حزب فدرالية اليسار يستنكر إقصاءه من مشاورات وزارة الداخلية مع الأحزاب    جلالة الملك يدشن ويزور عددا من المشاريع الكبرى المندرجة في إطار إعادة هيكلة وتطوير المركب المينائي للدار البيضاء    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    فوزي لقجع يستقبل رئيس الاتحاد البرتغالي لكرة القدم بيدرو بروينسا للحديث عن مونديال 2030    ميناء الحسيمة يسجل ارتفاعا في عدد المسافرين خلال عملية مرحبا 2025    العقوبات البديلة بالمغرب .. هذا تسهر منصة على تنفيذ المراقبة الإلكترونية    المصادقة على تعيينات جديدة في مناصب عليا    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بتحديد مبلغ التعويضات الممنوحة لأعضاء لجنة التقييم والانتقاء ولجنة تنظيم جائزة اتفاقيات الشغل الجماعية    مقتل أربعة ضباط إسرائيليين في غزة        شيرين وحسام حبيب يقضيان عطلة في "ماربيا"    البحرين تواجه "أسود الأطلس" بالرباط    توقيف حكم مباراة اتحاد طنجة وحسنية أكادير بسبب الأخطاء التحكيمية    آسية رزيقي تواصل التنافس بطوكيو    الخطوط المغربية تدشن خطا جويا جديدا مباشرا بين الدار البيضاء ونجامينا    قتيلان في إطلاق نار عند معبر اللنبي بين الضفة الغربية والأردن    امطار مرتقبة بالريف وشرق الواجهة المتوسطية    الأرصاد الجوية توصي بزيادة الحذر    ترويج الكوكايين والأقراص المهلوسة بالعرائش يطيح بشخصين    رغم حضور لطيفة رأفت .. محاكمة "إسكوبار الصحراء" تتأجل إلى أكتوبر    القوات المسلحة الملكية تكرم ثلة من متقاعديها بالمنطقة الجنوبية    المغرب يقتحم سوق الهيدروجين الأخضر ويعزز موقعه كمركز عالمي للطاقة النظيفة    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يكشف عن لجنتي تحكيم دورته الثلاثين    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    الفنان مولود موملال: جمالية الغناء الأمازيغي وفاعليته التوعوية    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    "مجلس حقوق الإنسان" يطالب بحرية التعبير الرقمي وحماية المواطنين من دعاوى التشهير الحكومية        350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    رئيس شبكة الدفاع عن الحق في الصحة: معدلات وفيات الأطفال والمواليد الجدد في المغرب ما تزال مرتفعة    العباس يطمئن رؤساء أندية الشمال: التصويت سري لاختيار رئيس شاب جديد أو التجديد لمعمِّر قديم    ابتكارات وتقنيات جديدة تتصدر فعاليات مؤتمر الأمن العام في الصين.    لماذا ‬رحبت ‬قمة ‬الدوحة ‬بقرار :‬    اجتماع ‬اللجنة ‬الوزارية ‬لقيادة ‬إصلاح ‬منظومة ‬الحماية ‬الاجتماعية    دي ‬ميستورا ‬بالجزائر ‬قبل ‬التوجه ‬الى ‬باريس ‬بحثا ‬عن ‬مواقف ‬متقاطعة ‬    النفط يتراجع وسط مخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي وتخمة المعروض    بوسليم يقود مواجهة الوداد واتحاد يعقوب المنصور    زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب شمال جزيرة "سولاويزي" الإندونيسية    تقرير: الفقر المطلق يتضاعف في المدن رغم احتفاظ القرى بثلث فقراء المغرب        الولايات المتحدة.. ترامب يعلن تصنيف حركة "أنتيفا" اليسارية المتطرفة منظمة إرهابية    ارتفاع نفقات سيارات الدولة يثير تساؤلات حول أولويات الإنفاق العمومي    مصادر: ميسي يمدد العقد مع ميامي    أكثر من 200 مليون دراجة هوائية في الصين            عمدة بينالمدينا الإسبانية يكرم شخصية مغربية تقديراً لنجاح مبادرات ثقافية    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    آلام الرقبة قد ترجع إلى اختلال وظيفي في المضغ        قهيوة مسائية بطنجة رفقة الفنان فؤاد الزبادي    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدرس الألماني: الديمقراطية، النجاعة والبقاء للأصلح
نشر في هسبريس يوم 25 - 09 - 2013

على أنقاض ألمانيا المقسمة بين الشرق و الغرب زمن الحرب الباردة و الاستقطاب الحاد إلى حد تفريق أبناء الوطن الواحد،قامت ألمانيا الموحدة.ألمانيا لكل الألمان كما أرادها كثيرون يوم انهالوا بأيديهم على جدار برلين في صورة تناقلتها قنوات العالم على أوسع نطاق باعتبارها لحظة تاريخية مفصلية في التاريخ الحديث.
