تتمدد الجماعات الإرهابية بشكل تدريجي في بلدان شمال إفريقيا خلال الأشهر الأخيرة، مستفيدة من توغلها الناجح في مناطق الساحل الإفريقي والصحراء الكبرى ووسط إفريقيا، بفعل غياب الاستقرار الداخلي في مجموعة من "الفواعل السمراء" الهشة. وعاد الفكر المتطرف إلى البلدان المغاربية، من خلال "الخلايا النائمة" التي تسعى إلى تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية؛ لكن "عيون الأمن" أفلحت في إجهاض تلك المحاولات، خاصة السلطات المغربية التي تصدت لمختلف تحركات التنظيمات الإرهابية الإفريقية. وبعد أسابيع قليلة من تفكيك "خلية الرشيدية"، نجحت المصالح الاستخباراتية في ضبط "خلية نائمة" أخرى بطنجة مرتبطة بتنظيم "داعش" في الساحل، بعد عثور السلطات على صور تمجد "أبو الوليد الصحراوي"، المقاتل السابق في جبهة "البوليساريو". وتهدف جل التنظيمات الإرهابية بالساحل الإفريقي والصحراء الكبرى، ضمن خططها التوسعية، إلى نقل أنشطتها لمنطقة شمال إفريقيا، تحديدا المنطقة المغاربية؛ وهو ما يتجلى في أعداد "الخلايا النائمة"، التي يتم تفكيكها في المغرب والجزائر وتونس وليبيا طيلة الأشهر الفائتة. وقدم عبد الواحد أولاد ملود، باحث مغربي متخصص في الشؤون الأمنية والإفريقية، قراءة تحليلية لتلك التحركات الإرهابية في المنطقة بتأكيده على أن "الخلايا الإرهابية لم تعد تؤرق المغرب فقط؛ بل أصبحت محل قلق من لدن كل البلدان المغاربية على وجه التحديد، بسبب المتغيرات الأخيرة". وأوضح أولاد ملود، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الخلايا الإرهابية لم تعد موالية لتنظيم القاعدة في أفغانستان فقط؛ بل تمددت وتفرعت إلى بطون وفروع كثيرة، ثم برز ما اصطلح عليه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، حيث استفادت هذه الجماعات الإرهابية من الرجات الأمنية بالدول العربية، وما آل إليه الوضع في العراقوسوريا وليبيا". ولفت الباحث الأمني إلى أن هذه التحولات الإقليمية "أرخت بثقلها على سيرورة الحركات الجهادية، حيث لم يسلم المغرب بدوره من تلك الحركات الإرهابية التي انصب اهتمامها على الخلايا النائمة؛ ومن ثم، أصبح الخطر الإرهابي يهدد بشكل أو بآخر منظومة الدولة المغربية". وتابع المتحدث بأن "خلية طنجة عرفت مقاومة شرسة من طرف أميرها؛ ما يدل على الخطر القادم من طرف هذه الخلايا النائمة"، مبرزا أن "منطقة شمال المغرب تعد من المناطق الأولى لتفريخ التطرف لأسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية". وذهب أولاد ملود إلأى أن "مقتل زعيم فرع تنظيم داعش في الصحراء الكبرى (أبو الوليد الصحراوي) لا يعني فشل هذه الحركة؛ بل ما زال تأثيرها موجودا، وسيتواصل في المستقبل بالبلدان المغاربية، ما يتطلب زيادة اليقظة الأمنية لتحييد خطر كل الخلايا النائمة". وخلص الباحث ذاته إلى أن "خلية الرشيدية بايعت تنظيم داعش بخراسان؛ بينما أولت خلية طنجة الولاء لتنظيم داعش في الساحل والصحراء الكبرى، وبالتالي، فهذه الخلايا النائمة لها اتجاهات عديدة ومنابع كثيرة، لأنها لم تعد تقتصر على فروع سورياوالعراق والقاعدة".