امحمد الخليفة يروي ل"اليوم24" قصة مثيرة عن قانون يفرض ضريبة 5000 درهم على البارابول (حوار فيديو)    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    ارتفاع أسعار الفواكه الموسمية يلهب جيوب المغاربة    الزيارة لكنوز العرب زائرة 3من3    مدرب منتخب أقل من 20 سنة: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل    وهبي يُشيد بالأشبال رغم الخسارة: الحظ خانهُم.. والعين على الشيلي    الأمن يطيح بتاجر كوكايين وأقراص مهلوسة في البيضاء    كيوسك الإثنين | إعلان بغداد يدعم دور لجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس    مصرع شخص في حادثة سير بأولاد تايمة    العرائش تحتضن الدورة 13 لمهرجان "ماطا" الدولي للفروسية    إصابة 3 أشخاص بجروح خطيرة واحتراق منزل في حادث انفجار قنينة غاز    ماطا 2025 : صهوة الفروسية تسابق الزمن في حضرة التراث والروح    مرسيليا تحتفي بالثقافة الأمازيغية المغربية في معرض فني غير مسبوق    سفارة الصين بالمغرب: فيديو الملك الراحل الحسن الثاني وهو يدافع عن الصين بالأمم المتحدة حصد أكثر من 100 ألف إعجاب خلال يومين فقط على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية    التلفزيون الجزائري في قلب فضيحة دعائية: بث مشاهد إسبانية كمزاعم عن "نفق سري" بين المغرب والجزائر    دورة المجلس الوطني ( السبت 17 ماي ) : بيان المجلس الوطني    تشديد شروط الهجرة: عقابٌ للمهاجرين أم تراجعٌ عن المبادئ؟    أنشيلوتي: مودريتش سيقرر مصيره بهدوء.. وهذه نصيحتي لثلاثي المستقبل    مباريات السد.. السوالم يواجه أولمبيك الدشيرة والحسنية تلاقي رجاء بني ملال    المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة يحرز فضية كأس أمم افريقيا    وانطلق قطار المؤتمر الوطني الثاني عشر    جامعة محمد الخامس تحتفي بالابتكار الهندسي في الدورة الرابعة لليوم الوطني للابتكار التكنولوجي    المغرب ‬يسعى ‬إلى زيادة ‬صادراته من ‬السيارات ‬نحو ‬مصر    أعوان الحراسة والنظافة بزاكورة يحتجون رفضاً للهشاشة ويطالبون بالإدماج في الوظيفة العمومية    الرباط تستضيف أشغال الاجتماع الخامس للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين    توقعات أحوال الطقس ليوم الإثنين    مديرية الأمن الوطني توفر لموظفيها خدمات تفضيلية من "رونو" المغرب    تيزنيت : شركة نجمة سكن ترد على مقال "فضائح المشاريع السكنية بتيزنيت.."    مليونا شخص يتضورون جوعا في غزة    مكتب بايدن يعلن إصابته بسرطان البروستاتا وانتقال المرض إلى العظام    السينما الصينية تتألق في مهرجان كان: جناح خاص يعكس ازدهار الإبداع السينمائي الصيني    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    زعيم كوريا الشمالية يزور مقبرة شخصية عسكرية بارزة في ذكرى وفاته    إيران ترفض اتهامات تجسس بريطانية    قادة "البام" يكرمون الراحل فضلي    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم لأقل من 20 سنة .. المنتخب المغربي ينهزم في النهائي أمام نظيره الجنوب إفريقي    .    النصيري يسكت صافرات استهجان    وزيرة ثقافة فرنسا تزور جناح المغرب في مهرجان "كان" السينمائي    ارتفاع حركة المسافرين بمطار الحسيمة بنسبة 19% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025    تقرير رسمي.. بايدن مصاب بسرطان البروستاتا "العنيف" مع انتشار للعظام    نهائي "كان" أقل من 20 سنة.. المغرب يخسر أمام جنوب إفريقيا بهدف دون رد    أخنوش يمثل أمير المؤمنين جلالة الملك في حفل التنصيب الرسمي للبابا ليو الرابع عشر    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    حموشي يوقع اتفاقية مع "رونو المغرب" لتوفير عروض تفضيلية لموظفي الأمن    رقمنة القوة: دور الشركات الكبرى في السياسة الدولية    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    متحف أمريكي يُعيد إلى الصين كنوزاً تاريخية نادرة من عصر الممالك المتحاربة    تنظيم الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 23 إلى 25 ماي الجاري    ندوة ترسي جسور الإعلام والتراث    بعد منشور "طنجة نيوز".. تدخل عاجل للسلطات بمالاباطا واحتواء مأساة أطفال الشوارع    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد ارتفاع معدلات النجاح في امتحانات الباكالوريا
نشر في لكم يوم 17 - 07 - 2019

%77.96 ،تلكم نسبة النجاح النهائية لتلميذات وتلاميذ امتحانات الباكالوريا المغربية في دورتيها العادية والاستدراكية للموسم الدراسي 2018/2019، حسب ما أعلن عنه البيان الرسمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ، إنها نتائج مبهرة ومميزة ومحصلة جد طيبة، بالنظر إلى تصاعد وثيرة نسب النجاح في السنوات الأخيرة، ومعه ارتفاع عدد الحاصلين على شهادة الباكالوريا على الصعيد الوطني.