شكلت ألمانيا دوما نموذجا للدولة القوية بشعبها و مؤسساتها.قوة تجسدها المراتب المتقدمة التي تحتلها بلاد الجرمان على شتى الأصعدة و ريادتها كقوة أولى داخل الاتحاد الأوربي.و بالنظر لعراقة التجربة الديمقراطية الألمانية،بصرف النظر عن تجاوزات الحكم النازي في فترة سوداء من تاريخ ألمانيا،شكلت الانتخابات التشريعية الألمانية الأخيرة نقطة مضيئة أخرى في سماء الديمقراطية الألمانية.غير أن التشريعيات الألمانية لا تثير الانتباه بحكم نزاهتها، لكونها طقسا ديمقراطيا روتينيا ألفه الألمان ،بقدر ما تستوقفنا على ضوئها مسألة في غاية الأهمية باعتبارها تجسد النموذج الديمقراطي في تدبير تجاذبات السياسة و تدافع المشاريع الحزبية المتنافسة و لحظة حاسمة للمكافأة أو العقاب على قدر المردودية والعطاء في تدبير الشأن العام.لست هنا بصدد الدفاع عن حزب أو تيار ما ،بقدر ما سأحاول استجلاء حقيقة بعض العبر الممكن استخلاصها من الدرس الديمقراطي الألماني.
بالرغم من عدم تمكنه من الحصول على الأغلبية المطلوبة التي قد تعزى إلى عدم رضى بعض الألمان عن سياسة التقشف التي أملتها ظروف الأزمة، فإن التصويت المكثف على حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة أنجيلا ميركل(نحو41.5 في المئة من عدد الأصوات) و استمرار ثقة الكثيرين في الحزب و سياساته الاقتصادية و الاجتماعية على وجه الخصوص، يشكل تعبيرا صريحا من الألمان على أن الديمقراطية عبر آليتها المركزية المتمثلة في الانتخابات ،هي في مرحلة أولى أداة لفسح المجال للسياسات الاقتصادية و الاجتماعية الناجحة لتجد طريقها نحو التطبيق.
و في مرحلة موالية،أداة لإعادة إنتاج شروط القوة و النجاعة و السياسات الناجحة.
لا جدال أن مناخ الأزمة الحالي كفيل بزعزعة ثقة المواطن في أية حكومة مهما بلغت قدرتها على تدبير الأزمة ،مع ذلك منح العديد من الألمان ثقتهم لكتيبة الحزب الديمقراطي المسيحي إيمانا منهم بجدية الحزب و سعيه للحفاظ على مكانة ألمانيا القوية جهويا و دوليا.
