتو واللي بغيتو ما بغاني، هذه معضلة ملك حداثي يترأس نظاما فيوداليا في بلد محافظ". المستثمر، الذي خرج في مسيرات حركة 20 فبراير، نبه إلى أن المحسوبين على جبهة الحداثة في المغرب، لا يعملون على بلورة تيار مجتمعي، كما لم يستطيعوا إنتاج قيم يسار جديد، بالإضافة إلى عجزهم عن توضيح ملامح دقيقة للملكية البرلمانية التي يطمحون إليها، وهو ما يدفع الجمهور الواسع الى رفض وضع مفاتيح الوطن بين أيديهم، بسبب غياب النضج لدى بعض الأحزاب وعدم القدرة على حل المعضلات الاقتصادية الكبرى و القيام بإصلاحات جوهرية. ضيف "نصف ساعة"، عاد ليتأسف على سلوك حزب المصباح، الذي نعته بالمنبطح والمسكون بهاجس إرضاء القصر، مما ساهم في تأويل غير ديمقراطي للدستور مع تزكية المس الفاضح بحقوق الإنسان، وهو ما شبهه التازي بحرق مراكب العودة إلى شاطئ الشعب الراغب في إصلاحات هيكلية، خاصة في شقها الاقتصادي. آخر "دروس" كريم التازي بعد انتهاء برنامج "نصف ساعة"، ارتبطت بجماعة العدل والإحسان التي وصفها بالحركة القوية وذات التنظيم الصلب، إلا أن نقطة ضعفها كامنة في عدم وضوح برنامجها، مطالبا قيادتها الجديدة بتحديد سقف المطالب. حقيقة تمويل كريم التازي لحركة الفبرايريين، قصة تحوله من فاعل جمعوي إلى فاعل سياسي ميداني، تقييمه لسنوات حكم الملك محمد السادس، مؤاخذاته على الأداء الاقتصادي لحكومة بنكيران وارتباطات الثروة بالسلطة.. محاور من ضمن أخرى، تجدونها في الحوار الذي جمع رجل الأعمال بهسبريس في الحلقة الثانية من برنامج "نصف ساعة" الذي سيتم بثه على الموقع الالكتروني، ابتداء من منتصف ليلة يوم الأحد المقبل.