لا بد أن خطاب الأجهزة الرسمية الوصية على القطاع، سيذهب في اتجاه اعتبار النتائج المحققة بمثابة ثمرة لمسار تراكمي من الإصلاحات المتتالية على مر السنوات، وتعكس سيرورة المجهودات المبذولة لمختلف الفاعلين في الحقل التربوي.
صناعة الأرقام الإحصائية، بقدر ما هو علم يسعى إلى كشف الواقع والالمام بنواميسه عن طريق مجموعة من المعطيات الإحصائية الرقمية، بقدر ما توجه إليه سهام النقد، كوسيلة مضللة تخفي وتحجب أكثر ما تكشف عن الحقيقة.
قد يكون من الصعب، أن يستوعب العقل الموضوعي، حقيقة تزامن ومصادفة هذه النتائج المحققة، مع أصعب سلسلة من الإضرابات التي عرفها تاريخ المدرسة المغربية، من خلال إضراب الأساتذة والأستاذات من أطر الأكاديميات حسب التسمية الجديدة، أو المتعاقدين سابقا، لمدة قاربت الشهرين.
هذا مع العلم، أن إدماج أفواج من آلاف الأساتذة المتعاقدين في السنوات الأخيرة، جاء في ظرف زمني قياسي، وفي ظل غياب تكوين بيداغوجي حقيقي، يضمن الحد الأدنى من المهارات والكفايات التي يستند عليها المدرس في مزاولة مهامه.
هذه الصورة الماثلة أمامنا، تعززها حزمة من التقارير الوطنية والدولية عن أزمة التعليم في البلاد، وتذيل مؤشرات مخرجاته على الصعيد الدولي، وما صاحبه من تأسيس كم من المجالس واللجان الاستشارية المكلفة بإعداد البحوث والدراسات في كل مرة، سعيا لإصلاح المنظومة التربوية.
هل يمكن القول، بأن وراء نسبة النجاح المحققة في أسلاك الباكالوريا، تعود أساسا إلى قدرة الأساتذة المتعاقدين، الذين استأنفوا عملهم على استدراك الدروس المهدورة في زمن الاضراب، من خلال تقديم دروس للدعم والتقوية في صفوف المتعلمين، أم أن التلاميذ أصبحوا في غنى عن الأساتذة، في ظل تقدم تقنيات الاتصال والتواصل، التي سَهَّلت الولوج إلى الدروس التعليمية، أم أن الأمر يَنطوي على مجرد تضحيات الأسر في سبيل فلذات أكبادها، من خلال الاستعانة بالدروس الخصوصية من جهة، ومن جهة أخرى تدريس أبناءها في القطاع الخاص الذي يسلم وينأى إلى حد ما عن موجة إضرابات الأساتذة.
ربما قد تكون سياسة فسح المجال للعنصر النسوي لأبواب التعليم خصوصا في المجال القروي، آثرها في الرفع من نسبة النجاح، خاصة وأن هناك بداية لظاهرة تفوق ملحوظ للعنصر النسوي على العنصر الذكري في مجال التحصيل التعليمي.
هناك من المتتبعين من يعتبر إضراب الأساتذة المتعاقدين من بين الأسباب الرئيسية، التي تقف وراء ارتفاع نسبة النجاح غير المسبوقة في تاريخ التعليم بالمغرب، من خلال وضع آليات للتقويم تتسم بالسهولة واليسر، والتقليص من حجم المواد الممتحنة، حتى يتسنى تجنب سيناريو لنتائج نسب نجاح هزيلة، قد تخرج التلاميذ والتلميذات وأسرهم للاحتجاج في الشارع، وهي في عمقها مقاربة أمنية أكثر منها تربوية، لأن الأولوية تبقى للأمن والاستقرار الاجتماعيين، بغض النظر عن كيفية وشروط مرور هذه الامتحانات.
المشتغلون في الميدان، أغلبيتهم تُجمع على أن النسب المرتفعة للمعدلات المُحصل عليها لا تعكس المستوى الحقيقي للمتعلمات والمتعلمين، مقارنة مع مستويات التلاميذ والتلميذات في السنوات التي خلت، والتي كانت نسبة النجاح لا تكاد تتعدى نسبة 40 % من نسب النجاح بمستويات الباكالوريا.
