منذ شهور عدة أضحت مدينة الناظور قبلة للسوريين الراغبين في الولوج إلى مليلية، أملا في ترحيلهم إلى اسبانيا كطريقة سهلة للالتحاق بأوروبا دون المغامرة بركوب البحر عبر قوارب الهجرة السرية، أو منح أموال لشبكة ربما لا تفي بوعودها أو ربما تفشل في تنفيذ المتفق عليه. عدد السوريين الوافدين على الناظور يتزايد يوما بعد يوم يفيد مصدر أمني لهسبريس قبل أن يضيف " توافدهم بكثرة الى المدينة و تمكنهم من الولوج للثغر المحتل يغري آخرين بالتوجه إلى المدينة الحدودية"، الأمر نفسه يزكيه صاحب فندق غير مصنف بالمدينة بالقول " أضحى عدد الراغبين في غرف للمبيت يتزايد يوميا خصوصا من طرف السوريين، لكنني أرفض أن أمكنهم من طلبهم لأنهم يستقرون مدة طويلة و ذلك لا يغريني،خصوصا أنه يرافقهم أطفال صغار". منذ أسبوع اعتصم العديد من السوريين ب"ساحة إسبانيا" المتواجدة في مركز مدينة مليلية، و هي عبارة عن مدار طرقي كبير تتوسطه حديقة، حيث يقضون اليوم رافعين لافتة تطالب بترحيلهم إلى اسبانيا و تسوية وضعيتهم القانونية، حيث كان عددهم يتجاوز الخمسين قبل أن يتراجع إلى 15 فردا بعد وعدهم من طرف الحكومة المحلية لمليلية بدراسة طلبهم. كمال؛ أحد السوريين الذين سبق أن التقتهم هسبريس بمدينة الناظور قبل أسبوع ورفض حينها الحديث بداعي تخوفه من التضييق على أيدي السلطات المغربية إن كتبت الصحافة عن معاناتهم، تم الالتقاء به بمليلية هذه المرة حيث تمكن من العبور وقال مبتسما "لقد تمكنت من الولوج الى مليلية، والآن نطالب السلطات الإسبانية بمنحنا حق العبور الى اسبانيا، فنحن لا نريد البقاء هنا في هذه المدينة". وعن طريقة عبوره للثغر المليلي قال كمال "لقد أدخلنا وسيط مغربي منحناه مبلغا ماليا، وذلك عبر معبر بني أنصار وبطريقة عادية كما يدخل المغاربة، وأتحفظ عن ذكر تفاصيل أكثر حفاظا على حظوظ رفاقي المتواجدين بمدينة الناظور في انتظار دورهم للالتحاق بنا بنفس الطريقة" وزاد: "نفس الطريقة سبق أن استعملناها للولوج إلى التراب المغربي، حيث تكلف وسيط جزائري بإيصالنا حتى مدينة وجدة مقابل مبلغ مالي ولكنه زهيد مقارنة مع الذي دفعناه لدخول مليلية". تعامل الإسبان مع اللاجئين السوريين المتواجدين باسبانيا كان محط استنكار كمال ورفاقه حيث قالوا لهسبريس: "المغاربة شعب طيب و كريم، منذ التحاقنا بمليلية يقدمون لنا و لصغارنا الطعام و الغطاء، في حين أن الإسبان يعاملوننا باحتقار، إنهم عنصريون فعلا، لقد تم طردنا من مركز الإيواء بداعي عدم توفر غرف شاغرة، حيث أننا نبيت الآن في الشارع، كما لا يسمح لنا بالمبيت هنا في ساحة إسبانيا". كمال ورفاقه يؤكدون طيلة حديثهم عن رغبتهم في العبور فقط ،مؤكدين عدم رغبتهم في البقاء في اسبانيا بسبب أزمتها الاقتصادية الخانقة، موردين أنهم يرغبون في الاستقرار بهولندا أو ألمانيا، كما أعربوا عن عدم رغبتهم في الذهاب لمركز الايواء حيث قال كمال بنبرة المستنكر" مركز الايواء مكتظ بالمهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء، والنظافة منعدمة هناك، بلاصا إسبانيا أحسن من ذلك المركز". تواجد هسبريس بساحة اسبانيا وسط الثغر المحتل تصادف و تحلق مجموعة من النساء السوريات و أطفالهم الصغار على طعام معلب، مراقبين من طرف عناصر استخباراتية منتشرة بالمكان تمنع كل من حاول تقديم مساعدات للمتواجدين بالمكان، و قال كمال عن الموضوع " يرفضون أن يقدم لنا أحد الطعام، و يعتبرون ذلك تشجيعا لنا على البقاء، كما يرفضون تصويرنا من طرف الصحافة، حيث اعتقلوا صحفيين أجانب و صادروا كاميراتهم بداعي عدم توفرهم على تراخيص، انهم عنصريون جدا". انتهاء معاناة كمال و رفاقه من السوريين رهينة بموقف الحكومة الإسبانية من قضيتهم التي أضحت قضية رأي عام في اسبانيا، حيث يراهنون على منحهم حق العبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط أملا في العيش في استقرار بعيد عن نيران بنادق و رشاشات نظام الأسد كتائب المعارضة.