ملتقى الأعمال للهيئة المغربية للمقاولات يبرز فرص التنمية التي يتيحها تنظيم كأس العالم 2030    افتتاح الدورة الثانية عشرة لمهرجان ماطا الذي يحتفي بالفروسية الشعبية بإقليم العرائش    المنتخب المغربي النسوي يهزم نظيره الجزائري ويتأهل للدور الأخير من تصفيات كأس العالم        افتتاح مهرجان ماطا الذي يحتفي بالفروسية الشعبية على أرض التسامح والانفتاح    لاعبات وطاقم المنتخب النسوي لأقل من 17 سنة يعبرون عن سعداتهم بالتأهل على حساب الجزائر (فيديو)    طقس السبت..جو حار وأمطار بهذه المناطق!    الوزيرة حيار في عين العاصفة بسبب دعم تدريس الأطفال في وضعية إعاقة    باحثون شباب يستعدون لتطوير مشغل ذكاء اصطناعي باللهجة الدارجة المغربية    المديرية العامة للأمن الوطني تحدث المنصة الرقمية الجديدة "إبلاغ" لمحاربة الجرائم الرقمية    المديرية العامة للأمن الوطني تحدث منصة لمحاربة الجرائم الرقمية        الفيفا تقر تعديلا يمنع انتقال أي لاعب من أي بلد ليس عضوا في الأمم المتحدة    المغرب يفرض رسوم مكافحة إغراق السوق على سلعة تركية    مقاولات جهة طنجة-تطوان-الحسيمة توفر أكثر من 450 ألف منصب شغل سنة 2022    افتتاح بيت الحمية المتوسطية بشفشاون..تكريم ثقافة عريقة وتعزيز التنمية المستدامة    هدى صدقي تكشف عن جديد حالتها الصحية    السجن مدى الحياة لمغربي لإدانته بقتل بريطاني "ثأرا" لأطفال غزة    "البيجيدي" يطالب بالتحقيق في تسويق منتجات غذائية مصنوعة من المخدرات    توقيع اتفاقية إطار بين الأمن ومجموعة العمران وولاية جهة سوس ماسة    لأول مرة .. المغاربة أكثر العمال الأجانب مساهمة في نظام الضمان الاجتماعي بإسبانيا    المنتخب الوطني يدك شباك نظيره الجزائري في عقر داره    جامعة محمد الخامس "الأفضل في المغرب"    المغرب يسجل 35 إصابة جديدة ب"كوفيد"    ملف إسكوبار الصحراء.. محاكمة بعيوي تبدأ في هذا التاريخ    كيف يتم تحميص القهوة؟    سانشيز يعلن الأربعاء موعد الاعتراف بفلسطين    إسرائيل: حرب غزة "ليست إبادة جماعية"    الخزينة تكتتب ما يعادل 3,4 مليار درهم في سوق السندات ما بين 8 و 15 ماي    مباحثات تجمع أخرباش بوفد من أذربيجان    الطالبي العلمي يجري مباحثات برلمانية بالصين    منظمات الإغاثة تحذر من تحديات متزايدة في عملياتها في قطاع غزة    القائد محمد الحيحي كما عرفته    القمة العربية في مواجهة التحديات    العصبة الاحترافية تحدد تاريخ إجراء مواجهة "الديربي البيضاوي"    السيد العمراني يلتقي أجاي بانغا.. إرادة قوية لتعزيز التعاون بين البنك الدولي والمغرب    الجزائر.. نظام العسكر يلجأ لتوظيف مؤسساتها التعليمية لتحريض الأجيال الصاعدة ضد المغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    دول غربية تحث إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي في غزة    انخفاض ملموس في المساحات الغابوية المتضررة من الحرائق سنة 2023    أخبار الساحة    تراجع جديد يخفض أسعار بيع "الغازوال" والبنزين بمحطات الوقود بالمغرب    البرازيل تستضيف كأس العالم للسيدات 2027    شراكة تثمّن الإمكانات الغنية للسياحة القروية    المحكمة الدستورية تقبل استقالة مبديع وتدعو وصيفه لشغل مقعده بمجلس النواب    دراسة: توقعات بزيادة متوسط الأعمار بنحو خمس سنوات بحلول 2050    رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً في إطار تحدٍّ مثير للجدل    هل يقبل المغرب دعوة أمريكا للمشاركة في قوات حفظ سلام بغزة؟    بسبب محمد رمضان وسعد لمجرد.. بطمة تعرب عن غضبها    "ولد الشينوية" أمام القضاء من جديد    احتفاء بسعيد يقطين .. "عراب البنيوية" ينال العناية في المعرض للدولي للكتاب    "ألوان القدس" تشع في معرض الكتاب    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (12)    الأمثال العامية بتطوان... (600)    ما دخل الأزهر في نقاشات المثقفين؟    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطب البديل: علمٌ مظلوم أم خرافة؟
نشر في هوية بريس يوم 19 - 04 - 2020

أثبتت الدراسات الأركيولوجية أن الإنسان استعمل الأعشاب للتداوي منذ 60.000 سنة على الأقل(1). استفاد الإنسان بدأ من ملاحظة تصرف الحيوانات مع الأعشاب ثم كسب تجربة و معرفة متراكمة عبر الزمن بفعل التجريب والخطأ، لتظهر منظومات متكاملة في حقب و أماكن متفرقة من العالم : الطب الصيني التقليدي، الطب الهندي، الطب التقليدي العربي الإسلامي...