ثمة من يعتبر أن آليات وصيغ الامتحانات المقدمة أضحت على شاكلة سلسلة من التمارين الروتينية، التي تتكرر وتتشابه في بنيتها الهيكلية، وتتغير فقط المعطيات من حين لآخر، وبالتالي فهي تستهدف فقط الذاكرة والحفظ ولا تهتم في عمقها بكفايات ومهارات ومكتسبات المتعلمات والمتعلمين والسعي لحل وضعيات المشكلة، الشيء الذي أنتج تعليما موازيا، يقوم على تجارة مربحة، عنوانها الأبرز الدروس الخصوصية للدعم والتقوية، التي تركز على تهيء التلميذات والتلاميذ وتدريبهم على كيفية خوض الامتحانات، سواء الإشهادية أو حتى تلك المتعلقة بولوج المعاهد والجامعات العليا ذات الاستقطاب المحدود.
من جانب آخر، فالامتحانات التعليمية في المغرب، صارت هاجسا محوريا للمشتغلين في القطاع، حتى أنها أضحت أولوية الأولويات، ونشاطها يطغى ويهيمن على باقي العمليات التربوية، أولا بسبب الصورة التي تعطيها كواجهة لنجاح أو فشل الاستراتيجيات المسطرة، وثانيا للميزانية المالية المهمة التي تصرف في تدبير عملياتها وما يترتب عنها من تعويضات للمشتغلين في القطاع.
التعليم في صيغته الحالية، أنتج سباقا وتنافسا محمومين حول حصد أكبر قدر ممكن من النقط، حتى يتسنى للحاصلين على الباكالوريا مقاومة إعصار العتبات التي تسمح بالولوج إلى المعاهد والمؤسسات العليا ذات الاستقطاب المحدود، وهو ما أدى إلى الزيادة في تناسل وانتشار مؤسسات التعليم الخصوصي، ومعها الارتفاع الملحوظ في رسوم الدراسة لولوج أسوارها، حتى أن جهات المملكة صار تربة خصبة للاستثمار الأجنبي في هذا المجال، لما يحمله من فرص تجارية مربحة.
هذا المسار، الذي سلكه التعليم المغربي، أخذ أبعادا مقلقة، جعلت أهداف التعليم تخرج عن غاياتها، وتتغيى جمع وتحصيل النقط أكثر من التكوين، الشيء الذي ساهم في تكريس واقع النفخ في النقط الخاصة بالمراقبة المستمرة خصوصا في القطاع الخصوصي، وهو ما دفع القائمين على هندسة التقويم، إلى التفكير بجدية في إعادة النظر في آليات تقويم امتحانات الباكالوريا، بسبب الفارق الملحوظ بين النتائج المحصل عليها في الامتحانات الوطنية وامتحانات المراقبة المستمرة.
هذا المشهد، جعل العديد من الأسر المغربية تكابد عناء نفسي ومادي، وتناضل بكل ما أوتيت من قوة، من أجل ضمان تعليم ذي جودة لأبنائها، والارتماء مضطرة في أحضان القطاع الخصوصي، حتى وإن استنزف ذلك رصيدا مهما من ميزانيتها، بالنظر إلى تراجع صورة التعليم العمومي، التي تكرسها حقيقة أن أغلبية المشتغلين والقائمين على القطاع، يُدرسون أبنائهم في القطاع الخصوصي، فبدأت بذلك تتشكل صورة طبقية للتعليم في بلادنا، عنوانها التعليم العمومي للفقراء، وتعليم خاص للميسورين ومتوسطي الدخل.
أحسب أنه، بقدر ما هناك ارتفاع في نسب الحاصلين على شواهد الباكالوريا، بقدر ما يشكل ذلك تحديات كبيرة للسلطات الحكومية، حول أفق المسارات الدراسية والتكوينية المستقبلية للمتعلمين، ومدى قدرة مؤسساتها على استقطاب هذا الكم المتزايد من الخريجين، حيث تشير الأرقام، إلى ارتفاع نسبة بطالة الحاصلين على الشواهد العليا.
هذا النقاش، يأتي في وقت، صادقت فيه السلطات الحكومية، على القانون الإطار الخاص بجملة من الاصلاحات التي سيكون لها وما عليها مستقبلا، عنوانها الأكبر هو اعتماد اللغة الفرنسية في تدريس المواد العلمية، وما صاحبه من صراعات أيديولوجية بين التيارات العلمانية والتيارات المحافظة من جهة، وبداية التخلي التدريجي عن مجانية التعليم من جهة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.