نتائج مثيرة تلك التي كشف عنها استطلاع حديث حول الاتفاق الاجتماعي الأخير الموقع بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية؛ ففي الوقت الذي عبرت فيه الحكومة والنقابات عن رضاها عمّا تحقق من الحوار، صرح أغلب المشاركين في الاستطلاع بأن الاتفاق لا يتضمن أي مكاسب لهم، سواء مادية أو غير مادية. وتفيد نتائج الاستطلاع الذي أعده "المركز المغربي للمواطنة"، وحصلت عليه هسبريس قبل نشره، بأن 91 في المئة من المستجوبين يرون أن مخرجات الاتفاق الاجتماعي "لا تتضمن أي مكاسب مادية لهم"، بينما يرى 84 في المئة أن مخرجات الاتفاق المذكور "لا تتضمن أي مكاسب غير مادية لهم حاليا أو مستقبلا". وعلى الرغم من أن الاتفاق الموقع بين الحكومة والمركزيات النقابية يتضمن زيادة بنسبة 10 بالمئة في الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص، ستُفعّل على مرحلتين، ابتداء من شهر شتنبر المقبل، ورفع الأجر الأدنى بالقطاع العام إلى 3500 درهم صافية، إلا أن 91 في المئة من المشاركين في الدراسة يرون أن مخرجات الاتفاق الاجتماعي الموقّع عشية العيد العمالي الأممي، "لا تساهم في التخفيف من آثار ارتفاع الأسعار على توازنهم المالي". ويندرج استطلاع الرأي الذي أجراه "المركز المغربي للمواطنة" حول مدى رضا المواطنات والمواطنين عن مخرجات الاتفاق الاجتماعي الأخير، في إطار برنامجه "بارومتر المواطنة"، المتعلق بتطوير وتقوية ثقافة تتبع وتقييم السياسات العمومية. وبلغ عدد المشاركين في الاستطلاع الذي أنجز عن طريق استبيان عبر الأنترنت، خلال الفترة الممتدة ما بين 4 و10 ماي الجاري، 6512 مواطنة ومواطنا، 79.7 في المئة منهم رجال، و20.3 في المئة نساء، واشتُرط أن يتوفر كل مشارك في الاستطلاع على بريد إلكتروني لتفادي مشاركة الشخص نفسه أكثر من مرة. ومثّل موظفو وأعوان القطاعات العمومية وشبه العمومية الأغلبية الكبرى من المشاركين في الاستطلاع، بنسبة 91.3 في المئة، بينما بلغت نسبة مأجوري القطاع الخاص 3.8 في المئة، ونسبة المتقاعدين 2 في المئة. وغطى الاستطلاع جميع جهات المملكة، كما هم جميع الفئات العمرية النشطة، حيث مثّلت الفئة ما بين 30 و60 سنة نسبة 88 في المئة من المشاركين. وتبدو نتائج الاستطلاع متنافرة تماما مع مستوى الارتياح الذي عبرت عنه الأطراف الموقعة على الاتفاق الاجتماعي؛ إذ صرح 86 في المئة من المستجوبين بأنهم "مستاؤون جدا من مخرجات الاتفاق الاجتماعي بشكل عام"، بينما عبر 95 في المئة عن عدم رضاهم عنها، "رغم السياق الاقتصادي الصعب"، وصرح 93 في المئة بأنهم "غير راضين عن دور النقابات في الدفاع عن مصالحهم". ورغم الإكراهات متعددة المستويات التي يعيشها المغرب حاليا، سواء جراء تداعيات أزمة جائحة كورونا والحرب بين روسيا وأوكرانيا، أو نتيجة ضعف التساقطات المطرية، يرى 95 في المئة من المشاركين في الاستطلاع أن مخرجات الاتفاق الاجتماعي "غير كافية"، و3 في المئة يعتبرونها "نسبيا كافية"، بينما لم تتعد نسبة الذين يرون أنها كافية 1 في المئة. واستنتج مُعدو الدراسة أن الآراء السلبية التي عبرها عنها المشاركون إزاء مخرجات الاتفاق الاجتماعي، تُظهر جليا النقص على المستوى التواصلي من لدُن الحكومة مع المواطنات والمواطنين، بحيث إن العديد من المقتضيات التي قد يكون لها وقع إيجابي على أجور موظفي القطاع العمومي والخاص "لم تحْظ بتواصل ناجع". وربط المصدر نفسه هذا الاستنتاج بكون غالبية المستجوبين يرون أن المطلب الرئيسي المتمثل في الزيادة في الأجور لم يعرف أي تنزيل حاليا وأُجّل إلى الفترة المقبلة، في حين إن هناك التزاما حكوميا من أجل تنزيل مخرجات الاتفاق تجلى في عقد رئيس الحكومة يوم 4 ماي الجاري اجتماعا تنسيقيا مع عدد من أعضاء الحكومة الذين يمثلون القطاعات المعنية بالحوار الاجتماعي. وأوصت الدراسة بمواصلة الحوار من أجل اتخاذ إجراءات فعالة للحد من انعكاسات الأزمة الاقتصادية على القدرة الشرائية للمواطنين، واتخاذ سبُل للرفع من أجور الموظفين والمستخدمين والأجراء. كما أوصت بتفادي "إعطاء الانطباع بأن الحوار الاجتماعي هو (مباراة) بين الحكومة وشركائها الاجتماعيين"، مشددة على اعتبار أن "أي نجاح هو نجاح للجميع".