قال محمد الأشعري وزير الثقافة والاتصال في حكومة التناوب، إن الزمن السياسي في المغرب مرتبط بالجمود والضبابية والتكرار العقيم للتجارب والأساليب، فهناك شعور باللاجدوى وضعف ثقة والأمل في إمكانية تغيير الواقع. وأوضح الأشعري خلال استضافته من قبل وكالة المغرب العربي للأنباء، اليوم الثلاثاء، في ندوة حول ” هل الصحافة الآن عامل في تقدم المغرب”، أن هناك نوعا من القلق اتجاه الصحافة واتجاه مشروع التقدم ككل بالمغرب.
وأضاف “هناك خيبة خطيرة في المغرب تتجلى بشكل خاص في نوع من الانطباع السائد بأن الآفاق السياسية مسدودة تماما، فنحن مقبلون على انتخابات عامة في أقل من سنتين، والأوضاع الحزبية هي نفسها، والقوانين الانتخابية لازالت كما هي، ومركزي السلطة لازالت كما هي، وحتى اليوم لا توجد في الساحة السياسية مشاريع تتواجه وتتصارع وتقترح على الناخبين المقبلين اختيارات متمايزة وحاملة لتطلعات الناس”. وأكد الأشعري أن كلما يروج الآن هو مجرد تكهنات بخصوص الوصفة السحرية التي ستنهي عهد الإسلاميين وتدشن العهد الجديد لحكومة رجال الأعمال، وهذا الوضع يؤجل مرة أخرى مشروع الانتقال الديمقراطي الدائم إلى أجل غير مسمى والأخطر من ذلك فإنه يوحي بأن مشروع الانتقال قد انتهى وليس هناك مشروع، والبعض من اطمئنانه الساذج يزعم أننا في أحسن حال وأن الصيغة التي نحن فيها هي الصيغة النهائية. وأبرز الأشعري أن الصحافة لا يمكن أن تكون قوية في ظل قوى سياسية منهارة ولا يمكن أن تنوب عن المعارضة، وأن تكون حديقة خلفية لصراع الفيلة ومختبرا لصنع المخلوقات العجيبة، على حد تعبيره. وتابع الأشعري كلامه قائلا :” يجب علينا أن نسلم بأن الصحافة الحرة لا يمكن أن تبنى إلا في نظام ديمقراطي حقيقي، وفي انتظار ذلك يجب أن نسلم أيضا بأنه لا خيار لنا سوى الاستمرار في النضال من أجل حرية الصحافة، والوقوف في وجه الضربات الموجعة التي تتلقاها باستمرار، وهو أمر لا يمكن أن تقوم به الصحافة لوحدها، ويجب أن يكف الصحفيون على اعتبار أن الأمر يهم المهنة لوحدها لأنه يهم التطور السياسي للبلاد”. وأوضح الأشعري أنه اليوم وصلنا في المغرب إلى تكميم الصحافة بواسطة القضايا المخدومة، وأصبحت الساحة الصحافية اليوم تعج بضجيج الرداءة، والاعلام العمومي غرق في صيغته التي يبدو أنه لا شفاء منها. وأكد الأشعري أن خصائص الوضع السياسي وفشل الإصلاح هما عاملان مترابطان يعوقان مهام الصحافة اليومية، والجمود السياسي الذي نعيشه يعوق تطور الصحافة. وتحدث الأشعري عن قضية الصحافية هاجر الريسوني المعتقلة بشبهة القيام ب”الإجهاض”، مشيرا أن الروائي الطاهر بنجلون قال في تعليقا حول الموضوع مفاده، “أن الظلاميين يحتجزون مشروع الحداثة بالمغرب”، والحال حسب الأشعري أن الظلاميين على الأقل في الصيغة المتعارف عليها دوليا ليسوا هم من بعث الفريق الأمني الذي اعتقل هاجر الريسوني، ولا الفليق الرهيب الذي اعتقل قبلها توفيق بوعشرين، والحال أن الدولة التي تعتقل هي الدولة التي تحارب الظلاميين في تجلياتهم السياسية وفي خلاياهم النائمة. وأضاف “اليوم نعيش مناخا سلبيا، أنا لست من الناس الذين ينظرون بنظارات سوداء لكل شيء في مغرب اليوم، فصحيح هناك تراجعات لكن أيضا هنا بؤر ضوء يمكن الاشتغال عليها لتطويرها في المستقبل”. وانتقد الأشعري وضعية الصحافة الثقافية بالمغرب، متسائلا كيف يمكن أن نواجه الظلاميين بدونها؟ فهل ننتظر من الدولة أنها هي “تهنينا منهم”. وأكد الأشعري أن حكومة الإسلاميين الأولى والثانية فشلت بالكامل في تطبيق دستور 2011 ، مضيفا “وكأننا الآن لازلنا بالفعل في 2011 أو فيما قبلها، بحيث أننا لم نتقدم، وروح الدستور التي كانت متقدمة وتدعو إلى الفصل بين السلط، وتقوية سلطات الحكومة والبرلمان لم تحصل”. وأشار أنه في المجال الاقتصادي أيضا وقعت تراجعات، نحاول التغطية عليها أحيانا بالمشاريع الكبرى، ولذلك وصلنا في نهاية الأمر أن الملك يتكلم عن النموذج التنموي الذي لم يحقق النتائج المرجوة منه.