عزيز رباح يعلّق على ترويج اسمه لرئاسة مجلس الجالية: "ما يُروّج ليس كله بريئًا"    وزير الشؤون الخارجية الألماني الجديد يشيد بالتعاون الوثيق بين برلين والرباط في مختلف المجالات    بورصة البيضاء تبدأ التداول بالتراجع    مقتل 5 جنود إسرائيليين بكمين لكتائب القسام في شمال قطاع غزة    أمريكا تلغي تصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية أجنبية    الزيات يتفوق على بيروين ويقود الرجاء في ولاية جديدة    بايرن ميونخ على أعتاب توجيه ضربة لبرشلونة الإسباني في الميركاتو الصيفي    مونديال الأندية: مبابي-ريال مدريد وجها لوجه مع سان جرمان لأول مرة    إلغاء مباراة المركز 3 بمونديال الأندية    "كان" السيدات.. المنتخب المغربي يختتم تحضيراته تأهبا لمواجهة الكونغو في ثاني الجولات    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    شرطة السياحة بأكادير تؤكد قانونية تدخلاتها ضد الإرشاد العشوائي    تشييع بنجلون الأندلسي رئيس جمعية مساندة كفاح الشعب الفلسطيني إلى مثواه الأخير (فيديو)    بعودة حنان الابراهيمي.. سعيد الناصري يصور "تسخسيخة"    مؤسسة منتدى أصيلة تسدل الستار على الدورة الصيفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي ال46 (صورة)    بتوجيه من نظام تبون.. مدرب الجزائر يُجبر على إخفاء اسم المغرب من شارة كأس إفريقيا    تهديدات بفرض رسوم جمركية جديدة على دول "البريكس".. كفى للحمائية غير المجدية    وكالة بيت مال القدس الشريف تنفذ المرحلة الثانية من حملة الإغاثة الإنسانية للنازحين في مدينة غزة    بنعلي: غياب تمثيلية الجالية غير مبرر    استئناف محادثات "حماس" وإسرائيل    "الملعب الكبير".. سكان الناظور يسخرون من مجلس جهة الشرق: "صادقوا على حلم بلا درهم!"    الطالبة آية بومزبرة تفارق الحياة بفرنسا    جواد الزيات رئيسا جديدا لنادي الرجاء الرياضي    حضره ممثل البوليساريو.. محمد أوجار يمثل حزب أخنوش في مؤتمر الحزب الشعبي الإسباني    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    حزب "فوكس" الإسباني يهاجم معرضًا مؤيدًا للبوليساريو: ترويج لعدو إرهابي قتل مئات الإسبان    أوزين: الصحة تنهار وشباب المغرب يفقد ثقته في الدولة    من الحر إلى الكارثة .. فيضانات وانهيارات أرضية بعدة مناطق في إيطاليا    سلامة المواطن فوق كل اعتبار .. بولعجول يُطلق أضخم حملة توعوية صيفية    تصادم يقتل 3 أفراد من عائلة واحدة    سيادة دوائية في الأفق .. أخنوش يكشف تفاصيل خارطة الطريق لإنتاج الأدوية واللقاحات    انطلاق أشغال المحطة الجوية الجديدة بمطار محمد الخامس    مهرجان "ثويزا" يعود في دورته ال19 بطنجة تحت شعار "نحو الغد الذي يسمى الإنسان"    مهرجان ثويزا يشعل صيف طنجة بالفكر والفن والحوار    أخنوش: الحكومة نجحت في فتح باب التغطية الصحية للجميع واستقرار المغرب مصدر إزعاج للبعض    بلاغ إخباري حول تجديد مكتب جمعية دعم وحدة حماية الطفولة بالدارالبيضاء    التوقيع على مذكرة تفاهم بين المغرب والمنظمة العالمية للملكية الفكرية للحماية القانونية للتراث الثقافي المغربي    ارتفاع الفقر في فرنسا إلى مستويات غير مسبوقة منذ 30 عاما    بالأرقام.. أشنكلي يُغرق الجهة في الديون ويُعيد تدوير الاتفاقيات وسط تعثُّر المشاريع وتأخُّر تحقيق التنمية المنشودة    لقاء تواصلي أم حفل فولكلوري؟    