لم يتأت التصويت المكثف لصالح الحزب المذكور من فراغ أو من تأثر ببرنامج سياسي معسول الكلمات أومنفوخ الأرقام ،بقدر ما هو تعبير عن مكافأة له من الشعب الألماني على السياسات الاقتصادية و الاجتماعية ،التي حالت دون استفحال الأزمة الاقتصادية و خففت بدرجة كبيرة من تداعيات الأزمة الاقتصادية الخطيرة و التسونامي المالي الذي كبد الكثير من الدول الأوربية وغيرها خسائر فادحة وصلت إلى حد وصفه البعض بالنيل الجزئي من سيادة بعض الدول، مع تعاظم دور المانحين في رسم معالم سياساتها الاقتصادية و الاجتماعية كما حدث باليونان.أكثر من ذلك،لم تتوانى ألمانيا بحكم قوتها الاقتصادية عن لعب دور الإطفائي في هذه الأزمة من خلال تدخلها في تمويل خطط الإنقاذ المالي في عدد من دول منطقة اليورو. فمؤشرات الاقتصاد الألماني ظلت تقاوم في عز الأزمة الخانقة التي استمرت منذ 2008 إلى الوقت الراهن.لقد قال الألمان ببساطة؛نعم لمواصلة النجاح،نعم للنجاعة،نعم لألمانيا القوية برجالاتها و مؤسساتها،نعم لبقاء الأصلح و الأكفأ بعيدا عن منطق المزايدة و الخطابات السياسوية الفارغة.
لم يتجرأ أي حزب سياسي على استصغار ذكاء الألمان لأن الجميع يدرك أن لغة الأرقام و مؤشرات النجاح الملموسة هي الفيصل في ترجيح كفة حزب على غيره و لا مجال للغة الخشب و الوعود الفارغة التي لا تجد طريقها نحو التطبيق.
عطفا على ما سلف ذكره من مؤشرات النجاعة و الفعالية،ينضاف الموقف الجريء للدبلوماسية الألمانية بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل على المستوى الدولي في العديد من القضايا آخرها رفض التدخل العسكري ضد سوريا خارج غطاء الشرعية الدولية.في الوقت الذي لم يتردد فيه ساكن الإليزيه في التأييد غير المشروط للخطوات و المشاريع الأمريكية.كما أن الشخصية القوية للمستشارة الألمانية و تدرجها في هرم المسؤولية داخل الحزب و ووزنها على الساحة السياسية الوطنية و الأوربية و الدولية قد تكون ساهمت في رفع أسهم الحزب.فالكثيرون يميلون إلى مقارنتها برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر نظرا لقوة شخصيتها و صرامتها التدبيرية.فالألمان شعب يمجد قيم العمل و العمل ثم العمل.
على سبيل الختم،نتمنى أن يلتقط الفاعلون السياسيون و الحزبيون المغاربة الإشارات و الاستفادة من الدروس و التجارب الرائدة على غرار التجربة الألمانية للإقتداء بها لتحسين سلوكهم السياسي.سلوك يعوزه الوضوح و المكاشفة، مما يحول دون بلورة برامج انتخابية واضحة المعالم و قابلة للتطبيق،و لو بشكل جزئي عبر حسن استثمار مساحات التحرك المتاحة،لصنع قرار سياسي اقتصادي واجتماعي يجعل المواطن/الناخب في صلب اهتماماته.و هم عطفا على ذلك مدعوون للإقتداء بالسلوك السياسي و قوة شخصية العجوز الصارمة الحاملة لشهادة الدكتوراه في الكيمياء أنجيلا ميركل و غيرها كثير من الرواد.
بالمقابل ،فالناخب المغربي مطالب أكثر من أي وقت مضى بإيلاء صوته الأهمية التي يستحقها باعتباره الفيصل في حسم الاختيارات الوطنية عبر إلزام الأحزاب السياسية برفع منسوب الوضوح و العقلانية في خطاباتها و برامجها الانتخابية التي كثيرا ما تصاغ في شبه قطيعة مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي.و بالتبعية،وضع حد لهدر الزمن السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي الذي تزداد كلفته يوما بعد آخر.وذلك لن يتأتى ما لم يتم اعتبار الاستحقاقات الانتخابية لحظة لتقييم السياسات العمومية عبر مكافأة البرامج و السياسات الناجحة و معاقبة الفاشل منها تكريسا لمبادئ المسؤولية السياسية و الأخلاقية للمؤتمنين على تدبير الشأن العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.