السيدة سناء قدور تهنئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش المجيد    بمناسبة زيارة العمل للمملكة .. أنشطة مكثفة للسيدة الأولى لجمهورية السلفادور    الصويرة : محمد ملال ، الكاتب الإقليمي للحزب ، والنائب البرلماني وعضو المكتب السياسي ، يتوج مساره الأكاديمي بشهادة الدكتوراه        36.7 مليار درهم حجم رقم معاملات صادرات الفوسفاط خلال 5 أشهر        تقرير أممي: كافة فلسطينيي غزة يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد    بعد ترحيله.. البقالي: الالتفاف حول سفينة "حنظلة" هو دعم للقضية الفلسطينية وكسر لحاجز الصمت    النيجر تستعين بالمغرب لتأسيس شركة طيران وطنية    نهائي "كان" السيدات: احتجاج الجامعة المغربية يعجل بتغييرات تحكيمية من قبل 'الكاف"    الرجاء يستأنف تدريباته بالبيضاء بعد معسكر أكادير        رئيس "الفيفا" يتجول في شمال المغرب ويقصد شفشاون    تراجع أسعار الإنتاج الصناعي في المغرب    سعد الله و نوس:وحده الأمل    الاستصهان: تفكيك السردية الصهيونية من موقع الفهم لا التبعية    عضة كلب ضال تودي بحياة طفل نواحي الناظور    النصر السعودي يتعاقد مع جواو فيليكس حتى 2027 قادما من تشلسي    خيتافي يعلن عن تعاقده مع اللاعب المغربي عبد الكبير عبقار حتى 2028    الدورة الرابعة لصيف طنجة الكبرى .. كرنفال استثنائي وسهرات فنية تضيء ليالي المدينة    المجموعات الصحية الترابية ركيزة من ركائز الإصلاح الحكومي الشمولي للمنظومة الصحية الوطنية    موسم جديد للأنشطة التربوية الصيفية لفائدة أبناء المفرج عنهم في قضايا التطرف والإرهاب    "مجموعة أكديطال" تعلن عن استحواذها على مستشفى عبد الرحمن المشاري بالسعودية    سجن تولال 1 ينفي منع زيارة نزيل ويؤكد احترام الإجراءات المعتمدة    توظيف مبلغ مالي مهم من فائض الخزينة    المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: المغرب بلدٌ مانح للخبرة والتضامن العلمي    المغرب يهدي 2000 طن من الأسمدة لدعم الأمن الغذائي في غانا وتعزيز التعاون الزراعي بين البلدين    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    مشروع ربط كهربائي بين المغرب والبرتغال يفتح آفاقًا جديدة للتكامل الطاقي بين ضفتي المتوسط    في أديس أبابا.. المغرب يدعو إلى إحداث صندوق دولي للأمن الغذائي بإفريقيا        مستشار ‬ترامب ‬بالجزائر ‬بعد ‬زيارة ‬خاطفة ‬لباريس :‬        إسبانيا تسجل أرقام قياسية في عبور المسافرين والمركبات نحو المغرب    ارتفاع ‬مؤشر ‬‮«‬مازي‮»‬ ‬إلى ‬مستوى ‬قياسي ‬جديد ‬يعكس ‬ثقة ‬المستثمرين ‬ويستدعي ‬يقظة ‬لضمان ‬الاستدامة ‬    منظمتان ‬دوليتان ‬توصيان ‬المغرب ‬بتسريع ‬وتيرة ‬اعتماد ‬فلاحة ‬أكثر ‬مرونة ‬وإنتاجية    لاعب سابق للمنتخب الفرنسي يحاكم في البرازيل    فليك يتخذ قرارا حاسما بشأن شتيغن    "قاتل الشياطين" يحطم الأرقام القياسية في اليابان    مات مرتين .. في وداع زياد الرحباني صمتت فيروز    هند زيادي تُشعل منصة كلميم وتواصل نجاحها ب"انسى"    بسبب مبابي.. ريال مدريد يخطط لبيع فينيسيوس    مسلح يقتحم برجا بنيويورك ويخلف 4 قتلى بينهم شرطي    متى ينبغي إجراء الفحوص الدورية على العينين؟    استخدام الهاتف في سن مبكرة يهدد الصحة العقلية    مصرع 30 شخصاً وإجلاء عشرات الآلاف في بكين بسبب أمطار غزيرة    هولندا تستدعي السفير الإسرائيلي وتفرض حظرا على دخول سموتريتش وبن غفير        توقعات طقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    هكذا ودع لبنان زياد الرحباني.. لم تبكِ فيروز وحدها.. بكت بيروت والحارات والمسارح التي غنى فيها    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    بالصدى .. قوافل ل «تكريس» العوز و«الهشاشة»    المال والسياسة: زواج المصلحة أو طلاق القيم    ما علاقة السكري من النوع الثاني بالكبد الدهني؟        على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البعد الديني وأثره في تشكيل ملامح الشخصية المغربية
نشر في هسبريس يوم 29 - 04 - 2022

يعتبر الدين مكونا مركزيا من مكونات تشكيل الهوية الحضارية لأي أمة من الأمم ، وعاملا مؤثرا في صناعة التاريخ، وإنتاج الحضارات الإنسانية، إذ لم يخل مجتمع من المجتمعات البشرية على مر التاريخ من وجود مؤسسات دينية، تمارس التوجيه الديني، وتعمل على بناء وعي الإنسان وتصحيح تصوراته وفق منظومة قيم محددة، وفي إطار المنطق الديني السائد في هذه البيئة أو تلك، كما لم يخل مجتمع من المجتمعات من وجود فضاءات لممارسة الطقوس والشعائر الدينية، بصرف النظر عن طبيعة تلك الطقوس والممارسات، وهذه حقيقة أصبحت من مقررات البحوث والدراسات في تاريخ الأديان والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع الديني، وقد استند إليها كثير من الباحثين لإثبات الطابع الأصيل لمسألة التدين، وكونه ذا بعد وجودي في الإنسان.