حين تصعد وردية من رمادها وتمشي فوق الخشبة    شمال المغرب تحت رحمة المتسولين: مشهد مقلق في عز الموسم السياحي    فتح باب الترشيح لانتقاء الفيلم الطويل الذي سيمثل المغرب في جوائز الأوسكار 2026    المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا بالرباط .. باحثون من أزيد من 100 بلد يناقشون «اللامساواة الاجتماعية والبيئية»    حق «الفيتو » الذي يراد به الباطل    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    بورصة البيضاء تحقق حصيلة إيجابية    أسعار النفط تتراجع            التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    تراجع الذهب نتيجة التقدم في تمديد مهلة الرسوم الجمركية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع المتنبي ...الشقي بطموحه وعروبته
نشر في لكم يوم 29 - 12 - 2019

بما يكون المتنبي الشاعر الوحيد الذي لم لم يسلط نير كبريائه على مجايلييه فقط ممن نافسوه ومنعوه السلطة ونفسوا عليه تفوقه عليهم واوغروا صدره على الأقدار التي راقبها وهي لا تخدم في عصره إلا الجهلة والسفلة والصغار وخامدي الهمة ، وإنما جعله ايضا سيفا مشهورا حتى على السابقين و اللاحقين من الخلق ممن ستسعى بهم قدم على هذه البسيطة بعده الى أن يرثها الله…..كبر و خيلاء تورما فيه الى أن صارا كالهجاء لكل العالم أو أقذع منه:
أي مكان أرتقي….أي عظيم أتقي.
وكل ما قد خلق الله… وما لم يخلق .
محتقر في همتي… كشعرة في مفرقي.
غرور لايطاوله غرور ينسل من بين جدائل أبيات يستعلى فيها الشاعر الفريد على الخلائق جميعهم استعلاء لا يمنعهم مع ذلك من الغفران له والهيام حبا بشعره وحكمته التي كانت تنسخ في نفوسهم بسحرها هذا الصلف وهذه النرجسية الشديدة الوطأة مشيدة لحب شنو قسمة ضيزى يصدر من جهة واحدة حتى ليخيل لك أن الشعر العربي ابتدأ بالمتنبى وقضى نحبه عند المتنبي .
فهل كان المتنبي حقا شاعرا مغرورا لحد المرض ؟ مهووسا بالعظمة ؟ يشكو عقدة التفوق ولا يمشي هونا بين الكلمات ؟ ام ان ابتغاء الصورة الشعرية الحثيث من لدن قريحة منقدحة فياضة مبدعة في زمن سمته الانحطاط والفرقة والهوان هو من سلك به هذا المذهب في الشعر الذي لم يضاهييه فيه كل فحول الضاد والقصيدة … مذهب الفخر بالنفس واطراء الذات التي ترتوي مدحا قبل ان تسمح بأن يشرب الآخرون من قريظ مدحها.
يقول المغرمون إن المتنبي جب بشعره ما قبله وما بعده لدرجة أنه قد يغنيك عن كل ماأنشده الآخرون لحتى رأى الناس أن أصبح غيره عالة عليه .
ومالدهرإلا من رواة قصائدي .اذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا. فسار به من لايسير مشمرا .وغنى به من لا يغني مغردا.
فدفع كل صوت غبر صوتي. فانني انا الصائح المحكي وغيري الصدى.
ويقول أخصائيو علم( النفس الشعري) أن الشعر قد كشف نفس المتنبي السامقة الشموخ المتطرفة في حبها لذاتها الولوعة بازدراء الآخرين وتحقيرهم.وانه قد كان قاب قوسين أو أدنى من الجنون .هذا الجنون الذي لو لم يصرفه شعرا لما بقي مرابطا على تخوم العبقرية والتفرد الى الآن.
