يتعرض الإنسان إلى العديد مما تكرهه نفسه من الأهوال والشدائد، والتي قد تتخذ إما شكل: أمراض، أو أوجاع، أو محن، أو إيذاء، أو انتقام .. إلخ. وإذا كانت هذه الأهوال والشدائد مما يطبع، عموما، حياة العنصر البشري، فإن تفسيرها يختلف على مذاهب شتى. ومن هذه التفسيرات، ما نجده ثاويا في الثرات الصوفي الإسلامي، إذ تتسمى في أدبياته "بالتنزلات القهرية"، وهي عند ساداتنا الصوفية مدخل أساس "للتعرفات الجلالية"، حيث يتعرف الإنسان على ربه من بابها، كما يختبر الحق عباده بها، فهي معيار للناس جميعا. وفي هذا السياق، يقول العارف سيدي أحمد بنعجيبة في "إيقاظ الهمم" ما يلي إن: "ما ينزل بك من هذه الأمور، فهي نعم كبيرة، ومواهب غزيرة، تدل على قوة صدقك، إذ بقدر ما يعظم الصدق يعظم التعرف: [أشدكم بلاء الأنبياء، فالأمثل، فالامثل]". وزاد قائلا: "واعلم أن هذه التعرفات الجلالية هي اختبار من الحق ومعيار للناس، وبها تعرف الفضة والذهب من النحاس، فكثير من المدعين يظهرون على ألسنتهم المعرفة واليقين، فإذا وردت عليهم عواصف رياح الأقدار، ألقتهم في مهاوي القنط والإنكار". لذلك، يتعين عدم مقابلة الابتلاء بالقنوط والإنكار، وإنما بمنطق الامتحان الممزوج بالتعرف على الله تعالى، فبقدر قوة صدقك في ذلك الامتحان يكون امتكانك من كل نتائجه وتداعياته.