احتضن مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، مساء أمس الجمعة، ندوة علمية حول "حماية المستهلك في ظل الخدمات المالية الرقمية"، من تنظيم جمعية حماية المستهلك بجهة الشرق، بشراكة مع جمعية المحامين الشباب بهيئة وجدة. وحاول منظمو الندوة كشف اللبس عن الآثار المترتبة عن هذه الخدمات المالية بالنسبة للمستهلك، وكذا عن أوجه الحماية المقررة له من الناحية القانونية، وعن الضوابط القانونية والمؤسساتية التي تحكم وتضبط هذا النوع من الخدمات. وفي كلمة له بالمناسبة، قال وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك، إن "الجامعة تحاول من خلال هذه الندوات ترسيخ الفكر الاستهلاكي العادل في بلادنا"، مع "لفت انتباه حماة المستهلك". وأشار مديح إلى أن موضوع التمويل الرقمي العادل وقع عليه اختيار أكثر من 200 من الجمعيات المنضوية ضمن منظمات المستهلكين من جميع أنحاء العالم هذه السنة، "لزيادة الوعي الاستهلاكي، وتمكين المستهلك من تمويل رقمي شامل وآمن، وإتاحة الوصول إليه للجميع، ثم الحد من الأضرار الناتجة عن عمليات النصب والاحتيال". وتبرز أهمية هذا الموضوع، وفق مديح، في "الارتفاع الذي يشهده الإقبال على الخدمات المصرفية الرقمية"، موضّحاً أنه "بحلول سنة 2024 من المتوقّع، وفق دراسة صدرت سنة 2020، أن يبلغ عدد مستهلكي هذا النوع من الخدمات في الدول النامية فقط 3.6 مليارات مستهلك؛ كما أن أصحاب الحسابات الذين يستخدمون المعاملات الرقمية نموا من 57 في المائة عام 2014 إلى 70 في المائة عام 2017". وبالنسبة لرئيس الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك فإن "الخدمات المالية الرّقمية خلقت مخاطر جديدة، إلى جانب تفاقم المخاطر التقليدية التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير عادلة تجاه المستهلك". من جانبه قال رئيس جمعية المحامين الشباب بهيئة المحامين بوجدة إن "التمويل الرقمي والالتزامات والتعاقدات الرقمية تفتقر إلى إطار تشريعي واضح وموّحد، كما أن نصوصها القانونية تتّسم بالندرة والتشتت، إذا ما استثنينا الباب المتعلّق بالعقود المبرمة عن بُعد المنظم في إطار القانون 08/31". وأضاف المتحدث ذاته، في مداخلته، أن "هذا الإشكال القانوني يشكّل خطورة على المستهلك، على اعتبار أن الالتزامات والعقود والمعاملات الرّقمية صارت جزءًا من حياتنا اليومية، وهو ما فتح المجال أمام الاجتهاد القضائي حتى يتقدّم بخطوات واسعة عن المشرّع". وأعطى المحامي ذاته مثالا على هذه الاجتهادات القضائية بحكم لمحكمة النّقض اعتبرت فيه أن التواصل الرّقمي عبر إحدى وسائل التراسل الفوري ك"ماسنجر" أو "أنستغرام"، بين الأشخاص بغرض التعاقد -عندما يكون متضمّناً لمحل البيع وثمن البيع- قد قامت فيه شكلية الكتابة المقرّرة قانوناً لانعقاد عقد البيع في باب ولإثبات عقد البيع في باب آخر. وشدّد المحامي بهيئة وجدة على أن المشرّع ملزم باتخاذ المبادرة "حتى يتقدّم في القيام بالأدوار المركزية والجوهرية المنوطة به، التي لا تقبل التأخير أو الاستهانة بها، والمتمثّلة في تحقيق الأمن القانوني والقضائي بوضع إطار قانوني شامل وواضح وموحّد، يشكّل قواعد عامة للالتزامات والتعاقدات والمعاملات الإلكترونية". وأجمع المتدخّلون في الجلستين العلميتين، وهم أساتذة باحثون بجامعة محمد الأول بوجدة والكلية متعدّدة التخصصات بالناظور، ومحامون بهيئة وجدة، على ضرورة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي للأفراد المتعاملين مالياً عبر الوسائل الإلكترونية، وضمان حماية قضائية لهم في حال تعرّضهم لأي نوع من النصب أو الاحتيال أو التضليل.