أصبحت الوضعية الوبائية بجهة الدارالبيضاء-سطات تثير قلق الفعاليات الصحية، التي تتخوف من اتساع نطاق تفشي متحور "أوميكرون"، خاصة في ظل الارتفاع التدريجي لمعدل ملء أسرة الإنعاش المخصصة ل"كوفيد-19" بالعاصمة الاقتصادية، وما يخلقه من ضغط كبير على الأطر الطبية والتمريضية. وسجلت مدينة الدارالبيضاء لوحدها 3513 حالة يوم أمس، ما دفع العديد من المؤسسات الخاصة إلى دعوة عمالها إلى الالتزام الصارم بالإجراءات الاحترازية، بما شمل وسائل النقل العمومي التي بدأت تلزم الركاب بارتداء الكمامة الواقية بصفة إجبارية. وفي هذا الصدد، قال الدكتور الطبيب حمضي، باحث في السياسات والنظم الصحية، إن "مدينة الدارالبيضاء تتصدر قائمة المدن الموبوءة بفيروس كوفيد-19 بالنظر إلى الكثافة السكانية المرتفعة، خاصة أنها تحتضن أكبر مطار دولي بالمغرب، وما ينتج عن ذلك من تفشٍ للمتحورات الفيروسية". وأضاف حمضي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "النشاط البشري والاقتصادي الذي تعرفه المدينة يسهم في ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، على اعتبار أن المرض يكون ملازماً للنشاط الإنساني"، مبرزاً أن "عدم احترام الإجراءات الاحترازية يمنح الفيروس فرصة أكثر للانتشار". واعترف الباحث عينه ب"ضعف الإقبال على مراكز التلقيح بمدينة الدارالبيضاء، وهو ما جعل نسبة التلقيح متدنية بها، وبالتالي يساهم الأمر في الانتشار السريع للمرض"، مؤكدا أن "المدينة تقترب من ذروة الوباء في الأسبوعين المقبلين، بينما ستشهد بقية المدن الأخرى الوضعية الوبائية نفسها في غضون أربعة أسابيع". وأفاد البروفيسور محمد أمين برحو، أستاذ جامعي متخصص في علم الأوبئة عضو اللجنة العلمية لاحتواء فيروس "كوفيد-19" بالمغرب، بأن "الدارالبيضاء ظلت تشهد هذه الحالة الوبائية المقلقة على امتداد الموجات الوبائية السابقة، بفعل الكثافة السكانية المرتفعة والأنشطة الاقتصادية المكثفة". وأورد برحو، في حديث لهسبريس، أن "موجة أوميكرون تعرف ارتفاعاً كبيراً بكل من الدارالبيضاء والرباط، لكن مؤشر الخطورة يكمن في ارتفاع معدل ملء أسرة الإنعاش وتصاعد حالات الوفاة"، مشددا على أن "نسبة الحالات الحرجة في الأسابيع الأخيرة ترتبط بمتحور دلتا، وليس أوميكرون". وأشار البروفيسور عينه إلى أن "خطورة موجة أوميكرون ستظهر في الأسبوعين المقبلين، إذ سترتفع نسبة الحالات الحرجة، بينما ستظهر خطورتها الكبرى في غضون الأسابيع الأربعة المقبلة، إذ سيرتفع معدل الوفيات من جديد في حال عدم الالتزام بتدابير الوقاية"، خالصاً إلى أن "الفيروس ينتشر حاليا في صفوف الشباب لأنهم أكثر دينامية، وسيصل إلى الفئات الهشة في الأسابيع القادمة".