قال سعد الدين العثماني رئيس الحكومة والأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، إن حزبه يعقد مجلسه الوطني، بعد سنة أقل ما يقال عنها إنها لم تكن عادية، حيث شهدت تطورات متنوعة، وحملت دلالات كبيرة. وأضاف العثماني في كلمة تقدم بها بدورة المجلس الوطني لحزب “العدالة والتنمية”، التي انعقدت صباح يوم السبت، بالمعمورة، “نعيش في مرحلة فيها انتظارات كثيرة اجتماعية واقتصادية، وما يترتب عن ذلك بضرورة التقدم في مسار الإصلاح السياسي والتنموي”.
وأوضح العثماني أن هناك خطابات مسيئة للمؤسسات، تشيع اليأس من أجل الانسحاب من الحياة العامة، وهو ما يضعف التفاعل مع العمل السياسي النبيل. وأكد العثماني أن التحدي الأكبر الذي نواجهه في مسار الإصلاح السياسي يتمثل في هشاشة بنيات الوساطة والتأطير مقابل تنامي حملات التبخيس والتيئيس. وتطرق العثماني في كلمته لتنامي الحركات الاحتجاجية، مشيرا أنه تم تسجيل 50 ألف فعالية احتجاجية في ظرف ثلاث سنوات، الشيء الذي يعكس حيوية المجتمع المغربي، وحيوية التطور السياسي والديمقراطي ببلادنا، ويفرض في الوقت نفسه تقوية أدوار الحوار والوساطة. وشدد العثماني على أن المسار الديمقراطي يعرف في بعض الأحيان تعثرات واضطرابات تضعف من قدرة بلادنا على التصدي لهذه التحديات، ولذلك عبر حزبه في محطات متعددة على الحاجة لمواصلة العمل الواقعي والنضال الميداني على جميع المستويات، وخاصة فيما يتعلق بالنهوض بالحقوق والحريات ومكافحة الفساد، وإعادة الاعتبار للعمل السياسي النبيل ومقاومة الإقصاء والتبخيس. وأضاف “عبرنا عن رفضنا وإدانتنا لكل سلوك يستهدف مؤسسات الوطن ورموزه وثوابته، وهي ممارسات هامشية شهدناها كانت معزولة وقليلة، لكنها مرفوضة لأنها تسيء إلى الوطن، وهي أيضا خطيرة لأنها تأتي في سياق دولي وإقليمي يستهدف مناعة الدول واستقرارها ووحدتها”. وأكد العثماني أن الخيار الديمقراطي هو أحد الثوابت الدستورية الجامعة والأساسية لبلادنا، والتي ينبغي الحرص على تنميتها، لكن يمكن أن تسجل أحيانا بعض الاختلالات والاضطرابات في الأداء الحقوقي، والتي تبقى محدودة ولا تأثر على السمة العامة المطبوعة بطابع الإيجابية خاصة حينما يتم استحضار القطع مع الانتهاكات الجسيمة التي طبعت المراحل السابقة من قبيل الاختطاف والتعذيب الممنهج والتدخلات الأمنية غير المتناسبة. وتابع رئيس الحكومة حديثه بالقول “هذه الممارسات طويت صفحاتها، ونحن حريصون على الطي النهائي لها، وبطبيعة الحال في بعض الأحيان تقع بعض الأحداث أنا شخصيا عندي رأي فيها، فأنا لا أريد لأحد أن يسجن إنسانيا ووطنيا لأنه يتقاسم معي نفس الوطن، ولا أريد لأحد أن يعتقل لكن هناك استقلال للسلطة القضائية، والسلطة التنفيذية ملزمة باحترام السلطة القضائية”. وأشار العثماني أن الأحداث التي تقع أحياناوهي قليلة ومعزولة، و “نتمنى في أن لا تقع من الأصل، ويمكن للفاعل الحقوقي والمدني أن يعبر عن رأيه بصراحة في بعض الأمور التي تقع وهذا حقه، خاصة أننا في بلد الحريات، ويجب أن نحرص أن يبقى بلد الحريات”. وأبرز العثماني أنه يجب أن يكون لنا الوعي بالنقلة التي حققتها بلادنا، فكثير من اللذين عاشوا سنوات سابقة كتبوا أن كثيرا من الانتهاكات الممنهجة والجسيمة التي عرفتها بلادنا في فترات مستمرة قطعنا معها، وهذا شيء مهم جدا، والأحداث التي تقع يجب أن نتعاون على تجاوزها. ونوه العثماني بما وصفه حيوية المجتمع المدني المغربي الذي لم يفته في مناسبات متعددة الوقوف في وجه بعض التجاوزات والاختلالات ومناهضتها، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى أن تعود الأمور في نصابها وأن تصحح، وهو ما يعتبر وجها آخر لهذا المجتمع ويقظته التي ينبغي أن تستمر في حيويتها وتوهجها كجزء فاعل ومؤثر في التفاعل الوطني مع ما نعيشه وفي تصحيح الاختلالات الوقوف عند ما يمكن أن يستجد أو ما يقع من تجاوزات. وشدد رئيس الحكومة على أن حرية الرأي والتعبير والحق في الاحتجاج هي حقوق أساسية علينا جميعا ضمانها وصيانتها والدفاع عنها، لكن مع حمايتها من التعسف والتجاوز في حق الأشخاص والهيئات والمؤسسات. والح العثماني على ضرورة الانصات والاهتمام لما يعيشه الشباب المغربي من تحولات عميقة، وما يواجههم من صعوبات، وما قد يعوق اندماجهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، مؤكدا أنه لا بد من التقدم بجرأة في معالجة عدد من أوجه القصور ومواطن الخلل في موضوع إدماج الشباب، مشيرا أن هذا سيكون جزء أساسيا في النقاش المطروح لإعداد مشروع نموذج تنموي جديد.