شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية في عين الشق بمدينة الدارالبيضاء، السبت، مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه تقدم بها الطالب الباحث خالد ملوك حول موضوع: "الشأن الديني في إسبانيا: نموذج الأقلية المسلمة" ضمن "مختبر البحث حول المغرب والعالمين الإيبيري والإيبيروأمريكي" التابع لشعبة الدراسات الإسبانية بالكلية ذاتها. وضمت لجنة المناقشة كلا من الدكتور محمد عمروش، أستاذ بكلية الآداب عين الشق بالدارالبيضاء، رئيسا، والدكتور عبد الله بوكرومن، أستاذ بالكلية ذاتها، مشرفا ومقررا، والدكتور عبد العالي بروكي، أستاذ باحث بمعهد الدراسات الإسبانية البرتغالية بالرباط، مشرفا مساعدا، والدكتور رشيد الأزهر، أستاذ بكلية الآداب عين الشق بالدارالبيضاء، عضوا، والدكتور عز الدين الطاهري، أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، عضوا، والأستاذ الحسن عرابي، أستاذ بجامعة محمد الأول بوجدة، عضوا. وتناولت الأطروحة، التي نالت ميزة مشرف جدا مع التوصية بالنشر، دراسة سوسيولوجية لواقع الإسلام والجاليات المسلمة فوق التراب الإسباني. كما اهتمت أيضا بإبراز الأسباب التي تحول دون التنزيل الفعلي لحقوق المسلمين، لاسيما في ظل الصراعات الداخلية بين قادة الفيدراليات والجماعات الإسلامية المنضوية تحت لواء "المفوضية الإسلامية في إسبانيا"، باعتبارها الممثل الشرعي للمسلمين. وخلص الباحث المغربي إلى أن السلطات الإسبانية تسعى إلى الحفاظ على "إسلام إسباني" بعيد عن أي تدخل أجنبي، موضحا في السياق ذاته أن سلطات مدريد لا تنوي إقامة أي تعاون مع المغرب فيما يتعلق بتدبير الحقل الديني فوق التراب الإيبيري، بالرغم من نجاح الدبلوماسية الدينية المغربية في تسيير أغلبية المساجد المتواجدة بمدينتي سبتة ومليلية. وتوقفت الأطروحة، التي امتدت لخمس سنوات متواصلة من البحث، عند إشكالية غياب أئمة مؤهلين فكريا ومعرفيا وثقافيا ولغويا بإسبانيا وقادرين على نشر القيم السمحة بين أبناء الجيل الثالث الذين لا يفهمون العربية، كما عرجت أيضا على ظاهرة انتشار مراكز للصلاة على شكل مخابئ شبه سرية تغيب فيها مقومات وشروط ممارسة الشعائر التعبدية، التي غالبا ما يتم استغلالها للترويج للفكر المتطرف. واعتمد الباحث على المنهج النوعي في دراسته التحليلية للإطار القانوي المنظم لحقوق وواجبات المسلمين، كما سلط الضوء على أهم القضايا المثيرة للجدل داخل أوساط الجاليات المسلمة والمتمثلة في سلسلة مطالب مشروعة لم تجد بعد طريقها للتنفيذ، خاصة ملفي تدريس الإسلام وتوفير الأكل الحلال للتلاميذ المسلمين، إضافة إلى مطلب تخصيص مقابر لدفن جثث المسلمين وضمان حق الاحتفال بالأعياد الدينية الإسلامية. وتضمنت الأطروحة تحليلا لمعطيات ديموغرافية بشأن أعداد المراكز التعبدية الإسلامية والأئمة والأساتذة الذين يتم تكليفهم سنويا بتدريس القرآن لأبناء الأسر المسلمة الراغبة في ذلك، كما عرجت على النموذج المغربي للدين وعلى مدى إمكانية اعتماده من قبل إسبانيا قصد تدبير حقلها الديني الذي تحول إلى حلبة صراع بين دول وجماعات، خاصة أن المغرب يعتمد المذهب المالكي الرافض للقراءات الأصولية للدين.