بدأ استخدام الأعشاب بشكل منضبط بالعلوم الحديثة منذ القرن 19، حيث اكتشف الإنسان مكونات في الأعشاب، فتحت حقبة مزدهرة من الطب المعاصر (المورفين، الأتروبين، الديجيتالين هي أمثلة من مكونات كثيرة غيرت وجه الطب).
فرض الضغط المجتمعي و الوازع الأخلاقي على المجتمعات بشكل تدريجي التفكير في منظومات قانونية لتقنين الأدوية و التأكد من فاعليتها من جهة، و خلوها من أضرار جسيمة محتملة على الإنسان من جهة أخرى. في نفس الوقت، أصبح قطاع صناعة الأدوية أحد أكثر القطاعات ذرًا للربح، بعائد سنوي ضخم، و هامش ربح يفوق هامش القطاع البنكي، صناعة السيارات و الصناعات البترولية (2).
التقنين و الدعم الحكومي:
يتم تقنين الأعشاب الطبية في أوروبا، عبر منحها واحدا من الترخيصات الثلاث التالية (3):
– أولا : Full application، يعني أن الشركة يلزمها إثبات أن المنتوج فعال و آمن عبر إجراء دراسات علمية تُشبه تلك التي يتم فرضها على الأدوية الكيميائية.
– ثانيا : Well-established medicinal use، يمكن للشركة طرح المنتوج للبيع إذا أثبتت عبر معطيات و مراجع علمية أنه فعال و آمن، و استُعمل لأكثر من 10 سنوات داخل أوروبا.
– ثالثا، Traditional use (استعمال تقليدي)، تقدم الشركة في هذه الحالة إثباتات بأن المنفعة راجحة لمنتوجها، و قد استعمل لأكثر من 30 سنة دون أن يؤدي لحالات تسمم. هذه الأعشاب غالبا ما يتم الترخيص لها لكن بجرعات قليلة.
هذا النظام غير خال من الاختلالات بطبيعة الحال، أبرزها عدم وضوح المعلومة عند عامة الناس، للتفريق بشكل واضح بين المستويات الثلاث من الموثوقية. كما أن النوع الثالث من الترخيصات يفرض على المُنتِج تقليل الجرعة مما يثير تساؤلات حول فاعلية المنتوجات.
من جانبها، تتوفر الولايات المتحدة على مركز حكومي خاص بدعم البحوث حول الطب البديل و التداوي بالأعشاب(4) و هو National Center for Complementary and Integrated Health التابع للمعاهد الوطنية للصحة NIH. و عبر تصفحي لموقع هذا المركز (5) يظهر جليا أنه يقدم و بشكل موثوق معلومات عن الطب البديل، ويوجه الناس لكيفية استخدامه في علاج الأمراض.
تدعم الصين كذلك و بشكل كبير كل ما يتعلق بالطب البديل، بل تنهج سياسة "تدويل" الطب الصيني التقليدي عبر تمويل البرامج التكوينية و دعم البحوث.