لم يكن صاحبنا هذا شاعرا بل كان في الحقيقة ملكا ينطق بلسان شاعر.
وفؤادي من الملوك ..وإن كان لساني يرى من الشعراء .
هذا اللسان الذي كان ينم عن نفس ابية تنشد الخلود والرياسة ،نفس تتحلى بخصال الرجولة و الشهامة والنجدة والوفاء والقدرة على الظلم .
لتعلم مصر ومن بالعراق… ومن بالعواصم أني الفتى
واني وفيت واني أبيت ….و انى عتوت على من عتا
إنه الشاعر الذي ينظر الاعمى لأدبه، وتسمع كلماته الصم وينطق البكم ، اي الشاعر المعجزة الذي أخطأته النبوة ولم يضق به الشعر .وهو ايضا الفارس المغوار الذي لايشق له غبار في الحرب كما في السلم ،رجل السيف والقلبم الذي تعرفه الخيل والليل والبيداء والرمح والقرطاس والقلم مذلل البلاغة جامع المجد من اطرافه.
ابتلي المتنبي بطموحه الذي أشقاه طول حياته ثم أرداه اخيرا في الصحراء على يد فاتك الاسدي لتكون دماؤه وشعره كفنه.
ولأنه كان يريد من الزمن أن يبلغه ماليس يبلغه من نفسه هذا الزمن، فقد بحث لنفسه عن سلطة زمنية ،عن ملك أو إمارة يتكئ عليها لإحياء حمية العروبة ولو جاءه ذلك بادعاء نبوة مزعومة او حتى بمدح من هو دونه . كل هذا الطموح الشقي كان لأجل مشروعه القومي ….توحيد العرب وبعث مجدهم الأول. فصار شعره كله حكمة وسياسة وتحبيبا في المغامرة والمخاطرة وطلب الشرف والسؤدد الذي لا يكون الا على سرج سابح تخاض به الحروب.
وجد المتنبي الأمة ضعيفة. والخلافة العباسية مترنحة ممزقة الاوصال تتربص بها المطامع وتنخرها الشعوبية والعجمة…. مجرد اطلال للعزة يتراقص فوقها الترك ،فتسامى بشعره عن هذا الواقع الرث القمئء. وأعاد تتويج العربية في شعره ليقدح به زناد العروبة من جديد .ولما لم يحر حاكما يفخر به افتخر بنفسه كتعويض عن هوان الأمة، لكانما حول كل الفخر اليه .
لم يكن المتنبي مغاليا في مدح نفسه . كان فقط بارعا في تصوير تمزقات نفسه القلقة .كان يرى أن من حقه أن ينال بشعره اكثر مما كان يطاله هؤلاء الصغار الذين فتتوا الأمة. كان يمدح ببرجماتية ولا يتكسب بشعره .فهو لا يطلب مالا بل هو يريد أن يجازى بالولاية . يعلن ذاك صراحة لكافور الإخشيدي، ويؤجله لحين مع سيف الدولة حيث شكلا معا ثنائية الشاعر الذي يلهب و يلهم والأمير الذي ينتصر ويصنع المجد العسكري ضد بيزنطة.
واخيرا لقد احتاجت أوروبا قرونا بعد المتنبي لتلد فيلسوفها ميكيافيلي الذي وضع أحكام السياسة الواقعية التي قد كان أحمد اباالطيب المتنبي باح بها كحكم نفيسة في شعره الغزير. هذا الشعر الذي نظر للقوة والرئاسة ومجدهما رغم انهما استعصيا على منشدهما في الرقعة العربية الممزقة لكن هذه الرئاسة ستسلمه قيادها في دنيا القصيدة .وذاك بحث آخر سنعود له


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.