ونظرا للمكانة التي يحظى بها الدين داخل المجتمعات البشرية، كحاجة فطرية تلبي رغبة أكيدة في رحلة البحث عن المعنى، وكمعطى له تأثيره الكبير في كل ما ينتجه الإنسان من فكر وحضارة وعمران، فقد شهدت السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا بالمسألة الدينية من طرف عدد من الباحثين الغربيين لاسيما في مجال علم الاجتماع، حيث توقف كبار منظري علم الاجتماع مع الظاهرة الدينية، متأملين معنى الدين ووظائفه وتأثيراته داخل المجتمع.
وإذا كان الحضور الديني قد عرف نوعا من الخفوت والتراجع في البيئة الأوروبية خلال عصر النهضة، بسبب ما أصبحت تعيشه تلك البلدان الأوروبية، من علمنة شاملة أدت إلى ضمور المعتقدات الدينية، وتراجع سلطة الدين وحضوره في المجال العام، فإن الفكرة الدينية في المجمل، ظلت حاضرة في البنية الثقافية والفكرية لهذه المجتمعات، وفي كل ما ينتجه الإنسان الغربي، وإن بأشكال متفاوتة من بلد لآخر، ومن مجال لآخر؛ ذلك لأن الدين كما أسلفنا هو حاجة فطرية في الإنسان، وأي محاولة لتغييب هذا النزوع الفطري نحو التدين، هي في الواقع محاولة لكبت غريزة مركوزة في النفس البشرية، قد تخبوا في لحظة زمنية نتيجة لعوامل متعددة، لكنها ما تلبث أن تعود لتهيمن على الوجدان والسلوك الإنساني. ولذلك فبالرغم من تلك المحاولات الرامية إلى القضاء على ما تبقى من مظاهر التدين في الأوساط الغربية، فإن ذلك لم يمنع من أن يتغلغل التأثير الديني في مفاصل الحياة الغربية، على نحو ما نجده في الولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت في السنوات الأخيرة، ارتفاعا متزايدا في عدد المتدينين، بحسب ما أفادته بعض الدراسات المختصة بتتبع الحالة الدينية في المجتمع الأمريكي. وقد أصبح الحضور الديني في الحياة الاجتماعية والسياسية الأمريكية معطى واقعيا غير قابل للاختزال، خصوصا مع ظهور الحركات الاجتماعية التي كان يوفر لها الدين الأساس الإيديولوجي في معركة الحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية. وأيضا مع عودة التيارات المحافظة إلى المشهد السياسي الأمريكي منذ سبعينيات القرن الماضي.
أما بالنسبة للحضور الديني في البيئية الإسلامية، فإن الأمر يختلف عما هو عليه الحال في البيئة الغربية؛ إذ لم تشهد الدول الإسلامية ما شهدته الدول الغربية من صراع بين الدين والمجتمع، أو بعبارة أدق بين الكنيسة ورجال الفكر في المجتمع الغربي، وبالتالي فقد ظل الدين حاضرا في عمق المجتمع الإسلامي، كمرجعية عليا تؤطر الحياة بمختلف تجلياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها.
ويظهر ذلك التأثير الكبير للدين في المجتمع الإسلامي في كل ما أبدعه الانسان المسلم على مر العصور من صنوف المعارف، وألوان من الفنون المختلفة. ويكفي أن نبين هنا بأن الاهتمام بعلوم اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة إنما كان نتيجة للاهتمام بالنص القرآني، كما أن اشتغال علماء المسلمين بالفلسفة والمنطق كان قد فرضته أسباب دينية وعقدية محضة، وقل ذلك أيضا بالنسبة لعلوم أخرى، مثل علم الفلك الذي نشأ نتيجة لاهتمام العلماء بتحديد مواقيت العبادات، وعلم الحساب الذي نشأ على هامش الاهتمام بالمواريث وتحديد أنصبة الزكاة. وقد امتد هذا التأثير الذي فرضه النص الديني على العقل المسلم، في كل المنتجات الثقافية الأخرى، ما أدى إلى إضفاء طابع متميز على الحضارة الإسلامية، انطلاقا من خصوصية الدين الإسلامي وتعاليمه السامية.
وإذا كانت الحضارة الإسلامية نتاج أفكار وتصورات وقيم دينية وفلسفية، فإن الحضارة المغربية تعتبر جزءا من الحضارة الإسلامية، غير أن هناك خصوصيات تميزت بها الحضارة المغربية عن نظيرتها في المشرق، تبعا لاختيارات دينية وعقدية محددة، كان لها تأثير بارز في رسم ملامح الشخصية المغربية المتفردة بثقافتها وقيمها وسلوكها ونمط عيشها.
فما هي إذن أبرز مظاهر التأثير الديني في عمق الحياة المغربية سياسيا واجتماعيا وثقافيا وعمرانيا؟ وكيف ساهم المكون الديني في صياغة الشخصية المغربية عبر التاريخ؟
هذا ما سنعمل على إبرازه في محطات لاحقة بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.