لا حديث اليوم إلا حول من سيفوز بتزكية البام بخنيفرة وغيرها، حيث الحديث داخل المقاهي وبالأماكن العمومية لا يدور سوى عن تزكية حزب إلياس العماري، فبما أن الشعب مخنوق من قرارات الحزب الإسلامي الذي جاء بعد الحراك الشعبي سنة 2011 أو الربيع الدموقراطي، والذي انخرطت تنظيمات من أجل التغيير، وقام بفبركة المشهد والوثيقة الدستورية مما أجل إسكات الغليان الشعبي، كما وعد بانتخابات نزيهة وجاء ببرنامج انتخابي، ( محاربة الفساد والاستبداد بالسلطة ) إلا أنه وبعد مرور ولايته التشريعية، لم يتحقق شيء بل تكرس التخلف الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، ناهيك من القرارات اللاديموقراطية واللاشعبية التي يتخذها رئيس الحكومة الإسلامية. هكذا إذن يبحث الشعب عن متنفس بعد أن ذاق ولفترات مرارة الانحدار نحو الهاوية، وبهذا يكون الحزب الإسلامي آخر الأحزاب المحافظة والمخزنية التي وضعت المغرب في ذيل المراتب، ويعتبر كغيره من الأحزاب غطاء واقيا للوبيات الفساد والاستبداد بالبلد الآمن. الحديث عن تزكية البام أو حزب إلياس، يعني في نظر البعض رد الصفعة لحزب بنكيران الذي أغرق البلاد والعباد في ديون كبيرة وأصبحت الأسرة المغربية تعيش أعصب الفترات بسبب القرارات اللاديموقراطية لحكومة وعدت ولم تف، إلا من بعض التغييرات الطفيفة، التي لم ترق إلى المستوى المنشود، فسيرا على نهج أسلافه من الأحزاب الإدارية والتي اعتمدت المرجعية الإسلامية بقوانينها للركوب على الدين من أجل بلوغ مراكز السلطة، وبهدف خلق التوازنات الماكروإقتصادية على حساب الطبقات الشعبية من أجل أن تموقع الطبقة البورجوازية في مركزها المريح، عمد النظام السياسي ببلادنا إلى إضعاف هذه الأحزاب ليتموقع في القمة، وبهذا يبحث أنصار الحزب الجديد الذي أبان انتصاراته المتكررة، والتحدي الكبير لحزب الإسلاميين من قبيل التهديد بفتح ملف الغازات السامة لأهل الريف، وكذا مطالبته بتقنين تجارة القنب الهندي والشيرا، وكذا دفاعه عن اللغة والثقافة الأمازيغية، وخلق قنوات وجرائد بل وفضاء إعلامي كبير، على عكس بنكيران الذي أخل بالفصل الخامس من الدستور المغرب، وتنكر للقوانين التنظيمية الخاصة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بل عمد إلى إخراج قوانين تنظيمية ليست من الأولويات، كما ركب على العديد من مكتسبات القوى الحية بالبلاد، مما جعل جموع المواطنين تبحث عن من يرد الصاع صاعين، وبهذا أصبحت تزكية حزب البام وإلياس جد غالية في السوق، ومعاييرها جد صعبة. على العموم، هكذا يتم تقديم مسرحية الانتخابات للعامة على أنها توجه دموقراطي وتلميع لوجه المغرب أمام المنتظم الدولي، فيما ترى شريحة أخرى من المواطنين أن العزوف والابتعاد عن صناديق الاقتراع قد يعطي الفرصة للمرة الثانية للحزب الإسلامي من أجل بلوغ مراكز القرار وبالتالي الانحدار نحو الأسفل، وبما أن الأحزاب السياسية والتي هيمنت على الحياة السياسية ومراكز القرار لسنوات لم تحقق شيئا إلا من بعض التدخلات المحتشمة أمام النظام السياسي، والتي لا تظهر للعامة إلا مع اقتراب هذه الإستحقاقات، حيث تبقى بعيدة عن أدوارها المتمثلة في التوعية والتحسيس، فإنها مطالبة اليوم بتغيير برنامجها الانتخابي وتشبيب أطرها التي شاخت وهرمت وأصبحت مريضة بمرض فوبيا الانتخابات، حيث تعتمد على المال لشراء الذمم، وتأتي بالأعيان رغم أميتهم فتقحمهم في المجال السياسي الذي لا يمتون له بصلة، وأن تكون جريئة وتعترف بأنها رغم بلوغها مراكز القرار فإنها تبقى عاجزة أمام حزب المخزن القوي الذي يسير بقوة دواليب المشهد السياسي بالمغرب.