في المغرب، عدى علم التغدية و الحمية الذي يدخل في إطار التكوينات الجامعية كتخصص طبي موازي، فإن قطاع التداوي بالأعشاب Phytotherapy لا يزال يخضع لمشكل سوء الهيكلة، ضعف المراقبة، و هيمنة القطاع الغير مقنن على التوزيع. تخضع إجراءات فتح "معشبة" على سبيل المثال لقانون 1960 (6)، الذي يُلزم الراغب في ذلك بالإدلاء بشهادة تكوين (غير متوفرة بالمغرب، و جميع الشهادات تأتي من دول أجنبية) قبل منحه الترخيص من طرف الأمانة العامة للحكومة. يمكن القول إذا أن هذا القطاع يعاني من الإهمال، العلمي و القانوني و الجامعي على حد سواء.
بين الإفراط و التفريط:
يُلمس عند العديد من الأطباء و الجمعيات الطبية استخفافهم بمفعول المواد الطبيعية والأعشاب الطبية، و يُستشف ذلك بشكل واضح من خلو إرشاداتهم الطبية من هذا النوع من المواد، ليشمل ذلك حتى المواد الطبيعية التي تتوفر على موثوقية علمية محترمة بخصوص استعمالها الفعال والآمن. و إن كان هذا الارتسام غالبا ما يكون ناتجا عن قناعات شخصية، فيجب التنبيه إلى عوامل موضوعية تجعل عادة الطبيب في موقف دفاعي رافض للطب البديل أهمها:
– لا يتوفر الأشخاص و الشركات الراغبة في تثمين المواد الطبيعية و الأعشاب على الإمكانيات المادية و لا الاهتمام الرسمي لإجراء دراسات كتلك التي تستفيد منها الأدوية الكيميائية. علما أن ميزانية دراسة موثوقة Randomized clinical trial قد تصل إلى 600 ألف دولار(7).
– لا يتلقى الطبيب أي تكوين خاص بهذه المواد، أثناء السنوات الطويلة التي يقضيها في كليات الطب، و بالتالي فالجهل بالشيء مدخل لرفضه.
– لا تقبل المجلات العلمية المرموقة عادة المقالات التي تُعنى بالطب البديل و الأعشاب، فيضطر كاتبوها إلى الاكتفاء بالمجلات المغمورة المتخصصة في هذا الميدان.
– نفسيا، فإن الطبيب قد يحس بشيء من المنافسة الغير شريفة من قبل أدعياء الطب البديل، ذوي القاعدة الجماهيرية الواسعة، مما يدفعه لاتخاذ موقف رافض للموضوع جملة وتفصيلا.
على الجانب الآخر، فإن الإفراط في توقع المفعول الإيجابي للمواد الطبيعية البديلة شائع بين الناس، لاعتبارات ثقافية و لقلة الإحتكام إلى تمحيص مصادر المعلومات، مما يتيح المجال خصوصا في حقبة الإعلام المفتوح، لكثير من التجاوزات، لا أدل على ذلك من تناسل برامج فتاوى الأعشاب و الخلطات السحرية في الإعلام المهيكل وغير المهيكل.
ختاما…
بين الإفراط والتفريط، فإن المغرب سيستفيد حثما من تظافر الجهود، وإعطاء هذا الميدان حقه من الاهتمام العلمي و القانوني و الجامعي. لن يكون ذلك تفضلا عليه، بل لأنه يمنح فرصة حقيقية للمساعدة على علاج الأمراض، خصوصا في بلد تعاني شريحة واسعة من ساكنته من ضعف الولوجية للمؤسسات الصحية، و قلة ذات اليد لشراء أدوية، تخضع لمنطق ربح شركات الأدوية أكثر من مصلحة المريض.
كما أن غنى الغطاء النباتي و التراث الثقافي الحافل في مجال التداوي بالأعشاب، يجب أن يحثنا على نقل هذا الميدان من دهاليز شبكات التوزيع الغير مقننة، وعبث غير المتخصصين على الإعلام المفتوح إلى الجامعات والدراسات المنضبطة بالعلم.
المصادر Références :
(1) (3) (4) Evidence-Based Phytotherapy in Europe: Where Do We Stand?
https://www.researchgate.net/publication/275661178_Evidence-Based_Phytotherapy_in_Europe_Where_Do_We_Stand
(2) Pharmaceutical industry gets high on fat profits :
https://www.bbc.com/news/business-28212223
(5) www.nccih.nih.gov
(7) Systematic review on costs and resource use of randomized clinical trials :
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/29288136
(6) Survey of toxicological aspects of herbal medicine in Morocco :
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3670180/


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.